هجوم يمنيّ يستهدف آرامكو وينبع… والتوتر الروسيّ التركيّ على حافة الهاوية يوم أول من التفاوض حول الدين العام… وبعثة الصندوق لم تكشف أوراقها «كورونا» يدبّ الذعر بين اللبنانيّين مع أول إصابة… ومحاولات توظيف سياسيّ
كتب المحرّر السياسيّ
التصعيد يسابق التصعيد في جنوب المنطقة وشمالها من سورية إلى اليمن، فيما شرقاً أولى محاولات التوصل لتفاهم في أفغانستان لتهدئة تمهّد لتفاهم نهائي يتعهد الأميركيون خلاله بالانسحاب. في الشمال السوري تواصلت المواجهات السورية التركية، وبدا أن التوتر التركي الروسي يبلغ مراحل متقدّمة رغم الاتصال الهاتفي بين الرئيس التركي رجب أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث لم يترتّب أي اتفاق على الاتصال، وأعلنت الرئاسة التركية عن عرضها بعقد قمة رباعية تركية روسية فرنسية ألمانية حول سورية في إسطمبول ولم تتلقّ جواباً روسياً بعد، وهو ما وصفته مصادر روسية بمحاولة إحراج للرئيس الروسي الحريص على علاقته بكل من فرنسا وألمانيا في ملفات عديدة، بينما يتمسك الرئيس الروسي بمسار أستانة كإطار للحلّ في سورية، وهناك دعوة إيرانية لقمة ثلاثية روسية تركية إيرانية في طهران لم يعلن الرئيس التركي موافقته عليها. ووصفت المصادر مواقف أردوغان بالمراوغة واللعب على الحبال، وبمحاولة الضغط بالإيحاء بالذهاب إلى المواجهة أملاً بتحصيل أفضل العروض، لكن الموقف الروسيّ مبدئي ونهائي، وهو أن شمال سورية يجب أن يكون نظيفاً من كل الوجود الإرهابي، وهو ما عجز أردوغان عن تحقيقه خلال سنة ونصف وما يقوم به الجيش السوري بدعم روسي لن يتوقف حتى تحقيق هذا الهدف، وعلى تركيا أن تكون شريكاً لدمشق وموسكو في هذه العملية تنفيذاً لاتفاقات سوتشي، وليس أن تقاتل بالنيابة عن الجماعات الإرهابية، ولا أن تسعى لتحصل لها على المكاسب وتشتري لها الوقت؛ بينما في الجنوب، على جبهة العلاقات اليمنية السعودية، فقد ردّ الجيش اليمني واللجان الشعبية على الغارات السعودية التي ترتبت عليها مجزرة بين المدنيين بإرسال طائرات مسيّرة استهدفت ميناء ينبع النفطي والمصافي العملاقة التي تتولى إنتاج المشتقات النفطية، ومنشآت آرامكو التي سبق وتمّ استهدافها، وفيما اعترفت السعودية بالاستهداف قالت إنها تمكّنت من صدّ صواريخ بالستية قامت باستهداف عدد من المدن السعودية، لكن في الجنوب كما في الشمال لم يغلق طريق السياسة رغم الدرجة العالية للتصعيد، وكأن ما يجري هو تفاوض على صفيح ساخن، حيث تجري تحضيرات حثيثة لعملية تبادل آلاف الأسرى من جهة، وانطلقت رحلات من مطار صنعاء لنقل جرحى يمنيين من جهة ثانية. أما في الشرق، على جبهة أفغانستان، فقد صرّح كل من وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو وحركة طالبان بالتوصل لتفاهم مبدئي على هدنة وتبادل أسرى وبدء حوار أفغاني أفغاني بالتزامن مع تخفيض القوات الأميركية لعديدها، تمهيداً لتفاهم نهائي يتضمن انسحاباً أميركياً كاملاً من أفغانستان كما قالت مصادر أفغانية، ويأتي الإعلان بعدما وضعت إيران عنوان رحيل الأميركيين من المنطقة كهدف للمرحلة التي أعقبت اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني، وتصاعد العمليات التي تستهدف الأميركيين في أفغانستان، بينما كانت إيران الواقعة في قلب الجبهات الثلاث اليمنية والسورية والأفغانية، جغرافياً وسياسياً وعسكرياً تنهي يوماً انتخابياً طويلاً، حيث جرى تمديد مهل الإقتراع مرات عديدة لتقفل في ساعة متأخرة بسبب كثافة المقترعين، وحيث يتوقع أن تبلغ نسبة الاقتراع 60%، وأن يغلب على المجلس النيابي الجديد حضور المواجهة مع الأميركيين على جبهتي إسقاط صفقة القرن وإنهاء الوجود العسكري الأميركي في المنطقة، بينما توقعت مصادر إيرانية إعادة نظر جذرية في هيكلة الاقتصاد الإيراني نحو تنشيط الإنتاج وتعزيز سياسة الاكتفاء الذاتي وخلق المزيد من فرص العمل وإجراءات مكافحة الفساد.
في هذا المناخ الضبابيّ إقليمياً ودولياً، دخلت الحكومة اللنبناية مفاوضاتها مع البعثات الدولية، وعلى رأسها بعثة صندوق النقد الدولي، التي جاءت بمهمة استشارية، سرعان ما تحوّلت إلى مهمة استطلاعية، فبقيت المحادثات ضبابية يستمع خلالها وفد الصندوق أكثر مما يتكلّم، وعندما يتكلم يكون كلامه في الغالب استيضاحاً وأسئلة، وسط غموض مدة بقاء بعثة الصندوق في لبنان، والضباب الذي يلفّ موقعها بين نظرتي الحكومة ومصرف لبنان، الذي يحظى برعاية خاصة من الجهات الدولية، ومن ضمنها صندوق النقد الدولي، والضباب نفسه لف قضية وصول فيروس «كورونا» إلى لبنان حتى انقشع أخيراً عن وجود إصابة مؤكدة، وفقاً لبيان وزير الصحة الدكتور حمد حسن، الذي أكد قيام الوزارة بكل الإجراءات اللازمة للمتابعة، والتنسيق مع منظمة الصحة العالمية، داعياً إلى عدم الهلع، بينما تحول الأمر إلى مصدر للتوظيف السياسي بعدما أعلن أن المصابة جاءت من إيران.
واصل وفد صندوق النقد الدولي جولته على المسؤولين لليوم الثاني على التوالي، وعرض وزير المال غازي وزني مع وفد من الصندوق برئاسة رئيس البعثة مارتن سيريزوليه، ما يمكن أن يقدمه الصندوق من مشورة تقنية لمساعدة لبنان في بناء خطته الإنقاذية.
وتمّ التداول في المعطيات المتوفّرة والخيارات الممكنة بناءً على رؤية الوفد وتقييمه لواقع الحال في البلاد، على أن يتم استكمال البحث لبناء تصوّر لكيفية تجاوز الوضع الراهن. وفيما تردد أن الوفد سيغادر بيروت اليوم أفيد أنه سيلتقي لجنة الرقابة على المصارف اليوم أو الاثنين المقبل إذا قرّر تأجيل موعد المغادرة.
ونفت مصادر السرايا الحكومية، اتخاذ الحكومة قراراً بتأجيل دفع سندات اليوروبوند او هيكلة او جدولة الدين العام حتى الآن، مشيرة الى ان “الاجتماعات متواصلة ليل نهار في السرايا مع الخبراء الأجانب والمحليين، لدرس الخيار الافضل والانسب لمصلحة لبنان”. وسألت المصادر: كيف نقرّر عدم دفع السندات أو هيكلة أو جدولة الدين العام ولم تنتهِ الاجتماعات بعد مع وفد خبراء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ولم يتوصل الخبراء الى قرار؟”. فيما لفتت معلومات أخرى الى أن “الاجتماعات تمحورت حول تشريح الخلل الكبير الحاصل في المالية العام نتيجة التراكمات المالية، اضافة الى استماع الجهة اللبنانية للنصائح من صندوق النقد، وكذلك اطلع الوفد على أرقام الدين العام، وكان لديه بعض الاستفسارات”، موضحة أن “لبنان لن يتخذ قبل 10 ايام اي قرار بشأن سندات اليوروبوند، والاتجاه هو اعادة هيكلة الدين العام المنظم، ومن ثم إجراء مفاوضات مع حاملي السندات”.
واستبعد الخبير المالي والاقتصادي لويس حبيقة التوصل الى حلول في القريب العاجل لمسألة الديون المستحقة في الأشهر المقبلة أو لجهة إعادة جدولة الدين العام برمته موضحاً لـ”البناء” أن “أي حل يحتاج الى دراسة مدى انعكاسه على وضع المالية العامة ومصلحة الدولة والثقة الدولية بلبنان لا سيما أنها ليست المرة الاولى التي يأتي صندوق النقد الى لبنان ويقدّم مقترحات ولا تلتزم الحكومات بأي منها. فهل تستطيع الحكومة الحالية القيام بها خلال أسبوعين؟”.
ومن هذه الخطوات التي سيقترحها صندوق النقد بحسب حبيقة “مكافحة الفساد والهدر وإصلاحات مالية وضرائبية وقضائية، لكن كل هذه الخطوات تحتاج الى قوانين في مجلس النواب”، واستبعد حبيقة أن “يضع صندوق النقد شروطاً مالية في مرحلة الاستشارة التقنية، أما الشروط المالية فيضعها في حالة الدعم المالي ومن المبكر الحديث عنها طالما لبنان لم يطلب حتى الآن”. ولفت حبيقة الى أن “الحديث عن انهيار وإفلاس لبنان يطال القطاع المصرفي مستبعَد ويوضع في خانة التهويل ولم نصل الى ذلك بعد”، مضيفاً أنه “يمكن المعالجة لا سيما في ظل وجود حكومة وانتظام عمل المؤسسات الدستورية والتنسيق مع المصرف المركزي للتخفيف من حجم الأزمة وتجنب الوضع الأسوأ تمهيداً لوضع الخطط التي تحضرها الحكومة موضع التنفيذ”، واستبعد أن “تطال الإجراءات الموجعة التي تحدث عنها رئيس الجمهورية ذوي الدخل المحدود، متوقعاً أن تطال ذوي المداخيل المرتفعة وإجراءات ضرائبية ومكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة والمحولة الى الخارج”.
وفي إطار حملة التهويل والتهديد التي تمارسها بعض الجهات السياسية والمصرفية الداخلية بالتعاون مع الوكالات المالية العالمية، أوردت وكالة رويترز أن «موديز خفّضت تصنيف لبنان إلى CA والنظرة المستقبلية إلى مستقرة والانكماش العميق للاقتصاد اللبناني»، وتوقع الوكالة أن «يتكبّد الدائنون من القطاع الخاص خسائر كبيرة في حالة إعادة هيكلة الدين الحكومي”.
وبرز ما كشفه عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسن فضل الله من أن “الكتلة طرحت موضوع التحويلات المالية الى الخارج في المجلس النيابي، وطالبت من المصرف المركزي وجمعية المصارف وأجهزة الرقابة على المصارف ومن القضاء وهيئة التحقيقات الخاصة ومن كل الجهات المعنية بتحقيق شفاف في كل التحويلات التي جرت منذ بداية العام 2019 وحتى نهايته على مدى عام ومن هم الذين حوّلوا أموالهم، من اصحاب المصارف وكبار المتعهدين والموظفين والمتنفذين في الدولة التي تحوم حولهم شبهات فساد على أموالهم لأنهم بنفوذهم وعلاقاتهم وما لديهم من معلومات في الكواليس، عرفوا أن الوضع متأزم وهربوا الأموال. وهذا المال الذي حول هو أموال المودعين في الوقت الذي يذل فيه المواطن على أبواب المصارف للحصول على مئتي دولار من حسابه الخاص”. وعلمت “البناء” في هذا الصدد أن “حاكم المصرف المركزي رياض سلامة لم يسلم رئيسي الجمهورية والحكومة التقرير الذي وعد بإعداده بشأن الأرقام الدقيقة لموجودات واحتياطات مصرف لبنان، كما لم تتوصل لجنة التحقيقات في المصرف الى اي نتيجة حتى الآن بشأن الأموال المهربة الى خارج لبنان”.
وربطت مصادر “البناء” بين الاشتباك أمس، بين أنصار التيار الوطني الحر والحزب الاشتراكي وبين ما كشفته بعض وسائل الإعلام عن تحويل مقربين من النائب وليد جنبلاط مبالغ مالية الى الخارج خلال الأشهر الثلاثة الماضية”، مشيرة الى أن “بعض الاطراف السياسية كالحزب الاشتراكي وتيار المستقبل استشعروا خطراً في هذا الشأن فعمدوا الى الدفاع عن الحاكم سلامة لعرقلة أي محاولة لكشف مصير الأموال المحوّلة”.
وفيما أعلن موزعو المحروقات أن أزمتهم في طريقها للحل، أعلنت نقابات المخابز والأفران الاضراب المفتوح اعتباراً من الاثنين المقبل اذا لم تتحقق مطالب اصحاب المخابز والأفران بدعم القمح والإبقاء على وزن وسعر ربطة الخبز على ما هو عليه اليوم.
في غضون ذلك، أعلن الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني السوري نصري خوري من السرايا الحكومية بعد لقائه الرئيس دياب، أنه وضع بين يدي دياب “تقريراً مفصلاً عن الأمور التي تحتاج الى متابعة في العلاقات اللبنانية السورية انطلاقاً من المعاهدة ومن الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين”. وأشار خوري إلى أنه “تم التداول في الأمور الملحة التي سيصار الى معالجتها، وسنتابع الاتصالات بين الجانبين من اجل ايجاد الحلول المناسبة لبعض الأمور، ونأمل أن نتمكن في المراحل المقبلة من اعادة تفعيل العلاقات بين البلدين”.
على صعيد آخر، أثار انتقال فيروس “كورونا” الى لبنان موجة من الهلع عمت لبنان، وأعلن وزير الصحة العامة حمد حسن أمس عن تسجيل أول إصابة مؤكدة بـ “كورونا” في لبنان والاشتباه بحالتين أخريين، مطمئناً في مؤتمر صحافي عاجل الى ان “الإجراءات اللبنانية للوقاية كافية”. وعقدت لجنة مواجهة “كورونا” في السرايا اجتماعاً وأكدت تنفيذ التوصيات والتنسيق بين مختلف القطاعات وتحمل المسؤوليات. وقد نقلت المريضة الى المستشفى الحكومي في بيروت.
وفيما أفيد ان ركاب الطائرة التي كانت المريضة على متنها وعددهم 146 انتقلوا الى منازلهم بلا إجراء الفحوص المخبرية لهم، كشف وزير الصحة أن “لجنة من وزارة الصحة تواصلت مع منسق الحملة التي كانت على متن الطائرة الإيرانية وأخذت ارقام هواتف جميع الركاب وهي على تواصل مباشر معهم”، لافتاً الى أن “عزل الحالات في مستشفى بيروت الحكومي لا تتم الا على الحالات التي تعاني من عوارض مرضية، بينما على بقية الركاب عزل أنفسهم في منازلهم”. وتمنى حسن على «جميع الركاب الذين كانوا على متن الطائرة عدم إرسال أولادهم الى المدارس إلى حين التثبت من عدم إصابتهم بكورونا، رغم أن إمكانية الإصابة ضئيلة جدا”.
وكان الرئيس عون اطلع من وزير الصحة على المعلومات المتعلقة بإصابة كورونا وطلب اتخاذ الاجراءات اللازمة للمعالجة.
وأكدت منظمة الصحة العالمية انها “ستقوم برصد احتياجات لبنان وإيران لمواجهة انتشار فيروس كورونا وتقديم الدعم الفني لهما، والسعي لتنسيق الاستجابة العالمية لاحتواء الفيروس”، موضحة أنه “تم تعيين 6 موفدين خاصين لتقديم النصح للدول بشأن الفيروس”.