أخيرة

خطوة ثانية على طريق «مواجهة التحديات»

 أحمد بهجة*

يريد اللبنانيون من الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور حسان دياب أن تصنع المعجزات، وتجد حلولاً مناسبة ودفعة واحدة لكلّ الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والمالية والمعيشية التي يعاني منها المواطنون ويرزح البلد تحت أثقالها.

بالتأكيد ليس الزمن اليوم زمن معجزات، لكن الحكومة تجرّأت وتلقّفت كرة النار وأطلقت على نفسها اسم «حكومة مواجهة التحديات»، بما يعني أنها عازمة على خوض غمار هذه التحديات، وسوف تحاول وتسعى لإيجاد حلول، حتى لو لم تكن جذرية في المرحلة الأولى، بل يكفي التمكّن تدريجياً من وقف هذا الانهيار الحاصل على كلّ المستويات.

طبعاً لم تظهر نتائج بعد، ومن الظلم القول مبكراً إنّ الحكومة لم تفعل شيئاً، بل تبدو طريقة العمل جدية جداً، خاصة أنّ رئيس الحكومة نقل إقامته إلى السراي الكبير ويثابر على عقد اجتماعات متواصلة مع المعنيّين، كلّ في قطاعه، بغية الوصول إلى الخلاصات والتصوّرات اللازمة تمهيداً لوضع خطة نهوض شاملة يتمّ إقرارها في مجلس الوزراء ثم إحالة ما يلزم منها إلى مجلس النواب المتحفّز للقيام بدوره على أكمل وجه في عملية الإنقاذ، كما يؤكد دائماً الرئيس نبيه بري.

تحدّثنا في المقال السابق عن خطوة أولى يمكن اعتمادها أو يجب أن تتخذها الحكومة على طريق مواجهة التحديات، وهي الخطوة المتمثلة بأن تتملّك الدولة حصصاً في المصارف الخاصة مقابل ما استفادت منه هذه المصارف من الهندسات المالية من العام 2016 حتى اليوم، وربما منذ ما قبل العام 2016، والمقدّرة قيمتها بين 8 و 10 مليارات دولار. وهنا أيضاً تظهر أهمية الكشف رسمياً عن هذه الأرقام إذ لا يجوز أن لا يطلع الرأي العام عليها بكلّ دقة وشفافية.

أما الخطوة الثانية التي نقترحها اليوم فهي المتعلقة باسترداد مئات وربما آلاف العقارات والأملاك المبنية وغير المبنية، التي تملّكها بغير وجه حقّ عدد من الرؤساء والوزراء والنواب الذين تعاقبوا على السلطة منذ مطلع التسعينات حتى اليوم، وهناك الكثير من المعلومات المتداولة في هذا الشأن، حيث عرضت وسائل إعلام عديدة وثائق ومستندات عن عدد غير قليل من العاملين في الشأن العام، وكيف ازداد حجم أملاكهم وعقاراتهم خلال فترة توليهم السلطة.

وهنا نسترجع ما قاله النائب الخبير الدكتور سليم سعادة في كلمته المميّزة أمام المجلس النيابي، إذ تحدّث عن جدول مقارنة بين تزايد أرقام الدين العام وبين تنامي أملاك وعقارات وحسابات عدد كبير من الرؤساء والوزراء والنواب الذين توالوا على السلطة منذ مطلع التسعينات، فبينما كانت أرقام الدين العام تزداد باضطراد لتصبح أرقاماً فلكية، كانت المحفظة العقارية لأولئك المسؤولين تكتنز بالمزيد والمزيدوطبعاً هي مسجلة بأسمائهم الصريحة الواضحة وبأسماء زوجاتهم وأبنائهم وربما الأحفاد أيضاً كونهم ما خافوا يوماً من حساب ورقابة ومساءلة طالما أنهم قابضون على السلطة، وطالما أنّ الناخبين يذهبون في كلّ دورة إلى صناديق الاقتراع ليضعوا أوراقهم «زيّ ما هيّي».

إذن المعادلة بسيطة جداًفلتقدِم الدولة في مرحلة أولى  وبواسطة لجان قضائية متخصّصة على وضع اليد عن طريق الحجز على كلّ شبر تملّكه هؤلاء المسؤولون من ثلاثين سنة حتى اليوم، وذلك تمهيداً للحصول على أحكام قضائية بنزع الملكية لصالح الدولة، فتصبح هذه العقارات من الأملاك العامة القابلة للبيع في مزادات علنية شفافة وواضحةعلى أن يتمّ استخدام المبالغ المحصّلة من هذه العملية في إطفاء الدين العام فنتخلّص منه ومن عبء فوائده في وقت غير بعيد

 

*خبير اقتصادي ومالي

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى