اقتصاديّون يعتبرون تأثير الفيروس مؤقتاً على الاقتصاد والتنمية الاستعداد لـ«جائحة عالمية».. البيت الأبيض يتّجه لحزمة إنفاق طارئة وإيران لديها خطة للقضاء على «كورونا»
طالبت منظمة الصحة العالمية، أمس، جميع الدول بالاستعداد لـ»جائحة عالمية محتملة» مع ارتفاع عدد الإصابات والوفيات الجديدة بفيروس كورونا الجديد في أوروبا والشرق الأوسط وآسيا.
واستمرّ عدد الوفيات بالارتفاع في الصين التي كانت أول بلد يظهر فيه الفيروس أواخر العام الماضي، حيث سجلت السلطات الطبية 150 حالة وفاة خلال الليلة الماضية، ليرتفع إجمالي عدد المتوفين إلى ما يزيد على 2600 شخص.
وفي حين تشير المنظمة إلى «تباطؤ الإصابات الجديدة في الصين»، بدأ الفيروس في الانتشار في أجزاء أخرى من العالم، حيث ظهر الأسبوع الماضي في إيران وكوريا الجنوبية وإيطاليا التي تتسارع بها معدلات الإصابة.
وتمّ تسجيل حالات وفاة أيضاً في هذه البلدان الثلاثة، قبل أن تعلن بلدان البحرين والعراق والكويت وسلطنة عمان وأفغانستان أمس، عن تسجيل إصابات بالفيروس داخل أراضيها.
وقال رئيس المنظمة، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، في مؤتمر صحافي أمس، إن «على البلدان بذل كل ما في وسعها للاستعداد لجائحة محتملة»، رغم أن المنظمة لا تعتبر أنه «تمّ الوصول إلى هذه النقطة بعد».
وتابع: «الزيادة المفاجئة في الإصابات في إيطاليا وإيران وكوريا، تثير قلقاً عميقاً». فيما قال مسؤول آخر إن «الفيروس قد يستمر لمدة شهور».
وتُعرَّف الجائحة بأنها «انتشار للوباء في العديد من البلدان أو القارات، وتأثيرها على عدد كبير من الناس»، أما الوباء فهو «الزيادة المفاجئة في عدد الإصابات بالمرض بشكل غير متوقع بين سكان منطقة ما»، وفقاً للموقع الطبي «هيلث».
على جانب آخر، أعلنت منظمة الصحة العالمية أنها «سترسل اليوم فريقين إلى إيران وإيطاليا لبحث انتشار فيروس كورونا المستجدّ».
وقال المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ الصحية للمنظمة، الدكتور مايك رايان: «لدينا فريق سيذهب إلى إيران اليوم وفريق آخر سيذهب إلى إيطاليا لمحاولة فهم كيفية انتشار الفيروس هناك».
وأضاف رايان: «من الممكن أن يصبح فيروس كورونا الجديد وباءً عالمياً ينتشر في أغلب مناطق العالم، علينا فعل أيّ شيء يمكن القيام به، نحتاج أن نستعدّ لمعالجة الحالات ولنضع آليات لمنع انتشار المرض».
الحرس الثوري الإيرانيّ
بدوره، قال قائد الحرس الثوري الإيراني، اللواء حسين سلامي، أمس، إن قوات «البسيج» تمتلك حالياً «خطة» للقضاء والتصدي لتفشي فيروس «كورونا» الجديد في إيران.
وقال سلامي، في اتصال هاتفي مع وزير الصحة، سعيد نمكي، عرض فيها استعداد الحرس الثوريّ لتقديم، شتى أنواع الدعم والخدمات للحؤول دون تفشي «كورونا».
وقال قائد الحرس الثوري الإيراني: «التعبئة الشعبية (البسيج) يمكنها تنفيذ خطة وطنية متقنة، مثل تلك التي نفذتها للتطعيم ضدّ شلل الأطفال، وتمتلك في ذلك خبرة ناجحة للغاية للقضاء على المرض».
وتابع بقوله «بالإضافة إلى التدريب على التدابير الوقائية، فإن جميع المؤسسات الصحية والعلاجية التابعة للحرس الثوري، بما في ذلك جامعة العلوم الطبية والمستشفيات والمراكز العلاجية وتعبئة الوسط الطبيّ على استعداد لمواصلة تقديم خدمات الرعاية العلاجيّة والمساعدة حتى تعود الظروف إلى طبيعتها».
وكان النائب عن مدينة قم في البرلمان الإيراني، أحمد أمير آبادي فراهاني، قد أعلن وفاة 50 شخصاً بسبب فيروس «كورونا» في «قم» وحدها.
وأوضح النائب، في كلمة أمام البرلمان الإيراني، أمس، أن «10 حالات وفاة يومياً في مدينة قم، وأن هناك نحو 250 مصاباً قيد الحجر الصحي، كما تمّ تسجيل إصابة طفلين في مدينة قم بالفيروس»، مؤكداً أن «التقرير الذي قدّمه وزير الصحة للبرلمان غير دقيق».
من جانبه، نقل التلفزيون الرسمي الإيراني، عن إيراج حريرجي نائب وزير الصحة الإيراني قوله إن «12 شخصاً لقوا حتفهم وأصيب حوالي 61 بفيروس كورونا الجديد»، مؤكداً أن «أغلب الحالات التي شهدتها إيران كانت في قم».
وأعلنت السلطات الإيرانية، في وقت سابق، إصابة رئيس جامعة العلوم الطبية في مدينة قم في إيران، بفيروس كورونا الجديد بعد تواصله المباشر مع مرضى بالفيروس والإشراف على علاجهم، فيما أعلن وزير الصحة الإيراني سعيد نمكي، أن مصدر انتقال فيروس كورونا الجديد إلى إيران هو شخص قادم من الصين عبر رحلة غير مباشرة.
وأصدر الرئيس الإيراني، حسن روحاني، التوجيهات اللازمة لتفعيل برامج الخليّة الوطنية للسيطرة على فيروس كورونا.
فيما قال مسؤول في لجنة الصحة الوطنية الصينية، أمس، إن «أكثر من ثلاثة آلاف من العاملين في قطاع الصحة في الصين أصيبوا بفيروس كورونا المستجدّ الذي ظهر في البلاد في أواخر العام الماضي».
وقال المسؤول ليانغ وان نيان أثناء مؤتمر صحافي مشترك مع بوريس أيلوارد رئيس وفد منظمة الصحة العالمية في الصين «إن أغلب حالات الإصابة ظهرت في إقليم هوبي مركز انتشار المرض الذي أودى بحياة نحو 2600 شخص في بر الصين الرئيسي حتى الآن».
وأضاف أن «الإصابات وقعت على الأرجح بسبب الافتقار للمعدات الوقائية وبسبب الإرهاق».
وأعلنت لجنة الصحة الوطنية الصينية، ارتفاع عدد الوفيات في الصين نتيجة الإصابة بالفيروس حتى نهاية أول أمس، إلى 2592 حالة وفاة، ليصل إجمالي عدد الوفيات عالمياً بسبب الإصابة بالمرض، الذي بدأ في الانتشار في كانون الأول الماضي إلى 2619 حالة وفاة.
وزادت أعداد المصابين بفيروس كورونا الجديد في الصين بمقدار 409 حالات، من بينهم 398 حالة إصابة في مقاطعة هوبي، ويبلغ العدد الإجمالي لحالات الإصابة المؤكدة بالمرض في الصين 77150 حالة، وبذلك يصل العدد الإجمالي إلى 79356 حالة.
وأوضحت لجنة الصحة الوطنية الصينية، أنه «تمّ شفاء 24734 شخصاً من الإصابة بالمرض، وغادروا مستشفيات العلاج».
بدوره، قال البيت الأبيض أمس، إنه يستعدّ لـ»طلب حزمة إنفاق طارئة من الكونغرس في أقرب وقت ممكن هذا الأسبوع لتمويل استجابته لتفشي فيروس كورونا الجديد».
وبحسب صحيفة واشنطن بوست الأميركية فإن «التفاصيل لا تزال في حالة تغيّر مستمرّ حيث تواصل إدارة ترامب تقييم الاحتياجات».
ويمكن إرسال الطلب إلى مبنى الكابيتول هيل في الأيام القليلة المقبلة ويمكن أن يطلب ما يقرب من مليار دولار، وفقاً لما قاله اثنان من الأشخاص الذين اطلعوا على التخطيط.
وقالت الصحيفة إن «هذا الاستعداد يأتي في الوقت الذي فشلت فيه الجهود المبذولة لاحتواء الفيروس في العديد من البلدان، وأصبحت الأسواق المالية تشعر بالفزع إزاء التأثير الاقتصادي المتزايد».
وأشارت الصحيفة إلى «ضغط الديمقراطيين في الكونغرس على إدارة ترامب منذ أوائل هذا الشهر لطلب حزمة إنفاق طارئة، حيث سرعان ما قامت الوكالات الفيدرالية بإنفاق 100 مليون دولار وعملت على تحويل 136 مليون دولار من حسابات أخرى».
ويعد البيت الأبيض الطلب في وقت يبدو أن الأسواق المالية تتجه نحو عمليات بيع حادة، بناءً على المخاوف المتزايدة من أن التداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا قد تستمر لفترة أطول بكثير مما كان يُعتقد في البداية.
ولقد تم إغلاق أجزاء كبيرة من الاقتصاد الصيني بشكل فعال بسبب تفشي المرض، وانتشر الفيروس إلى أكثر من عشرين دولة أخرى.
وعلى الرغم من أنه لم يكن هناك سوى عدد قليل من حالات الإصابة بفيروس كورونا في الولايات المتحدة حتى الآن، فقد تعين على الحكومة الفيدرالية أن تسارع في الأسابيع الأخيرة لتعديل استجابتها.
ولم تكن الاستجابة للفيروس التاجي من البيت الأبيض متكافئة، حيث عبّر الرئيس ترامب مؤخراً عن غضبه من أنه لم يشارك في اتخاذ المزيد من القرارات.
في السياق نفسه، قال مراقبون اقتصاديون إن «خطاب الرئيس الصيني شي جين بينغ أول أمس، أظهر ثقة الصين في الفوز في المعركة ضدّ فيروس كورونا التاجي ودفع التنمية الاقتصادية والاجتماعية إلى الأمام».
وأكد بينغ في كلمته على «الجهود الدؤوبة للوقاية من فيروس كورونا الجديد ومكافحته تتواجد ضمن خطة التنسيق في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية».
وقال الاقتصادي والكاتب الياباني كيوشي واناكا «أعتقد أنه بالنسبة للتنمية الاقتصادية في الصين على المدى الطويل، فإن التأثير المؤقت الناتج عن انتشار فيروس كورونا ولن يؤثر على الاتجاه الرئيسي للتنمية الاقتصادية في الصين».
وقال الكاتب المصري كمال جاب الله إن «الاتجاه الإيجابي في أعمال الوقاية والسيطرة الصينية آخذ في التوسّع»، وأكد «لقد رأينا قدرات الصين القوية في مجالات الطب والبنية التحتية والإدارة الاجتماعية»، والتي أثبتت أن «الأنظمة السياسية والاجتماعية في الصين لديها قدرة عالية على تعبئة الجمهور ولها ميزة في العمل الجماعي»، بحسب ما ذكر موقع «xinhuanet».
وقال كمال جاب الله «إن الوباء أثر على الاقتصاد الصيني وحتى الاقتصاد العالمي، لكنني أعتقد على المدى البعيد أن الاقتصاد الصيني سوف يستمرّ في التحسن وسيبقى أحد محركات التنمية الاقتصادية العالمية».
وقال وليام جونز، رئيس مكتب واشنطن للنشر «إن الجهود الهائلة للحزب الشيوعي الصيني والحكومة الصينية والعاملين الطبيين نجحت في احتواء ما كان يمكن أن يكون موقفاً أكثر خطورة، كما أن النموذج الصيني قد يزوّد الدول الأخرى بعض التجارب الهامة في التعامل مع مثل هذه الكوارث غير المسبوقة».
وقال فو شياو لين، المدير المؤسس لمركز التكنولوجيا والإدارة للتنمية بجامعة أوكسفورد، إنها «علامة جيدة على أن الشركات في الصين تستأنف عملها تدريجياً في حين يتم اتخاذ تدابير للسيطرة على الوباء».
وأضاف فو «إن ذلك ليس من المهم فقط لنمو الاقتصاد الصيني، وحياة الناس وصحتهم، واستمرارية التجارة الخارجية والتعاون الاقتصادي الصيني، ولكنه ضروري أيضاً لاستقرار القيمة النقدية العالمية والأسواق».
وأكد الاقتصادي والكاتب الياباني كيوشي واناكا أن «الحكومة الصينية بذلت جهوداً حازمة وقوية لمكافحة الوباء، وأنّ عدد الإصابات الجديدة في تناقص».