قرار الحكومة الرسميّ بإعادة الهيكلة ينتظر الخطة الاقتصاديّة خبراء لـ«البناء»: دخول لبنان «النادي النفطيّ» يحسّن موقعه التفاوضيّ مع الخارج
} محمد حميّة
غادر وفد صندوق النقد الدولي لبنان. ولم يُعثر في مضمون الاجتماعات الذي أجراها طيلة ثلاثة أيام على معلومات وافية ودقيقة حول الاقتراحات التي قدّمها للمسؤولين اللبنانيين بمسألة إعادة هيكلة الديون.
وكيفما كانت النصائح وطبيعة المشورة التي عرضها الوفد، لكن الحكومة عزمت وحسمت أمرها ولم يعد أمامها خيار سوى إعادة جدولة الدين، بحسب معلومات «البناء». وهذا القرار أُبلغ بشكل حاسم ورسمي للجهات الدولية ولا سيما لوفد صندوق النقد الدولي الذي زار لبنان مؤخراً، وهناك تفهم دولي لهذا الاّمر، لكن الحكومة تنتظر الانتهاء من إعداد رؤيتها وخطتها الاقتصادية الشاملة للإعلان عن قرارها بشكل رسمي».
ووفقاً لخبراء اقتصاديين، فإن لبنان لا يستطيع اللجوء الى الخيار الذي يسوّق له حاكم البنك المركزي رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف سليم صفير وبعض جهات مالية دولية، أي دفع استحقاق آذار المقبل البالغ ملياراً و300 مليون دولار والتفاوض على الاستحقاقات المقبلة، أما السبب بحسب ما قال الخبراء لـ»البناء» أنه في حال دفع لبنان استحقاق آذار من دون اتفاق واضح حول الاستحقاقات المقبلة فقد يقع في مأزق جديد ويعرّض سيولته للخطر، طالما أن دفع استحقاق آذار لا يقدّم ولا يؤخّر في مسألة الدين العام الذي يجب أن يقارب ضمن خطة كاملة متكاملة». ويضيف الخبراء أن لبنان بحاجة الى إصلاحات شاملة وكاملة تشمل مكافحة الفساد وإصلاح النظام القضائي والنظام الوظيفي والكهرباء والمرافق العامة كمرفأ بيروت ومن ضمنها إعادة جدولة الدين وصولاً الى إعادة النظر بتركيبة النظام المالي والمصرفي والنقدي»، متسائلين كيف أن الحاكم رياض سلامة أصبح أقوى من الحكومة والدولة نظراً للقانون الذي يمنحه صلاحيات نقدية ومصرفية ومالية واسعة دون حسيب او رقيب! ولفتوا الى ضرورة تعديل القوانين المالية والمصرفية في المجلس النيابي وإلزام المصرف المركزي التقيّد بها». وبحسب المعلومات فإن سلامة لم يقدم حتى الآن التقرير المالي الذي يتضمن أرقاماً واضحة بموجودات واحتياطات المصرف المركزي ولم تصل لجنة التحقيق في مصرف لبنان الى كشف حقيقة الأموال المحولة الى الخارج.
لكن السؤال المطروح هو ماذا يريد صندوق النقد ولماذا لم يقدّم اقتراحات تقنية تفصيلية واضحة؟ ولماذا جاء الى لبنان إذا كان سيعود لاستشارة إدارة الصندوق؟ فهل المطلوب إهدار الوقت للوصول الى موعد 9 آذار المقبل بلا حل لمسألة الديون وبلا تغطية دولية لإعادة الهيكلة ما يؤدي الى إحراج الحكومة وإلزامها بدفع الاستحقاق الاول بحجة عدم التوصل الى حل مع الدائنين وإلا تتعرض لضغوط وعقوبات وتخفيض التصنيف الائتماني لدرجة الإفلاس؟ ولماذا يربط الصندوق والجهات المالية الدولية إعادة جدولة الديون بإصلاحات قضائية وادارية ومالية تحتاج الى خطة ورؤية شاملة قد لا يكون بمقدور الحكومة القيام بها أو حتى الالتزام بها خلال المدة الفاصلة عن موعد الاستحقاق الأول؟
وتخوّفت مصادر سياسية واقتصادية من طرح تحرير سعر صرف الليرة في ظل الوضع الاقتصادي والمالي القائم الذي من الممكن أن يؤدي الى ارتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية والمواد الأولية كالمحروقات وبالتالي الذهاب الى انفجار اجتماعي قد يكون مطلوباً في هذه الفترة لمزيد من الضغط الخارجي على لبنان ولعرقلة عمل الحكومة ووضعها في مواجهة شعبها. مشيرة لـ»البناء» أن تحرير سعر الصرف يحصل في ظل اقتصاد قويّ ومنتج لزيادة صادرات الدولة وبالتالي زيادة احتياطاتها من العملات الصعبة فضلاً عن تحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد الأساسية ما يمنع التلاعب بالأسعار بذريعة ارتفاع سعر صرف الدولار.
في غمرة أزمة ديون كبيرة، دخل لبنان نادي الدول النفطية مع وصول باخرة الحفر Tungsten Explorer الى لبنان ما يعد حدثاً هاماً واستراتيجياً قد ينعكس إيجاباً على الوضع المالي والاقتصادي اللبناني إذا أحسنت الحكومة استثماره واستغلال عائداته المالية في المدى المتوسط.
ويبرز خبراء ماليون واقتصاديون لـ»البناء» أهمية دخول لبنان الى النادي النفطي الدولي: أولاً يساعد في تحسين تصنيف لبنان الائتماني بعد تصنيفه الى درجة دنيا مؤخراً، ثانياً تحصين الموقف التفاوض للبنان بعملية اعادة هيكلة الدين، أي بات بإمكان الحكومة التفاوض مع الدائنين من موقع القوة. ثالثاً يمنح نوعاً من الثقة الدولية بلبنان الذي لديه احتمالات كبيرة لامتلاك مصادر الطاقة وبالتالي يحوله الى اقتصاد واعد. رابعاً الحصول على عائدات تجارية يمكن من إنشاء الصندوق السيادي للاستثمار وهو يُعتبر أهم البنود الإصلاحية.