حفل تأبيني حاشد للأمين الراحل سليمان الصايغ في صوفر تخليداً لذكراه سليم سعادة: الأمين سليمان الصايغ صاحب مسيرة نهضوية مميّزة وقد عرفته منذ العام 1960 وهو قدوة في الشجاعة والحماس والاندفاع السياسة المالية والنقدية بُنيت على وهم وكلفتها العالية جداً أوصلتنا إلى الإفلاس
} حافظ الصايغ: شارون بلدة الشهيد حسين البنا والشهيد وجدي الصايغ والأمين سليمان الصايغ ستبقى أمينة على رسالة الحزب ونموذجاً للعطاء والتضحية } مهنّا البنا: نقف لنكرِّم الكبار لكنهم يمتشقون التاريخَ ويكرّموننا بما بذلوا وأعطوا للحياة } هناء الصايغ: لن تكون يا أبي صورة معلّقة إلى جدار بل فاعلية حاضرة في انتصارات النهضة والحزب والقضية
أحيت عائلة الأمين الراحل سليمان الصايغ، حفلاً تأبينياً في دارة العائلة تخليداً لذكرى الأمين الراحل، وحضر الحفل إلى جانب العائلة، رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي فارس سعد، عضو الكتلة القومية الاجتماعية النائب الدكتور سليم سعادة، عدد من مسؤولي الحزب، إضافة إلى كريمة الزعيم اليسار انطون سعاده، وفاعليات وأصدقاء وجمع كبير من القوميين والمواطنين.
استهلّ الحفل بالنشيدين الوطني اللبناني والسوري القومي الاجتماعي، وقدّم الحفل سامي سري الدين بكلمة عن الراحل.
كلمة الرفقاء والأصدقاء
ثم ألقى عضو المجلس القومي حافظ الصايغ كلمة رفقاء وأصدقاء الراحل، حيث قال: مَن نكرّم اليوم رجل ولا كلّ الرجال، رجل آمن بأن الحياة وقفة عز فوقفها على مرّ سنوات، آمن بالإنسان المجتمع فتجاوز انتماءه الطائفي والمذهبي الى رحاب الوطن والأمة، آمن بالحياة الحرة الكريمة فعاش حراً وآمن بأنّ الحياة التي تهب الإنسان نهضة كنهضة أنطون سعاده لا بدّ أن يكون سيداً حراً في كلّ حياته.
بهذا الإيمان التزم الأمين سليمان وأنشأ عائلة قومية اجتماعية تعدّت حدود بيته الى حدود المنطقة، لأنه كان نموذجاً في العطاء ونموذجاً في المحبة ونموذجاً في البطولة.
سليمان على مدى أكثر من نصف قرن كان في هذه النهضة رسولياً، فهو لم يأبه لكلّ متاهات الدنيا ولا لأموالها ولا لوظائفها، اختار أن يكون في الحزب جندياً حيث تدعو الحاجة فإذا به وعلى سنوات عدة إلى جانب رئيس الحزب البطل المثقف النموذج الدكتور عبدلله سعادة، وعلى مدى تلك السنين كان رفيقاً وابناً للدكتور عبدلله وأنا أشهد على ذلك، حيث كما كان سليمان إلى جانب الدكتور عبدلله كنت أنا أيضاً إلى جانبه لسنوات طوال عميداً ورفيق دربٍ، حاولنا جاهدين أن نبني لهذه النهضة الحدود الدنيا من مقوّمات الانتصار وقد انتصرت النهضة في الشعب وانتصرت فينا وانتصرت في هذه الأمة التي لا يمكن مهما حاولوا تغييب دورها وتغييب منطلقاتها وتغييب قيَمها أن يقدروا على ذلك، لكن هناك خميرة في هذه الأمة هي الحزب السوري القومي الاجتماعي.
رغم كلّ المحن التي مرّ بها الحزب، رغم كلّ الضغوط التي مُورِست على هذا الحزب إلا أنّ هذا الحزب كان يخرج في كلّ مرة أقوى مما كان ويخرج في كلّ مرة مواجهاً التحدّي بجباه عالية وصدور مشرعة.
نقف اليوم جميعاً نؤكد على أنّ حزبنا باقٍ وأنّ حزبنا ليس كمّاً عددياً بل هو فكرٌ، هو نهضة في هذه الأمة، أصبحت موجودة في الكثير الكثير من أبناء شعبنا.
من هنا نؤكد لكم بأنّ شارون البلدة التي كان منها أول شهيد للحزب، حسين البنا في فلسطين عام 1936 وكان فيها أول استشهادي ألا وهو الشهيد وجدي الصايغ، هذه البلدة ستبقى أمينة على حفظ رسالة الحزب وعلى أن نكون جميعاً في هذه البلدة نموذجاً للعطاء نموذجاً للتضحية نموذجاً للتحلي بالإيمان الصادق الذي أراده سعاده في أبناء شعبه، فمن شارون إلى كلّ الذين قدموا في هذا اليوم العاصف نقول لهم زوبعتكم أقوى من كلّ عواصف الدنيا.
وختم: سنبقى مؤمنين بأنّ الحياة لا يمكن أن تكون إلا للأقوياء في نفوسهم وأنتم أقوياء في نفوسكم، فالنصر لسورية والنصر لسعاده فعسى أن نبقى في هذا الخط جنوداً مؤمنين وجنوداً نضحي ونعطي لهذه الأمة أغلى ما لدينا فكراً ودماً وثقافة وإيماناً.
كلمة البلدية
وألقى رئيس بلدية شارون مهنا البنا كلمة البلدية ومما جاء فيها: عندما يأتي الرحيل ونُغلق الصفحةَ الأخيرة من كتابٍ قرّرنا كتابته بإرادتنا… يأتي بعدَنا الزمانُ الذي حدّثناهُ بدمائنا وبطولاتنا ونضالاتنا ووقفات عزّ وقفناها يوم تخلَّى غيرُنا وانكفأوا…
يقفُ الزمانُ عند محطات مضيئة مستذكراً، منحنياً أمام البذلِ الذي بذلناه لتحيا البلاد التي نحبّ، والأمة التي نعشق بالعز والعنفوان…
بعبق التاريخ المسكون بالدماء…
نرى في خاطرتنا أطيافَ من رحلوا شهداء وجرحى ومناضلين… في سبيل أن نبقى أحراراً في أرضنا…
أولئك الذي صعدوا بروجَ السناء، ليشكّلوا قدوتَنا الدائمة في مسيرتهم التي تمسحُ عن جبينِ بلادِنا عتمةَ التوسّلِ للمطالبة بحقوقنا، الى منارةِ البطولةِ التي ترقى لأخذِ حقِّنا والحفاظِ على كرامتنا المجتمعية، وخلقِ إنساننا الجديد بقيمٍ من حقٍّ وخيرٍ وجمال، بقسمٍ من محبةٍ تضوعُ في المجتمعات القاحلة، لتحوِّلَ صحراءَ التزلُّفِ والاستزلام واحةً خضراءَ من ربيعٍ تموزيٍّ لا يموت…
وأنت يا أمين سليمان وجهٌ مضيءٌ من وجوهِ عزِّنا، وزرعٌ مثمرٌ في واحة النهضة، انطلقتَ من شارونَ بلدةِ العطاءِ التي ما بخلت يوماً على بلادنا…
منها شهداء واستشهاديون، منها جرحى ومناضلون، منها كبار حدَّ السماء، لها قلبٌ لا يهدأ…
خَبِرتُها اليوم أكثرَ من أيِّ وقتٍ مضى، أنَّ في أبنائها طيبةً لا تُحَد، وإباءً لا يستكين… أنَّ في أبنائها ثورةً لا تتراجع لحفظِ الحقِّ مهما ضجَّ من حولها الباطل…
شارون اليوم هي أحدُ أهم النماذجِ عن بلداتنا التي تعاني القهرَ والحرمان من مشاريعَ تنمويةٍ لتثبيت أهلها في أرضهم، تعاني من إهمال مزمن في اكتساب حقوقها إن كان على صعيد دعم المزارعين، أو تأمين المياه بشكل يصل الى كل مواطنيها، أو غيرها من مشاريع أخرى
إنها البلدة التي تعاني من أزمات بلادنا وتواجهها بقلبٍ يأبى أن ينكسر، وعقلٍ يأبى أن ينحصر…
أمين سليمان
شارون التي تحدثتُ عنها معكَ قبل رحيلك ببضعةِ أشهر، وأخبرتني عن بعضِ تاريخها الناصع، وحمَّلتني الحفاظَ عليها كما تحب، فأعدكَ اليوم أني أريدها بمحبةِ أبنائها، أريدها حاضناً للحرية، وملاذاً للمناضلين، وقدوةً لأجيالنا التي لم تولد بعد…
أريدها كصلابة صخورها في تشبّثها بالحق، وكقدرة أشجارها على شق تلك الصخور لتبلغَ علياءَ السماء…
أمين سليمان
ربما نرحلُ بعدك غداً، لكن بلادَنا ومتحداتِنا هي أمانةٌ وشعلةٌ، نسلِّمها لأبنائنا بعدنا…
وأبسط الإيمان أن نسلِّمَها أفضلَ مما كانت عليه…
وأبلغُ القولِ أن نقولَ الحقَّ ولو أدَّى بنا الى موتٍ غايتُه حياةٌ وخلود..
وأرفعُ الشيم أن نبادلَ من يريدُ منا مقتلاً، بالمثابرةِ على فعلِ الحياة، ما بقي بنا نبضٌ من حياة…
أيها الحفل الكريم،
نقف لنكرِّمَ الكبار ونكتبُ عنهم، وإذْ بهم يمتشقون التاريخَ ويكرّموننا هم، والأمين سليمان يستلُّ عزاً من تاريخِه وينثرهُ في كلِّ مكانٍ على امتداد الزمان… له الخلود.
كلمة النائب سعادة
عضو الكتلة القومية النائب د. سليم سعادة قال في كلمته: من واجب النهضة ان تكرّم أبناءها وأمناءها، وأن تكرّم الأمين سليمان الصايغ على مسيرته وتضحياته، وهو الذي اعتقل وقضى خمس سنوات من حياته في سجون النظام الطائفي، عدا عن أنه أظهر بطولة حين تعرّض رئيس الحزب الأمين الراحل الدكتور عبدلله سعادة لكمين في منطقة قرطبا ـ اللقلوق، لقد كان يومها رجل الموقف بامتياز.
أضاف: عرفت الأمين سليمان منذ ستين سنة، وتحديداً منذ 1960 وكنت في الحادية عشر من عمري، صورته مغروسة في رأسي ولا تزول أبداً لأنه يمتلك اللياقة المشعّة والوجه البهيّ والصدق والاستقامة والشجاعة وكان من أهل البيت، وكنت أراه دائماً حتى بعد المحاولة الانقلابية، ورأيته في السجن وبعدما أصبح أميناً، ولكن الفترة الراسخة في ذهني تعود إلى 1960 ـ 1961 لأنّ العلم في الصغر كالنقش على الحجر، وكم أنا فخور بأنه أصبح أمينا في الحزب السوري القومي الاجتماعي… ذلك لأنه كان قدوة في الشجاعة والحماس والاندفاع.
وقال: إنّ كلّ قومي اجتماعي مطالَب بإيصال صوت النهضة إلى الجيل الجديد في البيت والمدرسة والجامعة والمعمل، وأن يكون أداء القومي مميّزاً بالصدق والأمانة والتحلي بالمثل العليا والأخلاق، وهذه واجباته كي يحمي النهضة القومية الاجتماعية. وكذلك الولاء في الإيمان وليس وفق أهوائه، لأنّ الولاء مهمّ للنهضة كي تحافظ على قواعدها. وهذه صفات كانت مزروعة في قلب الأمين سليمان الصايغ.
وحول الوضع في لبنان قال سعادة: مررنا بحرب أهلية دامت 15 عاماً ودمّرت كلّ شيء ورغم كلّ ذلك بقيت المصارف موجودة وسليمة والمصرف المركزي والخزينة أيضاً لسببين الأول أنّ سعر صرف الدولار كان حراً والثاني أننا لم نستدن بالدولار، ماذا حصل بعد الطائف؟ ثبّتنا سعر صرف الدولار واستدنّا بالدولار كمن يلعب القمار على المدى الطويل ستصل إلى الإفلاس، ولعبنا قمار أيضاً بالهندسات المالية حين بعنا المستقبل وأفلسنا وطارت نصف الودائع المالية، ونأمل أن لا يصرف مصرف لبنان احتياطي الدولار الباقي لديه… وإذا كان هناك قرشين في مصرف لبنان يمكن للحاكم أن يصرفهم لندخل عراة وهذه هي مشكلة «اليوروبوندز» اليوم.
نحن عاكسنا علم الإدارة وليس علم المال والاقتصاد، وهنا عظمة أنطون سعاده الذين علّمنا على الحرية وتحرير نفوسنا من التبعية والعقد الطائفية، أنطون سعاده حرّر عقولنا وعلّمنا على الانفتاح وحرّرنا من الانعزال وصرنا نرى الدنيا أوسع بعمقها التاريخي والجغرافي والثقافي والتراثي، وهنا تكمن أهمية أنطون سعاده، هو الحرية لنا وأهميته أنه بالنسبة لنا فلسفة حياة شرط ان نلتزم بالموضوع الأخلاقي والمناقبي والإنساني ونحن نعيش مع الصحّ.
وختم مشدّداً على ضرورة قول الحقيقية للناس، وأن نتمسّك بقيم نهضتنا لنصل الى الأهداف السامية والغاية النبيلة التي نصبو إليها.
كلمة العائلة
وألقت كلمة العائلة كريمة الراحل هناء الصايغ وجاء في كلمتها: ها نحن اليوم يا أبي، نجتمع معاً في لحظة تكريم تختزن بُعد القضية التي بها آمنت.
نجتمع رفقاء وأحبّة وقيادات لنجسّد معاً في لحظة التكريم بُعد الحياة الجديدة عاملين لخير المجتمع وعزّته وكرامته.
نجتمع اليوم ليس لتكريم جسد واراه الموت، بل لتكريم أمين في الحزب السوري القومي الاجتماعي. وإننا إذ نكرّمه فإننا نكرّم العقيدة التي بها آمن والمبادئ التي لانتصارها رَهَن حياته ملتزماً حتى الرمق الأخير.
بتكريمه نكرّم زعيم الحزب السوري القومي الاجتماعي واضع أسّس النهضة وشهيد انتصار حقيقتها. نكرّم أنفسنا إذ نجتمع تحت راية الحزب السوري القومي الاجتماعي، هذه الراية الموحّدة الجامعة المتجاوزة حدود التفرقة الكيانية والمناطقية والمذهبية والفردية أمام انتصار وحدة الحياة لوحدة الانتماء ولقيم الحق والخير والجمال.
أبي… أيّها المناضل أيها الأمين. لن أناديك بصفة الغائب لأنك الحاضر أبداً، حاضر في هذه الدار التي أعليْتها بعلوِ مبادئك وجعلتها جامعة كأطراف الزوبعة الحمراء، تعصف بالحياة.
حاضرٌ في قلوبنا مع رفيقة دربك نجاح (أمي) مع عارف وهشام ومعي…
حاضرٌ كلما ارتفعت الأيادي زاويةً قائمة لتحيا سورية. حاضرٌ في مساحات العز المرسومة بجهاد وعطاءات السوريين القوميين الاجتماعيين.
حاضرٌ في وقفة العز المعمّدة بدماء وجدي الصايغ إبن شارون البلدة التي أحببت.
حاضرٌ في رصاصات خالد علوان المدوّية، رصاصات رسائل لكلّ مغتصّب.
حاضرٌ في وجدان كلّ من عرفك أو لم يعرفك ولكنه سار على درب سعاده المستقيم.
حاضرٌ أنت يا أبي منذ رفعت يمينك زاوية قائمة معلناً انتماءك للحزب السوري القومي الاجتماعي، معلناً ولادتك الجديدة تلميذاً في مدرسة الحياة مدرسة سعاده العظيم.
شبلاً من أشبال النهضة ورفيقاً ومسؤولاً، تتلمذت على أيدي عمالقة في الحزب، فكنت الى جانب الأمين عبدالله سعاده ذلك الكبير في مسيرة النضال واعتقلتما سوياً، الى جانب جمعٍ من الكبار المؤمنين، دفعتم ثمن إيمانكم سنوات من السجن ثمناً لرفضهم النظام الطائفي البغيض، دفعتم ثمن محبتكم. ألم يقل المعلم سعاده: «مصيبتنا مع أُناس نريد أن ننتصر بهم ويريدون أن ينتصروا علينا».
بسجنكم من قِبَل النظام الطائفي البغيض والقائمين عليه ورُعاته عام 1962، دفعتم ضريبة أجيال بوجه الطائفية والقبليّة والإقطاع والفردية والعمالة، فكنتم النموذج.
أبي، لن أطيل لأنّ الكلمات تعجز عن اختزال مسارٍ طويل من العمل والعطاء، من الجراح ومن وقفات العز، تعجز عن اختزال كلّ ما تختزنه الحياة من الدمع والابتسام. ولكنك باقٍ يا أبي قيمة نضالية لن يغيّبها الموت… ولا لا لن تصبح يا أبي صورة معلّقة إلى جدار، ستبقى أبداً عندي نبض الشرايين…
وختمت كلمتها: الشكر لرئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الأمين فارس سعد ورئيس المجلس الأعلى الأمين أسعد حردان على جهودهما ووقفتهما الى جانبنا، كما أشكر الأمين سليم سعاده على عواطفه النبيلة وجميع الذين تحدثوا وجميع الحاضرين.