روسيا تغلق باب القمة الرباعيّة حول سورية وتقفل البحث بقمّة ثنائيّة مع تركيا وتردّ ميدانياً سجال دياب ـ المستقبل: هل ذهب الحريري إلى السعوديّة والإمارات للتحريض؟ الحكومة تجهّز ملفاتها للتفاوض حول السندات… وتعلن قرارها عشيّة الاستحقاق
كتب المحرّر السياسيّ
ليس في حساب روسيا المشاركة في القمة الرباعيّة التي جرى الحديث عنها، بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب أردوغان والرئيس الفرنسي أمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ولا تخطّط موسكو لمشاركة الرئيس الروسي مع الرئيس التركي في قمة ثنائية. بهذه الكلمات حسمت مصادر روسية توصيف قرار موسكو بمواصلة الدعم العسكري للجيش السوري في المواجهات التي يخوضها والتي يحقق خلالها المزيد من التقدّم على محاور الطريق الدولي بين اللاذقية وحلب، والتي توّجت ليلاً بتحريره بلدة كفرنبل الاستراتيجية، وبعدما تحدّث الرئيس التركي عن تراجع فرص عقد القمة الرباعيّة أشاد بالاتصالات الروسية التركية، وسط ضغوط داخلية تركية ترتفع خلالها الأصوات المعارضة للتورط في مواجهات عسكرية في سورية وليبيا.
لبنانياً، بعد نجاح وزارة الصحة في رسم خطط فعالة ومثمرة لاحتواء مخاطر «كورونا»، عقدت الحكومة جلسة حاز فيها موضوع الإجراءات الوقائيّة وتقييد الرحلات الجوية حيّزاً من الجلسة، وخصص الباقي لعرض الوضع المالي في ضوء المباحثات التي جرت مع بعثة صندوق النقد الدولي، وبعثة البنك الدولي واستدراج عروض من شركات استشاريّة وقانونية للتفاوض مع الدائنين حاملي السندات حول هيكلة الديون، وأقرّت الحكومة اختيار شركتين، واحدة للشؤون القانونية وأخرى للشؤون المالية، بينما قالت مصادر متابعة للتفاوض على هيكلة الديون إن القرار الحكومي لن يعلن إلا عشيّة نهاية مهلة السداد، إفساحاً في المجال لإعلان رضائي بين الحكومة اللبنانية وأصحاب السندات على جدولتها لمواعيد لاحقة، قبل إعلان لبنان رسمياً امتناعه عن الدفع واستعداده للتفاوض.
الكلام الذي قاله رئيس الحكومة حسان دياب ونقلته وزيرة الإعلام عن جهات لبنانيّة تقوم بتحريض الخارج لمنع المساعدة عن لبنان، والردّ الذي صدر عن تيار المستقبل، مشعلاً سجالاً مع الحكومة التي لم يقم رئيسها بتسمية فريق بعينه في سياق كلامه، شكلا أول مواجهة إعلامية بين الحكومة وتيار المستقبل، منذ تسمية الرئيس دياب لتشكيل الحكومة. وقالت مصادر متابعة لموقف الرئيس دياب، أنه تحمّل الكثير خلال الأيام التي تلت تشكيل الحكومة ثم نيلها الثقة. فكل الرسائل التي تصل من الخارج تقول إن هناك رهانات على سقوط الحكومة خلال مئة يوم تلي تشكيلها، وإن انهيار الوضع المالي والنقدي قدر لا مفر منه، وإن النصائح التي تصل للخارج من الأطراف غير المشاركة في الحكومة تدعو لعدم التورط بتقديم الدعم للحكومة في مواجهة التحديات المالية والاستحقاقات التي تفرضها. وقالت المصادر إن وجهة التحريض كانت خصوصاً لدول فرنسا والسعودية والإمارات. وأضافت أن زيارة الرئيس سعد الحريري للسعودية والإمارات جاءتا بعد فشل مساعيه بإقناع باريس بعدم التعاون مع الحكومة الحالية، والانتظار لحين عودة الرئيس الحريري لرئاسة الحكومة بشروطه وفي مقدّمتها إبعاد حزب الله عن أي حكومة يترأسها الحريري، وأن الفرنسيين أجابوا بأنهم ينظرون لحزب الله كفريق محلي وازن ويفصلون في سياساتهم نحو لبنان بين اعتراضهم على مواقف حزب الله الإقليمية، ودعوتهم لحكومة تجمع المكوّنات اللبنانيّة التي يمثل حزب الله واحداً رئيسياً منها. وتقول المصادر إن مقاطعة سفيري السعودية والإمارات للسراي جاء ترجمة للوعد الذي قطعه الحريري بإسقاط الحكومة في مئة يوم، رغم عدم مشاركة الرياض لتوصيف الحكومة بحكومة حزب الله ونصيحتها للحريري بنقل خطابه في ذكرى اغتيال والده من التركيز على حزب الله على مواجهة العهد، كتعويض عن معاندته للسعودية في الرهان على التسوية الرئاسية. واعتبرت المصادر أن تيار المستقبل والحريري لا يستطيعان إنكار كونهما يعلنان الدعوة لمقاطعة الحكومة، ويحرّضان عليها في الداخل والخارج، متسائلة عما سيقولانه عندما تفتح عواصم مالية أبوابها لمساعدة الحكومة خلافاً للتحريض، فهل يجوز دفع لبنان نحو الانهيار للعودة لرئاسة الحكومة، وهل هذه هي ترجمة شعار لبنان أولاً، والحديث عن لا أحد أكبر من بلده؟
في الشكل كانت جلسة مجلس الوزراء مخصّصة للبحث في إجراءات مواجهة فيروس كورونا لكن جلسة بعبدا في المضمون بحث الى “كورونا”، ملفات مالية ونفطية، مع قرار رئيس الحكومة استغلال هذه الجلسة للرد على جوقة الاوركسترا التي بات كل همها الهجوم على هذه الحكومة عن سابق إصرار وتصميم فاتهمهم بمحاولة تفشيل الحكومة. وبحث المجلس في التدابير والإجراءات الوقائية من كورونا حيث اطلع من الوزراء المعنيين لا سيما وزير الصحة العامة حمد حسن على المستجدات في هذا الخصوص.
وأكد المجلس أن في لبنان اصابة واحدة بفيروس كورونا فقط. وقرر ضبط حركة الطيران من وإلى المناطق الموبوءة بـ”كورونا” واقتصار الرحلات منها وإليها حسب الحاجة الملحة، إضافة إلى وقف الرحلات الدينية. وأكدت وزيرة الاعلام منال عبد الصمد ان وزارة الصحة حريصة على السير بإجراءات معتمدة عالمياً بحسب منظمة الصحة العالمية بشأن منع انتشار الفيروس.
وبحسب المعلومات فإن النقاش تطرّق الى موضوع ارتفاع سعر الكمّامات وفقدانها من السوق”، لافتة الى أنه “تمّ التأكيد على انّها متوفرة وسيتمّ توحيد سعرها بالتعاون مع الصيدليات على أن تعمل وزارة الاقتصاد على ضبط الأسعار.
وفي السياق عمّم وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي بحسب المعلومات على البلديات والمخافر كل المعلومات التي تتعلق بالأشخاص الذين يقومون بالحجر المنزلي للتأكد من تطبيقهم لذلك.
وبانتظار جلسة مجلس الوزراء الجمعة المخصصة لملف التعيينات ناقش مجلس الوزراء بحسب معلومات البناء موضوع الجراد، حيث ستُقام مناقصة لشراء مواد لمكافحة هذه الحشرة، بالتوازي مع اتخاذ الخطوات الاستباقيّة.
الى ذلك قرّر دياب الانتقال الى مرحلة الهجوم والدفاع عن حكومته فقال: “ليست الحكومة هي التي تسبّبت بمرض كورونا. بكل أسف، هناك أناس في لبنان عملهم محصور بمحاولة تشويه صورة هذه الحكومة وهمّهم أن تفشل الحكومة وأن نعجز عن التعامل مع أي أزمة حتى ولو كانت النتيجة هي ضرر على لبنان وعلى اللبنانيين”. وأعلن أن الاوركسترا بدأت الهجوم عندما اكتشفت أنها لم تستطع العثور على أي خطأ لهذه الحكومة، تحرّض في الخارج ضد لبنان لمنع الدول الشقيقة والصديقة من مساعدته مالياً ومنعه من الانهيار، معربًا عن ثقته أن الدول الشقيقة والصديقة لن تتخلّى عن لبنان لأن انهيار لبنان لا سمح الله سوف يتسبّب بضرر لكل الذين تخلّوا عنه”. ولفت إلى أنّ جهات لا تهتم بأن البلد ينهار بل المهم عندها أن تفشل الحكومة وأن لا تنكشف عوراتهم والموبقات التي ارتكبوها وأدّت إلى الأوضاع الخطيرة التي يعيشها البلد اليوم. ويتابع دياب مصعِّدًا ضد هذه “الأوركسترا”: “واضح أن هناك جهة أو جهات تمارس الألاعيب ومحاولات تشويه الحقائق والتزوير والتزييف والاستهداف الشخصي عبر اختلاق أكاذيب وروايات ورمي اتهامات وتغيير في الحقائق، لكن المؤسف أكثر أن هذه الجهات تحرّض على البلد وتحاول قتل كل أمل بإنقاذ البلد”.
في المقابل ردّت كتلة المستقبل على دياب قائلة يبدو “انضمام رئيس الحكومة إلى فريق المسوّقين لتراكمات السنوات الثلاثين الماضية وتحميلها مسؤولية تفاقم الدين العام، دون تحديد الجهة الأساسية المسؤولة عن الدين منذ العام 1998، ونصف الدين العام الذي نشأ عن الهدر في الكهرباء”، رغم تحرّكات مكوكية تقوم بها الحكومة الحالية برئاسة حسان دياب، لرمي العجز الذي وصل اليه لبنان، على جهة سياسية واحدة لأهداف تخدم المحور الذي جاء بدياب رئيساً. إذ لاحظت كتلة المستقبل خلال اجتماعها الأسبوعي عصر أمس الثلاثاء، في بيت الوسط برئاسة النائب بهية الحريري “انضمام رئيس الحكومة إلى فريق المسوّقين لتراكمات السنوات الثلاثين الماضية وتحميلها مسؤولية تفاقم الدين العام، دون تحديد الجهة الأساسية المسؤولة عن الدين منذ العام 1998، ونصف الدين العام الذي نشأ عن الهدر في الكهرباء. واعتبرت أن “الكلام الذي نقل عن رئيس الحكومة الاسبوع الماضي حول البدء بمعالجة تراكمات 30 سنة من السياسات الخاطئة، هو كلام مرفوض يصب في إطار الحملات التي تستهدف الرئيس الشهيد رفيق الحريري والسياسات الحريرية التي انتشلت لبنان من حال الدمار الذي تسببت به الحرب وسياسات المماطلة والتعطيل التي تناوبت عليها حكومات وعهود وأحزاب لا تخفى عن اللبنانيين الشرفاء”. وتابعت “اذا كان هناك في دوائر الحكم وبعض الدوائر الحزبية التي تتلطى وراء التوجهات الحكومية، من يعمل على تزوير التاريخ والوقائع والأرقام ورمي المسؤولية على السياسات الحريرية، فقد كان حرياً برئاسة الحكومة أن تنأى بنفسها عن تلك الحملات المكشوفة الأهداف، فلا تستنسخ العبارات التي درج على استحضارها “أزلام زمن الوصاية” وورثتهم في العهد الحالي والعهد الذي نُظمت فيه جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري”.
وعلى خط آخر وافق مجلس الوزراء على الاستعانة بالاستشاري المالي “لازارد” والقانوني “كليري غوتليب” لمساعدة الحكومة في إدارة الدين العام لتقديم خدمات استشارية للحكومة ومواكبة القرارات والخيارات التي سوف تتخذها في إطار إدارة الدين العام. وأفيد أن أكثر من شركة تقدمت في الشقين ودرست اللجنة ملفاتها وكلها لديها خبرة عالمية وتم اختيار عرضي لازارد وكليري غوتليب. وعلم أن وزير المال سيعقد الاتفاق مع الشركتين المشار اليهما، والمبلغ الذي يتم التفاوض بشأنه يصل الى 32 مليار دولار.
وأعلن مدير إدارة التواصل والمتحدث باسم صندوق النقد الدولي جيري رايس، في بيان أنه بناء على طلب من السلطات اللبنانية، قام فريق صغير من خبراء الصندوق، بقيادة مارتن سيريسولا، بزيارة العاصمة اللبنانية بيروت خلال الفترة من 20-24 شباط الحالي. وقد التقى الفريق برئيس الحكومة حسان دياب، رئيس مجلس النواب نبيه بري ونائبة رئيس الوزراء زينة عكر، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ووزير المالية غازي وزني، وعدد من الوزراء وكبار المسؤولين الحكوميين، وبعض أعضاء البرلمان. وعقدت مناقشات قيمة ومثمرة للغاية حول التحديات الاقتصادية وخطط الحكومة لمعالجتها. وخبراء الصندوق على استعداد لتقديم المزيد من المشورة الفنية للحكومة أثناء صياغتها خطة الإصلاح الاقتصادي.”
وأكدت مصادر مطلعة لـ”البناء” إلى أن الأمور ليست بهذه السهولة بالنسبة إلى صندوق النقد لا سيما أن وفد الصندوق الذي زار المكونات السياسية الأساسية أدرك الخلاف المستفحل بين القوى السياسية حيال الإصلاح الاقتصادي، فبينما يرى المعنيون على الخط المناوئ لرئيس الجمهورية أن الإصلاح يجب أن يبدأ بالكهرباء على وجه التحديد، فإن فريق رئيس التيار الوطني الحر والعهد يصوّب على المصارف والبنك المركزي، معتبرا في الوقت عينه أن الثنائي الشيعي لا يزال على موقفه المترقب لما سيصدر عن الصندوق لا سيما أن حزب الله يرفض أية شروط قد يلجأ برنامج الصندوق إلى فرضها وتطال القطاع العام والموظفين مقابل المساعدات في حين أنه قد لا يمانع التعاون في ملف الكهرباء. ولفتت المصادر إلى أن المعنيين لا يزالون في حالة تخبّط، الأمر الذي يثير القلق لا سيما أن الوضع لا يسمح بترف الوقت.
وأكّد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم: “نحن لا نقبل أن نخضع لأدوات استكبارية في العلاج، يعني لا نقبل الخضوع لصندوق النقد الدولي ليدير الأزمة. نعم لا مانع من تقديم الاستشارات. وهذا ما تفعله الحكومة اللبنانية، وبإمكان الحكومة أن تضع خطة وتتخذ إجراءات بناءة لبدء المعالجة النقدية والمالية ووضعها على طريق الحل. نحن بحاجة الى خطة إصلاحية متكاملة مالية اقتصادية اجتماعية موقتة واستراتيجية، وإن شاء الله ستقوم الحكومة بهذا العمل وتظهر بعض النتائج ولو بعد حين”.
وفيما أعلن رئيس الجمهورية ميشال عون في بداية جلسة مجلس الوزراء أن سفينة التنقيب عن النفط وصلت الى الشاطئ اللبناني وستبدأ عملها خلال 48 ساعة في البلوك رقم 4 وأمل أن تحمل نتائج إيجابية، أعلنت شركة “توتال” الفرنسية أنه “سيتم حفر البئر الاستكشافية على عمق 1500 متر من سطح البحر، كما يهدف حفر البئر الى استكشاف مكامن تقع على عمق يتخطّى 2500 متر تحت قعر البحر. ويقدر أن تستمر أعمال الحفر لمدة شهرين وبعدها ستغادر سفينة الحفر لبنان”.
الى ذلك، أصدر حاكم المصرف رياض سلامة تعميماً وسيطاً يقضي بخفض الفوائد على قروض الإسكان والمؤسسة العامة للإسكان، ومنح التسهيلات الممكنة للمصارف والمؤسسات المالية. وتراوحت التخفيضات بحسب نوعية القرض وتاريخ الحصول عليه.
أما القروض التي طالها التخفيض الأكبر فهي تلك الممنوحة من قبل المؤسسة العامة للإسكان في السنتين الماضيتين والخفض هو بقيمة 2.5 بالمئة.