العالم ليس محتاجاً إلى..
} مصطفى بدوي
العالم ليس محتاجاً الى هذا الكم الهائل من أوراق التواليت المدعو شعراً ولا الى هرطقة الكساح وتعاويذ الرجال الجوف..
العالم ليس محتاجاً لبيبليوغرافيات القطعان وتوقيعات السذج ممن يتبارون في حفظ البلاغة الواضحة واستعراض نتف من العمدة والشعر والشعراء..
العالم ليس محتاجاً لهؤلاء التعساء ممن يلوكون سرديات ممجوجة ويهيّأ لهم أن العالم متوقف على فذلكتهم السخيفة وجبهتهم العريضة..
العالم ليس محتاجاً لأطباء يستنزفون جيوب الفقراء ويتكلمون بعنجهية تجارية لا تجارى..
العالم ليس محتاجاً لصحافيين لا يميزون بين الزاوية والركن..
العالم ليس محتاجاً لأحزاب شبيهة بشبكات مافيوزية تتاجر بألسنتها الطويلة وتبتلعها حين يأتي موسم الغنائم والإكراميات والرؤوس التي أينعت..
العالم ليس محتاجاً لمشعوذين في الجدل البيزنطي عبر الأثير الإذاعي وهم يقبضون تحت القمطر حصتهم من ريع شركات الاتصال..
العالم ليس محتاجاً لمقاهٍ ثقافية تنتعش فيها النميمة ويملأها أنصاف وأرباع كتبة يتحلقون حول نص انشائي مصاب بالإسهال والصفرة لأنه يعاني من فقر الدم وصعوبة الهضم..
العالم ليس محتاجاً لاتحادات كتاب يتدافع حولها كتاب بائسون وعديمو موهبة من أجل (سفرة) للعق الأحذية..
العالم ليس محتاجاً لمن يجترّ بوثوقية خردة فكرية يتوسّل بها في الملتقيات..
العالم ليس محتاجاً لمسرح صار ركحاً للراسبين أصلاً في امتحان خفة الروح..
العالم ليس محتاجاً لكل هذه المطابع ودور النشر المتهافتة على طحن الأوراق وتدبيج الأغلفة بعناوين كالخرق المبللة..
العالم ليس محتاجاً إلى جدية مدعاة ولا إلى أبجدية منتقاة..
العالم ليس محتاجاً إلا لدحرجة جثتك من أعلى طابق في الحلم نحو نهر الراين بحثاً عن جثة روزا لوكسمبورغ..
العالم ليس محتاجاً إلا لصبية يتقافزون خفافاً لطافاً هنا وهناك ويرجمون الكبار والأشرار..
العالم ليس محتاجاً إلا الى زلزلة كي يستوي على الخازوق..
العالم ليس محتاجاً إلا إلى فائض عدل بالقسطاس!
*أستاذ جامعي مغربي وناقد.