الجهاد ثأرٌ للكرامة
} شوقي عواضة*
لم يهتزّ العالم ولا مؤسساته الدولية والإنسانية وعلى رأسها الأمم المتحدة أمام مشهد تمثيل الاحتلال «الإسرائيلي» بجثة الشهيد محمد الناعم في خان يونس بقدر ما تحرّكوا من أجل إيقاف سقوط صواريخ الجهاد الإسلامي على المستوطنات الصهيونية. بعد فشل نتنياهو وكلّ مؤسساته السياسية والعسكرية والإعلامية والأمنية في استغلال التصعيد انتخابياً من خلال الترويج للتصعيد بأنه نتيجة لتعليمات خارجية، والسبب في ذلك رؤية الرأي العام لمشهد التمثيل بجثمان الشهيد الناعم، والذي شكل انتهاكاً صارخاً للكرامة الإنسانية بشكل عام والفلسطينية بشكل خاص. مشهد انبرت له حركة الجهاد الإسلامي في معركة الثأر للكرامة فاستطاعت من خلالها أن تلجم العدو وأن تفرض معادلات أراد العدو إلغاءها، جولة كشفت مدى هشاشة وضعف العدو «الإسرائيلي» الذي لم تكن خياراته مفتوحة فوقف عاجزاً أمام ردّ المقاومة الحاسم الذي أثبت فعاليته باعتراف كبار المحللين العسكريين «الإسرائيليين»، حيث أشار المحلل العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت» أليكس فيشمان إلى أنّ التصعيد الذي شهده جنوب فلسطين المحتلة لم يكن بدوافع أو تعليمات خارجية عبر إيران أو سورية، ولا بسبب قرب الانتخابات الاسرائيلية، مشيراً إلى أنّ «جولة إطلاق التصعيد التي شهدناها خلال اليومين الأخيرين كادت تودي بنا إلى مواجهة عسكرية شاملة»، وقال فيشمان إنّ عملية التصعيد جاءت رداً على المسّ بكرامة الفلسطينيين، مضيفاً أنه من الطبيعي أن يثأر الفلسطينيون لأنّ إهانة الجثة في جميع الثقافات يؤدي حتماً إلى الغضب الشديد وتلك هي الدوافع الحقيقية». أما المحلل العسكري في صحيفة (إسرائيل اليوم) يوآف ليمور فقال إنّ ما شهدناه من تصعيد مؤخراً وضع «إسرائيل» أمام مشكلة جديدة تتمثل في كيفية التعاطي مع حركة حماس كونها الجهة الحاكمة في قطاع غزة، وأشار ليمور إلى أنه ليس من مصلحة (تل أبيب) دفع حماس للتصعيد والتدخل العسكري لأنّ ذلك سيؤدّي حتماً إلى المزيد من التصعيد في ظلّ علم (القيادة الإسرائيلية) أنّ وقوف حركة حماس جانباً لن يطول في ظلّ اتساع التصعيد والمواجهات العسكرية وخاصة إذا تجاوزت (إسرائيل) الخطوط الحمراء في المواجهة بمحاولة لقلب المعادلات.
لذا لم يكن أمام نتنياهو المزيد من الخيارات وأرغم على خفض التصعيد كي لا تؤثر المواجهات على الانتخابات وليضمن إجراءها في أجواء من الهدوء، وذلك بعد وصوله إلى قناعة بأنه عاجز عن إيقاف صواريخ المقاومة الفلسطينية أو القضاء عليها وتدمير منصات صواريخها، وبالتالي هو عاجز عن تغيير المعادلات وفرض شروطه أو وضع معادلات جديدة لا سيما في ظلّ ما تحدثت عنه التقارير (الاسرائيلية)عن إطلاق «الجهاد» حوالى 100 صاروخ في يوم ونصف اليوم لم تتعدّ كلفتها مئات الآلاف من الشواكل بينما بلغت كلفة عملية الردع والردّ (الاسرائيلي) أكثر من 20 مليون دولار. وهذا يظهر مدى الخسائر التي يتكبّدها العدو في كلّ عملية تصعيد ومواجهة ويظهر عدم قدرة المؤسسة العسكرية للكيان للاستمرار في ايّ مواجهة يطول أمدها، وبالتالي فإنّ ذلك يؤشر على مدى عجز ووهن هذا العدو الذي تتسارع إليه بعض الأنظمة العربية للتطبيع معه، ويؤكد أيضاً على مدى قوة المقاومة وصلابتها وتماسكها وقدرتها على صدّ أيّ عدوان للعدو، ويؤكد على امتلاك المقاومة زمام المبادرة وفرض ما تريد من المعادلات وما المواجهة الأخيرة سوى شاهد على عجز العدو عن الاستمرار في المواجهة أو التصعيد على جبهة واحدة في غزة فكيف الحال به إذا ما فتحت المقاومة عدة جبهات.
*كاتب واعلامي