آذار في العرزال
} الأمين سمير رفعت*
عرفت الامين سمير رفعت في العام 1970 على ما اذكر مع بدء صدور جريدة «البناء» بعد خروج الرفقاء من الاسر بموجب قانون العفو الصادر عن المجلس النيابي. كان مميزاً ليس بكفاءاته فقط، انما بسوية التزامه القومي الاجتماعي وبرقي تعامله مع الجميع، رفقاء ومواطنين.
ورغم ان الامين سمير تبوأ مسؤوليات متقدمة، في الحزب، وفي الدولة الشامية، الا انه احتفظ بسلوكية مميزة، من التواضع، ومن الدماثة، ومن الحديث اللبق ومن ميزة الترفع عن كل ما يسيء الى السلوكية القومية الاجتماعية.
لذا فالامين سمير لم يحتل لدي هذا الحضور المتقدم، المستمر، انما احتل في الاوساط الشامية رسمية واعلامية وحزبية، حضوراً لافتاً، استمر طوال تلك السنوات من توليه المسؤوليات التي اتينا على ذكرها في نبذة سابقة، والتي نأمل ان نوثقها كاملة في مناسبة لاحقة.
من حضرة الامين سمير رفعت هذه المروية اللافتة عن «الاول من آذار في العرزال»، ننشرها مع شكرنا للاهتمام المستمر الذي يبديه حضرة الامين بالنسبة لموضوع تاريخ الحزب، وانتظارنا بشوق لمزيد من الكتابات المفيدة لتاريخ الحزب.
ل. ن.
* * *
عزّ عليّ ان يمرّ الاول من آذار ولا تعاود دمشق الاحتفال به كعادتها، وبما يليق بهذه المناسبة الغالية على قلوبنا نحن ابناء النهضة القومية الاجتماعية، ابناء الحزب السوري القومي الاجتماعي …
وما هي الا لحظات حتى لمعت في ذهني فكرة احنتفال مزجت فيها بين الاول من آذار والعرزال، ففي دمشق، وفي حي القصاع مطعم اسمه «العرزال» يملكه الرفيقان غسان وغيث مطانيوس، فقررت، ودون استشارة أحد، ان أقيم عشاء في تلك المناسبة في مطعم «العرزال» الذي يتسع لحوالي 500 شخص، فاتصلت بالرفيق غسان مطانيوس وعرضت عليه فكرة حجز المطعم بكامله ليلة الاول من اذار، وقمت بطبع بطاقات الاحتفال، مستعملاً الالف من كلمة آذار كالرقم واحد، ووضعت صورة عرزال الزعيم خلفية للبطاقة التي حملت عنوان «آذار في العرزال» وقمت ببيع البطاقات كاملة للرفقاء والرفيقات وبسعر رمزي يشمل العشاء، وقد بيعت البطاقات بكاملها خلال ايام قلائل، وحتى لا أحاسب على تفردي قمت بإبلاغ رئيس الحزب آنذاك الامين عصام المحايري الذي بارك خطوتي وشجعني على المضي بتنفيذها.
ودعوت الى الاحتفال السيدة الدكتورة نجاح العطار وكانت وزيرة للثقافة، وزوجها الدكتور ماجد العظمة، واحمد جبريل وفضل شرورو من الجبهة الشعبية القيادة العامة، والدكتور اسكندر لوقا المستشار في القصر الجمهوري وزوجته، والرفيق دريد لحام وزوجته، وعائلة الشهيد خالد ازرق، وعدداً من المسؤولين المركزيين كالامين عباس ياغي، والامين نصري خوري، وقد طلبت من الامين عباس ان يحضر معه الفنان علي حليحل لإحياء الاحتفال، واوصيت على قالب الحلوى «الكاتو» وكان عبارة عن خارطة سورية الطبيعية بما تحوي من مدن وجبال وانهار بطول مترين وعرض متر ونصف .. واتصلت بمخفر شرطة القصاع وابلغتهم ان احتفالاً رسمياً سيقام في مطعم العرزال وسيحضره مسؤولون في الدولة والقصر الجمهوري والمقاومة الفلسطينية لذلك يجب قطع الطريق من امام المطعم منذ الساعة الثامنة مساء وحتى انتهاء الاحتفال، وهكذا تم بالفعل دون ان يسألوني عن سبب الاحتفال، إذ اني استعملت معرفة الشرطة بمكانتي في التلفزيون الشامي وفي مجلس الشعب…
بدأ الاحتفال وكانت المائدة الرئيسية تضم الى جانب حضرة رئيس الحزب الامين عصام المحايري والمسؤولين المدعوين من الدولة الشامية والمقاومة وأهل الشهيد خالد ازرق والدته ووالده واخوته…
وراح علي حليحل يصدح بصوته الرائع اناشيد واغنيات تناسب المناسبة والرفقاء والرفيقات وقد تجاوز عددهم العدد المخصص في المطعم، الى ان دخل ستة اشخاص الساعة الثانية عشرة ليلاً يحملون قالب الحلوى ووضعوه في منتصف المطعم، وطلبت من حضرة رئيس الحزب ان يقوم بقطع القالب، فسألني: من تقترح ان يشاركني في قطعه، فأجبته دون تردد: أم الشهيد خالد ازرق، وهكذا كان، فتردد هتاف الجميع، يا ابناء الحياة لمن الحياة… واستمر الساهرون حتى ساعات الصباح الاولى.
وفي اليوم الثاني للاحتفال جاءني غسان مطانيوس صاحب مطعم العرزال الى مجلس الشعب ليقول لي ان المخابرات قد طلبته وإنه ذاهب الآن الى فرع دمشق للمخابرات… سألني ماذا سأقول لهم ان سألوني عن احتفال امس، فقلت له ان يبلغهم انه كان عيد ميلادي… وبالفعل نفذ ما طلبته منه فاتصل بي العميد المسؤول عن فرع دمشق، وبارك لي بعيد ميلادي، وتمنى عليّ ان ادعوه ليحتفل معي في السنة القادمة، فقلت له انه لم يكن عيد ميلادي بل ميلاد الزعيم انطون سعاده، وقد اعتدنا ان نحتفل بهذه المناسبة نحن القوميين الاجتماعيين بصمت، ولكن هذه السنة قررنا ان تحتفل بصوت عال يليق بالمناسبة … رغم ان الحزب كان محظوراً في الكيان الشامي.
انها احدى المحطات التي نعتز بها في مسيرتنا النهضوية والتي عادت الى الذاكرة ونحن في ايام ولادة المعلم.
*رئيس المجلس القومي