نيبال… عروس آذار!
رنا محمد صادق
دوّامة الحياة فخٌّ تسرق منّا أعزّ ما نملك، تسرق منّأ الأماني والأحلام، تأخذنا في فلكٍ مجهول وترمينا هناك، في اللاشعور.
تلك الحالة هي حالتي بعدَك، بكلّ أسىً أنعاك بكلماتي يا ابنة عمّي ونظيرتي. آخر شمعة أملٍ في عائلتي، التي اتسع قلبها بالأمل وتحدّت ليالي طويلة أيام الألم والمرض مردّدة «لتكن مشيئتك»!
مشيئته، حبيبتي نانا، هي أن تكون نفسك مطمئنة ومرتاحة، أن تكوني كما كنتِ دوماً، قوية صبورة وعزيزة النفس. أأناديك باسمك ليطيب الذكرى الموت؟ أأبغض المرض وألعنه؟ لا أقوى على استجماع حروفي، لأنني أنا دوماً ضعفت أمام موت الأعزاء، فكيف أقوى على فقدانك؟
ودودة الكلمات انجرفت على مهد الصلاة والسجود، ما انكفأت يوماً عن التمنّي، وعاشت على أمل النفس والحياة. صبية، جميلة العيون والبؤبؤ اللامع، أُغمضت عيناك وليتها لو لم تكن تلك الجفون.
يعيقني الحزن عن الرجاء وتستوقفني اللحظات بالعودة إلى هناك. هناك حيث كانت أمانينا بريئة تداعب خيالاتنا الطفولية عند زوايا غرفتك، أتذكرين؟ أتذكرين الصلاة والأماني، بصوتنا: «ربّنا، احفظ لنا عائلتنا واحمنا، ولا تصبنا بمكروه كان، فأنت السميع وأنت المجيب»، كان ذلك في حرب تموز 2006.
تزامن رحيلك بذكرى ولادة الزعيم أنطون سعاده، ما كان لي أن أفرح أم أن أحزن، عدت واستدركت أن بات لدينا في السماء ملائكة آذار، لا يهابون الموت ويحملون وزر الشهادة على أكتافهم. طوبى لك، عروس آذار.
اليوم، تحررتِ منه فككت القيود وتجاوزت العوائق وخطوت في طريقٍ جديدٍ، يترك فيه الله لك مكاناً رحيماً يليق بك، ويعطيك ثمرة الآلام الدنيا. لا خوف بعد اليوم أو ألم. استجمعي قواك، هنا انتهى الكفاح والمعاناة وحان وقت راحتك! لن أقول كلاماً في وداعك، بل سأزفّك عروس آذار وأفرش الزهور في دربك، وأزفّ: فرحاً في كلّ مناسبة، وأبكيك ليلاً وأواسي نفسي بك. سلامٌ على قلبك وروحك، امضي في سبيلك فمشوارك اليوم قد ابتدا.