رحيل الرفيق الزميل الإعلاميّ حسين قانصو.. حتى لا يذوب أكثر من فراق الروح
} جهاد أيوب
البلسم لورود الترحاب ما أن يساعدك…
الزنبق لكل ضيف يلاقيه…
الحديث اللبق… ولكل سؤال جواب، ونقاش فيه الاحترام، ولكل نسمة محبّة تجده في قلب العاطفة، وفي عمق اللقاء الأسريّ الذي يخطف منك غرورك، ويبدأ السمر… قد لا تتفق معه، ولكن كياسة مفرداته تجعلك أكثر إصغاء…
الصديق الإعلامي حسين أسعد قانصو (أبو محمد) رحل إثر أزمة قلبية ألمت به، الأسبوع الماضي، فجأة دون إنذار، ودون وداع، ودون تحية، ودون أن يروي وروداً سبقته بالرحيل…
كان مناضلاً في الحياة، وفي المواقف الوطنية والقومية، من القوميين الاجتماعيين الحاسمين، وعام 1973 انتسب إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي فاعلاً نشيطاً إلى حين حتى داهمته ظروف خاصة، لكنه استمر في مواقف الحزب أينما اتجه، واستمرّ بفخر المعتقين في الحزب.
رحل الصديق أبو محمد منذ رحيل ابنته الشابة ديالا التي كان مدمناً على عشق أنفاسها، خطواتها، حديثها، كانت منارته، وإشعاع نظراته، ونبضات قلبه، رحيلها العام الماضي شكل سبيل دمعه، ونبع أوجاعه، وكل ذكرياته… يومها وقف الزمان عنده في صورة لها، صورة صنعتها ببيلسان أحلامها التي سرقت منها في زمن المفاجآت العمرية، صورة نحتت في كل ما فيه حتى أصبح هو هي، وحتى أصبحت الهواء الذي يتنشقه.
كان من أشدّ المتابعين لكل حرف أكتبه في جريدة «البناء»، أو على صفحات التواصل الاجتماعي، ولكل إطلالة تلفزيونية، ينصح بتهذيب، يحاور باتزان، ويهمس بعد تجربة عميقة في الإعلام بكل خجل وخارج الادعاء، وما أن تصل الأمور إلى عائلته تشرق دمعة مُحبة كلؤلؤة فيها كل عواطف البشر…
على الصعيد الشخصي خسرته، على صعيد بلدة الدوير خسرنا هامة اتفقت معها أو لا، وعلى صعيد الإعلان والإعلام افتقدناه، وعلى صعيد البسمة والترحاب انكسر بنك الذوق!
عمل في الإعلام، ولكنه تخصص في الإعلان، أحلامه في هذا المجال لا تعرف الغروب، أسس شركة «ماتكو»، ومن ثم شركة «كيو» صبّ فيهما كل فرحه، وغضبه، وتطلعاته…
منذ أيام التقينا، تسامرنا، دمعت أعينه، ثم رحل مع بكاء الذاكرة، وختم يقول: «خلاص! العمر ختير، وقربت النهاية»… الله يطول بعمرك شيخ الشباب… عفواً قلتها ولكنها لم تتحقق…
رحيل الزميل حسين قانصو خسارة لصداقة ذهبية رغم اختلاف الأعمار، والأجيال، ولا مرة شعرت أنه أكبر مني بل كان صبياً مشرقاً بشباب التجربة والحضور إلى حين رحيل «ديالا»، واليوم أصبح معكِ يا ديالا حتى لا يذوب أكثر من فراق الروح.