أين أخطأ رئيس الوزراء العراقي المكلّف؟ نصائح للمكلف الجديد
أسعد تركي سواري*
لا يمكن لأيّ متخصّص أكاديمي أن يغفل أحقية القوى السياسية البرلمانية العراقية في تشكيل الحكومة التي يجب أن تولد من رحم البرلمان، بوصف العراق محكوماً بنظام سياسي برلماني.
إلا أنه في ظلّ الجمود السياسي الذي يكاد يصل بالبلاد والنظام إلى أزمة في الشرعية السياسية الحاكمة، كان لا بدّ من اجتراح الحلول الاستثنائية لإدارة الأزمة، بهدف إعادة تحكيم الإرادة الشعبية وتجديد الثقة بالنظام السياسي الحاكم، وهذا ما حذرنا منه منذ بدء الاحتجاجات، إذ حذرنا من إقالة الحكومة المستقيلة تجنباً للدخول في نفق الجمود والمجهول، وبعد فشل التكليف الأول، يمكن القول، بأنه كان يمكن لرئيس مجلس الوزراء العراقي المكلف أن يمرّر كابينته الوزارية، فيما لو قام بما يأتي، وهي نصائح مقترحة للرئيس المكلف الجديد:
أولاً: اقتصار برنامجه الحكوميّ على النقاط المتسلسلة الأربع الآتية:
1 ـ تعهّد رئيس مجلس الوزراء المكلف وجميع الوزراء في حكومته المؤقتة بعدم الترشح لأيّ موقع تنفيذي أو تشريعي في الحكومة التي تلي حكومته المؤقتة.
2 – إنجاز الموازنة المالية، في الأسبوع الأول من عمر حكومته وإرسالها إلى البرلمان لإقرارها.
3 – إنجاز ملف مفوضيّة الإنتخابات، قانوناً وتعييناً، في الشهر الأول من عمر حكومته.
4 – إجراء انتخابات نيابية مبكرة في موعد لا يتعدّى الشهر السادس من عمر حكومته.
ثانياً: سلوك أحد الخيارين الآتيين، في كيفية اختيار الوزراء:
1 – اعتماد المعيار (الجغرافي – الديموغرافي) المزدوج، بمعنى اختيار وزير من كلّ محافظة عراقية، وهذا يشير إلى المعيار الجغرافي، ثم من داخل كلّ محافظة نعتمد المعيار الديموغرافي، بمعنى أن يكون الوزير في كلّ محافظة من المكوّن الأكبر في تلك المحافظة، ومع أنّ النتيجة ستكون مقاربة لنتائج التوافق السياسي والطائفي السابق، إذ سيكون للشيعة عشرة وزراء، وللسنة أربعة وزراء، وللكرد أربعة وزراء، إلا أنه ستجيء تلك النتائج بناء على معايير جديدة، لأنّ اختيار الوزراء سيكون من المعاقل الأكاديمية والمهنية في الجامعات والنقابات والاتحادات والمحاكم، في كلّ محافظة عراقية، وبذلك ستتمثل جميع المكوّنات في السلطة التنفيذية عبر تمثيل جميع المحافظات، وذلك سيمثل تطوّراً نوعياً في النظام السياسي العراقي.
2 – اعتماد المثالثة ما بين القوى السياسية السنية، والقوى السياسية الكردية، والمتظاهرين، أما تمثيل المكون الشيعي فسيتجسّد برئيس مجلس الوزراء الذي ستختاره القوى السياسية الشيعية الرسمية، وبالوزراء الذين سيرشحهم ممثلو المتظاهرين في المحافظات الشيعية المحتجة.
ثالثاً: اعتماد أبناء المؤسسة ذاتها، للوزارات التي تستلزم التخصّص المؤسّسي وليس التخصّص الأكاديمي وحسب، مثلاً لا حصراً: وزارة الصحة، وزارة الدفاع، وزارة الداخلية.
رابعاً: اعتماد التخصص الأكاديمي، بمعنى انسجام التحصيل الأكاديمي للوزير مع الوزارة المرشح لتولي إدارتها، مع مراعاة إمكانية بعض التخصصات الأكاديمية أن تنسجم مع وزارات عدة، مثلاً لا حصراً: تخصص الإدارة والاقتصاد.
خامساً: اعتماد عامل الخبرة للوزارات التي تستلزم الرؤية الاستراتيجية، مثلاً لا حصراً: وزارة التخطيط، ووزارة المالية، ووزارة التعليم العالي.
سادساً: اعتماد العناصر الشابة للوزارات التي تستلزم الانسجام مع الشريحة المستهدفة للوزارة، مثلاً لا حصراً: وزارة الرياضة والشباب.
سابعاً: اعتماد النساء للوزارات التي تستلزم اللمسات الفنية والقدرة العاطفية العالية، مثلاً لا حصراً: وزارة الثقافة والسياحة، ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية.
وبالخلاصة، إنّ ما يجبر مَواطن الضعف التي قد ترد في الحلول المقترحة آنفة الذكر، هو العمر المؤقت للحكومة، التي سيقتصر دورها على الموازنة المالية، والمفوضية المستقلة للانتخابات، والانتخابات النيابية المبكرة، التي ستجري خلال ستة أشهر، ولو كنا قد اعتمدنا هذه الحلول، أو تجنّبنا أصلاً الوقوع في مصيدة إقالة الحكومة، لكنا على بعد شهر واحد فقط من موعد الانتخابات، إذ بدأت الاحتجاجات في الأول من الشهر العاشر من العام الماضي، وها نحن في الأول من الشهر الثالث من العام الجديد، بمعنى دخولنا في الشهر السادس من الأزمة.
*مفكّر استراتيجي، رئيس مركز العراق لإعداد القادة.