أولى

الخروج من النفق؟

 بشارة مرهج

كلّ نفق له منفذ، فهل للأزمة التي يتخبّط فيها لبنان من منفذ؟ بداية يستحيل الخروج من هذه الأزمة وجماعة الحكم والسلطان يتردّدون أو يعجزون عن استرداد الأموال التي نهبها وهرّبها مؤتمنون على المال العام والخاص. القضاء متهيّب ويصارع من أجل استقلاليّة. هيئات الرقابة تعاني من الشلل. مجلس النواب نسمع منه تصريحات جريئة سرعان ما تخبو بقدرة قادر. لجنة المال والموازنة التي بيدها سلطات رقابية حقيقية «تتهيّأ» لاتخاذ خطوات حاسمة لحماية المال العام ولا تُقدّم. أما لجنة الرقابة على المصارف وهيئة التحقيق الخاصة فهما بمثابة الخصم والحكم بالنسبة للمال العام كما الودائع. ويكفي أن نطلع على كيفية تشكيلهما ومكوناتهما حتى نتأكد من أنهما لن تتجاوبا مع مطالب الناس.

تبقى، وسط هذه الصحراء القاحلة من العجز والتواطؤ، الحكومة الحاليّة التي يعوّل عليها كثيرون ممن راعهم ممارسات الحكومات السابقة التي فشلت في اتخاذ خطوة إصلاحية واحدة بعد أن أغرقت البلاد في بحر من فساد وأغرقت نفسها في التعيينات الانتخابية وتركت الحدود والمرافق العامة على غاربها ونظمت المناقصات المشبوهة واعتمدت الفوائد الفاحشة فضلاً عن الهبات والأعطيات تحت عنوان الهندسات المالية والتخمينات الضرائبية وصولاً إلى الرسوم العقارية والأملاك البحرية والقروض الإسكانية.

وإذ يتوقع الناس من حكومة الرئيس حسان دياب تدارك الأزمة العاتية، بخطوات واقعية مسؤولة، يواصل أهل المال والسلطان نهجهم المعهود في تحويل وتهريب أموالهم وبيع اليوروبوند إلى جهات أجنبيّة والسطو على أموال الخزينة والودائع ورفض أيّ مساءلة دون أن تبادر الحكومة إلى الخطوات التي وعدت بها وفي مقدّمها استرداد الأموال المنهوبة ومحاسبة لصوص المال العام.

وفي ظلّ تردّد الحكومة واشتداد الحصار الأميركي الصهيوني على البلاد كيف يمكن للبنان أن يخرج من هذا النفق المظلم الذي يكاد أن يقضي على الخزينة ويحوّل أبناء الطبقات المتوسطة إلى فقراء والفقراء إلى متشرّدين وما يمكن أن يتأتى عن ذلك من مضاعفات لا تُحمد عقباها على الصعيد الاجتماعي والأمني؟!

وسط هذه المعمعة التي تعيشها البلاد وفي إطار الأزمة الأكبر التي تعيشها المنطقة المترافقة مع الإصرار الأميركي على فرض التوطين ودمج النازحين لا بديل من خوض معركة سياسية واقتصاديةهي مفروضة علينا أصلاًضدّ كلّ من يريد إصابة لبنان في الصميم وإغراقه في الفوضى والاقتتال.

إنّ خريطة الطريق للخروج من المأزق تبدأ، برأينا، من النقاط الآتية:

الخروج من النفق لن يبادر إليه الذين أدخلونا فيه والذين يُصرّون على الاستمرار في مواقعهم والتنصل من مسؤولياتهم في آن.

لا بديل من مواصلة الحراك الشعبي وتصعيده ضدّ التحالف الحاكم الذي يمثل السلطة الحقيقية ويمسك بالقرار المالي سواء بموافقة الحكومة أو معارضتها.

لا بديل من مطالبة القضاء وهيئات الرقابة من التحرك الفعّال لكسر حلقات الفساد والتصدّي لأذرع العصابات الطائفية التي تحاصرهم وتحاصر البلاد برمّتها.

لا بديل في هذه المرحلة من التركيز على إقالة رموز الفساد المالي والمصرفي كبداية للمعركة التي فرضوها على البلاد.

مقاومة أيّ اتجاه لحبس ودائع وأموال المواطنين أو تحميل المواطنين عبء المرحلة من خلال زيادة  الرسوم والضرائب عليهم أو إخضاعهم للاقتطاعات غير المشروعة أو من خلال التراجع المتسارع في سعر صرف الليرة وما يؤدي إليه من غلاء فاحش ومن تآكل في القدرة الشرائية.

الضغط المتواصل على الحكومة والقضاء للاصطفاف إلى جانب الناس المستباحة مواردهم وأموالهم، والمبادرة إلى الإصلاحات المطلوبة بعيداً عن نهج المسايرة والمساومة الذي يكاد يقضي على أسس الدولة ومؤسساتها.

مقاومة أيّ اتجاه يستهدف إخضاع لبنان واقتصاده لإملاءات صندوق النقد الدولي أو أيّ جهة أجنبية أخرى يستحيل عليها فهم الواقع اللبناني بالعمق أكثر من الخبراء اللبنانيين الحرصاء على المصلحة العامة. أما التعاون وفقاً لمصلحتنا الوطنية وإرادتنا الحرة فأمر يجب البحث فيه بكلّ انتباه ومسؤولية.

فرض رسملة المصارف؛ وهو الأمر الذي لم يتحقق حتى الآن بسبب تلكّؤ بعض المصارف ومراوغتها.

إعادة هيكلة الدين العام على أسس علمية مدروسة تأخذ بعين الاعتبار مصلحة لبنان وسمعته.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى