غارات إسرائيليّة عشيّة القمة الروسيّة التركيّة حول إدلب
رجا لـ«البناء»: الغارات جزء من سعي نتنياهو لتوطيد علاقته مع تركيا والمحيط العربيّ الرسميّ شبيب لـ«البناء»: قد نكون أمام تفاهم بديل لاتفاق سوتشي وينسجم مع التطوّرات التي حصلت على الأرض
} سعد الله الخليل
عشية القمة الروسية التركية في موسكو وبالتزامن مع التقدم الميداني في ريف إدلب للجيش السوري، وخسارة المجموعات الإرهابية المسلحة عشرات النقاط، وبعد نشوة رئيس وزراء العدو بالانتصار في الانتخابات الإسرائيلية، أغار سلاح جو العدو على مواقع سورية في المنطقة الوسطى وجنوبي سورية بصواريخ من الأجواء اللبنانية، تكفلت المضادات الجويّة بإسقاطها قبل الوصول إلى أهدافها، ففي وسط سورية تحوّلت سماء حمص لمسرح عمليات إسقاط الصواريخ الإسرائيلية بإصابة أحد عشر صاروخاً من أصل اثني عشر.
يؤكد الدكتور بسام رجا الكاتب والباحث الفلسطيني في قراءته دلالات توقيت الغارات أنها تأتي بناءً على نتائج الانتخابات، وأضاف في حديث لـ»البناء» «نتنياهو أمام 58 مقعداً في الكنيست الإسرائيلي وبعد التصعيد منذ بداية الجملة الانتخابية ها هو اليوم يعزز موقفه الداخلي بأنه رجل الحرب ورجل الصفقات ورجل حضور التكتل اليميني خارج كل ما أفرزته الانتخابات».
وأضاف رجا «السياسة التصعيدية التي انتهجها نتنياهو ينتهجها أيضاً بيني غانتس والقيادة الصهيونية، وفي الإطار العام نجاح نتنياهو بأعلى نسبة تصويت 55% في وقت كاد أن يذهب للمحاكمة تفرض تقديم المزيد من الطمأنة الأمنية لهذا التجمّع، وهو ما فعله نتنياهو خاصة في ظل الدعم الكبير لترامب والأنظمة العربية له، وقد تكون الضربات جزءاً من تثبيت سياسته المقبلة للمرحلة كاجتياح غزة وتطبيق صفقة القرن بالقوة».
وعن تزامن الغارات مع القمة الروسية التركية يؤكد رجا أن التحالف بين كيان الاحتلال والتركي عميق منذ 1954، بأعلى نسب لصادرات الأسلحة والتبادل التجاري بين الجانبين، بعيداً عن الحركات الشعبوية لأردوغان بالإيحاء بالوقوف مع القضية الفلسطينية. وأضاف «نتنياهو يسعى لتوطيد العلاقة مع المحيط العربي الرسمي بتثبيت نقاط ارتكاز بعد الانتخابات عبر فتح صفحات مع النظام العربي، بدأ من المشاركة في معرض إكسبو 2020 في دبي، أو زيارة المسؤولين الأمنيين إلى الدوحة لتظهير العلاقات مع الدول العربية، إضافة للعلاقات بين حلف الناتو وكيان الاحتلال وواشنطن وكيان الاحتلال وتركيا، ما يتطلب دفعة دعم معنوي ولوجستي لتركيا، وسط الحديث عن تقديم طائرات مسيّرة من صناعة الكيان لأنقرة، إضافة للتعاون الاستخباري لدعم المجموعات الإرهابية التي باتت مندحرة بعد إحكام الطوق على سراقب ومحيطها، فالمشروع الأردوغاني مرتبط بمشروع كيان الاحتلال والعدوان لا يمكن أن ينفصل عن المشروع الأردوغاني».
تثبيت النقاط على الأرض
على الأرض واصل الجيش السوري عملياته العسكرية بتأمين أوتوستراد دمشق – حلب الدولي بطول 100 كم، واستهداف تجمّعات المسلحين في محيط بلدة سفوهن بريف ادلب، والتي تعتبر معقلاً رئيسياً للمجموعات المسلحة، كما استهدف سيارة محملة بالذخائر على محور الفطيرة في جبل الزاوية، ودمّرت مستودعات اسلحة للمجموعات الارهابية في معرة مصرين بغارات بعد أيام من تلقي إمدادات لوجستية تركية بالتزامن مع انعقاد قمة بوتين أردوغان في موسكو. وعن انعكاس القمة على العملية العسكرية في إدلب، يرى سلمان شبيب رئيس الهيئة التأسيسية لحزب سورية أولاً أن القمة تشكل الفرصة ربما الأخيرة لوقف الانزلاقات الخطيرة التي أصبحت تهدد الاستقرار الإقليمي والدولي، حيث سيجهد الطرفان للتوصل إلى تسوية الحد الأدنى تضمن وقف العمليات العسكرية ضمن تفاهم جديد يكون بديلاً عن اتفاق سوتشي، وينسجم مع التطورات التي حصلت على الأرض، ويكون أقرب إلى اتفاق أضنة معدل. وهو ما اشارت له روسيا على اكثر من مستوى. وأضاف شبيب لـ»البناء» الواضح ان الطرفين محكومان بالاتفاق ولا يملك أي منهما ترف أفشاله، حيث حرص الطرفان على تأكيد متانة العلاقات بينهما وخاصة الاقتصادية التي أصبحت شبكة كبيرة من المصالح المشتركة بينهما».
وعن إمكانية وقف العملية العسكرية السورية وتحقيق مطالب أردوغان بالانسحاب السوري من النقاط التي سيطر عليها. قال شبيب «أتوقع ذلك ولكن لن يكون هناك انسحاب سوري كامل، وإنما بعض الترتيبات الجديدة خاصة بما يتعلق بالطرق الدولية ونقاط المراقبة التركية الاساسية المتفق عليها بسوتشي، وقد تتراجع القوات السورية عن بعض المواقع ليفك الحصار عن النقاط التركية عبر تواجد مشترك روسي سوري أو روسي تركي».
وختم شبيب بالقول «هناك رهان وأمل أن يتمكن بوتين الذي مارس هواية ترويض الأسود في شبابه، من لجم الضبع المسعور أردوغان الذي يحاول نهش جيرانه امتداداً الى ليبيا، وبات يشكل تهديداً للأمن القومي والدولي ولا بدّ من إعادة وضعه ضمن قفص القانون الدولي».
لعب أمميّ ودوليّ
انتقدت الخارجية السورية تصريحات مسؤولي بعض الدول الغربية حول الوضع الإنساني في محافظة إدلب، بسبب العمليات العسكرية للجيش السوري ضد التنظيمات الإرهابية، و»تجاهلهم للجرائم التي ترتكبها هذه التنظيمات وقوات أردوغان التي تقاتل معها بحق المدنيين السوريين». وأضافت الخارجية «يظهر حجم النفاق والكذب الذي تحمله سياسات هذه الدول واستمرارها بتسييس كل ما هو إنساني وتطويعه لخدمة مصالحهم غير آبهة بفقدان السوريين أرواحهم أو هجرهم منازلهم أو تدهور أوضاعهم المعيشية».
وذكرت الخارجية تلك الدول أن محاربة الإرهاب على أراضيها حق مشروع خاصة أن المجموعات الإرهابية التي يحاربها الجيش السوري تتزعمها «هيئة تحرير الشام» المدرجة على لوائح مجلس الأمن كمنظمة إرهابية، وتستخدم أهالي إدلب كدروع بشرية.
وطالبت سورية المجتمع الدولي، وخاصة المسؤولين الأوروبيين، باتخاذ موقف إنساني صادق، والتخلي عن أجنداتهم الاستعمارية الرخيصة على حساب معاناة السوريين، وإدانة السلوك العدواني للنظام التركي، ومتاجرته بمعاناة السوريين، وإرغامه على الالتزام بقواعد القانون الدولي الإنساني وإلزام المحتل التركي بوضع حد لسياساته ضد الشعب السوري، واحترام موجبات القانون الدولي الإنساني بحق حتى لا يكون هذا الموقف قناعاً لإخفاء الكذب والنفاق الذي أصبح سمة ملازمة للسياسات الغربية.