رغم تفعيل آليّة فضّ النزاع… مساعي بريطانيا لتحسين علاقاتها مع إيران..
بعد أيام من اجتماع فيينا «4+1» حول الاتفاق النووي، أعربت بريطانيا عن رغبتها في تحسين العلاقات الثنائية مع إيران، وذلك بعد فترة قليلة لخروج لندن من الاتحاد الأوروبيّ.
ورغم تفعيل بريطانيا آليّة فض النزاع ضد إيران، بالمشاركة مع فرنسا وألمانيا، جاء التوجّه الأخير على لسان متحدّث باسم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، وفقاً لما نقلت عنه وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا)
وقالت الوكالة إن «المتحدث الذي طلب عدم كشف اسمه، رداً على سؤال مكتوب لإرنا، أشار إلى مواقف حكومة بوريس جونسون بشأن مستقبل العلاقات بين بريطانيا وايران والاتفاق النووي واختلاف السياسة الخارجية للندن وواشنطن تجاه إيران».
وفي ظل ما يبدو من تقارب بين ترامب وجنسون، بات من الضروري الوقوف على السبب الذي قد يدفع بريطانيا لتوطيد علاقاتها مع إيران، ومدى إمكانية قبول طهران الأمر.
تقارب بريطانيّ
وأشار المتحدث باسم جونسون، إلى شحنة المساعدات الطبية لإيران من قبل الدول الأوروبية الثلاث لمواجهة كورونا، معتبراً أن «التعاون بخصوص مواجهة تفشي كورونا يظهر أننا ملتزمون بالعمل معاً في القضايا التي تثير لدينا قلقاً مشتركاً». وقال إن «قرار إيران الأخير بتخفيض التزاماتها قد أثار قلقا كبيرا بالنسبة لنا»، مضيفاً «أن الدول الأوروبية الثلاث المشاركة في الاتفاق ترغب بحل الاختلافات زاعماً أن هدفها هو الحفاظ على الاتفاق النووي قدر الإمكان وإيجاد حل دبلوماسي عن طريق التعاون مع جميع الأطراف، بما في ذلك إيران». وبشأن احتمال تنسيق لندن وواشنطن سياسياً ضد إيران بما يخالف سياسة الاتحاد الأوروبي، قال المتحدث البريطاني إن «السياسة الخارجية لبريطانيا لا تقوم على الاختيار بين أميركا والاتحاد الأوروبي أو غيرهما وإنما تقوم على أساس المصالح الوطنية».
وأشار إلى أن «هناك خلافاً بين أميركا وبريطانيا بشأن الاتفاق النووي مع إيران»، موضحاً أن «لندن أعلنت مراراً أسفها لخروج أميركا من الاتفاق»، لكنه أضاف وطبقاً لما أوضحه رئيس الوزراء جونسون: «إذا تمكنا في المستقبل أن نتوصل إلى اتفاق أفضل تدعمه أميركا فإن من الطبيعي أننا سنتحرّك بهذا الاتجاه». وحول سؤال عما إذا كانت بريطانيا قامت بمحاولات لثني أميركا عن إجراء حظر الدواء على إيران، قال «لقد أعلنا مراراً أننا نعارض سياسة الضغوط القصوى الأميركية على إيران، كما أن حكومة بريطانيا والى جانب شركائها الدوليين تحاول توسيع آلية إينستكس لإزالة بعض القيود عن التعامل المالي والتجاري مع إيران».
ضوء أخضر أميركيّ
من جانبه قال مصطفى الطوسة، المحلل السياسي المقيم في فرنسا، إن «مثل هذه الأخبار قد تكون بعيدة عن المصداقية، في ظل عدم ذكر اسم المتحدث باسم رئيس الوزارء، خاصة أن بريطانيا إذا أرادت إعلان موقفها أو تقاربها من أي دولة تتحدّث للعالم مباشرة».
وأضاف أن «بريطانيا كانت تمثل الصقور في الاتحاد الأوروبي قبل خروجها منه، وكانت تميل للسياسة الحازمة التي اتبعتها الإدارة الأميركية بفرض العقوبات، وكان في بعض الأحيان تفضل اللجوء لحرب عسكرية من أجل ردع إيران». وتابع: «هذه الأخبار ليست لديها أي مصداقية، بروبجندا
يمكن للنظام الإيراني أن يروّج لها مستغلًا فكرة البريكست وفك الارتباط السياسي بين الاتحاد ولندن، ولا أحد يتصور أن بريطانيا ستتخذ قرارات استراتيجية مخالفة للموقف الأوروبي».
واستطرد: «جونسون كان من بين الذين تحدثوا من قبل عن إمكانية التوصل لصفقة بين الإيرانيين والمجموعة الدولية يطلق عليها صفقة دونالد ترامب، فيها من التنازلات الإيرانية بطريقة غير مسبوقة».
وأكمل: «كيف يمكن لدبلوماسي كان يتصدر الأدوار الأولى في الحزم واللغة الصارمة مع إيران، أن يكون من بين الدول الأولى التي تريد تغيير علاقاتها مع إيران، أعتقد أن هذه الأخبار لا أساس لها من الصحة، مجرد تكهنات وسوء فهم ربما، أو في خانة البروباغندا التي يقوم بها النظام».
وأنهى حديثه قائلاً: «أعتقد أن بريطانيا في عهد بوريس جونسون لا يمكن أن تتخذ أي قرار استراتيجي تجاه أي ملف دولي خصوصاً إذا كان بقوة وحساسية الملف النووي بدون ضوء أخضر من أميركا».
شروط إيرانية
من جهته، قال عماد ابشناس، المحلل السياسي الإيراني إن «إيران تسعى لتقريب علاقاتها مع جميع دول العالم، وفي حال أرادت بريطانيا تحسين علاقاتها فإن القيادة في طهران ستكون مرحلة بذلك». وأضاف أن «هناك شروطاً يجب على بريطانيا القيام بها لتحسين علاقاتها مع إيران أهمها تنفيذ تعهداتها المتعلقة بالاتفاق النووي، ووقتها لن تمانع إيران في ذلك».
وأكد المحلل السياسي الإيراني أن «لندن عليها التخلّي عن وجهة النظر الأميركية، وألا تلتزم بالعقوبات المفروضة أو بسياسات ترامب التي يتبعها تجاه طهران».
وتابع: «عليها أن تكون ذاتها وتكون هناك سياسة مستقلة وواضحة لبريطانيا في تعامها مع إيران، أما إذا ظلت تلتزم بقرارات واشنطن فلا أتصوّر أن يكون هناك أي تقارب، أو حلحلة في ملف علاقات الدولتين».