تعليق سداد اليوروبوندز سلك طريقه والاتجاه إلى هيكلة الدين والمفاوضات مع حملة السندات خلال أسبوعين
كل الأنظار تتجه الى مفاوضات إعادة هيكلة الدين التي يفترض ان تبدأ بشكل رسمي بين لبنان وحملة سندات اليوروبوندز في غضون نحو أسبوعين، وذذلك بعد تعليق لبنان سداد الاستحقاقات وفي السياق، نشر موقع Arab Economic News بنود الورقة التي لم تتأكد مصادرها بعد، وتضمنت ضرائب ورسوماً جديدة، وخفض سعر الصرف اضافة الى تشريع الـ”هيركات” على مستوى معين من الودائع والـ”كابيتال كونترول”:
إعادة هيكلة الدين العام (الداخلي والخارجي) بصفر فائدة لمدة 3 سنوات.
إلغاء الفائدة الدائنة والمدينة لمدة 3 سنوات (السندات الحكومة، مصرف لبنان، البنوك، المودعين، المقترضين).
الإبقاء على دعم سعر الصرف لاستيراد القمح والأدوية والمشتقات النفطية وإعطاء الاولوية لاستيراد المواد الاولية للانتاج المحلي والصادرات.
تخفيض سعر الليرة الى 2000 بدل 1515.
تشريع capital control للودائع التي تزيد عن 100 ألف دولار لمدة 3 سنوات.
تشريع haircut بنسبة 20% – 30% للودائع التي تزيد عن 1 مليون دولار (رسملة الودائع ضمن مساهمي المصارف او اقتطاع الفوائد التي تراكمت خلال آخر 4 سنوات او تحويل جزء الى الليرة).
زيادة الضرائب على السلع الكمالية فقط.
إغلاق جميع المجالس والصناديق والهيئات والمصالح الحكومية غير الفاعلة.
تخفيض المصاريف الجارية في الدوائر الحكومية بنسبة 30 في المئة.
عدم المسّ برواتب الموظفين لأنها أصلاً انخفضت بفعل التضخم، بل تخفيض الامتيازات والمنافع المبالغ فيها لبعض الفئات.
وأكد رئيس الحكومة حسان دياب، أن الدين أصبح “أكبر من قدرة لبنان على تحمله، وأكبر من قدرة اللبنانيين على تسديد فوائد”، كاشفاً أن الاحتياط من العملات الصعبة “بلغ مستوى حرجاً وخطيراً، مما يدفع الجمهورية اللبنانية لتعليق سداد استحقاق 9 آذار من اليوروبوند، لضرورة استخدام هذه المبالغ في تأمين الحاجات الأساسية للشعب اللبناني. فكيف يمكننا أن ندفع للدائنين في الخارج واللبنانيون لا يمكنهم الحصول على أموالهم من حساباتهم المصرفية؟ كيف يمكننا أن ندفع للدائنين ونترك المستشفيات تعاني من نقص في المستلزمات الطبية؟ أو لا نستطيع تأمين الرعاية الصحية للناس؟ كيف يمكننا أن ندفع للدائنين وهناك أناس على الطرقات ليس لديهم المال لشراء رغيف خبز؟ لبنان، بلد يحترم التزاماته. لكن في ظل الوضع الراهن، الدولة غير قادرة على تسديد الاستحقاقات المقبلة.
وقال أكثر من 50 دولة تخلّفت قبلنا عن سداد ديونها، والدول التي طبّقت الإصلاحات اللازمة، تعافت، وهو ما نحن مصمّمون على فعله، على الرغم من أن لبنان يعاني ثلاث أزمات متلازمة هي: أزمة العملة، وأزمة المصارف، وأزمة الديون السيادية.
وذكر أن قرار تعليق الدفع “هو اليوم، السبيل الوحيد، لوقف الاستنزاف وحماية المصلحة العامة، بالتزامن مع إطلاق برنامج شامل للاصلاحات اللازمة، من أجل بناء اقتصاد متين ومستدام، على أسس صلبة ومحدثة”.
وأعلن أن “الدولة اللبنانية، ستسعى إلى إعادة هيكلة ديونها، بما يتناسب مع المصلحة الوطنية، عبر خوض مفاوضات منصفة، وحسنة النية، مع الدائنين كافة، تلتزم المعايير العالمية المثلى”، مشيراً إلى أن ذلك يحتاج “حتماً لتدابير صعبة”.
وقال دياب في كلمته لقد أدّى تدني مستوى الاحتياطي بالعملة الصعبة، إلى مزيد من الضغوط على العملة الوطنية مما حد من إمكانية حصول اللبنانيين خلال هذه الفترة على ودائعهم بالعملة الأجنبية لدى المصارف، بينما تنامى سوق موازية لسعر صرف الدولار الأميركي بالعملة الوطنية. وبحسب تقديرات البنك الدولي، فإن أكثر من 40% من السكان قد يجدون أنفسهم قريبا تحت خط الفقر.
لماذا وصلنا الى هذه الحالة؟
السبب الأول، إن النموذج الاقتصادي الذي أرسته السياسات السابقة، أثبت عجزاً، خصوصاً لجهة عدم قدرته على تحفيز الاستثمار، وخلق فرص عمل، فآثر قسم من اللبنانيين الريع على الإنتاج، بينما كانت الدولة عالقة في دوامة العجز فالاستدانة اللامتناهية. واقع اليوم أن كل ألف ليرة من إيرادات الدولة، يذهب أكثر من 500 ليرة منها لخدمة الدين، بدل صرفها على الصحة، والتعليم، والبنية التحتية. هذا النهج غير مستدام، ولا يمكن أن يستمر، خصوصاً أن لبنان بات اليوم على مشارف أن يصبح البلد الأكثر مديونية في العالم نسبة إلى حجم الاقتصاد. أدى ذلك إلى تحول القطاع المصرفي عن دوره الأساسي كمؤثر وممول في الدورة الاقتصادية أساساً، إلى وسيط، يعمل من جهة على استقطاب الودائع بفائدة مرتفعة تجاوزت على الدولار 5 إلى 10 أضعاف ما تقدمه المصارف الأخرى في العالم، ومن جهة أخرى يقرض الدولة بسعر فائدة أعلى. وادى ذلك الى تضخم ميزانيات المصارف والمصرف المركزي، بشكل أكبر بكثير من حاجتنا الى توفير تمويل للاقتصاد، وكبّده أكلافاً باهظة. هذا النموذج غير منصف إطلاقاً، إذ تستفيد منه أقلية وتتضرر الأكثرية. من كل ألف ليرة مودعة في المصارف، يتم استثمار حوالي 300 ليرة على الاقتصاد الحقيقي. الاقتصاد اللبناني غير منتج بشكل كافٍ، ما يدفعه لاستيراد 80% من السلع والخدمات التي يستهلكها، وبالتالي نحن نواصل إنفاق الدولارات أكثر من جذبها.
السبب الثاني: أنهك الفساد والهدر كاهل الدولة، ففرض نفسه في السياسة، والاقتصاد، والادارة العامة، وشتى مجالات الحياة اليومية. كان الفساد في البداية خجولاً، ثم أصبح جريئاً، وبعد ذلك صار وقحاً، إلى أن أصبح فاجراً، وجزءاً رئيساً من مكونات الدولة والسلطة والمجتمع. لم يعد ممكنا بعد اليوم الاستمرار بالاستدانة لتمويل واقع الفساد. حان الوقت لنستعيد السلوك الأخلاقي في حكومتنا، واسترجاع الثقة بدولتنا.
أما العامل الثالث فيتمثل بتداعيات الحروب والنزاعات، خصوصاً ما تسببت به لجهة خنق الرئة الاقتصادية للبنان، وأضيف إليها تحمله أعباء النزوح الكبير.
ولفت الى ان هذه الحكومة، انصرفت منذ ولادتها قبل أقل من شهر، على صياغة برنامج إصلاحي يرتكز على: معالجة الدين، من ضمن برنامج الحكومة الاصلاحي الذي يهدف إلى إعادة الثقة ببلدنا، وتنفيذاً لبياننا الوزاري، لا سيما الإجراءات التي وعدنا بها خلال فترة المئة يوم الأولى. تتصدر إعادة التوازن الى المالية العامة، سلم أولوياتنا. فإذا أردنا تحرير أنفسنا من عبء الدين، لا يجوز أن ننفق أكثر مما نجني. سينجح لبنان في تأمين خفض الإنفاق عبر إجراءات طال انتظارها، منها الإصلاح في قطاع الكهرباء. وستحقق خطة التغويز التي اعتمدتها حكومتنا وفراً يصل إلى أكثر من 350 مليون دولار في العام. كذلك فإن هذا البرنامج الإصلاحي سيؤمن موارد إضافية، تستفيد منها قطاعات الصحة، والتعليم، والبنية التحتية، وتهدف إلى خفض النفقات.
طلبت من السادة الوزراء، اقتراح إصلاحات ليصبح نظامنا الضريبي أكثر إنصافاً. ونتعهّد بالوقوف سداً منيعاً في وجه التهرب الضريبي، مع زيادة مستوى الجباية وفعاليتها. كذلك، سنطلق شبكة أمان اجتماعي لحماية الطبقات الأكثر فقراً.
لقد باشرنا بإعداد استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد. وقريباً، ستبصر اللجنة المختصة النور، وستكون مزوّدة بالصلاحيات والاستقلالية اللازمة للقيام بمهامها. وبما أن الشفافية هي الطريقة الفضلى لمكافحة الفساد، فقد تقدمت هذه الحكومة، بعد ثلاثة أسابيع فقط من نيلها الثقة، بمشروع قانون يرمي إلى رفع السرية المصرفية عن كل من تولى ويتولى الشأن العام. كذلك، بدأ إصلاح النظام القضائي من خلال التشكيلات القضائية التي أعدّها مجلس القضاء الأعلى، ويجري العمل على مشاريع قوانين لتحسين ظروف التجارة والأعمال، وإيجاد مناخ يشجع على الإستثمار والنمو. وستساعدنا هذه الإجراءات، على الانتقال من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد المنتج. لبنان الغد سيرتكز أكثر وأكثر على الزراعة والصناعة والمعرفة والتكنولوجيا، إضافة الى قطاعاته التقليدية في التجارة والسياحة والخدمات.
سنعمل كذلك، على تطوير قطاعنا المصرفي. فنمو اقتصادنا وريادة الأعمال لا يمكن أن يتحقق من دون دعم المصارف. لكننا، في الوقت عينه، لا نحتاج قطاعاً مصرفياً يفوق بأربعة أضعاف حجم اقتصادنا.
لذا، يجب إعداد خطة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي
سمعت الكثير من الهواجس المتعلقة بالمودعين. لا نزال نقيم الخيارات المطروحة أمامنا وهي عديدة. لكن دعوني أكون واضحاً: سنعمل على حماية الودائع في القطاع المصرفي، خاصة ودائع صغار المودعين، الذين يشكلون أكثر من 90% من إجمالي الحسابات المصرفية. وقال دياب في الوقت الراهن، علينا وقف النزيف المالي. سوف نقدم قريباً مشروع قانون خاص بتنظيم العلاقات بين المصارف وعملائها، لتصبح أكثر عدلاً وإنصافاً. وشدد على أن خطة العمل ستغير شكل مستقبلنا الاقتصادي والمالي. والحكومة ملتزمة بذلك. وأنتهز هذه الفرصة، كي أؤكد من جديد لشركائنا الدوليين التزام الحكومة اللبنانية، برؤية الاستقرار والنمو المقترحة في مؤتمر سيدر. الإصلاحات التي تم التوافق عليها في المؤتمر، ستطبق لأنها ضرورية لإعادة إطلاق عجلة الاقتصاد، وتحقيق الازدهار للشعب اللبناني. هذه الإصلاحات، هي أيضاً مهمة لإعادة الثقة، والدعم، من أشقائنا العرب، ومن المجتمع الدولي. إن إعادة هيكلة الدين والإصلاحات الجريئة في صلب هذه الخطة، تستغرق وقتاً وجهداً، وتحتاج حتماً لتدابير صعبة.
وكان مجلس الوزراء قبيل كلمة دياب اجتمع من دون أن يصدر عنه أي بيان أو مقررات. وعقد أيضاً اجتماع اقتصادي مالي في قصر بعبدا، برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وحضور رئيس مجلس النواب نبيه بري، رئيس الحكومة حسان دياب، نائبة رئيس مجلس الوزراء وزيرة الدفاع زينة عكر، وزيري المال غازي وزني والاقتصاد والتجارة راوول نعمة، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، رئيس جمعية المصارف سليم صفير والمدير العام لرئاسة الجمهورية انطوان شقير والمستشارين شربل قرداحي، احمد جشي وجورج شلهوب.. وعُرضت في الاجتماع الأوضاع المالية والظروف المحيطة قبل تاريخ استحقاق سندات “اليوروبوند” والتي تم تداولها ومناقشتها خلال الاجتماعات واللقاءات المتتالية التي انعقدت برئاسة رئيس مجلس الوزراء مع حاكم مصرف لبنان ورئيس جمعية المصارف، وفريق عمل من الاختصاصيين والخبراء والاستشاري المالي (Lazard) والاستشاري القانوني (Cleary Gottlieb Steen & Hamilton) والاستشاري في مجال التواصل (Highgate)المتخصصين بإدارة الديون السيادية.
واستناداً إلى الخيارات والتصورات المتاحة قرر المجتمعون بالإجماع الوقوف إلى جانب الحكومة في أي خيار ستعتمده في مجال إدارة الديون، باستثناء دفع الديون المستحقة. مع الاشارة إلى أنه تم التركيز على اعتماد وتنفيذ الخطة الشاملة المتكاملة، المبنية على إصلاحات مالية وإدارية ومصرفية تتزامن معها خطة نهوض اقتصادية واجتماعية، مثلما وردت في البيان الوزاري.
وغرّد المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش عبر حسابه على تويتر قائلاً: الكلام الصريح لرئيس الوزراء حسان دياب حول فشل النموذج الإقتصادي السابق يفتح المجال أمام الخروج من الأزمة. أشجع الدائنين على العمل مع الحكومة لتفادي التخلف عن السداد غير المنظم بعد تعليق دفع سندات اليوروبوند التي تستحق في 9 آذار التي تمليها حالة البلاد الحرجة.