«كورونا» والحرب البيولوجية ضدّ إيران
} د. حسن مرهج
بعيداً عن نظرية الشبهات التي حوّلت إيران إلى مُصدّر لفيروس «كورونا» لجُلّ وجهات العالم، إلا أنّ المقاربة التي دفعت بالكثيرين إلى إظهار إيران كبلد موبوء، لم يعتمدوا في مقاربتهم على مُنطلق موضوعي علمي، إلا انّ مقاربتهم تلك، انطلقت من باب العداء لإيران، والمضيّ قُدماً في مسار شيطنتها سياسياً وعسكرياً والآن صحياً.
الحقيقة المُطلقة هي أنّ إيران مثلها مثل دول كثيرة، انتشر فيها فيروس «كورونا»، وتحوّل هذا الوباء إلى تهديد عالمي تُدقّ أجراس الخطر ضدّه.
ووفقاً لتقرير نشرته مجلة «ذا أتلانتيك» الأميركية جاء فيه أنّ انتشار فيروس كورونا بات على وشك أن يتحوّل إلى وباء يتهدّد العالم، ويرجّح أن يصيب ما بين 40 إلى 70 في المائة من سكان الكرة الأرضية.
« تسييس كورونا» بات واضحاً ضدّ إيران، فالتركيز العالمي على هذا الفيروس وتحديداً في إيران، يقودنا مباشرة إلى البحث في ماهية التعاطي مع مستجدات هذا الفيروس في إيران، والتركيز فقط على تزايد أعداد المصابين، دون لفت النظر إلى حالات الشفاء التي طالت الكثيرين وبأزمان قياسية، فضلاً عن الإجراءات الوقائية التي اتبعتها الجمهورية الإسلامية، إضافة إلى برامج التوعية والمشافي المتنقلة التي جابت البلاد، وعطفاً على بناء مشافي جديدة واستقدام أجهزة طبية متطوّرة من الصين وروسيا. هذه المُعطيات لم يقرأها الغرب عموماً، بل على العكس تجاهلها ليصبّ تركيزه ضدّ إيران ذات الدور الإقليمي الفاعل والمؤثر.
في سياق تسييس كورونا وكيل الاتهامات لإيران لجهة مسؤوليتها عن انتشار الوباء، نشر موقع «Zvezda» الروسي، الذي تموّله وزارة الدفاع، مقالاً في أواخر الشهر الماضي، تحت عنوان «فيروس كورونا: الحرب البيولوجية الأميركية ضدّ روسيا والصين وإيران»، حيث يبدأ المقال بعرض بعض الخسائر التي تعرّض لها الاقتصاد الصيني بسبب «كورونا»، ليدعم أدلته بشأن «المؤامرة الأميركية»، مُضيفاً «ذلك يهدف إلى إضعاف بكين في الجولة المقبلة من المفاوضات التجارية مع واشنطن».
وبعدها، تستعرض المادة الجدال القائم بشأن الشكوك الروسية حول وجود مختبرات الأبحاث البيولوجية الأميركية في عدد من الدول، مثل جورجيا وأوكرانيا وأوزبكستان، على الرغم من توقيع أميركا اتفاقية جنيف بشأن الأسلحة البيولوجية في 1975. وأضافت «هذه المختبرات تخبّئ وراءها نية خبيثة، لا سيما بعد انتشار تقارير مفادها أنّ المختبر الحيوي الأميركي في جورجيا قد اختبر أسلحة بيولوجية قاتلة على مواطنين جورجيين»
ونوّه التقرير في سياق سرده للكثير من الحقائق، إلى أنّ واشنطن عملت على هذا السلاح البيولوجي وفق آلية لانتقاله إلى إيران، بُغية إنهاكها اقتصادياً ومحاولة عزلها بالكامل عن محيطها، فضلاً عن رغبات أميركية تتمحور حول إحداث شرخ بين الشعب الإيراني وحكومته، حيال الترويج بأنّ الإجراءات الصحية التي اتخذتها إيران لم تكن كافية لاحتواء كورونا، وبأنّ طهران هي المسؤولة عن تفشي الوباء محلياً في الداخل الإيراني وكذا عالمياً.
في هذا الإطار يحضر قوياً تصريح زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي الروسي فلاديمير جيرينفوسكي لمحطة إذاعية في موسكو، أنّ «كورونا» فيروس يقف خلفه البنتاغون بمساعدة شركات الأدوية بهدف «خلق أوبئة محلية يمكن أن تُدمّر مجموعة مختارة من السكان دون الانتشار في دول أخرى». واللافت أيضاً أنّ السياسي الروسي إيغور نيكولين، أوضح لعدد من المنابر الإعلامية، أنّ المختبرات الأميركية المُنتشرة حول العالم تقوم بجمع ومعالجة المواد الوراثية للسكان الروس والصينيين والإيرانيين من أجل تطوير فيروس – مُحدّد عرقياً – يستهدف شعوباً معينة فقط.
الرئيس الإيراني حسن روحاني قال إنّ التقارير الطبية تشير إلى أننا وصلنا إلى مرحلة السيطرة على انتشار فيروس «كورونا»، وقال روحاني إنّ الوضع في البلاد سيعود إلى حالته الطبيعية، وحذر مما وصفه بترويج إشاعات حول انتشار فيروس كورونا في إيران، مؤكدا أنّ «مخططات الأعداء تهدف إلى تعطيل البلاد، من خلال بث الخوف في المجتمع بسبب الفيروس».
في المحصلة، يبدو واضحاً أنّ الحرب البيولوجية الأميركية ضدّ إيران، هي سلسلة من الحروب التي تُشن ضدّ الدولة التي لم ترضخ يوماً للولايات المتحدة. فبعد الحرب الاقتصادية الهادفة أولاً وأخيراً إلى خنق الشعب الإيراني للخروج ضدّ حكومته، تقوم واشنطن بتركيز سلاحها الإعلامي ضدّ إيران لا سيما بعض إعلام الخليج، متناسين عمداً العديد من الحالات في دولهم، وهذا يؤكد بشكل واضح، أنّ انتصارات إيران لم تقتصر على النواحي السياسية والعسكرية والاقتصادية، بل سيستمر نجاحها على الصعيد الصحي، خاصة أنّ إيران ورغم العقوبات عليها، إلا أنها تتميّز بتطوّر قطاعها الطبي وهو ما جعلها مركزاً لاستقطاب وتوافد سكان المنطقة للعلاج والتداوي فيها. وما هي إلا أيام قليلة وسيتمّ احتواء «كورونا» في إيران بجهود كادرها الصحي… وانتظروا…