لنبدأ أولاً بتحصيل الأموال المنهوبة
} عمر عبد القادر غندور*
بلغ الوضع الاقتصادي في لبنان حافة الانهيار الكامل بينما الاجتماعات الماراتونية تتواصل بين الأفرقاء في جعجعة من غير طحين؟ بين زخم وتراجع ومصادمات لا تغيّر من الواقع شيئاً، ولم نتحدث عن فيروس «كورونا» الذي هو ربما أقلّ عدائية من فساد طبقتنا السياسية الحاكمة.
ومن مظاهر هذا الفساد وأخطره المال المنهوب الذي يُقدّر بالمليارات من الدولارات، ولو اشتغل المهتمّون بهذا الملف كأولوية، لاستغنوا عن الخوض في مأزق اليوروبوندز، وباستطاعة الدولة حينذاك ان تدفع استحقاقاته.
بالأمس أصدر المدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم قراراً تحفظ فيه على أصول 21 مصرفاً، ووضع إشارة عليها وعلى مجالس الإدارة تمنع التصرف بأملاك وموجودات هذه المصارف. وبقدر ما لاقى هذا القرار من ارتياح في الشارع، كانت له تداعيات تمسّ العلاقة بين هذه المصارف ومراسليها في بنوك الخارج وهو ما لا ينبغي الوقوع فيه، ولذلك أصدر مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات قراراً جمّد فيه قرار المدعي العام المالي بحجة أنّ القرار يحتاج طلب خطي من حاكم مصرف لبنان، وهو أمر لم يحصل؟ وبدوره استغرب المدعي العام الضجة المضخّمة وقال: اتخذت القرار بعد تحقيقات مع هذه المصارف التي تحتجز أموال المودعين وتخالف قانون النقد والتسليف.
وفي قناعتنا انّ المدعي العام المالي وهو الحاذق والمتمكّن في عمله لم يتقدّم بطلب خطي من حاكم مصرف لبنان لأنّ الحاكم لم يردّ على الكتب المرسلة اليه من الحكومة ومن النواب، ولن يردّ على المدعي العام المالي! وهذا استنتاجنا، وربما في هذه الحالة ان يكون المصرف المركزي والمصارف أعظم شأناً من الدولة وهذا ما تثبته الوقائع.
رغم ذلك نردّد المثل القائل: «ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل»، ورغم ضآلة هذا الأمل، نأمل من مجلس الوزراء الذي لا نشكُّ في نواياه الصادقة وجرأته أن يُوفّق الى اتخاذ القرارات الجريئة الناجعة واجتراح المخارج للأزمة النقدية مقدّمة لمعالجة بقية الأزمات مع الدعاء بطول العمر.
*رئيس اللقاء الاسلامي الوحدوي