أردوغان وأحلامه في إدلب في مهبّ رياح الجيش السوري
} د. حسن مرهج
كثيرة هي مناورات رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان حيال إدلب؛ مناورات سياسية وعسكرية يُحاول عبرها أردوغان، الحصول على مُنجز يُمكنه من تحقيق ورقة قوة في المفاوضات التركية الروسية حيال إدلب.
في المقابل، الواضح أن المناورات الروسية تجاه تركيا، إنما تأتي في إطار العميلة الإضافية لتقليم أظافر أردوغان في سورية، بعد منجزات الجيش السوري، واتساع مروحة إنجازاته التي تحققت على مدار الأيام الماضية.
في جانب آخر، الحسابات الأميركية حيال إدلب تمتاز بالتعقيد، فـ واشنطن حضرت نُسخ أستانا بصفة مراقب، ما يعني أنّ واشنطن لا تُريد دعم تركيا بالمطلق في إدلب، ولو أرادت الولايات المتحدة ذلك لفعلت منذ البداية، فالدور الأميركي بقي مُصراً على عدم التدخل بشكل مباشر إلى جانب تركيا في سورية، لكن في ذات التوقيت، هناك إدراك أميركي كامل بأنّ عمليات الجيش السوري واستمراريتها، يضرّ بشكل مباشر الوجود الأميركي اللا شرعي على الجغرافية السورية.
وعليه، فإنّ واشنطن تدفع النظام التركي لهندسة المفاوضات مع روسيا، بما يُناسب المصالح الامريكية، وفي الوقت ذاته واشنطن لا تريد الظهور في المشهد بخصوص إدلب، لوجود ملفات أكثر أهمية بالنسبة لها. ما يعني المزيد من الغرق التركي في الجغرافية السورية، وهذه بداية نهاية الرجل الأحمق أردوغان.
المشهد الآن في إدلب يُحقق تفوّقاً سورياً وبالمعايير كافة، ما يعني سحب كلّ الامتيازات من تركيا وأدواتها الإرهابية، وحشّرهم في زاوية الأمر الواقع، فالجيش السوري مُستمر بتحقيق المُنجزات، شاء من شاء وأبى من أبى.
ضمن الوقائع الميدانية، فإنّ التصعيد العسكري مُستمر في إدلب، خاصة مع استمرار تركيا باستقدام تعزيزات عسكرية، وتوزيعها ضمن نطاق عسكري خارج إطار تفاهمات سوتشي، وتصرّ تركيا والفصائل الإرهابية على تحقيق خرق في هذه التفاهمات، سعياً منها لوضع موطئ قدم لها ضمن منطقة استراتيجية من شأنها تغيير المعادلة السياسية، وإعادة الإشراف على الطريقين الدوليين اللذين خسرتهما تركيا نتيجة مماطلتها وعدم تنفيذ تعهّداتها وفق اتفاقية سوتشي.
المفاوضات الروسية التركية مُستمرة لكن بوتيرة منخفضة، فالاستراتيجية الروسية وإن كانت تعتمد في بعض منها، على احتواء تركيا وتفهّم هواجسها، إلا أنه لا يمكن بأيّ حال من الأحوال، أن تعبث روسيا بأسس العلاقة الاستراتيجية مع سورية، كما أنّ روسيا تُدرك بأنّ تركيا لا تزال أطلسية الهوى، وبالتالي فإنّ حالة الكباش السياسي وفي بعض منه كباش عسكري، ينطلق من قدرة الدولة السورية على تطويع نتائج الميدان السوري، بما يتناسب ومصالح حلفاء سورية، يؤسّس لواقع لا يُدركه أردوغان، خاصة أنه قد تجاوز خطوط السيادة السورية، وحاول عبر تحالفه مع روسيا، استثمار التفاهمات السياسية وترجمتها توسع وقضم الجغرافية السورية، وهذا ما لا ترتضيه سورية أولاً ومن ثم روسيا.
في الأثناء، واصلت تركيا تحركاتها السياسية طارقة أبواب البيت الأبيض وحلف شمال الأطلسي، طالبة الدعم العسكري للقوات التركية في سورية، إلا أنّ حلفاء أردوغان يدركون أنّ العبث مع روسيا مُكلف جداً، ليأتي الردّ الأميركي والأطلسي مقتصراً على عبارات الدعم المعنوي، وبذات التوقيت طالباً من كلّ الأطراف سورية ضبط النفس، ما يعني تعميق جراح أردوغان ونقاط ألمه، وإبقاءه وحيداً على شجرة أوهامه، الأمر الذي سيجبره على الانصياع لروسيا والتأسيس لمرحلة جديدة معها، لكنها مرحلة ممهورة بتوقيع الدولة السورية وانتصارات جيشها.
في المحصلة، يبدو واضحاً أنّ رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، أدرك متأخراً أنّ إمكانية تطبيق مشروعه العثماني في سورية، قد أصبح من الماضي، ويدرك أيضاً تداعيات انكساره في سورية على صعيد الداخل التركي، كما أنّ سياساته الخارجية ذات التوجهات العدائية ضد جُلّ الأطراف الإقليمية والدولية، باتت عاملاً سيُسرع من سقوطه الحتمي، وباتت نهاية الرجل الأحمق قاب قوسين أو أدنى، فهل يُسارع أردوغان لتعديل موقفه وطرق أبواب دمشق؟
هذا ما ستكشفه الأيام القادمة، والتي ستكون حُبلى بالمزيد من المنجزات الاستراتيجية للدولة السورية وجيشها.