في البعد الميدانيّ لا يمكن الفصل بين إنجازات الجيش السوري وانتصاراته من جهة، ودعم الحلفاء الصادق والموثوق والمستدام من جهة مقابلة، خصوصاً حجم البسالة والشجاعة والتضحية التي تظهرها تجربة حزب الله وفصائل المقاومة وأهمها في معركة سراقب التي كانت الضربة القاضية لطموحات وأطماع وعنجهيّة الرئيس التركي رجب أردوغان، بالتوازي مع حجم العزيمة التي يُظهرها الحليفان الروسي والإيراني بكل أشكال الدعم والمؤازرة المادية والمعنوية وصولاً للإحاطة التفاوضية الصلبة لتظهير الانتصارات العسكرية في السياسة.
المسألة في السياسة تقع في مكان آخر، حيث لا مشروع جذرياً للمقاومة عنوانه المواجهة مع مشروع تركي، وسقف مطلب المقاومة هو حماية مشروع الدولة السورية كقلعة للمقاومة، ومنع أحلام التقسيم التي عبث عبرها الأميركيون بالعقول التركية والكردية للعبث بسورية وتغطية وجودهم، وبالتوازي لا مشروع لدى روسيا وإيران بكسر تركيا بل إن جوهر مشروعهم وفقاً للحسابات الدولية والإقليمية هو احتواء تركيا واعتماد سياسة المطرقة والسندان معها، بتظهير استحالة تحقيق أحلام أردوغان وأطماعه وتدفيعه ثمن العناد على تحقيقها غالياً؛ وبالمقابل فتح الباب لتراجعه عندما يستوعب الدرس للعودة إلى الصف، لأن الرؤية الروسية الإيرانية للمدى الجيواستراتيجي لغرب آسيا يشتغل منذ سنوات على احتواء تركيا وإبعادها أكثر فأكثر عن المحور الأميركي وزرع الشكوك بينها وبينه على طرفي العلاقة.
الجهة الوحيدة التي تخوض صراعاً على جوهر المشروع مع تركيا هي الدولة السورية، وهي الجهة الوحيدة التي يتوقف على تموضع الرئيس التركي على أرضية مشروعها ضمان استقامة واستقرار الأوضاع بين تركيا والمحور الروسي الإيراني، وإذا كان ممكناً القول إن هزيمة مدوية لحقت بالرئيس التركي، فإن ذلك قد حدث لحساب الدولة السورية، وأمام جيشها، وخرج الرئيس السوري بشار الأسد منتصراً، حيث يتحوّل دور الحلفاء إلى عنصر مساندة لا يبحث عن نصره الخاص وليس لديه مشروعه الخاص.
لذلك بالمعنى السياسي والاستراتيجي هناك منتصر ومهزوم في حرب إدلب والمنتصر هو الدولة السورية ومشروعها، والمهزوم هو مشروع العثمانيّة الوهميّ الذي يسعى إليه أردوغان وباقي الحلفاء هنا وهناك هم حلفاء.
هُزم أردوغان أمام الأسد في جولة حاسمة مؤجّلة منذ عشر سنوات.