تحية إلى المغترب اللبناني في عيده
} علي بدر الدين
يزدحم شهر آذار من كلّ عام بالأعياد والمناسبات الاجتماعية والسياسية… قد يكون ذلك لأنه احتضن وكرّم ودعم المرأة والأم والطفل والمعلّم والمغترب، لكن الأسوأ في هذا الشهر هو اقتحام فيروس «كورونا» حياة اللبنانيين وسرعة انتشاره وحرمانهم من الاحتفال والبهجة وتبادل التهاني والتبريكات والهدايا وقد اقتصرت على توجيه التحايا والإشادة وعبارات التدجيل والتبجيل والتقدير لشرائح واسعة من المعنيين بها.
وحده المغترب اللبناني لم ينل حصته من الترحيب والتهاني والعواطف الجياشة، وبدا كـ يتيم فقد الأب والأم وكأنه مقطوع من شجرة، أو أنه مصاب بعدوى «كورونا» والمسؤول عن انتشاره وإلا ما هو تفسير ومبرّر الجهات السياسية والرسمية المعنية في الدولة لعدم تذكّر هذا اليوم الاغترابي الوحيد، وأقله إصدار بيان تحيه للمغتربين الذين هم ثروة لبنان الحقيقية وخط الدفاع الأول عن اقتصاده ولم يتخلوا عنه في أصعب الأزمات وباعتراف الجميع فإنّ تحويلاتهم المالية الى المصارف وعوائلهم شكلت صمّام الأمان للنهوض الاقتصادي والاستقرار المالي، وهكذا ايقنوا واعتقدوا ولم يساورهم أدنى شك انّ المصارف بتغطية او تواطؤ مع الطبقة السياسية الحاكمة تتاجر بها وتسطو عليها وتبدّدها خدمة لمصالحها وتراكم ثرواتها.
انّ قرار إحياء اليوم العالمي للمغترب اللبناني أصدره مجلس الوزراء في جلسة عقدت بتاريخ 4/10/2000 في نهاية ثاني أسبوع من شهر آذار من كلّ عام.
هذا القرار لم يأت من فراغ ولا لإرضاء طائفة او مذهب او حزب، ولم يصدر على الطريقة اللبنانية المعهودة في تقاسم الحصص في هذا الموقع او ذاك، بل عن سابق إصرار واعتراف بما قدّمه المغتربون لوطنهم والعالم. انه عربون وفاء وتقدير وتكريم لهم كما نص القرار على إقامة تمثال المغترب في الوطن الأم وفي دول تواجدهم.
وكان المغتربون في لبنان والعالم يحتفلون في هذا اليوم أمام تمثال المغترب، غير انّ هذا العام وخاصة في لبنان هو الاسوأ والأصعب اقتصادياً ومالياً وسياسياً ومصرفياً والدولة بحكوماتها ومؤسساتها ومن خلفها الطبقة السياسية الحاكمة أوقعوا البلد في المحظور وحاصرته الأزمات وشتته المصالح وتقاسم الحصص وتوزيعها، ولا وقت لديهم للبنانيين المقيمين والمغتربين الذين يعانون من الإهمال والحرمان والفساد المستشري ومصادرة الحقوق والسطو على أموالهم في المصارف مع الإذلال وهدر الكرامات وتحويلهم الى فقراء وهم أثرياء ينتظرون ساعات في المصارف للحصول على مبلغ زهيد وقد حرمتهم من حقهم إلا من زيارة المصرف والوقوف على أطلال أموالهم وإبلاغهم انها في مأمن ولا داعي للهلع مع انّ الآتي لا يبشر بخير.
هذا الجانب المظلم الذي يضغط على المغتربين يقابله جانب مضيء يتمثل بما أنجزته الجامعه اللبنانية الثقافية في العالم ورئيسها العالمي عباس فواز، وخاصة لجهة توحيد الجامعه وتفعيلها، وقد نجح في وقت قياسي في إعادة الروح والحياة والفعل إليها، وعادت لتأخذ دورها الوطني والاغترابي المطلوب، فيما يؤكد رئيسها في غير مناسبة أنه لن يألو جهداً حتى يتحقق حلم الوحدة الكاملة وجمع شمل المغتربين بعيداً عن المصالح والحسابات الضيقة أياً تكن متجاوزاً أيّ استهداف او عرقلة يحاولها البعض المتضرّر من هذه الوحدة التي قد تحرمه موقعاً او عنواناً مع أنه يصرّ ويعمل من أجل دعوة الجميع إلى الحاضنة الشرعية الوحيدة المتمثلة بالجامعة والى عصر بدايتها الذهبي.
انّ فواز لم ينس إحياء اليوم العالمي للمغترب اللبناني بدعوته المغتربين إلى لقاء تكريمي في هذه المناسبة برعاية وزير الخارجية والمغتربين الدكتور ناصيف حتي، لكن «كورونا» ومخاطره فرض تأجيله إلى موعد لاحق.