«كورونا» في زمن الجياع: اللبنانييون ودرب الجلجلة
} زياد العسل
يطلّ يومياً العشرات من المحللين السياسيين والباحثين في الأيديولوجيا والفكر والإقتصاد وغيره، محاولين قدر المستطاع الإضاءة وإعطاء فكرة عن واقع مرّ يختبره اللبناني الذي بات عاجزاً عن وصف همومه ومآسيه وتردادها، فهذا يعيد المشكلة للنظام السياسي وذلك للسرقة والأموال المنهوبة وذاك للصراع الإقليمي الذي تدور صولاته وجولاته في شتى بقاع الأمة، والذي ينعكس بشكل واضح وصريح على لبنان، الذي بات منذ ردح طويل من الزمن مكاناً جاهزاً لاستيراد كلّ الصراعات المحلية والإقليمية، إضافة لعشرات المشاكل الإقتصادية والبنيوية التي تفتك به يشكل يومي جراء سياسيات منذ التسعينيات ولغاية ليوم لم تبق فرصة للإنقاذ سوى معجزة إلهية تعيد ترميم ما كُسر وما تبخّر من حلول وفرص للمعالجة.
اليوم يشكل وباء كورونا مادة الحديث اللبناني والعربي والعالمي على حدّ سواء لأنه طال أكثر من ثمانين دولة حول العالم، بعضها بدأ يتمكن من علاجه وتطويقه والبعض الآخر ما زال عاجزاً عن ذلك، كحال الدولة اللبنانية التي تقرّ وتعترف في أماكن عديدة بعجزها وعدم قدرتها على الاستمرار والتخوّف من عدم القدرة على حماية الشعب المغلوب على أمره، والذي يموت عشرات المرات يومياً، انْ بالكورونا وانْ بالجوع أو بالبطالة أو بسواها من مزايا هذا النظام السيّئ الذكر.
ولكن المثل الشعبي يقول «لا تنام بين القبور لكي لا ترى منامات موحشة»، فمن هنا تكمن مسؤولية الإنقاذ الأولى علينا لناحية عدم الإختلاط والتخفيف من الزيارات الإجتماعية والذهاب للمناسبات العامة هذه المدة، إضافة للتعقيم، والتبليغ عن أيّ حالة يشتبه بها في المحيط السكني والإجتماعي الذي نعيش فيه، والإصابة ليست عاراً او عيباً بل هي شأن بديهي يمكن ان يصيب أيّ إنسان بغضّ النظر عن الزمان والمكان والإجراءات الوقائية، وتحديداً هذا المرض الذي لا تظهر عوارضه قبل أربعة عشر يوماً بعد الإصابة، إضافة لمعرفتنا الوثيقة بعدم قدرة الدولة على علاج الحالات الكثيرة التي يحتمل ان تصاب نظراً لعدم وجود مواد أولية وأجهزة مختصة في هذا الإطار.
اضافة لهذا المشهد تتخوّف مصادر متابعة للوضع اللبناني من اندلاع ثورة جياع في الأشهر المقبلة جراء الوضع الإقتصادي والنقدي والإجتماعي الخطير الذي وصل اليه اللبنانيون، حيث تؤكد المعطيات أنّ نصف الشعب اللبناني أضحى تحت خط الفقر إضافة لحوالى النصف أيضاً من الشباب اللبناني الذي أجبر على مغادرة عمله جراء الظروف القائمة.
أمام هذا المشهد القاتم يبقى السؤال الذي يدور في الشارع اللبناني وعلى ألسنة المتعبين والمعوزين هو كيف سيكون شكل الأيام المقبلة؟ وهل من عمل جدي للوقاية من كورونا والحدّ من انتشارها، وهل من فرصة حقيقية للإنقاذ أم ان لا بديل عن لغة الشارع التي يمكن لها في لحظة الجوع أن تفجر الوضع العام بشتى أبعاده وأن تنقل البلاد لنهج ومسار آخر؟