انهيار البورصة الأميركيّة ومعها أساطير وأحلام ترامب
شهدت البورصات العالمية يوم أمس الخميس، أسوأ يوم في تاريخها منذ عقدين من الزمن، حيث انهارت المؤشرات الأوروبية الى أدنى مستوى لها منذ خمسة أعوام فيما خسرت بورصة نيويورك كل أرباحها التي حققتها منذ وصول دونالد ترامب الى البيت الأبيض، حيث وصل مؤشر داو جونز الصناعي في اميركا الى 21 الف نقطة، بعدما كان قبل ثلاثة أسابيع فوق 29 الف نقطة مع توقعات باستمرار الانهيارات في البورصات العالمية بسبب فيروس كورونا وبسبب الأزمة النفطية الحاصلة بين روسيا والسعودية حالياً.
هذه المفاجآت الاستراتيجية كما يسمّيها الساسة في فرنسا, قلبت الأمور رأساً على عقب بالنسبة لدونالد ترامب الساعي لإعادة انتخابه لمرة ثانية على رأس الولايات المتحدة الأميركية، وهو الذي بنى كل أمجاد سنواته الثلاث الماضية على الانتعاش الاقتصادي لبلاده في ظل رئاسته وعلى الارتفاع المستمر الذي تشهده سوق الأسهم الأميركية منذ ثلاث سنوات والذي طالما تبجح ترامب أنها بفعل حسن إدارته للاقتصاد الأميركي فإذا بأزمة غير متوقعة او مفاجأة استراتيجية، كما يسميها الساسة الفرنسيون تطيح بأسابيع ثلاثة كل ما بناه ترامب خلال ثلاث سنوات بدءاً من إجباره السعودية على دفع مئات مليارات الدولارات جزية وخوّة على طريقة القراصنة مروراً بالحصارات الاقتصادية على دول معروفة بخلافها مع أميركا مثل روسيا والصين وإيران، وصولاً الى إجبار السعودية على رفع إنتاجها من النفط وإغراق السوق العالمي به في صراع اميركا مع روسيا.
مفاجأة كورونا التي سببت انهيار البورصة الأميركية ومعها البورصات العالمية أصابت تأثيراتها الاقتصاد الأميركي بنكبة لا يمكن لأي إجراء عقابي تقوم به اميركا ضد من خالفها السياسة والهوى أن يعدل من كفة الميزان التي أصبحت تميل بقوة الى تبدل النمو الاقتصادي في اميركا الى ركود، خصوصاً مع بدء الإفصاح عن حجم وجود وانتشار فيروس كورونا في أميركا بعدما حاولت إدارة ترامب إخفاء حقيقة انتشار الوباء لديها، لكنها في النهاية اضطرت للكشف عن وجوده وانتشاره تحت ضغوط منظمة الصحة العالمية والإعلام الأميركي، وإذا أسقطنا خطاب الرئيس الفرنسي حول خطورة انتشار الوباء في أوروبا وعلى الحالة الأميركيّة التي بدأت تنكشف أكثر فأكثر وبدأت تعلن عن إقفال المدارس والجامعات ومنع التجمّعات فإن السنة الأخيرة من حكم ترامب سوف تكون الأسوأ على الاقتصاد الأميركي منذ ثلاثين عاماً.
ماذا يعني انهيار البورصة الأميركية؟
منذ ثلاثة أسابيع كسرت مؤشرات أسهم الشركات الأميركية كل نقاط القوة لديها نزولاً لتفقد حوالي ثلث قيمتها وما زالت الأيام المقبلة تحمل المزيد من الانهيارات حسب خبراء البورصة، ومن يقول انهيار اسعار اسهم الشركات يعني فقدان هذه الشركات قوتها التوظيفية والتمويليّة وبالتالي فلجوؤها الى تسريح العمال والموظفين وإغلاق مراكز العمل وهذا ما سوف يؤدي حتماً إلى انهيار أسطورة دونالد ترامب الذي يردد دائماً ان عهده شهد خلق مئات آلاف فرص العمل للأميركيين فيما تشير اوضاع البورصة الأميركية والعالمية حالياً الى إنهيار كبير في سوق العمل الأميركي سوف تتبعه انهيارات في أسواق العمل العالمية تسبّب فيروس كورونا في التعجيل من مفعولها، لكن أسبابها موجودة في سياسات ترامب العقابية والحصارية على أكثر من بلد مهم في العالم. فهذا النوع من الصراعات يؤدي في نهاية الأمر إلى انهيار المنظومة كاملة كما يحصل الآن من انهيار المنظومة الاقتصادية العالمية التي أسستها اميركا منذ إلقاء القنبلة الذرية على هيروشما.