الصفقة – الفضيحة: مَن دبّر تهريبة كورونا – جزار الخيام؟
ناصر قنديل
– لم تعد القضية بقرار المحكمة العسكرية، بل بما تلاه من ترتيبات مُحكَمة لتهريب جزار الخيام العميل عامر الفاخوري إلى السفارة الأميركية تمهيداً لترحيله منها إلى قبرص فإلى اميركا، والقرار الصادر عن المحكمة العسكرية بردّ قضية جزار الخيام العميل عامر الفاخوري بقبول الدفوع الشكلية حول مرور الزمن بحد ذاته فضيحة من العيار الثقيل. فالقضاة الذين يتعاملون مع القضية منذ شهور سبق ومرت أمامهم هذه الذريعة وهزأوا من طرحها، وقالوا لمن سألهم إن مرور الزمن لا يطوي جريمة التعامل مع العدو، فكيف ومعها جرائم قتل وتعذيب واعتراف العميل نفسه بمواصلة التعامل، لتصير جريمة متمادية. والتغطية على وجود صفقة وراءها أمر أصعب من أن يقبله اي عقل أو عاقل، ليصير السؤال عن الطرف الثاني في الصفقة الوقحة، طالما أن الطرف الأول معلوم وهو الأميركي الذي لم يكفّ عن الضغط والإلحاح رسمياً، والإيحاء تحت الطاولة بالترغيب والترهيب، سواء بقوة الضغوط المالية التي قد يلجأ إليها إذا بقي ملف الالفاخوري في الملاحقة القضائية وصولاً للحكم، ولا ينتظر أمثاله أمام قضاء عادل إلا الإعدام، أو بتلويح مواز بإمكانية رفع الضغوط عن لبنان إذا تجاوب مع الطلب الأميركي. وبالتوازي مع السياسة نشاط أميركي عبر القنوات التي تمثلها العلاقات العسكرية للضغط بمواقف مشابهة فيها من الإغراءات بمثل ما فيها من التهديدات، وصولاً للمستوى القضائي بالتحديد الذي توجّه نحوه الأميركيون مباشرة، وإذا كان الطرف القضائي قد سقط بالفضيحة كواجهة للصفقة الفضيحة فمن يقف في الصف الخفيّ؟
– أن يلجأ مدعي عام التمييز إلى طلب الملف لتمييزه تمهيداً لنقضه بعدما ظهرت الفضيحة وباتت ردود الأفعال أكبر من أن يتحمّلها البلد، والدولة، والتحالفات السياسية، والقضاء، لا يغيّر من الأمر شيئاً، فالالفاخوري يمتلك الحرية التي حرم منها آلاف الشباب الذين استشهد عشرات منهم على يديه، والقضية الآن هي كشف المستور، لأن اللفلفة يجب أن تكون مرفوضة في قضية هذا حجمها. فدماء المئات الذين سقطوا في معتقل الخيام هي جزء من دماء آلاف الشهداء الذين سقطوا كي يسقط الاحتلال، ويتحرر البلد وترتفع رايات عزته خفاقة. والمقاومة التي يجب أن يقوم حزبها الأهم والأبرز، حزب الله بمراجعة للإجابة عن سؤال، كيف وصلت الأمور إلى التجرؤ من مجموعة مستويات في الدولة على ارتكاب هذه الفضيحة المشينة، من وراء ظهره، ولو دون الحدّ الأدنى من تشاور أو تسميع رفع العتب، معنية اليوم بأن لا تقيم حساباً لأحد، لا تحت شعار حفظ ماء وجه القضاة الذين أهرقوا كرامتهم، وبات صون كرامة القضاء بتنحيتهم بلا استثناء وبلا أعذار لأحد منهم، ومحاسبتهم أمام جهة قضائية موثوقة لتصبح كل التفاصيل بيّنة وواضحة، في الإجابة على أسئلة القضية، مَن ومتى وأين وكيف ولماذا؟ ولا يجب أن تقف المراجعة هنا تحت شعار حفظ ماء وجه مسؤول سياسي أو عسكري مهما كان مهماً أو قريباً، لأن المطلوب بقوة إعادة التقييم في الحساب الذي تكشفه الوقائع عن هوية الصف الثاني أي المختفي والواقف وراء القضاة. وقد يكون الصف الثاني صفاً أول، ويجب أن تتوضّح الصورة ويعلم الناس من الذي ساعد وشجّع وغطى، عسكرياً كان أم سياسياً؟
– واحدة من العناوين التي ميّزت تجربة المقاومة، أنها تفعل كل شيء في العلن، فعندما ترى مصلحة بالتفاوض لتبادل، تصارح جمهورها بشجاعة، وكانت لتستقوي بحكم مبرم، وتفاوض على استعادة جثث شهداء وتكشف مصير مفقودين وتستعيد حرية أسرى للمقاومة في كيان الاحتلال من لبنانيين وغير لبنانيين، وتحرّر أسرى في فرنسا يتقدمهم جورج عبدالله وفي أميركا من مدنيين لبنانيين معتقلين بتهمة دعم المقاومة، ولا تخجل المقاومة بقول ذلك ولا تقوم بتهريبة في ظلال الأزمة المالية وأزمة كورونا، كما هو الحال اليوم، لذلك لا يظنن أحد أن المقاومة طرف في هذه الصفقة المشينة، بل هي صفقة على ظهرها، من الصفقات التي كانت المقاومة تحذّر من الوقوع فيها تحت شعار البحث عن دعم مالي مقابل تنازل عن السيادة. وهل ثمة تنازل وتفريط أشد بسيادتنا من الذي كان مقرراً له ان يجري؟
– النخب الثقافية والشعبية وبيئة المقاومة وأهالي الشهداء والحقوقيون ورجال القانون، معنيون جميعاً برفع الصوت عالياً، لمواصلة المعركة حتى يظهر الحق البائن، وتفضح الوجوه الخفيّة، وتسقط الأقنعة، فيطمئن الشهداء إلى أن الدماء محصّنة ومصونة.