إقفال البورصات الأميركيّة… والصحة العالميّة تطلب استثناء الصحّة من العقوبات على إيران / لبنان في مواجهة كورونا: دخول العزل التّام و15 يوماً حاسمة في خطة الاحتواء / الحكومة تبحث اليوم ملفّ الكهرباء… وتناقش «الكابيتال كونترول» وسط تباينات /
كتب المحرّر السياسيّ
مع تخطي رقم الـ 218 ألف إصابة بفيروس كورونا في العالم منها 124 ألف إصابة نشطة، وقرابة 85 الف حالة شفاء و9 آلاف حالة وفاة أغلبها جميعاً في الصين، تبدّلت خريطة الانتشار العالمي للفيروس القاتل، حيث لم يتبقَّ في الصين إلا 8 آلاف حالة إصابة نشطة من أصل 80 ألفاً، مسجلة 13 حالة إصابة جديدة و11 حالة وفاة جديدة فقط، مقابل 70 ألف حالة شفاء، بينما تقدّمت إيطالياً بـ 28 ألف إصابة نشطة مع 4 آلاف إصابة جديدة و435 حالة وفاة جديدة. وبات رقم المصابين الفعلي في الصين معادلاً للرقم الأميركي، والرقم الفرنسي، وأقلّ من ألمانيا وإيطاليا وإيران، وتوجّهت أنظار العالم نحو الصين للإفادة من خريطة الطريق التي سلكتها للخروج من الخطر، ولطلب المعونة كما فعلت كل من إيطاليا وإسبانيا، فيما صرّح رئيس صربيا بأن العالم سيتغير بتأثير كورونا، فالاتحاد الأوروبي لم يقدم شيئاً لصربيا التي لم تجد دعماً سوى من الصين في مواجهة هذه المحنة. وبرزت المعاناة الإيرانيّة في مواجهة الفيروس كنموذج لدور السياسة في إعاقة القدرة على الخروج من الأزمة، حيث قال مدير منظمة الصحة العالمية، أدريوس أدهانوم لقناة «الميادين» أن المنظمة طلبت من واشنطن استثناء القطاع الصحي الإيراني، خصوصاً ما يتصل بمواجهة فيروس كورونا من العقوبات الأميركية، ناقلاً وعداً أميركياً بذلك، بينما قالت مصادر إيرانية إن إيران تملك أموالها في المصارف الأوروبية، ولديها اتفاقات لاستيراد الكثير من المعدات والعقاقير الطبية التي تشكل حاجة ماسة لمواجهتها مع الفيروس، وكل المطلوب هو إتاحة الفرصة لتنفيذ هذه العقود وسداد قيمتها من أموال إيرانيّة. وبالتوازي كانت أميركا التي تباهت بتعجرف في الأيام الأولى لظهور إصابات كورونا داخلها على لسان الرئيس دونالد ترامب، تسجل خلال مدة قياسية أسرع عملية نمو للانتشار ببلوغها عدد الـ8 آلاف إصابة أمس، ونسبة 25 إصابة لكل مليون نسمة، بينما كانت بورصة نيويورك تقرّر الإقفال من يوم الإثنين حتى إشعار آخر نظراً للاضطرابات التي تعيشها الأسواق وانهيار الأسهم الرئيسية المحرّكة للسوق، بينما كان سعر النفط يسجل أدنى الأرقام من عقود ببلوغه سعر الـ 20 دولاراً لبرميل الخام الأميركي.
لبنان الذي يدخل العزل التام من اليوم، مع إقفال مطار بيروت والمعابر البرية والبحرية بصورة كاملة، سجل رقم 133 إصابة و4 وفيات، لكنه بقي محافظاً على مرتبة جيدة في سلم المقارنة مع دول العالم، حيث تحسّنت مرتبته من الـ 43 إلى الـ 49 بعدد الإصابات، ومن 33 إلى 37 في نسبة المصابين لعدد السكان مع نسبة 19 إصابة لكل مليون بينما بلغ المعدل الوسطي العالمي 28 إصابة، وسجل المعدل الوسطي للدول الخمسين الأولى التي يقع لبنان في آخرها، 100 إصابة بالمليون.
مصادر صحية متابعة قالت إن الأسبوعين المقبلين حاسمين بالنسبة للبنان، حيث معيار النجاح هو الحفاظ على تطوّر خطي في الإصابات، قد يصل بالرقم الإجمالي إلى 500 إصابة في نهاية المدّة من دون أن يشكل ذلك مصدر قلق، لأن هذين الأسبوعين مع وقف الوافدين من الخارج سيسمح لكل حالات الإصابات بالظهور، وتتاح بالتالي القدرة على حصر الانتشار، وتبقى زيادة الـ 15 والـ 20 إصابة يومياً ضمن حدود المعقول، بينما طفرة الـ 100 إصابة في يوم واحد تعني دخول مرحلة حرجة، وهنا تكمن أهمية إجراءات العزل وأهمها الامتناع عن الاختلاط بالآخرين، واعتماد العزل المنزلي، وتطبيق إجراءات الوقاية لمنع انتقال الفيروس في حالة ضرورة التعرّض للاختلاط بالغير.
الحكومة التي خصّصت غرفة عمليات لمتابعة الفيروس والإجراءات الوقائية، طلبت مساعدات خارجية، تتوقع أن تكون أولاها من الصين التي زودت مطار بيروت بالكاميرات الحرارية لمراقبة الوافدين، بينما تحدثت مصادر صحية معنية بمواجهة الفايروس عن قيام وزارة الصحة بالتعاون مع المستشفيات الخاصة بتجهيز مستشفيات صغيرة ومتوسطة لتكون احتياطاً لمستشفى رفيق الحريري الحكومي، بحيث يكون مجموع القدرة الاستيعابية لألف مصاب بينما هو اليوم لـ 350 مصاباً فقط، وهذا يتضمّن إضافة للأسرّة أجهزة التنفس الاصطناعي، ومعدات قياس الوظائف الحيويّة لجسد المصاب.
الجلسة الحكومية اليوم ستخصص بعضاً منها لملف الكورونا ومتابعة الإجراءات وتلقي التقارير، لكنها ستناقش ملفين دقيقين، الأول هو ملف الكهرباء الذي يفترض أن تخرج الجلسة الحكوميّة بقرارات عملية بصدده، والثاني هو ملف التحكم بالودائع وضوابطها المعروف بالكابيتال كونترول، الذي سيبدأ درس مسودة مشروع القانون الذي أعدّته اللجنة الوزاريّة الخاصة وسط تباينات وملاحظات كثيرة حوله يتوقع أن تستدعي تأجيل البتّ به للجلسة المقبلة بانتظار مواصلة الدرس والمناقشة.
وأعلنت بلدية الدكوانة أمس، عن أول إصابة بفيروس كورونا في المنطقة للسيدة ف.م وهي مضيفة في شركة طيران الشرق الأوسط التقطت العدوى من مضيفة زميلة لها أتت من مدريد. كما أعلنت بلدية القاع أن المعاون اول في قوى الامن (ا.ض.) ابن القاع مصاب بالفيروس كورونا وأدخل الى المستشفى الحكومي وهو بصحة جيدة»، ليرتفع عدد الإصابات بكورونا إلى 133.
وأشارت وزارة الصحة العامة في تقريرها اليومي الى أن «مجموع الحالات المثبتة مخبريّاً بلغت 133 حالة بما فيها الحالات التي تمّ تشخيصها في المستشفى الحكومي، وتلك المبلّغة من المستشفيات الجامعية الأخرى المعتمدة من قبل الوزارة (أي تم تسجيل 13 حالة جديدة أمس). وسجلت حالة وفاة لشخص في العقد التاسع من العمر كان في وضع صحي حرج ويعاني من أمراض مزمنة».
وإذ اعلنت الوزارة أنها تتابع «أخذ العينات من جميع المشتبه في إصابتهم مع تحديد ومتابعة جميع المخالطين ومراقبة جميع القادمين من البلدان التي تشهد انتشاراً محلياً للفيروس، كما تتابع التقصي الوبائي لبعض الحالات التي شخصت أخيراً»، ناشدت «جميع المواطنين التقيّد بالتدابير الصارمة الصادرة عن المراجع الرسميّة ولا سيما الحجر المنزلي الإلزامي وضبط الحركة إلا عند الضرورة القصوى».
بدوره، أعلن مدير المستشفى الحكومي الدكتور فراس الابيض على «تويتر» أنه «قمنا بـ2756 اختباراً حتى الأمس 88 جاءت نتيجتها إيجابية و74 عينة قيد الانتظار».
ولفتت مصادر لجنة الصحة النيابية لـ«البناء» الى «أن وزارة الصحة بالتعاون مع اللجنة والمؤسسات الصحية المعنية ستتخذ خطوات لمواكبة دعم المستشفى الحكومي المركزي الذي يتوقع أن تصل عدد الإصابات التي يستقبلها الى 350 اصابة».
ومن هذه الخطوات بحسب المصادر «إمكانية تأهيل المستشفيات الحكومية في المناطق لتخفيف الضغط عن المستشفى الحكومي في بيروت، الا ان هناك نقصاً في الكادر البشري والمواد الطبية، لكن وزارة الصحة ستخصّص المستشفيات في المناطق بمبلغ من المال من قرض البنك الدولي وقد تمّ التواصل والتنسيق بين وزارة الصحة ونقابة المستشفيات الخاصة لإجراء عملية مسح لإمكانات كل مستشفى وطاقته الاستيعابية ومعرفة أي منها تستطيع عزل المرضى العاديين واستقبال مرضى كورونا، لتكون هذه المستشفيات جزءاً من المواجهة الوطنيّة للوباء».
وقالت مصادر صحية مطلعة لـ«البناء» إن «وزارة الصحة تعد خطة طوارئ بديلة استعداداً لتأزم الوضع أكثر ولذلك بدأت بعض المستشفيات الخاصة الاستعداد لاستقبال حالات مصابة بالكورونا لمساعدة المستشفى الحكومي»، ولفتت الى أن «مستشفى الجامعة الاميركيّة في بيروت أفرغت المبنى المخصص لمرضى السرطان ومبنى آخر وجهّزتهما لاستقبال حالات كورونا»، واشارت الى أن «المستشفى الحكومي بات مكتظاً بالمصابين وبدأ يعاني من نقص في الأسرّة والإسعافات والعناية والإنعاش والكادر التمريضي»، كما تخوفت المصادر من ظهور إصابات جديدة خلال الاسبوعين المقبلين وعجز المستشفى الحكومي عن استقبال حالات جديدة ما يستدعي تأهب المستشفيات الخاصة»، لكن الخوف بحسب المصادر من التغطية الصحية لمصابي الكورونا في المستشفيات الخاصة ولهذا دعت المصادر صندوق الضمان الاجتماعي وتعاونية موظفي الدولة وشركات التأمين الى توفير التغطية المالية لأي إصابات بالكورونا تدخل الى المستشفيات الخاصة». واوضحت أن «طاقة المستشفيات والمراكز الجامعية الكبرى لا تقاس بعدد الأسرة، بل بنوعية الخدمات وامتلاكها المواد الطبية المخصصة بمرض الكورونا». ولفتت المصادر الى أننا «بين المرحلة الثانية والثالثة من الوباء أي بين الانتشار والاحتواء وتحتاج إلى شهر ونصف اضافي كحد أدنى لدراسة نتائج الإجراءات الحكومية وزوال خطر الانتشار». وتحدثت المصادر عن آمال معلقة على انحسار المرض تتمثل بعاملين: الأول: درجة التزام المواطنين بالإرشادات والإجراءات الحكومية والثاني تحسّن الظروف المناخية مطلع فصل الربيع حيث إن ارتفاع درجة الحرارة يقتل الفيروسات».
وأطلقت رئاسة مجلس الوزراء عمل غرفة إدارة العمليات الوطنية في السرايا الحكومية بهدف جمع المعلومات حول الوباء وتوزيعها يومياً على اللبنانيين للحدّ من انتشار المعلومات الخاطئة.
وفي إطار المساعدات الصينية للبنان، قال وزير الخارجية ناصيف حتي للـ«او تي في» إن مساعدة صينية ستكون جاهزة خلال ايام وأنه راسل اكثر من جهة في الخارج بغية مساعدة لبنان لمواجهة كورونا.
ولفت موقف رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بقوله: «يكفي أن يصف مدير «الصحة العالمية» كورونا بأنه عدو البشرية كي تتضافر كل الجهود لوقف انتشاره والتزام الحجر المنزلي».
في غضون ذلك، يعقد مجلس الوزراء اليوم جلسة في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون وأبرز جدول أعمالها مشروع قانون «الكابيتال كونترول» الذي أعدّته وزارة المال بالتعاون مع جمعية المصارف والبنك المركزي، وسط توقعات حصول خلافات كبيرة حياله بين الحكومة والمصارف. وأشارت مصادر اقتصادية لـ«البناء» الى وجود ثغرات في المشروع ستؤدي الى «تشريع قانوني» لحجز الودائع لمدة ثلاث سنوات وحماية المصارف من الدعاوى القضائيّة المرفوعة والتي يمكن ان ترفع من المودعين. مضيفة «أي قانون يقيد المودع بعمليات السحوبات والتحويلات الى الخارج؟ وكيف يمكن إقراره بلا تثبيت سعر صرف الدولار؟ وكيف يتم ربط نسبة التحويل الى الخارج بوجود حساب مصرفي للمودع في الخارج؟ وكيف سيتم التحقق من وجود حسابات خارجية للمودعين في ظل السرية المصرفية؟ الأمر الذي يزيد استنسابية المصارف في التعامل مع المودعين». وقالت مصادر أخرى إن تعديلات طرأت على مشروع قانون كابيتال كونترول اهمها ان القرار سيكون للحكومة لا لمصرف لبنان.
إلا أن تصريح رئيس جمعية المصارف سليم صفير كشف حراجة موقف الجمعية وشراستها في الدفاع عن أرباحها الخيالية التي حققتها على حساب اللبنانيين والدولة ولجوء صفير الى تبرير قرصنة الودائع بسبب شح السيولة في المصارف، محملاً الدولة المسؤولية. ودعا السياسيين الى عدم التدخل في الشأن المصرفي الذي يعتبر من اختصاص المصارف ومصرف لبنان! وحقيقة الأمر أن ما يدعو اليه صفير هو إقصاء الحكومة ووزارة المال والمجلس النيابي عن الشأن المصرفي والصمت عن تجاوزات المصارف!
وأشار صفير في حديث لصحيفة الفاينانشال تايمز ان «السندات الحكومية بالعملات الأجنبية لدى المصارف كانت المصدر الوحيد للحصول على النقد الأجنبي فيما يواجه القطاع شحاً بالسيولة». وأوضح أن «المصارف في لبنان استهلكت كل ودائعها لدى المصارف المراسلة، وكانت بالتالي مجبرة على بيع سنداتها». وألقى باللوم على القطاع العام وسوء إدارته التي أوصلت البلاد إلى أزمة نقدية. وشدد على ان عمليات بيع السندات بالعملات الأجنبية بأسعار منخفضة كانت مكلفة جداً على القطاع المصرفي».
إلا أن الخبير الاقتصادي زياد ناصر الدين لفت لـ«البناء» الى أن «كلام صفير يحمل الكثير من المغالطات والاتهامات والتبريرات غير المنطقية، فجمعية المصارف شاركت بعمليات تحويل الأموال الى الخارج وبيع السندات الداخلية الى الخارج التي ارتدّت عليها سلباً، كما ان المصارف التفت على الإجراءات التي اتخذتها الدولة، فلم ترفع رأسمالها لدى مصرف لبنان ولم تعيد قسماً من اموالها في الخارج الى لبنان ولم تعد شراء سندات اليوروبوند التي باعتها مؤخراً، واقفلت ابوابها ولم تمتثل لقرار الحكومة بالتعبئة العامة ولم تعبأ بتهديد وزير المال لها بالقضاء». ودعا ناصر الدين وزير المال لـ«اتخاذ إجراءات بحق المصارف كوقف التحفيزات الممنوحة لهم وإعادة النظر بهيكلية الفوائد وسياسة الإعفاءات من الضرائب».
الى ذلك، تسلّمت محكمة التمييز العسكرية الغرفة الجنائية برئاسة القاضي طاني لطوف طلب التمييز المقدّم من مفوّض الحكومة لدى محكمة التمييز العسكرية القاضي غسان الخوري طعناً بالقرار الصادر عن المحكمة العسكرية بكف التعقبات عن جزار الخيام العميل عامر الفاخوري، على أن يتم اتخاذ القرار من محكمة التمييز بإعادة المحاكمة. وفيما سوّقت بعض وسائل الإعلام اللبنانية أن عامر الفاخوري أصبح في الولايات المتحدة الاميركية بعد أن هُرّب بطريقة ما، أكدت معلومات أن الفاخوري لم يغادر ليل أمس الاول من مطار بيروت كما كان مقرراً والطائرة الخاصة لم تأت وهو لا يزال الآن في السفارة الأميركية في عوكر. مشيرة الى تعقيدات سياسية وقضائية وأمنية برزت ستعيق تهريبه الى الولايات المتحدة.