تمكنت القوات اليمنية من تحرير كامل محافظة الجوف الواقعة شمال شرق البلاد، ما يؤكد قدرتها على فرض معادلات جديدة في واقع جغرافي مختلف وخلال فترة قياسية، ونجاحها في الانتقال من مرحلة الدفاع إلى الهجوم ضمن استراتيجية عسكرية شاملة. وتكتسب محافظة الجوف أهمية استراتيجية في حرب اليمن لكونها إحدى المحافظات النفطية المتآخمة للحدود مع السعودية.
وتعد محافظة الجوف اليمنيّة من أكبر المحافظات الشمالیة مساحة، إذ تصل إلى 39 ألفاً و400 كیلومتر، وتكتسب أهـمیة استراتیجیة بالغة نظراً لموقعهـا الجغرافي الذي يحدّ محافظات مأرب وصعدة وعمران وحضرموت وصنعاء، وتأثیرهـا في الحرب التي شنها تحالف العدوان السعودي منذ خمس سنوات على الیمن، إضافة إلى أنهـا تمثل خزاناً ضخماً للنفط في البلاد.
ومن حیث الأهـمیة العسكریة والجغرافیة، فإن الجوف تشترك في حدود مفتوحة إلى الغرب مع محافظتي صعدة وعمران، ما یعني أن تحريرها یعزّز من قدرة القوات اليمنية في تأمین هذه المناطق، كما يدفع آمال العدوان السعودي ومرتزقته نحو التلاشي في السيطرة على صعدة وعمران إضافة إلى العاصمة صنعاء.
وبتحرير الجوف بات طريق الجيش اليمني واللجان الشعبية أسهل إلى تحرير محافظة مأرب المتآخمة للجوف من جهة الجنوب التي تشكل آخر وأهم جيوب العدوان في الجهة الشرقية، وبانتظار القرار السياسي لصنعاء.
وفي حال سيطرة القوات اليمنية على مأرب فسيتم قطع طريق الإمداد الرئيسي للعدوان ومرتزقته من الشمال إلى جنوب اليمن وكما أن السيطرة على مأرب تعني تحرير كامل جغرافيا شمال اليمن.
ولا تقتصر الأهـمیة الاستراتیجیة للجوف على الأراضي الیمنیة فحسب، إذ يشكّل تحرير المحافظة خطراً على السعودیة، التي تتشارك معهـا أكثر من 266 كلیومتراً من حدودهـا الجنوبیة، مما یجعلهـا عرضة للاستهـداف من قبل القوات المسلحة اليمنية بشكل أكبر بفتح جبهات جديدة ضد تحالف العدوان السعودي.
وكان قد أعلن المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع، أن «القوات اليمنية نفذت بكفاءة عالية كل المهمات العملياتية المختلفة»، مشيراً إلى تمكنّها من «تحرير كامل محافظة الجوف وقدرتها على فرض معادلات جديدة في واقع جغرافي مختلف وفي أكثر من جبهة وخلال فترة قياسية، وهو ما يشير إلى أن السعودية لم تعد قادرة على حماية مرتزقتها حتى على الأراضي الحدودية، كما يكشف عن تنامي قدرات صنعاء العسكرية على خوض المعارك وتحقيق الانتصارات الاستراتيجية وفي أكثر من جبهة».
وخلال مؤتمر صحافي أول أمس، قال المتحدث باسم القوات المسلحة: اليوم نعلن نجاح عملية «فأمكن منهم» التي تكللت بفضل الله بتحرير محافظة الجوف، التي عزّزت الموقف العسكري لقواتنا ولشعبنا وقيادتنا، موضحاً أن النجاحات المستمرة لقواتنا المسلحة ترجمة فعلية لما أشار إليه السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي بشأن ما تحققه قواتنا من إنجازات على كافة الأصعدة.
وفي تفاصيل العملية أوضح العميد سريع أن «مسرح العمليات العسكرية شمل كل مناطق المحور الجنوبي لمحافظة الجوف، متابعاً أن مديريات الحزم والمصلوب والغيل والخلق والمتون وجبهات العقبة في مديرية خب والشعف شهدت مواجهات».
واستعرض العميد سريع أن «القوة الصاروخية شاركت في تحرير محافظة الجوف بستّ عمليات استخدمت فيها صواريخ نكال وقاصم وبدر البالستية، وإن سلاح الجو المسير نفذ 54 عملية خلال عملية (فأمكن منهم) منها 33 عملية استهدفت أهدافاً عسكرية واقتصادية سعودية عدة وكبدت العدو خسائر كبيرة».
وأكد المتحدث باسم القوات المسلحة أن «العملية أدت الى تأمين كافة المديريات المأهولة بالسكان في الجوف وتطبيع الأوضاع في مدينة الحزم عقب تحريرها، وأدّت لتكبيد قوات العدو خسائر فادحة، حيث قدرت الخسائر البشرية حتى اللحظة بأكثر من 1200 مرتزق ما بين قتيل ومصاب وأسير».
وأشار إلى أن «القوات المسلحة اليمنية ملتزمة بحفظ الأمن في مدينة الحزم حتى تسليمها للقوى الأمنية»، منوّهاً إلى «سقوط أسرى سعوديين في قبضة الجيش واللجان الشعبية خلال عملية (فأمكن منهم)».
وبتحرير الجوف تمكنت القوات اليمنية من إثبات قدرتها على فرض معادلات جديدة في واقع جغرافي مختلف وخلال فترة قياسية، كما كان مؤشراً على نجاحها في الانتقال من مرحلة الدفاع إلى الهجوم ضمن استراتيجية عسكرية شاملة، خاصة أن محافظة الجوف تكتسب أهمية استراتيجية في حرب اليمن لكونها إحدى المحافظات النفطيّة المتآخمة للحدود مع السعودية. ومَن يمتلك السيطرة على هذه المحافظة يمتلك الخيوط الأقوى في المعركة العسكريّة..