بارقة أمل في الصين وتعبئة عالميّة ضدّ الفيروس «العدو».. وأكثر من نصف مليار في بيوتهم.. وإيطاليا الرقم القياسيّ في عدد الوفيات
من أوروبا إلى أستراليا مروراً بدول بقيت مشككة لفترة طويلة، بات العالم في حالة تأهّب قصوى في مواجهة فيروس كورونا المستجدّ، على الرغم من بارقة أمل جاءت من الصين حيث لم تسجل أيّ إصابة جديدة من منشأ محليّ.
ولمواجهة ما وصفته منظمة الصحة العالمية بأنه «عدو للإنسانيّة» أصيب به نحو 210 آلاف شخص وأودى بحياة أكثر من تسعة آلاف، ويهدّد بإغراق العالم في الركود، أعلن عن مساعدات بمئات المليارات في أوروبا والولايات المتحدة.
ويبدو أن البورصات الأوروبية رحّبت بهذه الخطوات وانتعشت قليلاً أمس، بعد تدهور في الأيام الماضية.
} إيطاليا
وإيطاليا هي البلد الأوروبيّ الذي يدفع الثمن الأكبر في القارة العجوز مع اقتراب حصيلة الوفيات فيه من ثلاثة آلاف شخص، بينما يبدو أن الوباء لم يبلغ بعد «ذروته».
وبعد أسبوع على بدء تطبيق إجراءات العزل العام، اجتازت إيطاليا رقماً قياسياً قاتماً أمس، عندما تفوقت على الصين باعتبارها الدولة التي سجلت معظم حالات الوفاة الناجمة عن الفيروس التاجي الجديد الذي يجتاح الكوكب.
وصعّد العالم حربه في محاولة لاحتواء الانتشار السريع لـ COVID-19، مع فرض العديد من البلدان عمليات الإغلاق التي تبقي عشرات الملايين من الأشخاص محاصَرين في منازلهم.
لكن عدد القتلى ارتفع في أوروبا حتى مع رؤية الصين بصيص أمل مع عدم الإبلاغ عن أي حالات محلية جديدة لأول مرة.
وأعلنت إيطاليا عن 427 حالة وفاة أخرى أمس، ليرتفع العدد الإجمالي إلى 3405. وسجلت الصين، حيث ظهر تفشي المرض لأول مرة في كانون الأول من العام الماضي، رسمياً 3245 حالة وفاة.
} الصين
ولم تعلن الصين أمس، عن أي إصابة منشأها محلي، في سابقة منذ بدء الوباء الذي ظهر في هذا البلد في كانون الأول. وتحدثت السلطات عن 34 إصابة إضافية قادمة من الخارج.
} إسبانيا
في إسبانيا أعلنت السلطات عن «حصيلة جديدة تتحدّث عن وفاة 767 شخصاً يشكلون زيادة نسبتها ثلاثون بالمئة خلال 24 ساعة، مع تجاوز عدد الإصابات فيها 17 ألفاً وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة».
} أفريقيا
وتسبّب فيروس كورونا في أول وفاة في أفريقيا جنوب الصحراء، في بوركينا فاسو. وقال مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيربريسوس إنه على «أفريقيا أن تستيقظ وأن تستعدّ للأسوأ».
} بروكسل
ويتجاوز الفيروس الحدود المادية والاجتماعية. فقد أعلن كبير مفاوضي الاتحاد الاوروبي لبريكست ميشال بارنييه أن «التحاليل أثبتت إصابته بالفيروس»، لكنه بدا مطمئناً بشأن حالته الصحية.
} إيران
من جهتها، أعلنت السلطات الإيرانية حصيلة جديدة للوفيات بالفيروس بلغت 1284 شخصاً، مسجلة بذلك 149 وفاة إضافية عن الأرقام السابقة. لكن الأرقام التي أعلنها نائب وزير الصحة الإيراني علي رضا رئيسي تشير أيضاً إلى تباطؤ في زيادة عدد المصابين الذي يبلغ 18 ألفاً و407 في جميع أنحاء البلاد.
وتستعدّ إيران للإفراج عن «حوالى عشرة آلاف سجين» بموجب عفو بمناسبة رأس السنة الإيرانية الجمعة 20 آذار من أجل «خفض عدد السجناء نظراً للوضع الحسّاس في البلاد» التي تعدّ الثالثة في عدد الوفيات.
وأعلن عن أول وفاة في روسيا أيضاً، وعن أول إصابة في فيدجي.
} بريطانيا
من جهتها، أمرت بريطانيا حيث تجاوز عدد الوفيات المئة شخص، بإغلاق المدارس اعتباراً من اليوم. وتقول منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو) إن «أكثر من 850 مليون شاب، أي نحو نصف التلاميذ والطلاب في العالم، أغلقت مدارسهم».
فرض قيود على حريّة التنقل
ولمحاولة الحدّ من انتشار الفيروس، تتضاعف إجراءات فرض قيود على حرية التنقل. وقد شدّدت أستراليا ونيوزيلندا القيود المفروضة على الحدود.
وتفيد حصيلة تم إعدادها مؤخراً أن «أكثر من نصف مليار شخص في العالم يلازمون منازلهم».
وقال الإيطالي الثمانينيّ روميرو فيشيرا إن «الأمر الوحيد الذي يثير قلقي هو الصمت!». وأضاف «لا نسمع ضجيجاً.. عندما نخرج للمشي ونسمع خطوات وراءنا نشعر بالخوف ونلتفت بقلق».
وأعلنت السلطات الإيطالية أن «إجراءات العزل ستمدّد عند إنهائها في الثالث من نيسان كما كان مقرراً».
} فرنسا
أما فرنسا فتبدأ يومها الثالث من العزل بينما أصبح وسط باريس أشبه بمدينة أشباح بعد أن كان يزدحم بالمارة.
كما فعل جيرانهم الأسبان والإيطاليون في الأيام الماضية، قام الفرنسيون من على شرفات منازلهم مساء الأربعاء بتحية أفراد الطواقم الطبية الذين يقفون في الصف الأول لمكافحة الفيروس.
} ألمانيا
وفي ألمانيا دعت المستشارة ألألمانية أنغيلا ميركل مواطنيها إلى «تنفيذ توصيات الحدّ من التنقل»، مؤكدة أنه «لا بدّ منها لإنقاذ أرواح».
وفي أماكن أخرى في العالم، ستغلق حدود الأراضي المحتلة وكذلك الحدود بين الولايات المتحدة وكندا، بعدما قامت بلدان أخرى بخطوة مماثلة.
«القنب» لتخفيف الضغوط!
وللتخفيف من الضغوط النفسيّة وتحمل الحجر أو العزل الطوعي، يتدفق كنديون وسياح منذ أيام على المحال والمواقع المتخصصة ببيع القنب، وهي مخدرات خفيفة سمح ببيعها منذ نهاية 2018 في كندا.
وقال ميشال بينوا في مونتريال «البعض يشعرون بالذعر وآخرون لا يكترثون وأنا قرّرت أن آتي لمعالجة الضغوط النفسية بتعاطي القنب».
والعالم الاقتصادي يتوقف تدريجياً. فقد أعلنت مجموعتا «جنرال موتورز» و»فورد» تعليق إنتاجهما من السيارات في أميركا الشمالية. وأوقفت الولايات المتحدة الهجرة عبر تعليق منح التأشيرات من «معظم دول العالم» باستثناء الحالات الضرورية.
تداعيات مالية.. وتحذير من منظمة العمل الدوليّة
فيما تنغلق أوروبا على نفسها لمكافحة فيروس كورونا المستجد الذي سبب عدداً من الوفيات أكبر من تلك المسجلة في آسيا ودفع البنك المركزي الأوروبي إلى تقديم رد سريع بخطة مساعدة تبلغ قيمتها 750 مليار يورو، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى إطلاق نداء من أجل «التضامن المالي».
وكانت قد حذرت منظمة العمل الدولية من أن «الوباء يهدّد 25 مليون وظيفة في العالم في غياب رد دولي منسّق».
من جهته، حذر المدير التنفيذي لشركة «لوفتهانزا» الألمانية كارستن سبور أمس، من أن «قطاعاً سيحتاج لمساعدات حكوميّة لضمان استمراريته في حال استمرت أزمة كورونا بعد أن أوقفت شركته أكثر من 90% من رحلاتها».
وقال في بيان فصل فيه النتائج السنوية لعام 2019 التي نشرت الأسبوع الماضي إنه «كلما طالت الأزمة أصبح من الصعب ضمان مستقبل قطاع الطيران في غياب مساعدات حكومية».
وأدّى الوباء إلى تراجع البورصات في العالم مما دفع السلطات إلى الإفراج عن مساعدات اقتصاديّة بالمليارات.
وفي هذا الإطار أعلن البنك المركزي الأوروبي عن «تخصيص 750 مليار يورو لإعادة شراء ديون عامة وخاصة».
ورحّب الرئيس ماكرون بهذه الإجراءات ودعا دول الاتحاد الأوروبي إلى القيام بـ»تدخلات» في الميزانيات. وقال ماكرون «من واجبنا نحن الدول الأوروبية، أن نكون حاضرين عبر تدابير ميزانية وتضامن مالي أكبر في منطقة اليورو»، مؤكداً أن «شعوبنا واقتصاداتنا بحاجة لذلك».
من جهته، أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب خطة للمساعدة الاجتماعية بقيمة مئة مليار دولار للعاملين المتضرّرين بآثار انتشار الفيروس، بينما تستمر المفاوضات حول خطة إنعاش أكثر طموحاً. وقد تبلغ قيمتها 1300 مليار دولار.
وكان ردّ البورصات الأوروبية إيجابياً على هذه التحركات إذ فتحت بورصة باريس على ارتفاع نسبته 2.11 بالمئة وفرانكفورت على زيادة 0.74 بالمئة.
من جهة أخرى، ألغيت نشاطات ثقافية عديدة آخرها مسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن) التي كانت مقرّرة في هولندا في أيار المقبل.
لكن لم يتخذ أي قرار بشأن دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو الحدث الرياضي الأكبر في العالم الذي ينطوي على رهانات مالية هائلة وكان مقرراً هذا الصيف.