الحكومة تفتح ملف الكهرباء… ومشروع الكابيتال كونترول… وتتشدّد في مواجهة الكورونا غارة أميركيّة تُهَرِّب الفاخوري من عوكر رغم منع السفر… ولجنة تحقيق برلمانيّة؟ نصرالله يطلّ اليوم… وبري متفاجئ وممتعض… و«القومي»: وصمة عار على الدولة
كتب المحرّر السياسيّ
شهدت جلسة مجلس الوزراء أمس، ملفات اقتصادية وصحية، وبقيت بعيدة عن الحدث الصادم الذي تمثل بإقدام السفارة الأميركية في لبنان على تهريب العميل عامر الفاخوري بواسطة طائرة هليكوبتر يفترض أنها محصورة الاستخدام بضوابط بروتوكول التعاون العسكري بين الجيش اللبناني والجيش الأميركي من جهة، وبالمواثيق الدبلوماسيّة من جهة موازية، ورغم تفادي الحكومة مناقشة ملف الفاخوري، قالت مصادر حكومية إن وزارة الخارجية ستتعامل مع الملف وفقاً للقواعد والأصول التي تفرض على الأميركيين احترام القوانين اللبنانية، بينما ركزت الحكومة في جلستها على إطلاق ملف الكهرباء عبر استبدال طرح مناقصات لتلزيم معامل التوليد بتكليف وزير الطاقة استكشاف إمكانية عقد اتفاقيات من دولة إلى دولة تتضمّن التمويل والبناء والتشغيل وتجهيز الشبكات. وأوضحت مصادر معنيّة بالملف أن مهمة الوزير محصورة بالاستكشاف والعودة بالأجوبة إلى الحكومة، التي ستقرّر البدء بالتفاوض بناء على الأجوبة الإيجابيّة المتوقعة على الأقل من أربع دول أبدت اهتماماً أولياً يفترض أن يصير موثقاً ورسمياً بعد جولة المباحثات التي سيُجريها وزير الطاقة. ونفت المصادر أن يكون قد تمّ تفويض الوزير بالتعهد بأماكن المعامل وطاقة كل منها، والتوصل لتفاهمات مع الدول، مرجّحة أن يكون الخيار على توزيع المعامل على أكثر من دولة. أما في الملف المالي فقد بدأت الحكومة مناقشة مشروع قانون الكابيتال كونترول، الخاصة بإدارة الودائع المصرفية بالعملة اللبنانية والعملات الأجنبية، وهي بداية سيحتاج إكمالها لأكثر من جلسة، كما قالت مصادر مالية تابعت المناقشات وفقاً للمسودة التي قالت إنها ستحتاج للكثير من التعديلات قبل أن يُقرّها مجلس الوزراء، وسيلحقها الكثير من التعديل أيضاً بعدما تنتقل إلى مجلس النواب.
الحدث بقي في تهريب جزار الخيام عامر فاخوري من السفارة الأميركية في عوكر، على متن طائرة تابعة للبحرية الأميركية، وإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب ووزير خارجيته مايك بومبيو عن نجاح عملية إخلائه ونقله إلى الأراضي الأميركية، حيث توقعت مصادر إعلامية أميركية أن يحتفل به الرئيس ترامب في البيت البيض ويستثمر تهريبه في حملته الانتخابية. وطرحت العملية أسئلة أكبر من تلك التي طرحتها قضية تهريب القرار القضائي بإخلاء سبيله، حيث الأمر في القرار القضائي يسجل لصالح الأميركيّين بكونهم تمكّنوا من الاختباء وراء ما دبّروه داخل الجسم القضائي اللبناني، ليتحمّل أعباء الإفراج عن العميل، بينما عملية التهريب تمّت باعتداء أميركيّ علنيّ وسافر على السيادة اللبنانية، حيث قرار منع السفر بات نافذاً بحق الفاخوري، وملفه القضائي أعيد فتحه قبل تهريبه، والعملية قرصنة جوية مفضوحة، استُعمل فيها بروتوكول التعاون العسكري خلافاً لقواعده، ودون أي ستارة لبنانية يختفي وراءها الأميركي وتحمل عنه كما في حالة القرار القضائي أعباء المسؤولية. وبينما وضعت عملية التهريب أسئلة كبرى حول مستقبل البروتوكول الخاص بتسهيلات استخدام الأجواء اللبنانية من الطائرات العسكرية الأميركية وتحوّل السفارة الأميركية إلى قاعدة عسكرية غير شرعية تقيم معبراً جوياً غير شرعي يستخدم لتهريب المطلوبين للعدالة والفارين من وجهها، تساءلت مصادر سياسية، ماذا لو احتمى في السفارة السوريّة او الإيرانيّة مطلوب للعدالة اللبنانية، وتمّ تهريبه براً عبر الحدود في سيارات دبلوماسية، فكيف كانت ستتصرّف الدولة وأجهزتها الأمنية والقضائية والدبلوماسية، وماذا كانت ستقول الحكومة، ووزارة الخارجية؟
الصمت الرسمي طرح أسئلة كبرى حول حجم ونوع ومصدر الاطمئنان الأميركي للقدرة على تنفيذ عملية التهريب دون القلق على التسهيلات العسكرية، التي تشكل مكسباً لا يفرط به الأميركيون بسهولة لو كانوا يعتقدون أنه سيكون موضع إعادة نظر بعد عملية التهريب، بينما بقيت تردّدات العملية تطغى على المواقف السياسية والشعبية، وهو ما عبّر عنه رئيس المجلس النيابي نبيه بري كما نقل عنه زواره، بالمفاجأة والامتعاض، بينما وصفه الحزب السوري القومي الاجتماعي بوصمة العار على الدولة، داعياً لكشف كل الملابسات، ومطالباً بموقف رسمي يستردّ للبنان بعض سيادته التي انتهكت، فيما دعت مصادر نيابية لتشكيل لجنة تحقيق برلمانية في الملف برمّته من بداية حكاية وصول الفاخوري وانتهاء بتهريبه، بينما ينتظر الجميع في الداخل والخارج إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مساء اليوم، وما سيقوله حول الملف وأبعاده وتقييمه، والموقف الذي سيترتّب على التداعيات.
وكانت طائرة أميركيّة قادمة من قبرص هبطت صباح أمس، في السفارة الأميركيّة في عوكر لدقائق قليلة قبل أنّ تقلع من جديد لتعود من حيث أتت. وتبين أن الطائرة نقلت العميل عامر الفاخوري الى الولايات المتحدة الأميركية.
وسرعان ما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عن إطلاق سراح الفاخوري. وشكر الحكومة اللبنانية لتعاونها في الإفراج عنه.
وستحضر قضية الفاخوري وملابساتها وتداعيلاتها في إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في الثامنة والنصف من مساء اليوم، عبر شاشة قناة “المنار”. حيث سيخصص الجزء الأكبر من كلمته للحديث عن هذا الأمر الى جانب مواكبة تطوّرات أزمة كورونا.
وفي سياق ذلك، عبر رئيس المجلس النيابي نبيه بري عن امتعاضه الشديد لما حصل واعتبرها مفاجأة من العيار الثقيل، وهو لم يكن على علم بكل ما تمّ تدبيره في ليلة ظلماء، بحسب ما نقل زواره عنه لـ”البناء”. وأشار الرئيس بري بحسب الزوار الى أن “الأمر كان بيد القضاء ولم يتدخّل هو في الأمر”، ودعا الرئيس بري الحكومة لاتخاذ موقف ضد انتهاك السيادة والقوانين ودعا الأجهزة الأمنية والقضائية الى إجراء تحقيق في حيثيات وظروف اتخاذ القرار القضائي بإخلاء سبيل الفاخوري وفي ملابسات تهريبه الى السفارة الأميركية ومن ثم الى الولايات المتحدة الأميركية.
ومن جهته، أشار عضو كتلة التنمية والتحرير الدكتور قاسم هاشم لـ”البناء” الى أن “صفقة الفاخوري طعنة عمالة وخيانة في نعش دولة المؤسسات”، داعياً الى إطلاق سراح الموقوفين وأكثريتهم مظلومون من القضاء لا غيره”، ودعا الى محاسبة المسؤولين عن هذا الجرم الوطني مهما علا شأنهم ولتكشف كل المعطيات والخفايا وإلا على الوطن السلام بعد ان أصبحت الخيانة وجهة نظر ونقطة على صفحة الصفقات”. وانتقد هاشم الحكومة التي اكتفت بشكر الرئيس الأميركي ولم تنتبه الى أن ما حصل قضى على السيادة والهيبة والمؤسسات ولم تعد تنفع استقلاليّة أو تبعية القضاء”.
ولم تحجب فضيحة الفاخوري الأنظار عن أزمة وباء الكورونا، إذ بلغ مجموع الحالات المثبتة مخبرياً إصابتها بالكورونا 149 حالة، بما فيها الحالات التي تمّ تشخيصها في المستشفى الحكومي، وتلك المبلّغة من المستشفيات الجامعيّة الأخرى المعتمدة من قبل الوزارة (أي تم تسجيل 16 حالة جديدة).
وتابعت وزارة الصحة العامة أخذ العينات من جميع المشتبه في إصابتهم مع تحديد ومتابعة جميع المخالطين ومراقبة جميع القادمين من البلدان التي تشهد انتشاراً محلياً للفيروس. كما تابعت التقصي الوبائي لبعض الحالات التي شخصت أخيراً”. وناشدت الوزارة من جديد “جميع المواطنين التقيد بالتدابير الصارمة الصادرة عن المراجع الرسمية ولا سيما الحجر المنزلي الإلزامي وضبط الحركة إلا عند الضرورة القصوى”.
وأشار تقرير غرفة العمليات الوطنية لادارة الكوارث الى أن “المصابين منذ 21 شباط 149 و16 اصابة اليوم والمتعافين 3 والحالات الحرجة 4 والوفيات 4”.
ووسط إجراءات وقائية، عقد مجلس الوزراء جلسة عادية في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وقد تمّ توزيع كمامات وقفازات على الوزراء وأُبعدت كراسيهم عن بعضها البعض كخطوة وقائيّة.
وقدّم وزير الصحة حمد حسن في مستهلّ الجلسة تقريراً عن وضع «كورونا» وآخر التطوّرات حول الوباء.
وبعد الجلسة، كشف حسن «أنه تم رصد 6 حالات من الكورونا مجهولة المصدر وسببها عدوى مجتمعية معتبراً أن هذا الأمر يزيد الخطر»، وقال: لأول مرة أضع كمامة لأن منسوب الخطر ازداد. وقال: التفاؤل الذي طلبنا ان يكون محفوفاً بالمسؤولية للأسف استخدم بطريقة عشوائية والناس «فلتت» مجدداً على الطرقات.
وإذ افيد أن حسن طلب عزل بعض المناطق اللبنانية، نفى المكتب الإعلامي لوزير الصحة في بيان، «الأخبار المتداولة عن وجود قرار بعزل بعض المناطق اللبنانية»، مؤكداً على «ما تقرر في جلسة مجلس الوزراء لناحية التشدد في تنفيذ الإجراءات ذات الصلة، لا سيما في الشق المتعلق بمنع التجمعات والحد من التجول على امتداد الأراضي اللبنانية، خاصة بعد ارتفاع حالات الإصابات خلال 48 ساعة المنصرمة».
كما نفى مصدر عسكري للـ»او تي في» صحة الخبر المتداول حول عزل كل من جبيل والصفرا وعمشيت والبوار والمعاملتين وأدما وجونية والزوق والكسليك وبعبدا والحازمية والحدث والشفروليه بقيادة الجيش وبالتنسيق مع الشرطة المحلية والبلديات ابتداء من فجر اليوم.
وتحدّثت معلومات عن 3 حالات إصابة بفيروس كورونا في عكار معلومة المصدر. ووفق معلومات «البناء» فإن وزير الخارجية ناصيف حتي يجري مفاوضات مع عدد من الدول التي أبدت استعدادها لمساعدة لبنان لا سيما المعدات الطبية. وكما علمت أن طائرة مساعدات ستصل قريباً الى لبنان من الامم المتحدة. كما وافق مجلس الوزراء على اي مساعدة طبية من الصين وطلب من 53 مستشفى خاصاً الاستعداد وتجهيز غرف لاستقبال مصابين بالكورونا.
وبحث المجلس في جدول أعمال من 11 بنداً أبرزها، مشروع القانون الرامي إلى تنظيم ووضع ضوابط استثنائية موقتة على بعض العمليات والخدمات المصرفية (كابيتال كونترول)، وموضوع الكهرباء، وتقدم سير الحفر في البئر الاستكشافية في الرقعة رقم (4)، واستكمال البحث في مستجدات الوضعين المالي والنقدي، بالإضافة الى أمور طارئة لاتخاذ القرارات المناسبة بشأنها. وأفيد أن جدالاً حصل في الجلسة وملاحظات عدّة حول المادة السابعة من مشروع الـ»كابيتال كونترول» المتعلق بتحديد سقوف السحوبات بالعملات الأجنبية قبل ان يرجئ المجلس البحث في المشروع. ورأى بعض الوزراء أن المشروع يحتاج الى مزيد من الدرس وطلبوا أن تكون الملاحظات خطية. وكُلف وزير المال غازي وزنة بإعادة صياغة المشروع وإدخال تعديلات على بنوده لا سيما المادة المتعلقة بالسحوبات بالدولار.