طفولــة كريــم وياســمين
دارين حوماني*
كريم وياسمين
ظلالٌ مليئة برائحة المطر الأولى
أغنية ما تبقى من خيط يربطني بهذا الزمان
يقول الطفل لأمه: أريد أن أتزوّجك حين أكبر
تقول الطفلة لأمها: ومن خلق الله..
أمدّ لهما الفراش
وقبل أن يأتي الفجر
أرتّب الشبابيك كي تجيء بالضوء..
ينام بهدوء
جفونه مزرّرة بأحلام كبيرة
في الخارج
حمامٌ يلقي بالطمأنينة فوق كتف النافذة
النافذة تتفاجأ..
تبتسم..
هديّة أخرى من الله..
كريم وياسمين
أثناء نومكما
أرى العالم صغيراً
وأنّ كل ما أحمله منه
هو هذه الأنفاس التي تهزّكما
سيُقرَع الجرس
وسأدرك كم سأبقى وحيدة بدونكما..
سيكلّمني الملاك من النافذة
قد نسافر إلى مكان ما
وقد أحمل ما لا أقوى على حمله
فيوقظني الملاك لأرمي كل شيء
وأنا أشعر بانتظاركما
قد نسافر الى مسقط رأسي
وأشعر أني أستحقّ قبلة
ثم أتذكر أني لم أساعدْكما بعد
على إنجاز فروضِكما..
الخفقان الحزين في صدري
كل ما يحتاج وقتاً لأقوله
وأنا أعلم أنه عليّ أن لا أعير انتباهاً
الى هذا العالم كله..
التحكّم بخوفي
الكلبُ الذي أتمنى أن يكون صديقي
فهو يُحسنُ الصداقة أكثر من أي كائن آخر
أتأملهما
يتمشّى مع صاحبه عند الخامسة فجراً
وأنا
ضد العالم ببضع كلمات لا تصلح لأغنية
فيما أغني عن الأشجار التي قطعوها
عن الأم التي تمنح المحكمة حق حضانة أطفالها لوالدهم
لأنّها الأم!
عن علاج النفس بالحجاب
عن جسدي الذي أتناساه
عن بالونات الصابون التي أنفخها مع إبنتي
فتزهر ياسميناً أبيض وأحمرَ
وأرى من داخلها العالم صغيرا
صغيراً جداً
لا يستحقّ حمله بدونكما..
كريم وياسمين
أنتما حديقتي الصغيرة
التي تملأ روحي بألوان قزح
قبلاتكما الساخنة تأكل قلبي
دفء لا ينتهي ..
طوال الليل وأنا أمشّط شعرَكما
بيديّ..
أناملكما الصغيرة
هي المخالفة الوحيدة في حياتي
كل شيء فيّ يسير نحو الموت
ما عداها..
ليس بمقدوري شرح ما أحسّ به أكثر..
جمال الحياة بلا انقطاع..
*شاعرة لبنانيّة.