رئيس الجامعة اللبنانية البروفسور فؤاد أيوب: } إنجازات رغم التحدّيات } التوازن المالي في ميزانية الجامعة وإنشاء صندوق دعم الطلاب
حسين حاموش
لم يحصل أن واجهت رئاسة الجامعة اللبنانية منذ تأسيسها في الخمسينيات من القرن الماضي إلى اليوم تحديات صعبة ومصيرية كالتي واجهها، وما يزال، الرئيس الحالي للجامعة البروفسور فؤاد أيوب.
حملة بغيضة من الافتراءات والتضليل والتشويه أدانها القضاء بقرار اتهامي (بالجناية) لمفتعليها. كما تعهّد أبرز المدّعى عليهم أمام النيابة العامة الاستئنافية (في بعبدا) وأمام القاضي المنفرد الجزائي (في بعبدا)، بعدم التعرّض للجامعة ولرئيسها تحت طائلة المساءلة والمحاسبة.
أولاً: التساؤل عن أسباب هذه الحملة؟ وما هي الأهداف؟
بدايةً، رافق «الحملة» «تجييش» إعلامي تحت عنوان «الدفاع عن الجامعة اللبنانية».
في المباشر: استهداف البروفسور أيوب بشخصه، وبإدارته، وبتسييره لشؤون وقضايا الجامعة «منفرداً، حسب زعمهم، على جميع الصعد.
في الأساسي: لا شك أن البعض من أهل الجامعة أخذ بادّعاءات أصحاب «الحملة» وتأثر «بالتجييش» الإعلامي، والبعض الآخر انخرط فيه دون وعي. ولكن عندما تبيّن «الخيط الأبيض من الخيط الأسود»، وقال القضاء «الكلمة الفصل»، تراجع بعض من انخرط «بالحملة» من الهيئة التعليمية، ومن بعض الحركة الطلابية، لا سيما بعدما أدركوا أبعاد وخلفيات الدور الذي شجّعت عليه جهات إعلامية لأهداف لا تريد الخير للجامعة. ولمس الحريصون على الجامعة وتطويرها وتعزيزها أنّ أهداف هذه «الحملة» تتوخى إضعاف رئيس الجامعة ووضع اليد عليها وعلى مؤسساتها وإدارتها.
ثانياً: التذكير بمرحلتي التأسيس والنهوض في الجامعة اللبنانية
المرحلة الأولى: من التأسيس إلى العام 1970
تأسست الجامعة اللبنانية في بداية الخمسينيات من القرن الماضي، أيّ بعد حوالي عشر سنوات على نيل لبنان الاستقلال في العام 1943. ولم يكن في لبنان، في ذلك الوقت، سوى الجامعة الأميركية في بيروت التي تأسست في العام 1866، وجامعة القديس يوسف التي أسّسها الآباء اليسوعيون في العام 1875. وفي العام 1960 أنشئت جامعة بيروت العربية من خلال وقف جمعية البر والإحسان. كانت انطلاقة الجامعة اللبنانية في ذلك الحين متواضعة عبر عدد محدود من الكليات والاختصاصات.
المرحلة الثانية: مرحلة النهوض من العامين 1971-1972 إلى العام 1975
مع بداية عقد السبعينيات تأسس الإتحاد الوطني لطلاب الجامعة اللبنانية، حيث انطلقت مسيرة النهوض بالجامعة الوطنية بقيادة الإتحاد ورابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة يداً بيد تحت عنوان: «تطوير وتعزيز الجامعة اللبنانية والتعليم الرسمي». وقد حققت هذه المسيرة مكاسب نوعية كان أبرزها إقرار هيكلية أكاديمية وطنية، حيث تكاملت رئاسة الجامعة مع الهيئة التعليمية بقيادة رابطة الأساتذة المتفرّغين في الجامعة ومع الحركة الطلابية بقيادة الإتحاد الوطني لطلاب الجامعة، من خلال المشاركة في اتخاذ القرارات مما أثمر نهضة أكاديمية تجسدت في الآتي:
– تعزيز الجامعة، كليات ومعاهد.
– تطوير البرامج على قاعدة مواكبة التطورات العلمية العصرية والمستقبلية.
– توسيع ملاك الأساتذة المتفرّغين وفق معايير الخبرة والكفاءة العلمية.
– زيادة عدد منح التخصّص في الخارج للمتفوّقين.
– وضع أنظمة مجلس الجامعة ومجالس الكليات والمعاهد.
ثالثاً: مرحلة الحرب الداخلية والسنوات اللاحقة
أثناء فترة الحرب في لبنان والسنوات التي تلتها حتى العام 2016، مرّت الجامعة بظروف وتحديات شتى اقتضت فتح فروع في المناطق لتوفير التحصيل الجامعي للطلاب الذين تعذّر عليهم التنقل إلى أماكن الكليات بسبب المخاوف الأمنية. واستمرّت الجامعة اللبنانية في دورها الأكاديمي وعطائها التعليمي، ونال طلبتها شهاداتهم وإفاداتهم الدراسية من دون تأخير كبير. كما تمّ افتتاح مجمع الحدث الجامعي، وانضمّت أعداد أكبر من الطلبة إلى الجامعة، وتوسّعت الكليات والفروع لتستوعب الطلب المتزايد على التعليم الجامعي الرسمي.
رابعاً: الوضع الحالي للجامعة
تحت رئاسة البروفسور فؤاد أيوب
تسلّم البروفسور فؤاد أيوب رئاسة الجامعة اللبنانية في العام 2016، بعد أن تمّ اختياره عن طريق الانتخاب في مجلس الجامعة من بين مجموعة من المرشحين ومن ثم تثبيت هذا الاختيار من قبل وزير التربية والتعليم العالي وصدور مرسوم التعيين في مجلس الوزراء. ومنذ تلك اللحظة، بدأت جهات معروفة حملة مبرمجة ومنسّقة عبر وسائل الإعلام لتشويه صورة رئيس الجامعة الجديد والاعتراض على تعيينه. ورغم قساوة هذه «الحملة» الحاقدة، فقد تحمّل رئيس الجامعة الافتراءات والادّعاءات الكاذبة بصمت كبير وتعال عن الأذى لعامين متواصلين حرصاً منه على عدم جرّ الجامعة إلى سجالات تضرّ بها وبمصداقيتها. لكن، وبعد أن تبيّن للبروفسور أيوب أنّ أصحاب «الحملة « لديهم أجندات خاصة لضرب الجامعة وتفتيت مؤسساتها وتشويه سمعتها، قام بتكليف الوكيل القانوني للجامعة ومحامٍ من خارج الجامعة لتقديم الدعاوى المناسبة أمام القضاء اللبناني إحقاقاً للحق وصوناً لصورة الجامعة. وفي هذه الأثناء، لم يترك رئيس الجامعة لهذا الحملات ومثيلاتها أن تؤثر على قيامه بمسؤولياته بهمّة عالية، وتفرّغ بشكل كلي لمتابعة إدارة وتسيير شؤون الجامعة وفق الأصول والأنظمة والقوانين المرعية الإجراء، مسترشداً برأي اللجنة القانونية التي تضمّ أساتذة وموظفين من الجامعة وبرأي الهيئة الاستشارية القانونية المؤلفة بموجب قانون الجامعة من ثلاثة قضاة من مجلس شورى الدولة وديوان المحاسبة مشهود لهم علماً وفقهاً واجتهاداً ومعرفة وخبرة. وفي المناقصات في الجامعة، التزم الرئيس أيوب بما تقرّره لجنة المناقصات المؤلفة من 12 عضواً من أساتذة الجامعة المعروف عنهم التجرّد والنزاهة والشفافية، حيث إذا وافقت اللجنة يوافق، وإذا لم توافق لا يوافق.
وحرص رئيس الجامعة على إجراء عملية إصلاح شاملة، أكاديمية وإدارية، بهدف خدمة طلبة الجامعة وأساتذتها وموظفيها وضمان استمرارية عمل هذه المؤسسة الوطنية بشفافية تامة وفق القانون.
خامساً: إنهاء العجز في ميزانية الجامعة
في الوقت الذي كان يعاني فيه المواطنون من أزمة الضائقة الاقتصادية المالية النقدية، وظهرت إلى العلن أخبار الفساد والهدر والتجاوزات في مؤسسات الدولة من دون حسيب ورقيب، استطاع البروفسور أيوب، وبمزيج من الإجراءات القاسية والاستباقية والواعية لمصلحة الجامعة المستقبلية، أن يحقق في العام 2019 التوازن المالي في ميزانية الجامعة وإنهاء العجز المالي فيها، والذي كان قد وصل إلى 98 مليار ليرة لبنانية عندما تسلّم رئاسة الجامعة في العام 2016. هذا الإنجاز، ما كان ليتحقق لولا الالتزام الصارم بتطبيق القوانين وبالتدقيق في المعاملات المالية وترشيد الإنفاق وتنفيذ إجراءات مشدّدة، لم يكن ليتجرّأ شخص آخر على القيام بها، حفاظاً على مصلحة الجامعة واستمرارية دورها تجاه طلابها وأساتذتها وموظفيها.
وفي هذه الظروف الصعبة التي نعيشها، فإنّ ما تحقق في الجامعة اللبنانية، ميزانية بعجز صفر، هو إنجاز للوطن وللمواطن ولكلّ فرد في الجامعة. إنه مثال حيّ وملموس للخطوات المطلوبة لمنع الفساد والهدر والنهب.
سادساً: تسجيل 312 طالباً من غير القادرين على تأمين رسوم التسجيل
في ظلّ الضائقة المالية والنقدية التي تواجه الطلاب وعائلاتهم، بادر الرئيس أيوب إلى إنشاء صندوق مؤقت بموجب القرار رقم 3558 تاريخ 6/12/2019 وذلك لدعم الطلاب غير القادرين على تسديد رسوم التسجيل في الجامعة للعام الدراسي 2019-2020. وقد تمّ وضع آلية عمل شفافة لتحديد أعداد وأسماء هؤلاء، حيث طُلب إليهم تعبئة استمارة الكترونية وأخرى ورقية في الكليات التي ينتمون إليها وإرسالها إلى الإدارة المركزية.
وخلال شهر كانون الثاني 2020، قامت اللجنة المشكلة بموجب القرار 3558 المؤلفة من أساتذة في الجامعة بدراسة الاستمارات وتحديد أسماء الطلاب وفق أولويات أخذت بعين الاعتبار ما يلي:
ـ الوضع الاجتماعي داخل العائلة وعدد أفرادها.
ـ وجود حالات خاصة في العائلة (احتياجات خاصة، أمراض مزمنة، فقدان المعيل الأساسي، التوقف عن العمل).
وبناءً على ذلك وضعت لكلّ كلية لائحة أولويات بالأسماء. وقد بلغ عدد الاستمارات التي تمّت دراستها 1062 استمارة منها 826 استمارة من فروع الجامعة في شمال لبنان. وتمّ استبعاد الاستمارات التي لا تنطبق عليها الشروط المطلوبة.
أظهرت الأعداد الكبيرة للطلبة الذين تقدّموا بطلب المساعدة المادية عمق الأزمة الاقتصادية المالية التي تعصف بالبلاد ووصولها إلى «شرائح كنا نظنها في مأمن من الأزمة».
ووفق الموقع الإلكتروني للجامعة، فقد بلغ مجموع المساهمات التي وصلت إلى صندوق دعم الطلاب مئة وثلاثة وعشرون مليوناً وأربعمائة واثنين وستون ألف ليرة لبنانية /123,462,000/ ل.ل، استفاد منها 312 طالباً وطالبة منهم 201 طالباً من فروع الجامعة في الشمال اللبناني.
تمّ جمع المساهمات والتبرّعات المالية لدعم الصندوق من أفراد الهيئة التعليمية والإدارية في الجامعة، ومن طلاب الجامعة وخرّيجيها، ومن جهات مانحة أخرى: جمعيات وبلديات ومؤسسات وأفراد. ولو توفرت مبالغ مالية أكبر لكانت الجامعة لبّت حاجات أعداد إضافية من الطلبة. ولمزيد من الحرص والشفافية نشرت رئاسة الجامعة اللبنانية على موقعها الالكتروني جميع التفاصيل، لا سيما أسماء المتبرّعين والمبالغ التي تبرّع بها كلّ منهم وكذلك عدد الطلاب المستفيدين.
وقد دعا الرئيس أيوب مجتمع الجامعة اللبنانية إلى التفكير ملياً باقتراح حلول لمساعدة الطلاب في حال امتداد الأزمة المالية للعام الدراسي القادم. ولا شك أنّ المستقبل، وفق ما نشهده حالياً من مصاعب تعاني منها المالية العامة للدولة وضمور سوق العمل وتشديد إجراءات حصول المودعين على أموالهم في المصارف وبالتالي خفض إمكانية الاستثمار في المشروعات الداخلية، سيحمل المزيد من التحديات والصعوبات أمام الجامعة وطلابها.
سابعاً: لماذا هذا الغياب
عن دعم الجامعة اللبنانية؟
نلاحظ أنّ كبريات الجامعات الخاصة في لبنان والتي لها صلات خارجية تحصل على الدعم المالي من ثلاثة مصادر: هبات من مؤسسات أجنبية، مساهمات مالية من جمعيات الخرّيجين، هبات من رجال أعمال لبنانيين وشركات لبنانية. أما الجامعة اللبنانية فتعتمد كلياً على الموازنة التي تقرّرها لها الحكومة اللبنانية. وفي موازنة الدولة للعام 2019، تمّ خفض موازنة الجامعة بحوالي 34 مليار ليرة لبنانية مما سيؤثر على برامج التطوير في الجامعة. وكم كنا نتمنّى لو يُبادر خريجو الجامعة اللبنانية، وأعدادهم عشرات الآلاف، ومن بينهم من حقق نجاحات مادية في لبنان وفي المهجر، إلى تقديم دعم سنوي ثابت للجامعة. وكم كنا نتمنّى كذلك لو يقوم بعض رجال الأعمال اللبنانيين بتوفير مخصصات لبناء مبان جديدة لكليات الجامعة ولسكن الطلاب في بيروت والمناطق، وتسمّى باسمهم تخليداً لعطاءاتهم، بحيث يتمّ رفع أعباء الإيجارات عن كاهل الجامعة. وكم كنا نتمنّى أيضاً لو تقوم عائلة لبنانية مقتدرة أو مصرف لبناني بوهب وقف مالي أو عقاري للجامعة تخصص موارده لدعم البحث العلمي في الجامعة اللبنانية.