كورونا يقرع جرس الإنذار مع بلوغ الإصابات 0.1 في الألف في إيطاليا… و0.2 في نيويورك / ثلثا الإصابات العالميّة في إيطاليا وأميركا واسبانيا وبريطانيا وفرنسا… ولبنان رقم 57 / تولّي الجيش والقوى الأمنيّة تطبيق التعبئة العامة… والحكومة لخطة مساندة اجتماعيّة /
كتب المحرّر السياسيّ
ليس الحال في لبنان مع فيروس كورونا على ما يرام في ظل الخروق الفاضحة والمؤلمة للإجراءات الوقائيّة التي تظهرها الصور وتسجيلات الفيديو، لكمية الاستهتار في عدد من المواقع، حيث يتصرف البعض وكأن حال التعبئة العامة التي أعلنتها الحكومة وما فيها من تعطيل للمدارس والعديد من المؤسسات كعطلة للاستجمام، وحيث تستمرّ بعض الشرائح في المجتمع بإحياء الأفراح والأحزان وكأن شيئاً لم يتغيّر، وحيث يحتال البعض بنية الربح بخلفية استغلال الأزمة، عبر إقامة أماكن لهو مموّهة يحتشد فيها الشبان وراء أجهزة الكمبيوتر، لكن لبنان لا يزال في وضع مميّز بالقياس لدول العالم، ورغم تزايد عدد الإصابات خلال أسبوعين من 33 إلى ثمانية أضعاف مع رقم يزيد عن الـ 250 إصابة، سجل لبنان مكانة أفضل خلال هذين الأسبوعين بين دول العالم، فانتقل من حيث عدد الإصابات من المرتبة 39 إلى المرتبة 57 وانتقل من حيث عدد المصابين لكل مليون نسمة من المرتبة 19 إلى المرتبة 57 أيضاً، وسبقته دول كثيرة في لائحة تفشي وانتشار الفيروس، وهي في أغلبها من الدول المصنّفة صناعية ومتقدّمة وتنتمي نظرياً للعالم الأول.
الذعر العالمي من الفيروس سجله تخطي عتبة الألف مصاب بالمليون نسمة أي الواحد بالألف في إيطاليا، بينما في نيويورك قفز الرقم على إثنين بالألف أي 2000 بالمليون مع تسجيل رقم 17 ألف مصاب من أصل ثمانية ملايين نسمة ونصف مليون عدد سكان نيويورك، وبقي لبنان مع نسبة 39 إصابة بالمليون مقابل معدل وسطي عالمي بـ 8,47 بالمليون.
خلال عشرة أيام فقط تراجعت الصين وإيران وكوريا الجنوبية من الواجهة، بعدما كانت تحتلّ بالتتابع المراتب الثلاث الأولى في عدد الإصابات والوفيات ونسبة المصابين لعدد السكان، عندما كان عدد المصابين في العالم 100 ألف مصاب تحت العلاج وفي حال الإصابة الفعليّة من أصل إجمالي مسجل يقارب الـ 125 ألفاً، وها هو الرقم يقفز إلى 250 ألف مصاب فعلي من أصل رقم إجمالي يزيد عن الـ 360 ألفاً شفي منهم قرابة الـ 100 ألف وتوفي منهم قرابة الـ 10 آلاف، منهم الثلثان فقط في خمس دول غربية (164 ألفاً) موزّعة كما يلي، في إيطاليا (50 ألفاً) وأميركا (40 ألفاً) وألمانيا (29 ألفاً) وإسبانيا (28 ألفاً) وفرنسا (17 ألفاً)، وفيما تسجل إيطاليا تحسناً بعد وصول المساعدات الصينيّة والروسيّة فتحقق 7 آلاف حالة شفاء، تتقدّم أميركا إلى الواجهة مع تدفق المعلومات عن تدنّي مستوى الاستعداد والجهوزية، وشكاوى من كذب الإدارة في الحديث عن «وضع تحت السيطرة»، وتبدو بؤرة الفيروس نيويورك بعدما كانت ووهان وقم، وتقرع وسائل الإعلام الأميركية أجراس الإنذار مع استهتار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وتقديمه وعوداً كاذبة بتأمين الاحتياجات الأساسية المفقودة، كما يؤكد عمدة نيويورك، من الكمامات ووسائل التعقيم، وأجهزة التنفس الاصطناعي، وعدم كفاية الأسرّة في المستشفيات.
في لبنان بدأ تطبيق الجيش والقوى الأمنية خططاً أمنية لمواكبة وتطبيق حالة التعبئة العامة، التي قررتها الحكومة مطلع الأسبوع الماضي، وسدّ الثغرات التي كشفها التطبيق، وشهدت العاصمة والمناطق دوريات وحواجز عسكرية وأمنية، وأصدر رئيس الحكومة تدبيراً إدارياً يحدّد المؤسسات المستثناة من قرار التوقف عن العمل، والشروط الواجب عليها توفيرها ضمن حال التعبئة العامة، بينما كشفت مصادر حكومية عن بدء التحضير لخطة مواجهة التداعيات الاجتماعية للإجراءات التي فرضتها حالة انتشار فيروس كورونا، والتي لاقتها مبادرات أهليّة لجمع التبرّعات وتقديم المعونات للفئات الأكثر تأثراً بالأزمة، وحاجة للمساعدة، خصوصاً فئة العاملين المياومين، الذين يكسبون رزقهم يوماً بيوم وتوقفت أعمالهم ومعها مداخيلهم. وقالت المصادر إن رئيس الحكومة شكل خليّة عمل لدراسة الخطط الإضافية لتخفيف الأعباء عن هذه الفئات وتحمل الدولة مسؤوليتها في تقديم المساعدات اللازمة للعائلات التي تشكو فقدان مصدر الدخل.
وأعلنت غرفة العمليات الوطنية لإدارة الكوارث في تقريرها اليومي حول الوباء أن «عدد الحالات الجديدة بـ»كورونا» في لبنان وصل إلى 267 حالة، بعد تسجيل 19 إصابة جديدة، في حين أنّ عدد الوفيات على حاله وهو 4، أما الحالات الحرجة فهي 4، وتماثل للشفاء 8 مصابين».
وفيما أصيب الوزير السابق محمد الصفدي في الوباء ويتماثل الى الشفاء بحسب ما نقلت زوجته، سجلت أمس، إصابة الوزيرة السابقة مي شدياق في الوباء بعد عودتها من فرنسا الى لبنان.
وأعلن المستشفى الحكومي في تقريره اليومي عن المعلومات التالية: «وصل مجموع الحالات التي ثبتت مخبرياً إصابتها بفيروس الكورونا والتي عزلت في منطقة العزل الصحي في المستشفى الى 59 حالة، منها 9 إصابات تمّ نقلها من مستشفيات أخرى الى المستشفى الحكومي» . أضاف: «امتثال 5 إصابات للشفاء بعد أن جاءت نتيجة فحص الـ PCR سلبية في المرتين وتخلصها من كافة عوارض المرض. وتأكيد الوزيرة السابقة مي شدياق إصابتها بفيروس كورونا».
ولفت التقرير الى أن «جميع المصابين بفيروس الكورونا يتلقون العناية اللازمة في وحدة العزل ووضعهم مستقر ما عدا 3 إصابات وضعها حرج».
وأوضح مرجع صحيّ سابق لـ«البناء» أننا «في مرحلة ترقب لحوالي 10 أيام لرصد نسبة الإصابات بعد الإجراءات الصارمة التي اتخذتها الحكومة وعلى ضوء تطور عدد الاصابات يبنى على الشيء مقتضاه»، مشيراً الى تراجع نسبي للاصابات لا سيما يوم أمس الذي كان أفضل من اليوم الذي سبقه»، مضيفاً أن كل شيء يتوقف على أمرين أساسيين: الاول التزام المواطنين بإجراءات التعبئة العامة وثانياً مدى قدرة المستشفى الحكومي والمستشفيات الخاصة على استيعاب واحتواء الإصابات الجديدة التي تدخل اليها ومعالجتها وإرسال من تعافى نسبياً الى منزله ليكمل علاجه عبر الحجر المنزلي افساحاً في المجال لإدخال حالات جديدة الى المستشفيات». ولفت الى أن نسبة الإصابة بهذا الوباء كبيرة لكن نسبة الشفاء منه عالية جداً»، ولفت المصدر الى التجارب على اكتشاف العلاج للمرض في فرنسا يحتاج الى 10 أيام لإثبات نجاحه في القضاء على الفيروس، مشيراً الى أن عدداً من الأطباء اللبنانيين والجمعيات العلمية تتابع تطور اكتشاف العلاج في اكثر من دولة للاستفادة منه في لبنان، موضحاً ان العلاج الذي يتم الحديث عنه هو موجود في لبنان وهو علاج لفيروس المالاريا».
الى ذلك، يتزايد الخطر من وجود إصابات داخل مخيمات النزوح السوري، في ظل معلومات تتحدث عن دخول عدد من السوريين الى لبنان بطريقة غير شرعية. وقد اشارت معلومات أمنية الى إجراءات مشددة تتخذها القوى الامنية اللبنانية داخل مخيمات النزوح. وعلى صعيد مخيمات اللجوء الفلسطيني أكد عضو قيادة حركة فتح في لبنان اللواء منير المقدح لـ«البناء» عدم تسجيل أي إصابة في الكورونا في المخيمات الفلسطينية حتى الساعة، مشدداً على ان «قيادة المخيم اتخذت إجراءات مشددة وتعمل بشكل دؤوب على مدار الساعة لمنع انتشار المرض عبر عمليات التعقيم على مداخل المخيم وإجراء الفحوصات لمن يدخل المخيم اضافة الى اجراءات مشددة على مداخل المخيمات لضبط حركة الخروج والدخول من المخيم»، كما نوّه بنسبة التزام اهالي المخيم بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة اللبنانية والتي تشرف على تطبيقها المنظمات الفلسطينية في المخيم»، وعلى المستوى الاجتماعي لفت المقدح الى أن «المؤسسات الاجتماعية الفلسطينية العاملة في المخيم بالتعاون مع وكالة الاونروا تقوم بتوزيع حصص غذائية على الاسر الفقيرة»، كما لفت الى «تنسيق دائم مع وزارة الصحة اللبنانيّة عبر غرفة عمليات مشتركة في السفارة الفلسطينية لمتابعة الأوضاع في المخيم وقد حصلت اجتماعات متتالية لهذا الأمر كما تمّ إنشاء مراكز طوارئ لاستيعاب أي حالات إصابة بالمخيم».
على صعيد الخطة الأمنية لتنفيذ إجراءات التعبئة العامة، واصل الجيش اللبناني والقوى الأمنية المختلفة بالتعاون مع البلديات فرض حالة حظر التجول بالقوة في مختلف المناطق، وقد أبدى المواطنون درجة عالية من الالتزام رغم بعض المخالفين حيث عمدت القوى الأمنية الى قمعها وتسطير محاضر ضبط بحقهم. كما حصل في بعض الاسواق في طرابلس وصبرا – الرحاب. واشارت قوى الامن في بيان ان حصيلة مخالفات قرار التعبئة العامة حتى مساء أمس بلغت 503.
وكان وزير الداخلية أكد في مؤتمر صحافي عقده امس الاول، أعلن فيه رفع درجة التعبئة العامة محذراً من عواقب وخيمة اذا استمرت حالة الاستهتار لدى المواطنين، معلناً عن توجه لدى القوى الأمنية لفرض حظر التجول بالقوة. ملمحاً الى امكانية اعلان حالة الطوارئ الشاملة اذا ما استدعت الحاجة اليها، إلا أن هذا القرار لم يحصل على إجماع سياسي وحكومي ورئاسي في ظل ما نقل عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري بأنه اتصل برئيس الحكومة حسان دياب طالباً إعلان حالة الطوارئ للسيطرة على تفاقم الاوضاع، لكن دياب لم يتجاوب علماً أن القرار يحتاج الى ثلث مجلس الوزراء فيما تتحدث المعلومات عن تشاور بين رئيسي الحكومة والجمهورية ميشال عون قبيل اتخاذ القرار. فيما نفى التيار الوطني الحر أن يكون هو وراء عرقلة قرار إعلان حالة الطوارئ، مؤكداً أن هذا الامر بيد الحكومة وليس أي طرف آخر. علماً ان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله كان أعلن في خطابه الأخير موافقته على أي خطوة تتجه اليها الحكومة لمنع انتشار الوباء من ضمنها عزل بعض المناطق وإعلان حالة الطوارئ، لكن مصادر دستورية توضح أن إعلان حالة الطوارئ تقيد بمدة محددة وبمنطقة معينة ويتمّ تسليم الجيش اللبناني الأمن على كافة الأراضي اللبنانية، بهذه الحالة لفرض حالة حظر التجول بالقوة. فيما علمت «البناء» ان الحكومة تتدرج بإعلان حالة الطوارئ بحسب تطورات انتشار المرض وحالات الإصابة. وكان رئيس المجلس النيابي نبيه بري اتصل بكل من وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي ووزير المال غازي وزنة طالباً منهما تحرير اموال البلديات من الصندوق البلدي المستقل لدعمها للقيام بمهامها لمواجهة انتشار الكورونا.
واشار رئيس لجنة المال والموازنة النيابية ابراهيم كنعان الى أنه وفقاً للمادة 32 من الموازنة فإن مساهمات البلديات تجوز للأمور الرعائية والصحية تحت سقف صلاحياتها خصوصاً في ظرف الكورونا.