قانون عودة المبعدين: تتمة لإطلاق العميل الفاخوري وتمهيداً لعودة ذئاب بثياب
} عمر عبد القادر غندور*
في تسريبات شبه مؤكدة أنّ هناك تحضيرات جارية لمشروع مرسوم يتضمّن آلية واضحة لتطبيق القانون تلحظ جميع حالات «المبعدين»، ولن يتمّ طرحه إلا بعد أن تتلاشى موجة الغضب من إطلاق العميل عامر الفاخوري وتهريبه إلى الولايات المتحدة.
وكان مجلس النواب اللبناني أقرّ عام 2011 مشروع قانون تقدّم به «التيار الوطني الحرّ» لمعالجة أوضاع اللبنانيين في «إسرائيل»، ويسمح هذا القانون للأفراد الذين لم ينضمّوا عسكرياً وأمنياً في «ميليشيات جيش لبنان الجنوبي» وعائلاتهم من زوجات أو أزواج وأولاد أن يعودوا الى لبنان من دون الخضوع للتحقيق. أما من شاركوا في رذالات «ميليشيا جيش لبنان الجنوبي» فسيتمّ التحقيق معهم ويخضعون للمحاكمة العادلة. لكن لم يُعمل على وضع مراسيم تطبيقية للقانون وهو ما أشار إليه وزير الخارجية السابق جبران باسيل.
كما أنّ هناك توجهاً لدى «التيار» لإدراج الموضوع ضمن «سلة العفو الشاملة» التي تُبحث قريباً وتشمل الموقوفين الإسلاميين وتجار المخدرات والمهرّبين، علماً بأنّ حزب الكتائب كان قد تقدّم عام 2012 باقتراح قانون عفو عن اللبنانيين المتواجدين في «إسرائيل» لكنه لم يقرّ بأيّ جلسة تشريعية برلمانية.
ويقول راعي الأبرشية المارونية في الأراضي المحتلة المطران بولس صيّاح انّ عدد من تبقى في «إسرائيل» 2700 لبناني 60 بالمئة مسيحيون و 40 بالمئة مسلمون شيعة ودروز والأكثرية تقطن شمال الكيان في مدن نهاريا وكريات شمونة وطبريا وعدد قليل في الخضيرة ونحو ٥٠ عائلة في حيفا ولا يتعاطون مع مواطني 1948 ولا يختلطون معهم، وعرضت عليهم «إسرائيل» الجنسية «الإسرائيلية»، ويقول المطران صيّاح إنه لا يعرف عدد الحاصلين على الجنسية «الإسرائيلية» ومنهم عدد كبير من الأولاد الذين ولدوا في خلال العشرين عاماً الماضية منذ حرب التحرير التي أنجزتها المقاومة فخرجت «إسرائيل» لأول مرة من أرض احتلتها دون قيد او شرط.
هذا في سياق العرض.
أما في التوصيف، فثمة تضليل عندما يُقال «المبعدين»! هؤلاء من أبعدهم؟ هل المقاومة أبعدتهم؟ أبداً! هل الدولة أبعدتهم؟ أبداً! هم الذين شكلوا العمود الفقري لجيش لحد وكانوا يد إسرائيل الظالمة في لبنان، هم اختاروا الهروب مع جيش الاحتلال ووجدوا الملاذ لدى دولة الاحتلال.
إذن هؤلاء ليسوا «مبعدين» بل عملاء وجواسيس لـ «إسرائيل» خانوا وطنهم وأيديهم ستبقى ملطخة بدماء اللبنانيين وأشبه بذئاب بثياب.
لكن ثمة محاولات يجري تداولها في الوقت الحاضر ويلحظها مشروع القانون لدى مجلس النواب بحيث يسمح للذين اختاروا بملء إرادتهم أن يغادروا لبنان مع جيش الاحتلال ان يعودوا الى لبنان من دون الخضوع للتحقيق، أما الذين شاركوا في عمليات ما سمّي بعصابات جيش لبنان الجنوبي يخضعون لمحاكمة عادلة، وهذا القانون أقرّه مجلس النواب عام 2011! وقد تجلت مثل هذه المحاكمة العادلة في التحقيق مع العملاء الذين لم يغادروا فصدرت بحقهم أحكام رمزية تافهة قضت بتغريم القاتل الذي أرعد وأربد وقتل وأحرق بوجود الاحتلال، غرامة مليون ليرة وحتى دون ذلك، وقد كوفئت القاضية بتوزيرها.
ولعلّ وزيرة العدل الحالية ماري كلود نجم تعمل على تعديل قانون العقوبات.
… أما «المبعدون» في «إسرائيل» الذين اختاروا موالاة الصهاينة على حساب ولائهم لبلدهم وعاشوا في حضن الاحتلال، وتزوّجوا وأنجبوا وبعضهم حصل على جنسية الاحتلال، ثم جاء من يطالب بإعادتهم وتسطير مشاريع قوانين لاسترجاعهم والإفادة من قانون العفو عن الموقوفين الإسلاميين، وكثير من هؤلاء موقوفون ظلماً على ذمة التحقيق ولم يجرِ التحقيق معهم!
أما من يدّعي انّ أولاد العملاء من المبعدين او المستبعدين باختيارهم، لا ذنب لهم، فهذا محض افتراء على الواقع، وقد ترعرعوا في كنف الاحتلال وامتلأت صدورهم بالحقد والكراهية ما جعلهم لا يختلطون مع مواطني 48 ولا يقاربوهم وكأنهم رجس وبلاء! بعد ان تربّوا في حضن الاحتلال ونهلوا من حليبه وعدوانيته.
وفي لبنان من يجدُّ ويجتهد بأنّ العملاء الذين اختاروا «إسرائيل» على وطنهم يتجاهلون جرائم هؤلاء العملاء الذين عاثوا فساداً وقهراً وتجبّراً بحق الجنوبيين الصامدين والصابرين لا يرقبون فيهم رحمة ولا إنسانية.
وليست ببعيدة جريمة إطلاق العميل عامر الفاخوري في أوضح اختراق ومذلة لسيادتنا الوطنية حتى يأتي اليوم من يريد ان «يفلسف» مفهوم العمالة ويجد لها المبرّرات والأسباب التخفيفية كاعتبار التطبيع مع «إسرائيل» وجهة نظر توجب الاحترام وعن مثل ذلك قال أديبنا الكبير الراحل مارون عبود «من تمنطق فقد تزندق».