من عزيز اليمن إلى فراعنة العصر
} شوقي عواضة
على أبواب العام السادس للعدوان ظهر قائد حركة أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي عبر قناة “المسيرة” ملقياً كلمة تحمل الكثير من الرسائل والدلالات. فمع نهاية العام الخامس للعدوان على اليمن وفي اليوم الوطني للصمود أعلن السيد عبد الملك الحوثي أنّ اليمن اليوم أقوى مما كان عليه منذ بداية العدوان قبل خمس سنوات، إذ أنّ اليمن اليوم يمتلك قدرات عسكرية متطوّرة وكبيرة ومتنوّعة في شتى المجالات بدءاً من منظومة الصواريخ الباليستية والطائرة المسيّرة القادرة على الوصول إلى العمق السعودي وتحقيق أهدافها بدقة متعالية. واعداً بأنّ يكون العام السادس سيكون عام المفاجآت اذا ما استمرّ تحالف العدوان في استهداف اليمن، إذ أنّ مسار الانتصارات الميدانية في تصاعد مستمرّ مترافقاً مع العمل الدؤوب في تطوير القدرات الصاروخية والقتالية للجيش اليمني واللجان، وبذلك أراد السيد الحوثي توجيه رسائل متعدّدة لقوى الشر والعدوان مفادها أنّ ما عجزتم عن تحقيقه خلال خمس سنوات من العدوان لن تحققوه بزيادة سنوات العدوان، وأنّ اليمن لن يكون إلا كما يشهد له التاريخ مقبرة للغزاة. لافتاً إلى أنّ الهزائم المتتالية لقوى العدوان بدءاً من الهزائم العسكرية والأمنية والسياسية ستزداد مع إصرارهم على استكمال عدوانهم وذلك في إشارة إلى الفشل الذريع الذي لاقته قوى العدوان في محاولاتها لشراء القبائل اليمنية التي كان لها موقف مشرّف ووطني برفض التآمر على وطنهم، إضافة إلى ما أنجزته القوى الأمنية في صنعاء من كشف واعتقال لشبكات تجسّس تعمل لصالح العدوان وأضف إلى ذلك حركة الانشقاق التي شهدتها قوى تحالف العدوان بكلّ فصائلها ومرتزقتها وذلك يعني أنّ الجيش اليمني وأنصار الله لم يسطروا انتصارات ميدانية على الجبهات وحسب بل إنهم على المستوى الأمني استطاعوا أن يلحقوا بقوى العدوان وأجهزته الاستخباراتية خسائر لا تقلّ أهمية عن هزيمتهم ميدانياً.
أما على المستوى الاقتصادي فأشار السيد عبد الملك الحوثي إلى أنّ الخسائر الاقتصادية لقوى العدوان تزداد يوماً بعد يوم، وهي خسائر كبيرة، وعلى رأس المنهزمين اقتصادياً جراء العدوان على اليمن السعودية والإمارات اللتين تشهدان أزمة كبيرة وتراجعاً مستمراً سيؤدّي إلى الانهيار الحتمي. وأشاد السيد عبد الملك الحوثي بصمود وتضحيات الشعب اليمني الذي أذهل العالم بصموده الأسطوري الذي ترجم في كافة الميادين العسكرية والاجتماعية وتضحيات الشهداء والجرحى وعوائلهم.
أما الرسالة الأهمّ في كلمة السيد عبد الملك الحوثي فكانت لفلسطين. فلسطين التي لم تغب عن ضمير عزيز اليمن وشعبه وأنصاره حتى في سنوات الحصار العجاف. خرج السيد الهاشمي من صنعاء المحاصرة ليعلن أنه على استعداد ليقوم بصفقة تبادل مع الكيان السعودي تتضمّن إطلاقه طياراً سعودياً وأربعة ضباط وجنوداً سعوديين تمّ أسرهم في المواجهات على أيدي رجال الله الأحرار، مقابل أن تفرج السعودية عن عدد من الفلسطينيين المعتقلين لديها. مبادرة تحمل الكثير من المعاني والرسائل الإنسانية والدينية والأخلاقية. لقد أراد عزيز اليمن أن يقول للمعتدين بأنّ فلسطين هي بوصلتنا وما استهداف اليمن بعدوانكم إلا لإسقاط فلسطين وقتلها ومحوها من ضمائرنا، ولن تفلحوا في تحقيق ذلك، أراد سيد اليمن أن يقول لفرعون الرياض وشيطان البيت الأبيض وحليفهما نتنياهو أننا جزء لا يتجزأ من محور المقاومة الذي تستهدفونه في فلسطين ولبنان وسورية والعراق واليمن، وأنّ معركتنا واحدة، وأنّ “صفقة قرن الشيطان” ستسحق مهما فعلتم… تلك هي الرسالة السياسية، أما الرسالة الأخلاقية فهي دعوة حكيم اليمن للإصلاحيين يقول فيها إنكم من رحم حركة الأخوان المسلمين التي منها حركة حماس وفلسطين أوْلى بدمائكم، فمن تقاتلون في اليمن؟ أتقاتلون أخوتكم في الله والوطن من أجل تحقيق إنجازات لراعي “صفقة القرن” وإذا لم تكونوا في عداد جنود تلك الصفقة لماذا تصرّون على المضيّ عتواً في العدوان على أبناء جلدتكم؟ وأين أنتم من فلسطين ومقاومتها التي يعتقل أبناؤها من يدعم عدوانكم على اليمن؟ آن لكم أن تستيقظوا من غفوتكم وأن تزيلوا الغشاوة وتعملوا بما يرضي الله وتتجهوا لوأد ذلك العدوان.
هي دعوة شجاع للسلام، دعوة غيور على أمته ووطنه ودينه، دعوة عزيز لم ينحن لغير ربه، فهل يقرأ الإصلاح رسالة العقل والضمير؟ أم أنه سيبقى أداة في يد قوى العدوان على اليمن؟ فإنْ تلقفوا الرسالة سيكونون شركاء في الوطن، وإنْ لم يقرأوها فلن يعودوا إلا صاغرين هم ومن يدعمهم والسلام…