تساؤلات تحيط بقرار قمّة الـ 20 الافتراضيّة ضخ 5 تريليونات دولار تتحمّل واشنطن نصفها/ أميركا في المركز الأول لكورونا وتقترب من 100 ألف مصاب… ونيويورك بؤرة عالميّة/ الحكومة تحظر التجوّل ليلاً وتمدّد التعبئة… والمستقبل يتوعّد دعماً لتعيين بعاصيري.
كتب المحرّر السياسيّ
تتحدث الأرقام بقوة عن مكانتين مختلفتين في مواجهة فيروس كورونا، ترسمها مكانة كل من أميركا والصين، حيث يقارب مجموع مصابي البلدين ثلث مصابي العالم، ويقارب النصف إذا أضيفت إليهما إيطاليا فقط، ووفقاً للأرقام بلغ عدد المصابين في اميركا أكثر من 82 ألف مصاب مقابل 81 ألفاً في الصين، لكن ببساطة يتضمّن الرقم الصيني 74 ألف حالة شفاء و3 آلاف حالة وفاة و4 آلاف حالة إصابة حالية، بينما يتضمّن الرقم الأميركيّ 1800 حالة شفاء فقط و80 ألف إصابة حالية و1100 حالة وفاة؛ ونسبة المصابين الحاليين من عدد السكان في الصين هي 3 بالمليون بينما في أميركا هي 248 بالمليون، وفيما تقترب أميركا من رقم الـ 100 ألف مصاب فعلي مع مطلع الأسبوع، وفقاً لمصادر صحية متابعة لتطور الفيروس عالمياً، تتجه الصين نحو رقم 2000 مصاب فعلي فقط. وبالمقارنة تورد المصادر اتجاه ووهان الصينية التي كانت البؤرة العالمية الخطر لتفشي الكورونا، نحو استعادة الحياة الطبيعية، تحتل نيويورك مع 40 ألف مصاب من أصل 8 ملايين نسمة لتمثيل البؤرة الأشد خطراً، مع نسبة 0,5 % أي 5000 بالمليون مقارنة بإيطاليا الأعلى في العالم بنسبة 1133 بالمليون، بينما كرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب ليل أمس وعوده بإرسال سفينة مستشفى إلى نيويورك، بعدما سبق وأعلن ذلك مراراً ونفى عمدة نيويورك وصولها.
السطوة العالمية لفيروس كورونا، حضرت في انعقاد قمة افتراضية لزعماء مجموعة العشرين، شارك فيها رؤساء أميركا وروسيا والصين وفرنسا، وترأسها الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، وفي ختام القمة أعلن عن تخصيص خمسة تريليونات دولار لمواجهة مخاطر الركود الاقتصادي، على أن يشمل ضخ هذا المبلغ المواجهة المطلوبة في القطاع الصحي لفيروس كورونا. ووفقاً للمعلومات التي قدّمتها مصادر تابعت القمة فإن أميركا يفترض أن تقوم بضخ نصف المبلغ المقرّر، وهو ما قالت المصادر إنه يبدو صعباً أو مستحيلاً في ظل انهيار البورصات وأسعار الأسهم، وتراجع القطاع المصرفي، وسيطرة مواجهة فيروس كورونا على الأولويات، وما سيستهلكه من الأموال التي خصصها الكونغرس استجابة لطلب الرئيس ترامب، بينما سيتكفل هبوط سعر النفط بتقييد قدرات دول الخليج على الإيفاء بمساهمات سخية، في ظل ما تعاينه من عجز مرتقب في ميزانياتها، ومن ضغط على حاجات مستجدّة لمواجهة فيروس كورونا.
لبنان في مواجهة كورونا، يحافظ على مرتبة ممتازة عالمياً، فسجل رقم 60 بين الدول الأكثر إصابة بعدما تخطته دول كثيرة صعوداً في أرقام الإصابات، بعدما كان في المرتبة 33 بين الدول الأكثر إصابة قبل شهر، مع عدد إصابات يعادل ربع العدد الحالي، الذي سجل 368 إصابة، وبقي عدد المصابين من كل مليون لبناني دون المعدل الوسطي العالمي، بنسبة 54 مصاباً لكل مليون مقابل 67 عالمياً، ومع التوقف أمام أسباب ارتفاع عدد المصابين وتأثير عدم تجاوب فئات شعبية مع الإجراءات الوقائية، مددت الحكومة العمل بحالة التعبئة العامة لأسبوعين مقبلين، بعد اجتماعها وأخذها بتوصيات المجلس الأعلى للدفاع، فيما أعلن رئيس الحكومة بوجوب حال التعبئة العامة منع الانتقال، أو حظر التجوّل ليلاً.
الجديد الحكومي كان تخطي أزمة مشروع الكابيتال كونترول وعدم دستوريته، بالتراجع عنه لحساب البحث عن تدابير بديلة يمكن لمصرف لبنان القيام بها بتعاميم صادرة عنه، بينما تتجه الحكومة لتعيين نواب حاكم مصرف لبنان الأربعة ورئيس وأعضاء لجنة الرقابة على المصارف في جلستها الخميس المقبل، بعدما حسمت توجهها باعتماد ترشيحات جديدة، بدلاً من السير بتجديد تعيين النواب السابقين، بينما خرج تيار المستقبل بهجوم استباق على الحكومة متوعداً بالمواجهة، ما لم تؤخذ حساباته بالاعتبار دون الإفصاح عن مطلبه، الذي قالت مصادر مواكبة لملف التعيينات أنه يرتبط بتمسك المستقبل بإعادة تعيين نائب الحاكم السابق المنتهية ولايته محمد بعاصيري، مشيرة على وجود مطالبات خارجية بتسميته تتقاطع مع ضغوط المستقبل، ويأمل أن تحقق أهدافها.
واعتبر رئيس الحكومة حسان دياب في دردشة مع الصحافيين، بعد جلسة مجلس الوزراء أن “ما يجري حالياً هو حال طوارئ في اطار التعبئة العامة، ولكن اعلان حال الطوارئ بحسب ما ينص القانون تستلزم إجراءات تستدعي حظر التجول والإقفال العام، ونحن لسنا في هذا الصدد وتجب موافقة مجلس النواب قبل 8 أيام”، مشيراً الى ان “حال الطوارئ التي يطالبون بها موادها صعبة لا يمكن تطبيقها في لبنان”.
وعلمت “البناء” أن تمديد التعبئة العامة تم بإجماع الحكومة ولم يطلب أحد إعلان حالة الطوارئ العسكرية”، إلا أن رئيس الحزب الاشتراكي سجل موقفاً أمس اعتراضياً على التهاون الحكومي فيما خص مواجهة المرض، وأكد جنبلاط في حديث الى أم تي في “أننا بحاجة إلى إعلان حالة طوارئ فالموت على الأبواب وكورونا أخطر من الغزو الإسرائيلي”، وأضاف: “هناك مناطق “فلتانة” أكثر من اللازم في هذه الظروف وأؤيد إصدار عفو عام لأن “كورونا” أخطر من الإرهاب”.
وأكد عضو اللقاء الديموقراطي النائب د. بلال عبدالله لـ”البناء” أن الإجراءات الحكومية ووزارة الصحة مقبولة، لكنها غير كافية داعياً الى استنهاض النظام الصحي بكامله استعداداً للأسوأ لا سيما تجهيز المستشفيات الحكومية في المناطق وتخصيص فرق لرصد الوباء، داعياً الى إعلان حالة طوارئ عسكرية لضبط حركة المواطنين وتحديد ساعات لتأمين الحاجات الغذائية الأساسية، معتبراً أن أمن الناس الصحي أهم من حسابات اعلان حالة الطوارئ العسكرية، لان البلديات لا تستطيع ضبط الناس بشكل رضائي بل يحتاج الأمر الى قوة عسكرية رادعة.
وأوضح وزير الزراعة والثقافة عباس مرتضى لـ»البناء» أن «حالة الطوارئ الصحية تختلف عن حالة الطوارئ العامة العادية التي تفرضها الحرب أو الظروف القاهرة ولها اجراءات محددة وخاصة غير تلك الموجودة في حالة الطوارئ الصحية»، مضيفاً أن «الحكومة مدّدت حالة التعبئة العامة مع رفع حالة التأهب والتشدّد لأقصى درجاتها وذلك في اطار الاجراءات المتبعة للحد من انتشار الوباء».
كما قرّر مجلس الوزراء الإقفال التام من السابعة مساء حتى الخامسة صباحاً باستثناء الصيدليات والافران والمطاحن، إلا أن هذا القرار أثار تساؤلات حول نتائجه السلبية لجهة ازدياد اقبال المواطنين على شراء المواد الغذائية وبالتالي الاكتظاظ في المحال»،
واستطلعت «البناء» عدداً من محال بيع المواد الغذائية الذين أجمعوا على أن «قرار إقفال المحال من 7 مساء حتى 5 صباحاً تشوبه ثغرة كبيرة وسيؤدي حكماً الى زيادة الازدحام في المحال التي لن تستطيع استيعاب عدد كبير من الزبائن في وقت واحد»، مشيرين الى أن «اقفال المحال لمدة 10 ساعات ليس من مصلحة المواطنين وأصحاب المحال ولا الدولة بطبيعة الحال، فتوزيع عدد الزبائن على فترة 18 ساعة يمنع الازدحام بعكس توزيعهم على 14 ساعة»، مقترحين فتح المحال من 10 صباحاً الى 10 ليلاً»، ودعوا الحكومة الى «اعادة النظر بهذا الاجراء حرصاً على مصلحة المواطنين واصحاب المحال». فيما رأت مصادر وزارية لـ»البناء» أن قرارات الحكومة تهدف الى تضييق وقت تنقل وانتقال المواطنين وحصرها في الحالات الطارئة فقط».
ولفتت مصادر طبية لـ”البناء” الى أن “إجراءات الحكومة يجب أن تكون أكثر تشدداً لا سيما ضبط حركة المارة والسيارات على الطرقات في بعض المناطق وبعض الفوضى في المحال التجارية لمنع المخالطة والاحتكاك كلياً”. ولفتت الى أن “الإجراءات الحكومية (التعبئة العامة) والإجراءات اللاحقة ستظهر نتائجها الايجابية خلال أسبوعين او ثلاثة اسابيع وحينها يمكن التخفيف من هذه الإجراءات على المواطنين”.
وسبق جلسة مجلس الوزراء، اجتماع للمجلس الاعلى للدفاع برئاسة رئيس الجمهورية. وقرّر رفع إنهاء الى مجلس الوزراء يتضمن: تمديد حالة التعبئة العامة حتى الساعة الرابعة والعشرين من يوم الأحد الواقع فيه 12/4/2020».
وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري: «ما صدر عن مجلس الوزراء ومجلس الدفاع الأعلى من مقاربة لحالة الطوارئ الصحية التي طالبت بها منذ البداية، خطوة إيجابية وبالاتجاه الصحيح».
وأعلنت وزارة الصحة في تقريرها اليومي «بلوغ عدد الحالات المثبتة مخبرياً في المستشفى الحكومي ومختبرات المستشفيات الجامعية المعتمدة بالإضافة إلى المختبرات الخاصة 368 حالة بزيادة 35 حالة عن يوم أمس. كما سُجلت حالتا وفاة لدى مريضين يعانيان من أمراض مزمنة أحدهما في العقد الخامس من العمر في المستشفى الحكومي والآخر في العقد السابع من العمر في مستشفى سيدة المعونات، كما سجلت 23 حالة شفاء منذ البداية و72 حالة في العزل من ضمنها 6 نقلت من مستشفيات أخرى». وشددت الوزارة على «تطبيق جميع الإجراءات الوقائية خاصة الالتزام بالحجر المنزلي التام الذي أضحى مسؤولية أخلاقية فردية ومجتمعية واجبة على كل مواطن وأن أي تهاون بتطبيقها سيعرض صاحبها للملاحقة القانونية والجزائية».
وأعلن وزير الصحة حمد حسن أننا «حجزنا 50 ألف علبة من دواء كلوروكين الذي أقرّ استخدامه بفرنسا». وشدد في حديث للـ»او تي في» على اننا «نعمل على تجهيز المستشفيات الحكومية وأحيي كل المبادرات للصناعات الطبية المحلية». وطمأن في حديث آخر أن الوباء لا ينتقل عبر الهواء.
ولفت رئيس قسم الأمراض الجرثومية في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور عبد الرحمان البزري لـ”البناء” الى أن “النظام الصحي في لبنان لا يزال قادراً على مواجهة المرض واستيعاب الحالات المصابة ولم يصل الى مرحلة العجز او الضغط، كما حصل في دول أخرى الى جانب وجود بدائل اخرى عن المستشفى الحكومي منها المستشفيات الجامعية كمستشفى الجامعة الاميركية وتأهيل بعض المستشفيات الحكومية في المناطق ما يمنح النظام الصحي قدرة أكبر على الاستيعاب”. وأثنى البزري على قرارات الحكومة المتخذة امس، لكنه “تخوف من بعض الثغرات فيها منها فتح المطار وعودة اللبنانيين من الخارج ما قد يرتب تبعات صحية سلبية”، ولفت البزري الى أن “عدد الحالات التي أعلنت مؤخراً كانت متوقعة ومردها الى حالات الإهمال التي شهدها لبنان خلال العشرين يوماً الماضية”، موضحاً أن “30 في المئة من الاصابات من الخارج و50 مرتبطة بحالات العدوى الخارجية و15 في المئة مجهولة أو ما يسمى عدوى مجتمعية يتم التحقيق في مصدرها”.
كما لفت البزري الى أن “مستشفى الجامعة الاميركية خصص بعض أقسامه كعيادات للفحوص المخبرية لحالات مصابة بالكورونا وتشخيص الحالات وقسم آخر لاستقبال المرضى واليوم يفتح قسم خاص للعناية الفائقة. وهو على تواصل دائم مع وزارة الصحة لإبلاغها بالحالات لتتبع مصدرها”.
وعلمت “البناء” أن “لجنة من الخبراء اللبنانيين في المجال الطبي أجروا لقاءً عبر السكايب مع مجموعة من المتخصصين في الشأن الطبي في الصين وتمت الاستفادة من خطط الصين لاحتواء المرض وكانت النصيحة الصينية للبنان ضرورة الحفاظ على حالة الاحتواء عبر الإجراءات المشددة وعزل بعض المناطق الموبوءة وتتبع مصدر كل حالة لعزلها ومعالجتها، واعتبر الخبراء أن أحد أهم أسباب نجاح بلدهم في السيطرة على المرض هو صمود حالة الاحتواء والالتزام التام بالإجراءات والإرشادات”.
وعلمت البناء أن مجلس الوزراء طرح مسألة اللبنانيين في الخارج والمعاناة التي يواجهونها وقد تبلور اتجاه الى البدء بإجلائهم خلال بضعة ايام لا سيما أن بعض اللبنانيين وعائلاتهم في دول افريقيا يعانون من أوضاع مأساوية، بحسب ما علمت “البناء” بسبب التفلت الأمني في تلك الدول، وبعض هذه العائلات أبلغت الحكومة استعدادها لدفع تكاليف الإجلاء والحجز في فنادق او ما شابه”، وتم تشكيل لجنة برئاسة رئيس الحكومة ونائبة رئيس الحكومة ووزراء الخارجية والصحة والمالية والداخلية وعقدوا اجتماعاً أمس، وأشارت مصادر اللجنة لـ “البناء” الى أن “التواصل مع الدول ومع المواطنين لإجلاء بعض الحالات الطارئة، لكن لن يتم إدخالهم الى لبنان الا بعد خضوعهم للمعايير الصحية والحجر المنزلي”، وحذر نقيب الأطباء شرف ابو شرف من أن “القطاع الطبي لا قدرة له على استقبال مرضى جدد من الخارج بالكورونا”. وأوضح وزير الخارجية ناصيف حتّي أن “لا عودة مباشرة للبنانيين العالقين في الخارج قبل تأمين إجرائهم الاختبارات اللازمة”.
ولهذه الغاية استقبل الرئيس دياب مساء أمس، نائبي “كتلة الوفاء للمقاومة” امين شري وابراهيم الموسوي الذي أعلن أنه تبلغ من دياب “تشكيل خلية طوارئ تتابع هذا الموضوع من خلال هذه اللجنة الوزارية، وسيقوم بمتابعة الموضوع من خلال وزارة الخارجية بالتعاون مع وزير الخارجية الذي وجه عناية كل القناصل وكل البعثات الديبلوماسية في بلدان الخارج، ان كان في افريقيا أو اوروبا أو في اسطنبول لمساعدة اللبنانيين الذين تقطعت بهم السبل”.
وبرز قرار مجلس الوزراء أمس، تكليف وزير المالية اتخاذ ما يلزم من إجراءات مع مصرف لبنان ومع الجهات ذات الصلة بهدف القيام بعملية تدقيق محاسبية مركزة، من شأنها أن تبين الأسباب الفعلية التي آلت بالوضعين المالي والنقدي إلى الحالة الراهنة، إضافة إلى تبيان الأرقام الدقيقة لميزانية المصرف المركزي وحساب الربح والخسارة ومستوى الاحتياطي المتوفر بالعملات الأجنبية.
وبرز موقف هجومي لجنبلاط أمس، على التيار الوطني الحر في حديثٍ للـ”ام تي في” حيث لفت الى أن “وزير الطاقة ريمون غجر قام بتشكيل هيئة استشارية لتفادي تشكيل مجلس إدارة لكهرباء لبنان يحدّ من النهب الحاصل”، وقال: “وما يحصل جريمة”، وأضاف: “وزير الطاقة هو الموظف الثالث لدى رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل في الوزارة ويبدو أن الفيروس الذي ينتشر أقل أهمية لديهم من البواخر التركية”.
ولفت إلى أن “الحكم القائم حالياً معادٍ ولا أتوقع أن يأخذوا بالاسم الذي طرحته ليكون نائب حاكم مصرف لبنان”.