أميركا رقم 1 تجتاز عتبة الـ100 ألف إصابة… وإيران رقم 6 والصين 17 ولبنان 62/ اتصال إبن زايد بالأسد يعلن بداية مرحلة جديدة في المنطقة بين محورين!/ الحكومة وأزمة عودة المغتربين… برّي للتصعيد… ونصرالله يتحدّث اليوم
كتب المحرّر السياسيّ
سجل الاتصال الذي أجراه ولي عهد دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بالرئيس السوري الدكتور بشار الأسد، حدثَ المنطقة الأول، حيث كان واضحاً منذ فترة أن رفع مستوى العلاقة العلنيّة بين الدولتين، قرار متخذ مرجأ التنفيذ بانتظار نضج الظروف المحيطة بالحلفاء، من الجانب الإماراتيّ المحاط بحسابات أميركية وسعودية خصوصاً، وليس من الجانب السوري المنفتح مع حلفائه على أي تطور إيجابي في العلاقات العربية مع سورية، ليأتي الاتصال وما أعقبه من مضامين في البيان الذي وزّعه مكتب ولي العهد الإماراتي، أشارت إلى حرص على العلاقة بسورية ورئيسها. واعتبرت تفشي فيروس كورونا، مناسبة لتخطي الخلافات السياسية، لتعلن أن سورية الشقيقة العربية لن تبقى وحدها، لتقول إن زمن الحرج قد انتهى، وأن مبادرة الشيخ محمد بن زايد ليست محصورة بشخصه ولا بالإمارات، بل هي تعبير أبعد مدى، تؤشر إلى مرحلة جديدة بين محورين كبيرين في المنطقة، لا يبدو أن أحدهما يرغب الذهاب إلى المواجهة، أو يملك بديلاُ عن لغة التسويات. وقد شكلت العلاقة بين كل من سورية والإمارات تاريخياً وراهناً، المدخل المناسب لاختبار فرص صناعة التفاهمات، وليست أي من الدولتين بوارد تغيير تموضعها في موقعها وعلى ضفاف تحالفاتها.
كورونا الذي منح الفرصة للانفتاح الإماراتي على سورية، واصل اجتياح العالم، ووفّر فرصة تواصل رئاسي أميركي صيني لفتح صفحة جديدة للتعاون، كما قال الرئيس الصيني، فيما العالم على عتبة الـ 600 ألف إصابة، منها 100 ألف في أميركا وحدها، مقابل 160 ألفاً بين شفاء 135 ووفاة 25، و300 ألف في أوروبا، و40 ألفاً فقط في سائر العالم، وترتيب الدول الذي تصدرته أميركا بعدد المصابين، تصدرته إيطاليا بعدد الوفيات، مع أكثر من 9 آلاف حالة وفاة، وتصدّرته الصين بتسجيل حالات الشفاء مع 74 ألفاً، بينما احتلت إيران المرتبة السادسة بعدد المصابين بـ 18 ألفاً، بعدما كانت في المرتبة الثانية بعد الصين قبل شهر، وسبقتها بعد أميركا (100 ألف) وإيطاليا (66 ألفاً) وإسبانيا (50 ألفاً) وألمانيا (43 ألفاً) وفرنسا (25 ألفاً)، بينما سجلت إيران المرتبة الثانية في حالات الشفاء بعد الصين بـ 11 الفاً، التي سجلت المرتبة الـ17 بعدد المصابين الفعليين، برقم 3460 مصاباً فقط من أصل 81 ألفاً.
في هذا السلم العالمي، ورغم تسجيل إصابات جديدة، رفعت عدد المصابين في لبنان على 391 مصاباً، تحسّن موقع لبنان فانتقل مرتبتين من 60 إلى 62، بسبب تسجيل بلدان العالم التي سبقته في السلم صعوداً نسبة انتشار أوسع للفيروس، بينما سجل رقم 45 بعدد حالات الشفاء متجاوزاً بـ 17 مرتبة الدول التي تتقدمه بعدد الإصابات، ومحافظاً على معدل وسطي للإصابات قياساً بعدد السكان بـ 57 إصابة لكل مليون مقابل معدل وسطي عالمي سجل 75 إصابة بالمليون. ورغم هذه المقارنات تواصلت الجهود الحكومية والأهلية للاستعداد للأسوأ، والسعي للسيطرة على تمدّد الفيروس، خصوصاً مع الخروقات التي سجلت في تطبيق حظر التجول ليلاً، خصوصاً في منطقة الشمال، بينما طفت على السطح قضية عودة المغتربين اللبنانيين، خصوصاً في أفريقيا، وظهرت تباينات في مقاربتها بين الحكومة ورئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي وصف الموقف الحكومي بالعقوق تجاه المغتربين، وبدا متجهاً للمزيد من التصعيد، بينما الحكومة تتريث وتدعو للانتظار حتى 12 نيسان. وقالت مصادر حكومية إن رئيس الحكومة سيسارع لدراسة الملف تفادياً لأزمة لا يريدها، بينما ينتظر أن يطل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مساء اليوم، من دون معرفة ما إذا كان سيتطرّق للموضوع، الذي ظهرت مواقف حزب الله وحركة أمل منه متطابقة، وبدا موقف التيار الوطني الحر على لسان رئيسه الوزير السابق جبران باسيل، على موجة واحدة مع موقفي أمل وحزب الله، بخلاف موقف وزير الخارجية ناصيف حتي، الذي تحدّث عن استحالة وجود حل قبل 12 نيسان.
وأعلن المستشفى الحكومي الجامعي في تقريره اليومي عن آخر المستجدات حول فيروس كورونا المستجدّ أنّ “مجموع الحالات التي ثبتت مخبرياً إصابتها بفيروس كورونا والتي عزلت في منطقة العزل الصحي في المستشفى وصلت الى 72 حالة، من ضمنها 4 حالات نقلت من مستشفيات أخرى”.
وأضاف التقرير: “تماثل 4 إصابات للشفاء بعد أن جاءت نتيجة فحص الـ PCR سلبية في المرتين وتخلصها من كافة عوارض المرض، من بينها المريض الإيراني الجنسية الذي كان في وضع حرج سابقاً وزوجته، وبلغ مجموع الحالات التي شفيت تماماً من فيروس كورونا منذ البداية 27 حالة شفاء، إضافة الى وفاة مصاب بفيروس كورونا في وحدة العناية الفائقة الخاصة بمرضى كورونا”.
وأعلنت بلدية الحازمية عن أول حالة “كورونا” ضمن نطاقها الإداري، واوضحت في بيان أنّ المصابة كانت في الحجر المنزلي الطوعي ابتداء من 13/3/2020 تزامناً مع قرار التعبئة العامة المفروض من قبل مجلس الوزراء. كما أفيد عن حالة أخرى في منطقة الحدث.
وقال عضو كتلة الوفاء للمقاومة الدكتور علي المقداد لـ”البناء”: “إننا في مرحلة السيطرة على انتشار الفيروس عبر سلسلة إجراءات اتخذتها الحكومة والقوى الأمنية والعسكرية والبلديات في مختلف الأراضي اللبنانية”، موضحاً انه إذا استمرّينا في تطبيق الإجراءات وحالة حظر التجول والاختلاط سنصل الى مرحلة جيدة من ضبط انتشار المرض والسيطرة على الوضع”، مضيفاً أنّ الوضع في لبنان مريح قياساً بدول العالم”، مؤكداً أننا “نسير وفقاً للخطة الحكومية والوزارية المرسومة لمواجهة الوباء”، وأوضح المقداد انّ “المستشفى الحكومي لا يزال يحافظ على قدرة استيعابية عالية للإصابات والوضع تحت السيطرة، وهناك 80 سريراً مجهّزاً لاستقبال حالات، والأمر لم يحتج حتى الآن الى تدخل مؤسّسات صحية غير حكومية كالأحزاب”، علماً أنّ حزب الله وضع خطة صحية شاملة لإسناد الدولة بمواجهة المرض، اذ أن الحزب يعتبر أننا في حالة حرب ويجب استنهاض كلّ الطاقات للمشاركة فيها.
ولفت المقداد الى أنّ “بعض الأحزاب وضعت طاقاتها بتصرف الدولة كحزب الله الذي انخرط في هذه المعركة منذ البداية عندما كُشف النقاب عن المصابين في الطائرة الإيرانية حيث عمل على رصد هذه الحالات ووضعها في الحجر الصحي، كما استنفر الهيئة الصحية والدفاع المدني وأنشأ بعض المستشفيات في المناطق كما يعمل على تأهيل المستشفيات الحكومية في الأطراف”. وأكد المقداد تأهيل مستشفى دار الحكمة في بعلبك عبر إنشاء خيم خاصة للحالات المصابة بكورونا للكشف العام للمشتبه بهم ولإجراء الفحوص العادية وفحص الكورونا”.
الى ذلك، بقي الوضع الصحي للبنانيين في الخارج في دائرة الاهتمام الرسمي وسط انقسام حكومي حيال التعامل مع الملف، وإذ يصرّ رئيس الحكومة حسان دياب على عدم إجلاء أيّ حالة في الخارج الى لبنان قبل انتهاء مهلة التعبئة العامة، كما قال أمس لاعتباره أنها تنطوي على مخاطر صحية لا وجود عدد كبير في الطائرة نفسها ما يعرّضهم للعدوى ولجهة نقل العدوى الى لبنان، في المقابل يصرّ حزب الله وحركة أمل على وضع خطة عاجلة لإجلائهم في غضون أيام مع اعتماد المعايير الصحية اللازمة لهم من فحوصات مخبرية وحجر منزلي، وأمس أعلنت سفارة لبنان في السنغال إصابة 6 لبنانيين في السنغال بـ”كورونا”.
ولفت عضو كتلة التنمية والتحرير النائب الدكتور فادي علامة إلى أنّ على الحكومة إيجاد الآلية المناسبة في هذه الظروف لعودة اللبنانيين المتواجدين في الخارج خاصة أنّ بعضهم مهدّد صحياً، فيما أشارت مصادر أمل لـ “البناء” الى أنّ الوضع الصحي والاجتماعي والامني لهؤلاء سيّئ للغاية لا سيما أولئك المتواجدين في دول أفريقية وعدد كبير منهم أبدوا استعدادهم لتحمّل تكاليف الإجلاء والاستشفاء. لكن مصادر نيابية صحية أوضحت لـ”البناء” أنّ “إجلاء اللبنانيين في الخارج تعتريه مشاكل لوجستية وأخطار صحية، لا سيما أنّ البعض منهم متواجد في الدول الأكثر انتشاراً للوباء كميلانو الإيطالية، فضلاً عن انّ إمكانيات الدولة ضعيفة في هذا المجال والأفضل بقاؤهم في أماكن تواجدهم حتى تتوافر الظروف المناسبة لإجلائهم”.
غير أنّ رئيس مجلس النواب دعا في بيان شديد اللهجة، الحكومة الى “عقد جلسة استثنائية اليوم قبل الغد من أجل إعادة النظر بقضية المغتربين اللبنانيين”. أضاف “بالأمس وكأنّ الحكومة قد اخترعت البارود مع أنها شكلت الشذوذ عن كلّ دول العالم، فكلّ هذه الدول تقوم بالبحث عن مواطنيها لإعادتهم الى بلادهم أما نحن في لبنان فنسينا انّ هؤلاء دفعهم إهمال الدولة أصلاً كي يتركوا لبنان ومع ذلك أغنوها بحبهم ووفائهم وعرق جبينهم وثرواتهم”. وتابع بري سائلاً: “ألم تكفِ محاولة تبديد ودائعهم إنْ لم نقل سرقتها عبر الكابيتال كونترول؟ فهل الآن تجري المحاولة لتبديد جنسياتهم؟ تطلبون منهم تقديم طلبات الى السفارات هؤلاء لا يريدون جنسية هم لبنانيون بل هم اللبنانيون. يضاف الى ذلك، انهم على استعداد لتحمّل كلّ أعباء عودتهم سواء كانت مادية أو طبية”. وختم “العقوق في اللغة العربية تطلق على الولد الذي يخالف والديه، لكن للأسف لم نجد وطناً عاقاً بحق أبنائه كما حصل ويحصل اليوم عبر الأداء الهمايوني الذي لمسناه أمس من الحكومة، فكفى وطننا عقوقاً بأبنائه المغتربين فهم كانوا على الدوام قرش لبنان الأبيض ليومه الأسود فالأوان قد حان لمبادلتهم بأقلّ واجباتكم”.
في غضون ذلك، بدأ منذ يوم أمس تطبيق الإجراءات الحكومية الجديدة التي اتخذها مجلس الدفاع الاعلى ومجلس الوزراء، لا سيما لجهة حظر التجوّل منذ الساعة السابعة مساء الى الخامسة فجراً مع تنظيم فتح وإقفال محال بيع المواد الغذائية. وقد سجل امس التزام شبه تامّ من المواطنين والمؤسسات باستثناء بعض الخروق، حيث بدت الطرقات خالية من المارة والسيارات في معظم المناطق اللبنانية ما خلا بعض الحالات الطارئة والمستثناة من قرار التعبئة العامة.
وعملت القوى الأمنية التي انتشرت بكثافة على الطرقات على تطبيق حظر التجوّل والإقفال وقطع وحدات من الجيش اللبناني على قطع الطرقات الأساسية لا سيما طريق – بيروت – صيدا وبيروت – طرابلس والطرق المؤدية الى البقاع وجبل لبنان. ولفتت مصادر رسمية لـ”البناء” الى أنّ الحكومة تتبع سياسة التدرّج في درجة حظر التجول وتدرس كلّ مرحلة ومدى ملاءمتها للدستور والقوانين المرعية الاجراء ومدى تناسبها مع حاجات المواطنين الأساسية ومدى نتيجتها على احتواء المرض وتقليص عدد الإصابات وذلك بهدف الوصول الى نجاح الخطة الحكومية بالسيطرة على الوباء”. وعلمت “البناء” من مصادر ميدانية أنّ القوى الأمنية لحظت تجاوباً والتزاماً من المواطنين مع الإجراءات الجديدة. وشهدت محال بيع المواد الغذائية ومحطات المحروقات اقبالاً وازدحاماً كثيفاً.
وقال وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي عبر “تويتر”: “صحيح الوضع الاقتصادي صعب والإمكانيات ضيقة، ولكن نحن بحرب مع عدو خفي والأيام المقبلة مفصلية. حرصاً عليكم وعلى عائلاتكم. خليك بالبيت ليبقى البيت بوجود كل أهله”.
وعلى خط مواز علمت “البناء” أنّ بعض مجموعات “ثورة ١٧ تشرين الأول” تبحث العودة مجدّداً إلى الشارع “رغم حالة الطورائ الصحية ورغم كلّ الأخطار، وذلك في مخاطرة هدفها إعادة تذكير الحكومة بوجوب احترام النزاهة والشفافية وترك المحاصصة والمناتشة وإغلاق مغارات الإغاثة وأخواتها والرجوع إلى المؤسّسات الموثوقة بها بدل استمرارها في استغلال حالة الطوارئ وفيروس كورونا لإعادة تكريس منطق الصفقات والتمريرات”.
وكان رئيس الحكومة حسان دياب، أكد في مؤتمر صحافي عقده في المستشفى الحكومي مع وزير الصحة حمد حسن ومدير عام المستشفى انه حوّل إلى وزارة المالية كتاباً عن باقي فروقات سلسلة الرتب والرواتب للعاملين في المستشفى وسيقبضها كل العاملين آخر الشهر الحالي. وأشار الى انه سيتم توزيع أكثر من 600 ألف حصة من المواد الغذائية للعائلات. واذ تمنى “أن نتجاوز هذه المحنة الصعبة والحكومة جاهزة لكلّ جديد، وخصّصنا حوالى 60 مليون دولار لمواجهة هذا الفيروس”، أعلن “اننا ندرس طريقة لعودة الراغبين بالعودة من الخارج”.
وبحث الرئيس دياب مع مدير دائرة الشرق الاوسط في البنك الدولي ساروج كومار جاه، المساعدات التي يمكن أن يقدمها البنك للبنان في هذه المرحلة الصعبة، لا سيما لناحية مواجهة فيروس “كورونا”، إضافة إلى السبل الآيلة لاستخدام برامج البنك الدولي لدعم أولويات الحكومة ووضعها موضع التنفيذ. وعرض دياب مع المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش المستجدات الراهنة، إضافة الى سبل التعاون مع الأمم المتحدة من أجل مساعدة لبنان على مكافحة فيروس كورونا.
على صعيد آخر، بدأ وزير المال غازي وزني أمس، بإجراء محادثات مع حاملي السندات اليوروبوند للاتفاق على آلية لإعادة الهيكلة.