الإصابات تزداد 100 ألف في اليوم عالمياً… ولبنان رقم 80 بعدد الإصابات بكل مليون / الحكومة تتجاوز قطوع عودة المغتربين… والثلاثاء ترتيبات الإجلاء الآمن للراغبين / نصرالله لسؤال المصارف عن مساهمتها… وتحذير من عواقب التجاهل.. والبلد في حرب !
كتب المحرّر السياسيّ
كورونا أولاً وكورونا أخيراً، هذا هو حال العالم وحال لبنان، وقد تخطّى الرقم العالمي 700 ألف إصابة: 20 % منها في أميركا وحدها، و50 % في أوروبا، فيما إيطاليا وحدها تقترب من رقم الـ 100 ألف، وخلال ثلاثة أيام زاد عدد الإصابات على التوالي بـ 100 ألف إصابة يومية، ما يعني أن بلوغ رقم المليون إصابة عالمياً لم يعد بعيداً، في ظل فشل محاولات العزل ومحاصرة الفيروس حتى الآن وفقاً للإجراءات المعتمدة في بلاد الغرب خصوصاً، بعدما توازنت أعداد كل من إيران وكوريا الجنوبية، لجهة حالات الشفاء والإصابات الجديدة، بينما تواصل الصين العدّ التنازلي للخروج من محنة الفيروس، كما تقول الأرقام منذ عشرة أيام متصلة، بحيث قارب عدد الإصابات الفعلية رقم الـ 2000 فقط بينما زادت حالات الشفاء عن 75 ألف مصاب.
لبنان الذي سجّل بلوغه رقم الـ 438 إصابة و10 حالات وفاة، سجل بالمقابل 30 حالة شفاء، والمرتبة الـ 66 بين دول العالم وفقاً لعدد المصابين، والمرتبة 80 بعدد المصابين من كل مليون نسمة، مع 64 إصابة لكل مليون، مقابل نسبة عالمية بلغت 92 إصابة بالمليون، فيما صعدت إلى الواجهة الحالة الاجتماعية الضاغطة، وصولاً لظهور دعوات للاحتجاج أمام خطر وصول مرحلة ثورة جياع، في ظل توقف مصادر الرزق لمئات آلاف اللبنانيين، بينما تخصص الحكومة مساعدات غذائية يفترض أن تطال ربع مليون عائلة، ويجري التداول بتوسيع مصادر صندوق المساعدة من الدولة والمساهمات الأهلية، مع مبادرات حزبية وأهلية كثيرة تتوزع في العديد من المناطق، ويتم بحث مشاريع وأفكار بتخصيص مبالغ نقدية عبر البلديات للذين فقدوا مصدر دخلهم.
القضية التي قفزت للواجهة كانت قضية عودة المغتربين الراغبين بالعودة، والتي دفعت رئيس مجلس النواب إلى التهديد بتعليق مشاركته الحكوميّة يوم غد ما لم يتمّ البدء بالإجراءات اللازمة لترتيبات هذه العودة، خصوصاً ان الأعباء المالية الأساسية ستتحملها الجاليات الاغترابية، وجاءت مواقف كل من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ورئيس التيار الوطني الحر الوزير السابق جبران باسيل بالتأكيد على ضرورة ضمان هذه العودة، لتبدو الحكومة في موقع المواجهة مع الغالبية النيابية التي تستند إليها، بينما قالت مصادر حكومية إن رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب لم يكن بالأصل في موقع خلافي مع رئيس مجلس النواب نبيه بري تجاه هذه العودة، وهو قد كرّر في جلسات الحكومة واللجان الوزارية اعتبار هذه العودة للراغبين حقاً لهم، وواجباً على الحكومة، وأن ما كان ولا يزال الرئيس دياب يتمسك به هو أن تكون العودة آمنة للمغتربين أنفسهم، وللمقيمين، بحيث تتخذ ترتيبات تتيح التحقق من الوضع الصحي للعائدين، وتضمن انتقالهم في ظروف صحية مناسبة وبقاءهم في العزل عند عودتهم، خصوصاً أن لبنان لا يملك القدرة على التعامل مع عدد كبير من المصابين، ويخشى أن يكون عدد المصابين الراغبين بالعودة أكبر من قدرة الدولة والقطاع الصحي، وقالت المصادر إن العمل قد بدأ على وضع الترتيبات اللازمة لضمان الوعدة الآمنة، ويتم التنسيق بين وزارتي الخارجية والصحة مع الجاليات الاغترابية لبلورة الآلية المناسبة، والتي ستكون أمام الحكومة يوم غد الثلاثاء.
مع تجاوز الحكومة قطوع عودة المغتربين، وبلورة التفاهمات حولها، بقي الأهم من كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الذي كرّس جزءاً كبيراً من كلمته المتلفزة لهذه القضية، هو ما خصّصه للحديث عن القطاع المصرفيّ، والذي لامس مناخات شعبية واسعة في كل المناطق، متسائلاً عن مساهمة القطاع الذي جنى أصحابه عشرات مليارات الدولارات من أموال اللبنانيين، دون جهد، بينما يواجه لبنان حرباً كبرى على المستويات الصحية والاجتماعية، ويواجه اللبنانيون خطر الموت بالمرض أو الموت جوعاً، فيما يبدي القطاع المصرفي برودة وتجاهلاً تجاه كل المناشدات، ليحذر من عواقب هذا التجاهل، بالقول إنه إذا وصلت كل المحاولات والمفاوضات والمناشدات، إلى طريق مسدود، فيمكن أن يصل الأمر إلى حد اعتبار مقدرات المصارف جزءاً من الإمكانات التي يحتاجها البلد لخوض المواجهة التي تفرض نفسها على الجميع.
وشدّد السيد حسن نصرالله على أن قضية اللبنانيين الموجودين في الخارج ويريدون العودة إلى لبنان قضية كل اللبنانيين ولا يجوز أن يكون هناك نقاش في حق هؤلاء بالعودة إلى لبنان، مهما كانت الظروف والتحديات.
وأشار في كلمة له عبر شاشة المنار إلى أنه «لا يجوز النقاش في وجوب قيام الدولة كلها بتأمين كل مستلزمات هذه العودة وأن تبذل كل جهد على هذا الصعيد، ولا يجوز النقاش حتى في وجوب الإسراع بتأمين عودة الراغبين في العودة إلى لبنان».
وأكد السيد نصرالله أن «النجاح في إنجاز هذه المهمة الوطنية الكبيرة سيكون مفخرة حقيقية للحكومة الحالية، ولم يطرح أحد العودة العشوائية وأصلاً اللبنانيون في الخارج لا يقبلون العودة بهذه الطريقة، ويمكن بسهولة اتخاذ الإجراءات الطبية والصحية لكن المهم اتخاذ القرار». وقال إن «المطلوب العودة المدروسة والآمنة والدخول في الإطار التنفيذيّ منذ الآن والعمل ليعود هؤلاء إلى لبنان، وليس المطلوب التسرع بل الإسراع والجدية والأحد يجب أن يكون يوم عمل لكل الجهات المعنية في هذا الأمر».
ودعا السيد نصرالله «التجار الشرفاء الذين لديهم أخلاق ودين ويخافون الله أن يتدخّلوا ويخفّفوا من أرباحهم لكسر الاحتكار وارتفاع الأسعار. وهذه مهمة أخلاقية وإنسانية ووطنية كبرى».
كما دعا إلى «معالجة موضوع المودعين في البنوك، وموضوع صغار المودعين يمكن معالجته من قبل المصارف بما لديهم من أموال في لبنان والخارج، ومعالجة هذا الموضوع مسؤولية أخلافية وإنسانية»، وأشار إلى أن «إعطاء هؤلاء أموالهم يخفف من أعباء الحصص التموينية، والحل يجب أن يكون من الحكومة أو من قبل مبادرات ذاتية من المصارف». وتابع أن «المصارف حققت أرباح عشرات مليارات الدولارات من العام 1992 حتى اليوم، واليوم نحن أمام أخطر مرحلة تمر على الشعب اللبناني، كيف يجب أن تساعدوا هذه الدولة والشعب؟».
وقال السيد نصرالله «تبرعتم بـ 6 ملايين دولار ببث مباشر عبر وسائل الإعلام بينما بعضكم وبعض أغنياء البلاد يصرفون 2 مليون دولار على فرح. وهذا المبلغ لم يكن من الواجب قبوله. وهذا أمر معيب»، وتابع «كيف يمكن أن نستثير إنسانية أصحاب المصارف وأتمنى مساعدتي لأعرف ما هي الطريقة التي يجب أن نخاطبهم فيها، لا أريد أن أفتح ملف كيف حققوا الأرباح رغم أننا قد نضطر إلى فتح هذا الملف لاحقاً»، أضاف: «وفي حال وصلت الحكومة إلى أنها غير قادرة على القيام بأي أمر في هذا المجال، يكفي أن تقول الحكومة إنها عاجزة، ونحن لا نزال نراهن على مسألة استثارة إنسانيتكم».
ولم يمض 24 ساعة على رسائل السيد نصرالله الحاسمة للمصارف، حتى أعلن مجلس إدارة جمعية مصارف لبنان أن «المصارف، تحسّساً منها بمسؤوليتها الوطنية والمهنية والإنسانية، كانت ولا تزال ملتزمة بتحويل المبالغ المناسبة للطلاب اللبنانيّين المقيمين في الخارج، إذا كان لدى هؤلاء الطلاب أو ذويهم حساب مصرفي في لبنان». كما أعلنت «أنه في حال قرّرت السلطات اللبنانية إعادة مَن يرغب من هؤلاء الطلاب الى لبنان، بسبب الأوضاع الراهنة، فإن المصارف على أتمّ الاستعداد لتحويل ثمن بطاقات السفر لصالح شركة طيران الشرق الأوسط بالدولار الأميركي لكلّ طالب راغب في العودة ولديه حساب في المصارف اللبنانية».
وقالت مصادر نيابية لـ«البناء» إن «الحكومة اتخذت القرار بإعادة اللبنانيين في الخارج الى لبنان وستعقد جلسة الثلاثاء المقبل لبحث الآليات والإجراءات الواجب اتخاذها والتنسيق مع الوزارات المعنية لا سيما الخارجية والصحة»، وعلمت «البناء» أن وزارة الخارجية باشرت التواصل مع السفارات في الخارج لإحصاء عدد المغتربين وملء الاستمارات للراغبين في العودة».
ولم تتضح آلية الإجلاء حتى الآن وتجري دراسة اقتراحات عدة، لكن المحسوم هو تخصيص طائرات على متن كل واحدة منها طاقم طبي لإجراء الفحوص لكل الراغبين بالعودة في مطارات الدول الخارجية وثم إجراء عملية فرز العائدين قبل العودة، فمن تظهر نتيجة فحوصاتهم سلبية يعودون في طائرة واحدة ويجلسون بشكل بعيد عن بعضهم البعض لتجنّب العدوى كإجراء وقائي واحتياطي أما من تظهر نتيجة فحوصهم إيجابية فيجري نقلهم بطائرة واحدة على أن يجري العزل المنزلي الذاتي أو الحجر في أماكن مخصصة في المستشفى الحكومي او في اماكن خصصتها بعض الأحزاب لهم فور عودتهم الى لبنان.
وعلمت «البناء» أن العدد الأكبر من الراغبين بالعودة هم من دول أفريقيا وأوروبا حيث سيعودون على نفقتهم الخاصة ويتخذون العزل في منازلهم في قراهم.
ولفت عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم لـ«البناء» الى أن «على الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها في إجلاء اللبنانيين في الخارج لا سيما الطلاب والعالقين في المطارات والمغتربين الذين ساهموا ويساهمون في صمود اقتصاد الوطن علماً ان كل دول العالم تولي مواطنيها أهمية».
وأكد رئيس المجلس القاري الأفريقي في الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم القنصل حسن يحفوفي، استعداد المجلس التام «لمساعدة الحكومة في إجلاء الراغبين بالعودة الى لبنان من أبناء الجاليات اللبنانية في أفريقيا، في هذه الظروف الصحية الناتجة عن فيروس كورونا، حيث إن الوضع لا يزال تحت السيطرة وعدد الإصابات قليل بين اللبنانيين والخشية من أن يتفشى المرض».
ووجّه رسالة الى رئيس الحكومة وفصّل فيها خطة متكاملة لعودة من يرغب من المغتربين في القارة الافريقية، على أن يتكفل كل الذين سيعودون بدفع المصاريف المتعلقة بالسفر، مؤكداً أن «الانتظار لمزيد من الوقت قد يؤدي الى تعقيد الأمور».
وأعلن رئيس المجلس الاغترابي في بلجيكا مارون كرم أنّ طبيبين لبنانيين مصابان في بلجيكا، وهما حالياً في العناية الفائقة، أحدهما في العقد الثالث من عمره، وأشار كرم إلى أنّ نحو مئة طالب لبناني في بلجيكا ينتظرون قرار الدولة لكي يعودوا إلى لبنان.
ولفت المستشفى الحكومي في تقريره اليومي الى أن «مجموع الحالات التي ثبتت مخبرياً إصابتها بفيروس كورونا والتي عزلت في العزل الصحي في المستشفى وصل إلى 65 إصابة، وأن 7 حالات مشتبهاً بإصابتها بالفيروس، تم نقلها إلى المستشفى من مستشفيات أخرى». كما أعلن تماثل إصابتين بالفيروس للشفاء «بعد أن جاءت نتيحة فحص الـ PCR سلبية في المرتين، وتخلصهما من عوارض المرض كافية»، ليرتفع بذلك مجموع الحالات التي شفيت تماماً منذ البداية إلى 32 حالة شفاء».
وأفيد عن إصابة فتاة بـ «كورونا» في دير راهبات يسوع المصلوب، حيث تمّ حجر جميع الموجودين في الدير كما أعلن مستشفى بشرّي أن فحوصات كورونا شملت 11 شخصاً من طاقم المستشفى وتبيّن وجود ثلاث حالات إيجابية وتجري متابعتها.
في المقابل نفى وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي ما أشيع عبر بعض وسائل الإعلام عن مجيء مسؤولين إيرانيين مصابين بكورونا إلى لبنان عبر سورية من أجل التداوي، موضحاً أن هناك أجانب من الجنسيات كافة منهم إيرانيون موجودون في لبنان، هؤلاء هم مسؤولية الحكومة اللبنانية لمعالجتهم إذا لزم الأمر.
وأشارت مصادر طبية لـ«البناء» الى أن المعركة مع الكورونا تتوقف على ثبات عناصر المواجهة لا سيما الحجر المنزلي والعزل الذي يشكل سلاح الوقاية المتاح للوباء، ولفتت الى أننا في حالة ترقب وامامنا أسبوعان خطيران، فإذا انخفضت نسبة الإصابات بشكل تدريجي حتى تصفير العداد فنكون أمام نهاية الوباء. واما اذا ارتفعت الإصابات فسنكون امام مرحلة عدم السيطرة على تفشي المرض، وبالتالي سنكون امام ازمة ستمتد أشهراً وتحتاج الى انواع جديدة من إجراءات المواجهة قد تكون اعلان حالة طوارئ عامة»، لكن المصادر توقعت أن تبادر الحكومة الى تمديد مدة التعبئة العامة وحظر التجول الى أواخر شهر نيسان المقبل.
على صعيد آخر، أكد رئيس الهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير في حديث صحافي أن مبلغ 75 مليار ليرة لبنانية الذي جرى تحويله الى صندوق الهيئة بقرار من مجلس الوزراء هو بمثابة «أمانة» لدينا وسيُصرف بقرار من رئيس الحكومة حسان دياب بالتنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية.
وعن الآلية التي ستعتمد لتوزيع المساعدات، قال خير إن «الجيش، مشكوراً، سيكون الى جانبنا كما العادة في هذه المهام ونحن ننسق مع قيادته للتنفيذ على الأرض، كما ان هناك دوراً أساسياً للبلديات التي عليها أن تعمل بشكل واضح وشفاف».
على صعيد آخر بدأت التداعيات الاجتماعية السلبية للوباء والإجراءات الحكومية بالظهور في بعض المناطق الفقيرة، لا سيما في طرابلس وبعض مناطق الضاحية الجنوبية، فأفيد أمس، أن بعض الشبان في منطقة حي السلم حاولوا إعادة فتح المحال وخرق إجراءات التعبئة ما اضطر القوى الأمنية للتدخل، فيما عمد عدد كبير من المواطنين في طرابلس الى قطع طريق مدخل جبل محسن والتبانة وإطلاق هتافات ضد الجوع.