يوم الأرض… عنوان صمود ومقاومة تحمي عروبة فلسطين
} حسن حردان
يحيي شعبنا في فلسطين المحتلة، وخارجها، ذكرى مرور 44 عاماً على يوم الأرض، الذي تحوّل إلى عنوان صمود ومقاومة دفاعاً عن هوية أرض فلسطين، في مواجهة المشروع الصهيوني التهويدي الاستيطاني الإجلائي، الهادف إلى إلغاء الحقوق الوطنية للفلسطينيين بوطنهم، ودفعهم إلى الهجرة او الاستسلام للأمر الواقع الاحتلالي الصهيوني..
لقد أكد أبناء فلسطين، من خلال تمسكهم بأرضهم وتصدّيهم للصهاينة رفضهم للأمر الواقع الصهيوني الاحتلالي، واستعدادهم للتضحية وبذل الدماء في سبيل حماية أرضهم والدفاع عنها… وانّ كلّ عقود الاحتلال لم تنل من عزيمتهم وتصميمهم على مواصلة طريق المقاومة بكلّ أشكالها لتأكيد الحفاظ على عروبة الأرض والشعب ورفض الذوبان أو العيش بخنوع وهوان تحت سيطرة المحتلّ الغاصب.. لقد أدّى هذا الصمود للعرب الفلسطينيين، سواء في الأرض المحتلة عام 1948، او في الأرض المحتلة عام 1967، او في أماكن تواجدهم في الشتات، جملة من الحقائق والدلالات الهامة..
اولاً، إنّ ارادة المقاومة الشعبية إنما هي الضمانة والسبيل لإحباط مخططات ومشاريع الاحتلال لإلغاء وتصفية الحقوق الوطنية للشعب العربي في فلسطين، وانّ هذه الإرادة هي التي أبقت القضية حية، فمن دون هذه الإرادة لم يكن بالإمكان الثبات في الأرض والصمود والمقاومة في مواجهة اعتداءات جنود الاحتلال والمستوطنين الصهاينة..
ثانياً، على الرغم من مرور أكثر من سبعة عقود على سطو واستيلاء العصابات الصهيونية على أرض فلسطين، بدعم من الاستعمار الغربي، إلا أنّ الكيان الصهيوني لم يتمكّن من إخماد وإضعاف مقاومة شعب فلسطين، أو جعل العرب الفلسطينيين، في الأرض التي احتلت عام ٤٨، يسلمون بواقع الاحتلال ويذوبون في الكيان الغاصب، أو ينسون قضيتهم وحقهم في أرضهم وطنهم والكفاح لاستعادة ما سلب منهم.. إنّ العدد الضئيل من أبناء فلسطين الذين ظلوا متمسكين بالبقاء في أراضيهم المحتلة عام 48، أصبحوا اليوم ثقلاً سكانياً وقوة هامة تسهم في الحفاظ على هوية الأرض وعروبة فلسطين، وهو ما لم يكن قادة العدو يحسبون له الحساب.. لا سيما أنّ الـ 100 ألف فلسطيني، الذين ظلوا عام 48، أصبح عددهم اليوم يناهز المليونين نسمة، ايّ ما نسبته 20 بالمائة من عدد السكان، فيما مشروع تهويد الضفة وضمّها إلى كيان الاحتلال، يؤدّي إلى ضمّ نحو ثلاثة ملايين مواطن عربي فلسطيني إلى الكيان الصهيوني، ما يعني انّ عدد الفلسطينيين الواقعين تحت الاحتلال المباشر يقارب نحو الخمسة ملايين، في مقابل نحو ستة ملايين مستوطن صهيوني، وفي السنوات القليلة المقبلة يتوقع ان يتساوى تعداد الفلسطينيين مع تعداد المستوطنين، وهو ما دفع بعض القادة الصهاينة إلى التحذير من خطر القنبلة الديمغرافية.. ولذلك أيّدوا تسوية تؤدّي إلى الفصل بين الفلسطينيين والصهاينة، حتى لا يواجه الكيان معضلة ثنائية القومية، أو يتحوّل إلى نظام فصل عنصري على غرار ما كان سائداً في السابق من نظام فصل عنصري في جنوب أفريقيا.. غير أنّ سيادة الاتجاه الرافض لحلّ الدولتين، حصل على دعم إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لفرض خطة القرن، وبالتالي ضمّ الضفة الغربية إلى كيان الصهيوني، واستطراداً سقوط الرهان على التسوية السياسية.. وسيؤدّي أيضاً إلى إعادة توحيد نضال الفلسطينيين في أراضي 48 والضفة، وكذلك قطاع غزة والشتات، لا سيما أنّ اتفاق أوسلو، الذي جزّأ نضال الشعب الفلسطيني، قد دفنه العدو وسقط معه وهم التسوية…
ثالثا، انّ هذا التحوّل لمصلحة نضال الشعب الفلسطيني وحقوقه، حال دون تكرار ما حصل مع شعب الهنود الحمر في أميركا، حيث جرى إبادتهم لمصلحة المستوطنين الذين استعمروا البلاد وأنشأوا في ما بعد الولايات المتحدة.. إنّ الفضل في منع تكرار ما حصل في أميركا، في فلسطين، إنما يعود إلى الثبات والصمود والمقاومة العنيدة والمستمرة من دون توقف التي خاضها ويستمرّ في خوضها، الشعب الفلسطيني البطل الذي يثبت كلّ يوم بأنه أقوى من الاحتلال وإرهابه، وانه عصيّ على الإخضاع والاستسلام..
ثالثاً، انّ هذا الصمود الفلسطيني، واستمرار المقاومة دفاعاً عن أرض فلسطين، يترافق اليوم مع تحوّلات في المنطقة لمصلحة قضية فلسطين ومقاومتها، وهذه التحوّلات تتجلى في الانتصارات التي تحققها أطراف محور المقاومة، في سورية والعراق واليمن ولبنان والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهي الأطراف التي تعتبر فلسطين بوصلتها، وقضيتها المركزية، الأمر الذي يقطع الطريق على تنفيذ خطة القرن، ويخلق بيئة استراتيجية جديدة لمصلحة قوى المقاومة تشكل قوة دعم كبيرة للمقاومة في فلسطين المحتلة، تحاصر كيان الاحتلال وتفرض معادلات ردعية، وبيئة استراتيجية جديدة لمصلحة مشروع المقاومة والتحرّر العربي، تحاصر الكيان الصهيوني وتشلّ قدرته على شن الحروب لعجزه عن تحقيق النصر فيها…
انطلاقاً مما تقدّم، يمكن القول إنّ ثمرات نضال وصمود ومقاومة أبناء فلسطين، تظهر اليوم في المأزق التكتيكي والاستراتيجي الذي يرزح فيه كيان الاحتلال، بفعل انكشاف ازدياد عجز قوته في القضاء على المقاومة البطلة في قطاع غزة، التي تتنامى وتزداد قوة أيضاً، مع تقدّم محور المقاومة في كلّ ساحات الصراع، وسط تراجع في النفوذ الاستعماري الأميركي، عربياً وإقليمياً ودولياً، مما يفاقم مأزق الكيان، ويعزز موازين القوى لمصلحة نضال وكفاح شعبنا في فلسطين المحتلة.. ويحبط مخططات الاحتلال ومشاريعه لتصفية قضية فلسطين…