عصيان مسلّح لسجناء داعش في الحسكة وفرار العشرات منهم واحتجاز رهائن من حامية السجن إبراهيم لـ«البناء»: ما يحصل حراك مخطّط له مدعوم من جهات دوليّة ونتيجة إهمال القوات الأميركيّة
} سعد الله الخليل
يواصل إرهابيّو تنظيم داعش عصيانهم المسلّح داخل سجن الحسكة والخاضع لسيطرة «قسد» و»التحالف الدولي» والمخصّص لمسلَّحي داعش، في الأطراف الجنوبية من حي غويران في مدينة الحسكة، وسط أنباء عن سماع إطلاق رصاص داخل السجن، تزامن مع تحليق لطيران التحالف الأميركي في سماء مدينة الحسكة، وبدأ العصيان مساء الأحد بعد أن تداولت الصفحات المحسوبة على المجموعات الإرهابية المسلَّحة فيديو، قالت إنَّه من كاميرات المراقبة في سجن الحسكة والذي يظهر اللحظات الأولى لبداية عصيان مسلَّحي داعش المعتقلين داخل السجن، وبحسب الأنباء الواردة فإن مسلَّحي داعش طالبوا في البداية لقاء قوات «التحالف الدولي» ومنظمات حقوق الإنسان، ورفعوا أغطية كتبوا عليها هذه المطالب، ليحطّموا بعدها كاميرات المراقبة والجدران والأبواب وفتح المهاجع على بعضها وبحسب الأنباء الواردة من الحسكة فقد احتجز الإرهابيون عدداً من حامية السجن التابعين لقسد وهدّدوا بتصفيتهم في حال تمّ اقتحام السجن، حيث يسيطر عناصر داعش على طابق كامل في سجن الثانوية الصناعية في الحسكة وسط استنفار شديد لقوات قسد داخل السجن وفي محيطه.
وتمكّن عدد من الإرهابيين السجناء من الفرار فيما أعلنت مصادر مقربة من قوات سورية الديمقراطية إلقاء القبض على أربعة من السجناء الفارين، بدورها أعلنت قوات الحشد الشعبي في العراق عن رصدها دخول مجاميع مسلحة من سورية، وبحسب بيان للحشد فإن «القوات الأمنيّة أطلقت عملية ربيع الانتصارات الكبرى حيث نفذ اللواء 44 و51 وعمليات نينوى للحشد الشعبي، والهندسة العسكرية ومكافحة المتفجرات وبإسناد من طيران الجيش ومقاتلة الدروع في الحشد الشعبي، بمشاركة الفوج التكتيكي وفوجين من الجيش العراقي عملية لتطهير جزيرتي نينوى وصلاح الدين من عناصر داعش بعد هروبهم من سجن الحسكة».
وترى بروين إبراهيم أمين عام حزب الشباب لـ»البناء والتغيير» أن «ما يحصل في سجن الحسكة نتيجة طبيعية لإهمال واستهتار القوات الأميركيّة لهذه القنبلة الموقوتة، فقد حذّرت قوات قسد أكثر من مرة أنها لا تستطيع ضبط الأوضاع في السجن إلى أجل غير مسمّى وهو ما أوصل الأمور إلى وضع اللاسيطرة».
وأضافت إبراهيم في حديث لـ»البناء» «في معركة رأس العين وتل أبيض قلّلت قسد عدد حراس السجن إلى أقل من النصف، والسجن يحوي عدداً كبيراً من الإرهابيّين ويحتاج الى رقابة خاصة، وبناء يستوعب حجم إجرامهم. فقد تعوّد السجناء على حركات العصيان والتمرد، وسيكون من الصعب جداً على قسد تأمين سيطرة كلية على السجن، وبالرغم من أن قسد قادرة على ضبط الأمور خلال أيام واستعادة السيطرة على السجن، بعد توقف العمليات العسكرية وانسحاب قسد من رأس العين وتل أبيض تبقى المشكلة بأن السيطرة ستكون مؤقتة. فالمسألة بقناعتي تتعدّى أن تكون مجرد استعصاء لتصل لحراك مخطط له ومدعوم من جهات دولية ربما أو إقليمية لها مصلحة بفتح جبهة مواجهة مع قسد، وقد يكون لواشنطن وأنقرة يد بالعصيان في هذا التوقيت بالذات».
وتؤكد إبراهيم أن احتفاظ قسد بمجرمين خطيرين ارتكبوا مجازر بحق السوريين من العرب والأكراد، ورقة ضغط على المجتمع الدولي تلعب بها قسد لضمان الدعم السياسي والعسكري واللوجستي في قادمات الأيام، وتضيف «هذا السلاح تبين أنه ذو حدين ففي أي لحظة تغفل قسد عن السيطرة على السجن سيتحوّل لكارثة على قسد أولاً وعلى الدولة السورية والمجتمع في الحسكة».
وتؤكد إبراهيم أن السجناء يطالبون بالمحاكمة وبتحسين الأوضاع الصحية والمعيشية، وهي مطالب لا تستطيع قسد تأمينها في الوقت الحالي، لا المحاكمة ولا توفير ما هو افضل في ظل الأوضاع العامة، والظروف التي تمر فيها المنطقة، وبالتالي من الصعب، بحسب إبراهيم، منع تكرار ظواهر كهذه، وتضيف «غياب التصريحات الرسمية من قسد عن فرار السجناء وعلى العكس تماماً قسد تنفي فرار أي سجين وتضارب المعلومات بين قسد وإدارة السجن سيكون له انعكاسات على صورة قسد في الحسكة».
وتتابع «مشروع قسد لن يكون له وجود الا ضمن الدولة السورية وبالتنسيق مع الحكومة السورية، وأي مستقبل لقسد مرهون بإنهاء ارتباطها مع الاحتلال الأميركي، وتحصين الجبهة الوطنية بالتحالف مع الحكومة السورية، وأعتقد أن أهم نقطة ان يكون هناك ضامن لعودة الثقة بين الدولة وقسد، لأن وللأسف انعدمت الثقة بين الطرفين وبحسب معرفتي لن يقدّم أي طرف تنازلاً للآخر حتى لو لصالح الوطن، إلا إذا فقدت قسد أملها نهائياً من الدعم الأميركي لها»، وعن إمكانية تدخل الدولة السورية لإنهاء الوضع في السجن تقول إبراهيم «في كل الازمات والظروف كانت الحكومة السورية مستعدّة وجاهزة لدرء أي خطر عن الأراضي السورية والحسكة جزء غالٍ أرضًا وشعبًا على سيادة الرئيس والدولة السورية وقد تتدخل في أي لحظة تراها مناسبة».
تحرّكات في الهول وعبر الحدود
اعتقلت قوات قسد عقب عصيان سجناء داعش طفلين بعد مداهمتها قسم المهاجرات في مخيم الهول كتبعات لفرار المساجين، وترى بروين إبراهيم أن المخيم تجاوز اعتباره قنبلة موقوتة بل بات كارثة لن يجلب الى المنطقة سوى الأوبئة والإرهاب وبات على كل دولة أخذ رعاياها لتنعم المنطقة بالأمان.
وفي سياق تعزيز الاحتلال الأميركي لنقاطه على الأرض كشفت مصادر مطلعة عن دخول 25 سيارة نوع همر للقوات الاميركية، قادمة من العراق إلى الاراضي السورية عبر معبر الوليد غير الشرعي بريف اليعربية شمال شرق محافظة الحسكة، حيث اتجهت الى مقر القوات الاميركية في مطار خراب الجير الزراعي في منطقة المالكية.