إيطاليا تبكي ضحايا فيروس كورونا في نهاية شهر مأساويّ وتقول لألمانيا: الذاكرة تساعد في اتخاذ القرارات الصحيحة!
اشترى رؤساء بلديات وحكام أقاليم في إيطاليا أمس، صفحة في صحيفة «فرانكفورتر ألجماينه تسايتونج» ليطلبوا من ألمانيا التضامن معهم وسط تفشي وباء فيروس كورونا المستجدّ قائلين إن «دولاً أخرى وافقت على خفض ديون ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية».
وسجلت إيطاليا أعداد وفيات بسبب تفشي الفيروس أكثر من أي دولة أخرى في العالم، بلغت 11591 حالة وفاة حتى أول أمس، أي نحو ثلث عدد الوفيات على مستوى العالم كما رصدت أكثر من مئة ألف حالة إصابة.
وتبرز هذه المبادرة استياءً متنامياً في إيطاليا مما ينظر إليه باعتباره «لا مبالاة من جانب ألمانيا تجاه معاناتها بعد رفض برلين الاستجابة لدعوات دول أخرى بإصدار سندات مشتركة لدعم اقتصاداتها».
وجاء في الخطاب المنشور «أعزاءنا الأصدقاء الألمان، الذاكرة تساعد في اتخاذ القرارات الصحيحة» بعد أن أشار إلى اتفاق عام 1953 بخصوص خفض ديون ألمانيا لمساعدتها على الانتعاش في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
ووقع على الخطاب رؤساء البلديات من التيارات اليسارية واليمينية الذين يمثلون مدن شمال إيطاليا الأكثر تضرراً من تفشي فيروس كورونا.
وكانت تسع من دول الاتحاد الأوروبي منها فرنسا وإيطاليا وإسبانيا قد دعت إلى «إصدار سندات مشتركة لدعم الانتعاش الاقتصادي» بعد تفشي الفيروس الذي أصبح من المؤكد أنه سيُدخل منطقة اليورو في حالة ركود شديد. لكن ألمانيا وهولندا وفنلندا والنمسا عارضت الاقتراح.
ووقفت إيطاليا دقيقة صمت ونكست أعلامها أمس، حداداً على 11591 شخصاً توفوا من جراء جائحة كوفيد-19 التي أرغمت سكان هذا البلد المتوسطي على تغيير نمط حياتهم.
وسجل البلد الذي يبلغ عدد سكانه 60 مليون نسمة ما يقرب من ثلث جميع الوفيات العالمية بسبب المرض، وعرف خلال شهر عدداً أكبر من الوفيات التي سببتها كارثة واحدة منذ الحرب العالمية الثانية.
واكتشفت أول إصابة بالفيروس في إيطاليا بالقرب من مدينة ميلانو الشمالية في أواخر شباط.
وقالت رئيسة بلدية روما فرجينيا راغي، بعد الوقوف دقيقة صمت ظهراً إن الفيروس «مُصاب ألمَّ بالبلاد بأسرها … معاً سنتجاوزه». وأقيم الحفل خارج مبنى البلدية.
ونكست مدينة الفاتيكان بالمثل أعلامها الصفراء والبيضاء تضامناً مع بقية إيطاليا.
وفرضت الحكومة الإيطالية إغلاقاً غير مسبوق منذ ثلاثة أسابيع للمساعدة في وقف انتشار فيروس أصاب حتى الآن أكثر من 100 ألف شخص.
وتهدد التكلفة المالية للإغلاق القسري لجميع الشركات تقريباً بأعمق ركود منذ عقود يصيب الاقتصاد الإيطالي – ثالث أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي العام الماضي.
وقررت الحكومة تمديد الإغلاق حتى منتصف نيسان على الأقل. ومن غير المتوقع أن تبدأ المتاجر والمطاعم بفتح أبوابها حتى أيار على الأقل، ولا يوجد مسؤول على استعداد للتنبؤ بموعد عودة الحياة إلى ما كانت عليه قبل شهر فقط.
وقالت رئيسة بلدية روما: «التضحية التي نقدمها عندما يُطلب منا البقاء في المنزل ضرورية لإنقاذنا جميعاً… يجب أن نفعل ذلك من أجل كل الذين فقدوا أرواحهم وجميع أولئك الذين يعرضون حياتهم للخطر من خلال العمل من أجلنا جميعًا – الأطباء والممرضات ومن يعملون في محلات السوبر ماركت».
لكن رئيس قسم الأمراض المعدية في مستشفى لويجي ساكو في ميلانو الذي تمكن من عزل السلالة الإيطالية للفيروس، قال إنه ينظر إلى المستقبل ببعض الأمل. وقال ماسيمو غالي للاذاعة الايطالية «لدينا انطباع بأن (الوباء) يضعف».
وفي سياق متصل، أعلن العديد من المتاجر الكبرى عن حسومات بنسبة 10% للفئات الفقيرة الذين زادت المحنة من معاناتهم. ويتم الحسم لمن يشترون ببطاقات غذائية وزعت على الأكثر عوزاً.
وسجلت إيطاليا 812 وفاة أول أمس. وسُجل الرقم القياسي للوفيات في يوم واحد الجمعة مع 969 وفاة، وهو أعلى عدد يوميّ يتم تسجيله في أي مكان في العالم.