أميركا وأوروبا تدفعان العالم نحو المليون إصابة خلال يومين… ولبنان مستقرّ تحت المعدل / الحكومة لعودة المغتربين بضوابط صحيّة من الأحد… و400 ألف ليرة للمتوقفين عن العمل/ الحكومة ستجتاز تعيينات مصرف لبنان بالتوصّل لتفاهم يشبه آلية تشكيل الحكومة /
كتب المحرّر السياسيّ
تتزايد معدلات نمو الإصابات بفيروس كورونا في أوروبا وأميركا، بصورة جعلت رقم المليون إصابة عالمياً متوقعاً خلال يومين، حيث تقول تقديرات مصادر صحيّة أممية أن يوم السبت سيكون موعدنا مع تخطّي رقم المليون، طالما أن انتشار الفيروس لا يزال يسجّل في أوروبا وأميركا أرقاماً تزداد ارتفاعاً، بعدما تخطّت أميركا رقم الـ 180 ألف إصابة، وتجاوز مجموع الإصابات في أوروبا نصف مليون، لتشكلا معاً 75% من إجمالي الإصابات في العالم التي بلغت 840 ألفاً، وفيما تتجه الصين للخروج من السلم العالمي للمصابين، بتسجيل زيادة حالات الشفاء على عدد حالات الإصابة وتضاؤل عدد المصابين الفعليين إلى 2000 من أصل 80 ألفاً أصيبوا بالفيروس شفي أكثر من 75 ألفاً منهم، تسجل كل من أميركا وإيطاليا الأرقام القياسية، وتتبعهما أسبانيا وفرنسا وألمانيا، حيث زاد عدد الوفيات في أميركا عن 3000 متخطياً عدد الوفيات في الصين وإيران، بينما بلغ العدد 12 ألفاً في إيطاليا أي أربعة أضعاف عدد الوفيات في الصين.
لبنان يحافظ على استقرار مكانته في السلم العالمي لنمو الإصابات، بحيث سجل المركز الـ 80 عالمياً بقياس عدد المصابين بكل مليون نسمة مع رقم 68 إصابة بكل مليون مقابل الرقم العالمي الوسطي البالغ 108 مصابين بالمليون.
الحكومة التي سجلت هذا الإنجاز لدرجة الانضباط بالإجراءات الوقائيّة أبدت خشيتها من تسرّب ينتج عنه نمو غير متوقع بسبب تفلت البعض من هذه الإجراءات، داعية للتشدد في تطبيق العزل المنزلي، وجاءت مبادرة وزيرة الإعلام منال عبد الصمد، التي التزمت بها «البناء» في عدد اليوم، تعبيراً عن التعبئة اللازمة للمزيد من التقيّد بهذه الإجراءات الوقائية، كي لا نخسر كل ما حققناه، بسبب تصرّفات غير مسؤولة، أو سوء تقدير واستهتار بالعواقب، بينما تتشدّد القوى الأمنيّة في ملاحقة حالات الخرق في حظر التجوّل ليلاً، وفي تقييد الانتقال بالضرورات نهاراً، وكان الأبرز يوم أمس، ما أقرّته الحكومة بخصوص عودة المغتربين الراغبين بالعودة، والذين يُقدّر عددهم بـ 10 آلاف في مرحلة أولى، تبدأ الأحد المقبل وتستمرّ أسبوعاً، وتتضمّن إجراءت وقائيّة مشدّدة، تبدأ بالفحوصات قبل العودة والفصل بين المصابين وغير المصابين، وتنتهي بالحجر بعدها لأسبوعين في أماكن محددة تحت إشراف وزارة الصحة تتولى الهيئات الاغترابية تحضيرها استعداداً للبدء بالتنفيذ، فيما أقرّت الحكومة تقديم مساعدة نقدية بقيمة 400 ألف ليرة للعائلات الأشد فقراً، والمقصود تلك المصنفة لدى وزارة الشؤون الاجتماعية، بالإضافة لأصحاب المهن التي توقفت، بسبب حالة التعبئة العامة وفي مقدّمتهم سائقو السيارات العموميّة الذين يبلغ عددهم 40 ألفاً وفقاً للوائح المسجلة لدى مديرية النقل في وزارة الأشغال.
القضيّة السجالية التي تنتظر الحكومة، بقيت قضية التعيينات المتصلة بمصرف لبنان، ومخاطر مطبّات جديدة تنتظر الحكومة مع تهديد الوزير السابق سليمان فرنجية بالانسحاب من الحكومة ما لم يحصل على تعيين إثنين من اصل ستة مراكز مخصصة للمسيحيين، وفقاً للمعادلة التي حكمت تشكيل الحكومة، وقالت مصادر متابعة لملف التعيينات إن المساعي القائمة لتذليل هذه العقدة تبشّر بالتوصل لحلها، على قاعدة الحل ذاته الذي أنهى التجاذبات التي رافقت تشكيل الحكومة. فالترشيحات يجب أن تلبي شرطي الكفاءة العالية التخصصية، وعدم التحزب لفريق، ومعلوم سلفاً أن الترشيحات تأتي من كنف محيطين ببيئات سياسية، تشبه من تمّ ترشيحهم للحكومة، ولا مشكلة بالتالي بتطبيق المبادئ ذاتها التي حفظت التوازنات السياسية داخل الحكومة من دون أن تصيب الشرطين اللذين وضعهما رئيس الحكومة، أي الاختصاصيين المستقلين، ولو كانت لهم ميول سياسية؛ فهذا شأن طبيعي في لبنان، والطبيعي أن تكون التعيينات الحساسة ملبية لقدر من التوازن السياسي.
وبعد جدال وشدّ حبال أقرّ مجلس الوزراء في جلسته أمس، في السرايا الحكوميّة آلية العودة الآمنة للمغتربين اللبنانيّين في الخارج، كما رفعتها اللجنة الوزارية المختصة التي اجتمعت قبل الجلسة.
ويبدأ تنفيذ الآلية، بحسب المعلومات، بعد استيراد فحص الـ anti gene، الذي يبدأ بالوصول الى بيروت الجمعة المقبل، حيث تُحضّر الفرق الطبيّة وتُزوّد بالـanti-gene وتتوجّه بالتوازي إلى كل الدول، حيث يوجد لبنانيّون يريدون العودة إلى لبنان على تسيير 10 رحلات جوية اعتباراً من الأحد المقبل.
وتضيف المعلومات أنه لن تقلع أي طائرة من لبنان قبل وصول الفحوص المطلوبة وتجهيز الفرق الطبية وبانتظار إحصاءات وزارة الخارجية بأعداد الراغبين بالعودة ومن أي دول.
وبحسب آلية العودة التي حصلت «البناء» على نسخة منها تمّ التداول بها في مجلس الوزراء قبل إقرارها، فإن الحكومة دعت مَن يرغب بممارسة حقه الطبيعي في العودة إلى لبنان اتباع الإجراءات المحددة في ما يلي:
– تعبئة استمارات خاصة لدى السفارات في الخارج، لغرض العودة إلى لبنان تتضمّن التصريح عن المعلومات الأساسية لكل شخص لا سيما السن، الوضع الاجتماعي مع عدد أفراد الأسرة وسنّ كل منهم والوضع الصحي.
– تحدّد لوائح أسماء الأشخاص الذين يفتح لهم المطار لعودتهم وفقاً لـ:
– أصحاب الأولوية: العائدين ذوي الوضع الصحي والعمري الدقيق والعائلات. ولأجل تطبيق هذا المعيار، يعتبر من المعرّضين للخطورة الصحية الأشخاص الذين يثبت من ملفاتهم الطبية أنهم يعانون من أمراض كالسكري، السرطان وغيرها.
ويعتبر من فئة السن الدقيقة الأشخاص الذين يزيد عمرهم عن 60 سنة وأقل من 18 سنة.
– العائدون ذوو الوضع الاجتماعي الدقيق والأفراد الذين غادروا لبنان بموجب تأشيرة فيزا مؤقتة أو قصيرة الأمد.
– شراء بطاقات السفر على نفقة المسافرين على أساس السعر الذي تحدّده شركة الـMEA بعد احتساب تكلفة البطاقة وفقاً لتوزيع المقاعد المعتمد في هذا القرار.
– تنطلق الرحلات من يوم الأحد 5 نيسان 2020 وتنتهي مساء الأحد 12 نيسان 2020 على أن يتعدّى سقف عدد العائدين في هذه الفترة عشرة آلاف شخص في المرحلة الأولى. أما المرحلة الثانية فتبدأ في 27 نيسان 2020 لغاية 4 أيار 2020.
ولفت رئيس قسم الأمراض الجرثومية في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت د عبد الرحمن البزري لـ«البناء» الى أن «الآلية التي أقرتها الحكومة لإجلاء المغتربين تنطوي على بعض الخطورة لجهة مدى ملاءمتها للشروط والمعايير الصحية لا سيما الفصل بين المصابين وغير المصابين في دول الخارج بعد التأكد من الفحوصات لا سيما ان عدد العائدين سيكون كبيراً الى جانب آلية الحجر لهؤلاء المغتربين عن ذويهم وعن محيطهم العائلي والاجتماعي». ودعا وزارة الصحة للتشدّد في الإجراءات الصحية قبل اعادة المغتربين الى لبنان كي لا ينخرط هؤلاء في المجتمع ويؤدي الى مزيد من تفشي المرض»، منبهاً الى أن الفحوصات احياناً قد لا تكشف الاصابات وبالتالي يجب على المغتربين ان يخضعوا للفحوصات بشكل دوري للتأكد من عدم إصابتهم».
كما وافق المجلس على تقديم مساهمة نقدية بقيمة 400 ألف ليرة لبنانية تدفع للأسر الأكثر حاجة، وتوزع في وقت قريب عبر الجيش اللبناني. وأبدى بعض الوزراء، بحسب معلومات «البناء»، تحفّظات على هذا القرار متسائلين عن الجهة التي ستحدد من هي العائلات الأكثر فقراً وعددها؟
وأكد رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب، بحسب ما نقلت عنه وزيرة الإعلام منال عبد الصمد على التشدّد في تطبيق الإجراءات المتخذة، خاصة أن التقارير المتعلقة في اليومين الماضيين لم تكن مريحة، على امتداد الأراضي اللبنانية، كما أنها مثيرة للقلق في بعض المناطق، حيث تصرّف بعض الناس كما لو أن شيئاً لم يكن في البلاد. داعياً إلى عدم التراخي في هذا الشأن حرصاً على حماية عائلاتنا وأولادنا وأهلنا.
وأشار الرئيس دياب إلى أن هذه الإجراءات ترتب على الحكومة الاضطلاع بمسؤوليات اجتماعية تجاه الناس من ذوي الدخل اليومي. وقد شكلنا لجنة طوارئ اجتماعية برئاسة وزير الشؤون الاجتماعية، وهي تعمل ليلاً نهاراً على وضع خطة مساعدة اجتماعيّة طارئة، واقترح توزيع مساعدات مالية، لأنها الطريقة الأسرع لمساعدة العائلات المحتاجة.
الى ذلك يعود مجلس الوزراء للانعقاد الخميس المقبل في قصر بعبدا في جلسة ستكون حاسمة على صعيد التعيينات المالية وتتوزع على الشكل التالي: 4 نواب لحاكم مصرف لبنان ورئيس وأعضاء لجنة الرقابة على المصارف وهم 5 أشخاص، و3 أعضاء لهيئة الاسواق المالية، بعدها يعين وزير المال مفوضاً للحكومة لدى مصرف لبنان ومفوّض حكومة لدى لجنة الرقابة. وبحسب المعلومات فإن كل الذين سيتم تعيينهم هم من الوجوه الجديدة وبطريقة التصويت على كل اسم وقد وزعت السير الذاتية لكل المرشحين على الوزراء للاختيار منهم. وقالت مصادر وزارية لـ«البناء» إن آلية التعيين ستراعي التوازنات الطائفية إذ ان المواقع موزعة على طوائف ومذاهب ولا يمكن تجاهل هذا الأمر وقد نص عليه الدستور لكن المجلس يحرص على إبعادها قدر الإمكان عن المحاصصة السياسية التي كانت تجري في السابق لكن لا يعني استبعاد مرشح ذي خبرة وكفاءة اذا كان ينتمي لفريق سياسي. وبحسب ما علمت «البناء» فإن المواقع الشيعية حسمت بالتفاهم بين رئيس الحكومة ورئيس المجلس النيابي نبيه بري فيما المواقع السنية يعود حق تسميتها لرئيس الحكومة فيما المقعد الدرزي توافقي بين القوى الدرزية الا ان المعركة وشد الحبال سيكونان على الحصة المسيحية في ضوء السجال والصراع بين التيار الوطني الحر وتيار المردة الذي هدّد أمس بالخروج من الحكومة إذا لم يتم تعيين المرشحين اللذين اقترحهما. وقال النائب السابق سليمان فرنجية لـ«مستقبل ويب» «مطروح ستة مواقع مسيحية في التعيينات أي يحق لنا باثنين، وقد رشّحنا أسماء تتمتع بالكفاءة، أما إذا لم يتم اختيار اثنين من المرشحين الذين اقترحناهم فسنخرج من الحكومة .»
وأضاف فرنجية «لو أن الحكومة تعتمد آلية معينة للتعيينات لكنا أول من التزم بذلك. لكن ما سيعتمد هو الاختيار على أساس المحسوبيات بدليل إلغاء الآلية وفي هذه الحال نحن نريد إسمين، ولا نزايد على أحد». ورداً على سؤال عن صحة ما تردد عن رفضه عقد لقاء مع النائب جبران باسيل، قال فرنجية: «لا طلب ولا أنا بشوفو».
على صعيد آخر، بقي خطر وباء كورونا في صدارة الاهتمام الرسمي، مع تسجيل عدد اضافي من الإصابات يوم أمس، إذ أعلن المستشفى الحكومي في تقريره اليومي أن «مجموع الحالات التي ثبتت مخبرياً إصابتها بفيروس الكورونا والتي عزلت في منطقة العزل الصحي في المستشفى بلغت 64 إصابة، من ضمنها إصاباتان تمّ نقلهما من مستشفيات أخرى». مضيفاً: «تماثلت إصابتان بفيروس الكورونا للشفاء بعد أن جاءت نتيحة فحص الـ PCR سلبية في المرتين وتخلصهما من كافة عوارض المرض، وبلغ مجموع الحالات التي شفيت تماماً من فيروس الكورونا منذ البداية 37 حالة شفاء».
وقد وصل الوباء الى صفوف الجيش اللبناني بعد إصابة ضابط من فوج الحدود البري الثاني بكورونا بحسب بيان لقيادة الجيش والذي أكد في بيان أن المصاب يخضع للعلاج وقد اتخذت الإجراءات الوقائية والضرورية والفوج مستمر بأداء المهام الموكلة اليه.
وقالت مصادر طبية مطلعة لـ«البناء» الى أن عدد الإصابات وتغير الوتيرة اليومي متوقع وطبيعي ولم يصل الى معدلات مخيفة وخطيرة أسوة ببقية دول العالم، وأوضحت أن «مدى قدرة الحكومة على السيطرة على المرض وانحساره مرتبطان بثلاثة أمور هي: مدى قدرة الحكومة على الحفاظ على حالة التعبئة العامة وحظر التجول والتزام المواطنين بالعزل المنزلي، كيفية التعامل مع عودة المغتربين من مراكز التجمع في دول الاغتراب الى وصولهم الى مطار بيروت ثم الى مراكز الحجر الخاصة والمنزلية، القدرة على اكتشاف لقاح وعلاج للوباء وفعاليته».
على صعيد آخر، رأى نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم في تصريح، أن «الحكومة نجحت في مواجهة فيروس كورونا بخطوات متدرجة حكيمة وشجاعة، وهي تعمل لتسهيل عودة الراغبين من أبناء الوطن إلى وطنهم تحت سقف العودة الآمنة بكل مستلزماتها، وتعدّ خطّة للمساعدات الاجتماعيّة للتخفيف من أزمة الناس المضاعفة بسببين: الوضع الاقتصادي وفيروس الكورونا».
واعتبر أنها «بداية جيدة أزعجت ووتّرت المراهنين على إسقاط الحكومة، والذين آلمهم أن تستمرّ بنشاط وتصميم في هذه الظروف الصعبة، ولكن يجب الالتفات بأن إنجاز خطة الإصلاح الاقتصادي والمالي والاجتماعي هو الأولوية، نحن نعتبر أن الوقت قد حان لحسم الخيار وإقرار الحكومة للخطة الإصلاحية المتكاملة».
بدوره، أوضح عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب الدكتور علي المقداد، في حوار على قناة «أو تي في» ببرنامج «بدبلوماسية» أن «المساعدة المالية التي ستقدمها الحكومة إلى الأسر الأكثر حاجة درست بشكل جيد»، لافتاً إلى أن القرار لم يأت اعتباطياً وكذلك الأمر بالنسبة إلى قرار تأمين عودة اللبنانيين من الخارج. ورأى المقداد أن المهم تحكيم العقل والضمير في توزيع المساعدات، سواء من قبل المسؤولين أو المواطنين، مؤكداً أن قرار الحكومة خطوة جبارة رغم بساطة المبلغ المقدّم، لافتاً إلى أنه «بالإضافة إلى ذلك نشهد تكافلاً اجتماعياً غير مسبوق في لبنان».
ورداً على سؤال حول توزيع المساعدات عبر الجيش اللبناني، أشار المقداد إلى أن المؤسسة العسكرية هي الجهة الوحيدة القادرة على ضبط الأمور وتوزيع المساعدات من دون أي استنسابية. وفي ما يتعلق بموضوع عودة المغتربين من الخارج، لفت المقداد إلى أن قرار مجلس الوزراء واضح بالترحيب بالعودة لكن في المقابل هناك شروط، وبالتالي يجب أن يدرك أنه ليس قادماً من أجل قضاء نزهة في لبنان، مشيراً إلى أن المطلوب من كل قادم التوقيع على تعهد بالحجر 14 يوماً، مضيفاً: «مَن لا يستطيع أن يتحمل عليه أن يبقى حيث هو».
ورداً على سؤال، شدّد المقداد على أن «حزب الله له الشرف في أن يكون إلى جانب الدولة في مواجهة فيروس كورونا»، مشيراً إلى أن جميع المواطنين يعرفون أن لدى الحزب مؤسسات صحية موجودة في كل لبنان تستقبل يومياً مئات المرضى، وبالتالي هو لم ينشئ هذه المؤسسات اليوم في زمن الكورونا».