لوّح بتدابير أشدّ قسوة إذا استمرّ الاستخفاف بإجراءات التعبئة مجلس الوزراء أدخل تغييرات على عودة المغتربين ودياب سحب التعيينات المالية لوضع آلية شفّافة
سحب رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب بند التعيينات المالية من جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء أمس، وذلك لوضع آلية شفّافة لها الطابع القانوني، فيما أدخل المجلس تغييرات على آلية عودة المغتربين إلى لبنان وأقرّ الاستمرار في مشروع سد بسري «نظراً إلى أهميته الاستراتيجية لتأمين المياه لمنطقة بيروت الكبرى». كما قرّر الطلب إلى وزير المالية الدكتور غازي وزني مراسلة حاكم مصرف لبنان للبحث في إمكانية تخفيض الرواتب والمخصصات في المصرف وهيئة الرقابة على المصارف وهيئة الأسواق المالية.
وكان مجلس الوزراء انعقد أمس في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وغياب وزير الأشغال العامة والنقل ميشال نجّار ووزيرة العمل لميا يمّين.
وبعد الجلسة أوضحت وزيرة الإعلام الدكتورة منال عبد الصمد نجد، أن الرئيس عون شدّد في مستهل الجلسة، على ضرورة الإستمرار في إنجاز الخطة الاقتصادية المالية على الرغم من الوضع الصحي المستجد. واعتبر أن عودة اللبنانيين من الخارج تتطلب تنظيماً دقيقاً لأن التزايد المضطرد للأعداد يفرض إجراءات استثنائية تؤمن سلامة العائدين كما سلامة محيطهم.
ثم تحدث دياب الذي نقلت عبد الصمد عنه تأكيده “أن التحديات الوطنية تتطلب حداً أقصى من الحجر الصحي على المزايدات، لأن الوضع في البلد وعلى كل المستويات، لا يحتمل مزيداً من التناحر السياسي وتناتش الحصص، خصوصاً أنه لم يعد هناك شيء في البلد يمكن تناتشه. ولا نشعر بأن هناك تخلياً عن السلوك السابق الذي يتحمل مسؤولية رئيسية وأساسية في الأنهيار الذي نعيشه، أو ارتقاء إلى مستوى المخاطر الوطنية. هناك من يعتقد أن شيئاً لم يحصل، وأن انتفاضة اللبنانيين في 17 تشرين الأول انتهت، ويحاولون طمس حقيقة أن البلد يعيش تداعيات كل السياسات الماضية. نحن لطالما قلنا ورددنا أننا لا نريد منافسة أحد في السياسة، وأنه ليست لدينا طموحات سياسية، وأننا نريد العمل بصمت كي ننقذ البلد من الإنهيار الشامل. لكن، وبكل أسف، هناك من يصرّ على عرقلة الحكومة ورميها بالحجارة، لأنه يعتقد أن نجاحها يؤدي إلى كشف عورات السياسات السابقة، وأن البلد لا يمكنه أن يعيش من دون الدوران في فلكهم. في كل الأحوال، يبدو أن فيروس كورونا كان مرضاً منتشراً في مختلف مفاصل الحياة في لبنان قبل أن يتحول إلى وباء مرضي في الصحة. حظ هؤلاء المتحاملين أننا في هذه الحكومة مصرّون على مواجهة الأوبئة المالية والصحية والاجتماعية والمعيشية. وهي أوبئة تكاد مكافحتها تكون مستعصية، بسبب عمقها وتجذرها. ومسؤوليتنا تحتم علينا أن نستمر في مهمتنا وأن نتحمل وأن نصبر. فنحن حكومة مواجهة التحديات.
وأضاف: على كل حال، نحن في اليوم الـ18 لإعلان التعبئة العامة، لكن هناك خرقاً كبيراً وخطيراً لمفاعيل هذا الإعلان. هناك عدم انضباط في بعض المناطق، وهناك مناطق بكاملها لا تلتزم بالتدابير والإجراءات المعلنة. هذا الأمر يشكل ثغرة فاضحة لانتشار الوباء وسقوط حالة الاحتواء التي مارستها الحكومة. لذلك، إذا لم تطبق هذه الإجراءات بصرامة، فإننا قد نضطر إلى اتخاذ قرارات أكثر تشدداً، وأن نفرض تدابير قاسية، لأننا لن نسمح باستمرار هذا الاستخفاق”.
وبالنسبة لخطة إعادة اللبنانيين من الخارج، قال دياب “يبدو أن لدينا عقبات في الإجراءات التي كنّا وضعناها لضمان الأمان الصحي للعائدين. كان يفترض أن تذهب طواقم طبية من لبنان إلى الدول التي يريد اللبنانيون مغادرتها، وإجراء الاختبارات الصحية لهم فيها. لكن تبيّن مساء (أول من) أمس أن هذا غير ممكن، لأن تلك الدول لا تسمح بدخول الطواقم الطبية والأمنية مع الأدوية والفحوصات المخبرية إليها. لذلك نحن مضطرون إلى تغيير في الآلية التي كنا توافقنا عليها في جلسة الثلاثاء الماضي، حيث سنسمح للراغبين بالمغادرة بالصعود إلى الطائرة مع ضوابط صحية صارمة، على أن تحصل الاختبارات لهم في مطار بيروت، وفي ضوء نتائج هذه الاختبارات سيتم تحديد مسار العائدين، إما إلى المستشفى أو إلى الحجر الصحي لمدة 14 يوماً. على أن يكرّر الاختبار بعد أسبوع من وصولهم، ما عدا الدول التي تجري فحوصات PCR في المطار أو في المستشفيات وسيتم بت الموضوع خلال اجتماع سيعقد مساء اليوم(أمس) هذا التغيير في الآلية سيتطلّب جهداً كبيراً، وبالتالي سيؤدي إلى تخفيض عدد رحلات الطيران إلى 3 أو 4 رحلات في اليوم”.
وتابع “كان التوجّه أن تتم إعادة نحو 1500 شخص في اليوم على مدى أسبوع، وبسقف 10 آلاف شخص. أما اليوم، وفي ضوء المعطيات الجديدة، فلا نستطيع إعادة أكثر من 25 % من الرقم الذي تضمّنته الخطة في اليوم الأول، على أن يتم فحص جميع الوافدين قبل التقرير بالمباشرة بنقل أي مجموعة ثانية. كما أنه إذا تبيّن في اليوم التالي وجود عدد كبير من المصابين من رحلات اليوم الأول، فسيتم توقيف الرحلات لدراسة الواقع الجديد. نحن الآن أمام مهمة صعبة ومعقّدة، ولذلك علينا أن نقوم بها بعناية شديدة، لأن أي خلل أو مسايرة أو تراخٍ، سيؤدي إلى انهيار كل الإجراءات التي اتخذناها، وبالتالي انتشار الوباء بشكل سريع وخطير”.
وأردف “أما بالنسبة للطلاب الذين لا يستطيعون العودة الآن، فإنّ على المصارف أن تقدّم لهم التسهيلات. من غير المقبول ألاّ تساعد المصارف الطلاب وأهاليهم على مواجهة هذه المرحلة الصعبة. على القطاع المصرفي أن يتحسّس الأوضاع وأن يساعد الناس».
وبالنسبة لبند تعيينات 4 نواب لحاكم مصرف لبنان ورئيس وأعضاء لجنة الرقابة على المصارف وعددهم 5، وأعضاء هيئة الأسواق المالية وعددهم 3، وعضو أصيل لدى هيئة التحقيق الخاصة، ومفوض الحكومة لدى مصرف لبنان، قال دياب “القانون الحالي يحدّد آلية التعيين بأنها تنطلق من ترشيح وزير المالية، وقد تجاوزها الوزير غازي وزني بمبادرة منه وبناء على رغبتي، في محاولة لتوسيع دائرة الخيارات ومنحها الشفافية. لذلك، أرى ضرورة وضع آلية شفافة لها الطابع القانوني، ربما إعداد مشروع قانون لتعديل القانون المعمول به حالياً، أو عبر قرار من مجلس الوزراء على غرار الآلية التي اعتمدها في التعيينات الإدارية، ومن دون أي تدخل سياسي».
وأضاف “كما أن هناك مسألة غير عادلة وطنياً. كيف يمكن أن نعيّن في مواقع برواتب مرتفعة، وخيالية أحياناً، بينما البلد يمرّ بأزمة مالية كبيرة، وأزمة اجتماعية خطيرة، وأزمة صحّية مخيفة؟! هناك مسؤولية وطنية تحتّم علينا أخذ هذا الموضوع في الاعتبار. لذلك، الأجدى بنا أن نقدم مشروع قانون لتخفيض رواتب هذه المواقع وكل المناصب الأخرى ذات الرواتب المرتفعة. البلد ليس في وضع عادي، وكل ما كان سائداً في الماضي لم يعد ممكناً اعتماده حالياً. علينا أن نعترف بالمتغيّرات وأن نتعامل على أساسها. لكل هذه الأسباب أسحب بند التعيينات المالية من جدول الأعمال».
وقالت عبد الصمد “بعد ذلك انتقل مجلس الوزراء إلى درس جدول أعماله وقرر الآتي: ستمع مجلس الوزراء الى عرض قدمه وزير الطاقة والمياه حول تطور الأشغال في مشروع سد بسري، وتقرر تأكيد متابعة السير بتنفيذ المشروع بحسب القرارات الحكومية والمراسيم والقوانين المقررة سابقاً والعقود الموضوعة في هذا الشأن، وذلك نظراً لاهميته الاستراتيجية لجهة تأمين المياه لمنطقة بيروت الكبرى.
كما تقرر تشكيل لجنة من وزارة الطاقة والمياه، وزارة البيئة، وزارة الداخلية والبلديات، وزارة الزراعة، وزارة الثقافة، ومجلس الإنماء والاعمار، لتواكب تطور الأعمال في المشروع والتحقق من مدى انسجامها مع شروط البيئة والتعويض الايكولوجي، وذلك بحسب المعايير الدولية.
– الموافقة على مشروع مرسوم يرمي إلى اعفاء المستلزمات والمعدات الطبية والاستشفائية والمخبرية المنحصر استعمالها بالوقاية من فيروس كورونا ومعالجة حالات الإصابة منه. كما تم طرح موضوع إعفاء المواد الأولية المستعملة لهذه المستلزمات، وأرجىء البت بالمسألة إلى الأسبوع المقبل.
– أطلعت وزيرة العدل المجلس على التطورات والمبادرات المتخذة من الوزارة لتسهيل الإجراءات القضائية المتعلقة بتخلية سبيل الموقوفين، وبآلية الاستجواب الالكتروني، وذلك بغية تسريع هذه الإجراءات والحد من الاكتظاظ في السجون لمواجهة احتمال الإصابة بوباء كورونا.
– تقرر تشكيل لجنة طوارىء تضم وزراء: العدل، والداخلية، والصحة، ونقابتي المحامين في بيروت والشمال، ونقابة الاطباء في لبنان، تكون مهمتها تطوير الخطة الوقائية وخطة الاستجابة لمواجهة فيروس كورونا في السجون وأماكن التوقيف كافة.
إلى ذلك، تقرر الطلب إلى وزير المالية مراسلة حاكم مصرف لبنان بهدف البحث في إمكانية تخفيض الرواتب والمخصصات في المصرف المركزي وهيئة الرقابة على المصارف وهيئة الأسواق المالية.»