قالت له
قالت له: أشعر الموت قريباً منا ولو أنني لا أراه.
قال لها: أراه قريباً ولا أشعر به.
قالت: وما الفارق؟
قال: تشعرين أيّ تحسين بوطأته ولا ترينه؛ أي تستبعدين كونه قريباً وهذا يعني أن العقل يرفض الاعتراف والقلب من الشعور يخاف.
قالت: وأنت؟
قال: لست خائفاً فلا أشعر به قريباً، لكنني أراه يحوم من حولنا ويتنقل.
قالت: وهل عدم الخوف فضيلة؟
قال: لا أفاضل بل أحاول.
قالت: وماذا تحاول؟
قال لها: أحاول أن أقول إن عقلي الذي يرى الموت يحتاج إلى قلبك الذي يحسه، وقلبك الخائف يحتاج عقلي المطمئن.
قالت: لكن الاختلاط ممنوع في زمن الكورونا فكيف سنتبادل حرارة القلب وبرودة العقل؟
قال لها: بأن يدفعك القلق من الموت إلى تقدير جمال الحياة التي تجمعنا ويدفعني يقين الاطمئنان إلى جعلك تشعرين مداه طويلا.
قالت له: في زمن الكورونا والحب الافتراضي نتبادل بالخيال.
قال: الحب يبدأ بالخيال والشعر خيال والفن خيال والعلم خيال ومقاييس الجمال نصنعها ونطبقها في الخيال.
قالت: لكن الحياة لا تطاق كلها في الخيال فما أحوجنا إلى عناق حار في زمن التضاؤل امام الأخطار. ففي الحرب كنا نلوذ بأحضان أمهاتنا فنشعر بالأمان وما أحوج الإنسان في هذا الزمن للإنسان.
قال لها: والعناق الممنوع اشتياق وجوع.
قالت: وإن طالت بنا الأيام هل من عناق في الأحلام؟
قال لها: لقد استعملت الخيال ووجدت عناقا من وحي هذا الجدال.
قالت: وكيف يكون؟
قال: سنستدير حتى تتلاقى ظهورنا ونمسك أيدينا متعاكسة على خصورنا ونشدّ بعضنا على بعضنا
قالت: أحتاج إلى عناقك الآن.
قال: وأحتاج منك إلى لمسة حنان.
قالت: فليكن أول العناق ونستدير.
قال: وبالخيال نحسن التدبير.
قالت: أنا الأميرة وأنت الأمير.
قال: أغمض عينيَّ وأحلم وشعرك المسدل على كتفي.
قالت: وهدير أمعائك على كفي.
فضحكا ومشيا متعاكسين يتمتمان… في زمن الكورنا كل شيء يتغيّر.