جيوش العالم بلا سلاح
زهر يوسف*
فجأة، من دون توقعات، وقعت البشرية في مصيدة «كورونا»، مئة يوم، وأكثر، عمر الوباء، من إقليم هوبي الصيني، وتمدّده الى قارات العالم الخمس، والسؤال الفارض ذاته، ماذا الخطب؟.. في أيام معدودات .. بدّل «كورونا» شكل الحياة على المعمورة، لا حراك يُلحظ، لا أندية رياضة صاخبة، ولا ملاهي ومطاعم ودور عرض سينمائية، الكل في استراحة «قهريّة» الى حين، حتى مآذن المساجد صمتت، ومثلها أجراس الكنائس.
الامر يبدو وكأن كورونا جمع الأضداد ووحّد أهداف المتناحرين على رقعة الشطرنج الدولية.. إذ هدير الطائرات لا يُسمع وأزيز الرصاص خفّ وهجه، وأصوات المدافع في استراحة مقاتل، ولم تعُد البرمائيات تعوم البحار والمحيطات كإنذار تصعيد لحرب، والغواصات أخذت لها من قاع الماء مستقراً.
كأمر عسكريّ، أجبر الفيروس التاجي القاتل، الإقامة الجبرية على شعوب المسكونة، في صورة تريد النطق أن رحلة البشر على الأرض وصلت حد النهاية!.. فالخطر يمور بالبشرية، واذا نجحت الولايات المتحدة الأميركية «المتسلّطة» او الصين «الشيوعية» او ألمانيا «النازية» او حتى روسيا «اللينينية» او ايران» الفارسية» وأدعية المؤمنين على تنوّع معتقداتهم، طلباً لـ»رأفة إلهية» اذا نجح كل اولئك في اكتشاف علاج يدمي «قلب اللعين كورونا» يُطرح سؤال ثانٍ، ما العمل؟
مليون بريء، وأكثر في مقصلة كورونا، ونصف مليون إنسان في الحجر. واقع يستدعي اللجم، لا بدّ من العسكر إذاً، صمام أمان الشعوب. تقول الدول وتضيف أنه أي «العسكر» ضامن موثوق لفرض الحجر الصحي الطوعي والإلزامي، لا سيما أن «كورونا» فرض ساحة قتال جديدة للجيوش والقوات العسكرية والأمنية في مختلف الدول الأوروبية والعربية، حيث تدخلت تلك الجيوش لفرض الالتزام باتباع تعليمات الحجر الصحي، ومنع التجوال في حالات عدة، فضلاً عن مشاركتها في بعض المهام المدنية، واستعانة السلطات بالطواقم الطبيّة العسكريّة، بعدما انحصرت مهمة الجيوش في حماية البلاد من الأخطار الخارجية وحماية الحدود وتحقيق مبدأ السيادة على كامل التراب الوطني، وردع أي عدوان، الجيوش نوعان «جيش وطني» و»جيش السلطة أو الحاكم» والفارق كبير بينهما! هذا بحث آخر…
استعانة الدول بجيوشها، تبدو خطوة هامة، فالصين بدأت الخطوة – هذا طبيعي – وافترش جيشها، مقاطعة هوبي معقل «كورونا» وفرض على سكانها البالغ عددهم 56 مليون شخص منع التجوال، ما سارع في الحدّ من تفشي الفيروس، واستعانت إيطاليا – الأكثر تضرراً بالفيروس – بمؤسستها العسكرية، وانتشر الجنود والضباط في الشوارع، كما استنجدت الولايات المتحدة بالجيش بعدما تصدرت لائحة كأول دولة موبوءة بالفيروس، ولجأت كورويا الجنوبية إلى الجيش، ترك الجنود سلاحهم وارتدوا ملابس واقية، وقاموا بتعقيم الشوارع ومحطات المترو، تماماً كما فعلت فرنسا وإيران وبريطانيا.. والحال ذاته في إسبانيا وألمانيا دون إغفال الدول العربية، الاردن أول من لجأ للجيش، فتونس، ومصر والعراق، ولبنان، ليبقى الثابت.. أن الجيش خرج من الثكنات، تاركاً البندقية لـ»وقت» ومتسلحاً بالمعقمات لـ»وقت» أيضاً، وبين الوقتين، عدو، لا فرق إن كان بشرياً أو فيروسياً بيولوجياً أوغازاً إشعاعياً ساماً، فلمن السبق بخطوة، للبندقية أم للكمامة؟
*صحافية سورية