دراسة علميّة ترجّح ألا يختفي «كوفيد 19» وسيجعلنا نعيش ونتعايش معه إلى الأبد!
يمكن لكوكب الأرض أن يعيش مع تفشي فيروس كورونا المستجدّ المسبب لمرض «كوفيد 19» لفترات طويلة، لكن هل يمكن أن يتعايش معه إلى الأبد؟
طرحت مجلة «ديسكفري» العلمية المتخصصة هذا التساؤل، مشيرة إلى أنه «قد تتحقق تلك الفرضية، خاصة أن العالم يوجد فيه تقريباً 4 فيروسات تاجية متوطنة شبيهة بفيروس كورونا يتعايش العالم معهم بصورة طبيعية ولا تسبب حالة الهلع الكبيرة التي يعيش فيها العالم حالياً».
وتسبب فيروس كورونا المستجد بحالة هلع عالمية كبرى بعدما تفشى وتحول إلى «جائحة»، وبادرت دوله بعمليات إغلاق كبرى وتعاني المستشفيات في المناطق الأكثر تضررا بصورة كبرى، وتجاوزت الإصابات به حاجز المليون إصابة وتزداد وتيرته بصورة غير مسبوقة.
وبينما نتعامل مع الحقائق اليومية لمرض عالمي، فإن الكثير منا ينتظر ببساطة انتهاء الجائحة. ولكن هناك احتمال مثير للقلق يكمن تحت الأزمة الحالية: قد لا يختفي كوفيد 19 أبداً.
وقالت المجلة العلمية إن «فيروس كورونا قد يصبح مثله مثل عدد من الفيروسات التاجية المستوطنة في البشر مثل الإنفلونزا، وهو ما سيجعلنا نعيش ونتعايش مع «كوفيد 19» لفترة طويلة.
وفي حالة تحوّل فيروس كورونا إلى فيروس متوطن، قد لا يكون سبباً للذعر، ولكن قبل أن يحدث هذه الأزمة هو مستوى التفشي الذي سيشهده وحجم الوفيات الذي قد يسببه.
وتؤكد «ديسكفري» أن قبل فيروس كورونا المستجدّ وتفشيه في البشر، كان هناك 4 فيروسات تاجية معدية للبشر أعراضها أشبه بنزلات البرد، مثل «E229» و»NL63»، و»OC43»، و»HKU1»، وعادة ما تكون العدوى بسببها خفيفة إلى حد ما.
ويقول أميش أدالغا، الباحث البارز في مركز جونز هوبكنز بلومبرج للصحة العامة التابع للأمن الصحي: «نحن نعلم عن الفيروسات التاجية الأخرى، ليس الأمر وكأن هذا الفيروس هو خارج فئة جديدة تماماً».
وتابع بقوله «أعتقد أن هذا سينضم إلى تلك الفيروسات التاجية الأربعة الأخرى وسيكون له نمط مماثل للتكرار بعد هذه الموجة الأولى.»
وأوضح أدالغا أنه «حتى الآن ففيروس كورونا المستجد يمتلك جميع علامات الالتصاق، وهو منتشر بين السكان وينتقل من شخص لآخر بسهولة ولا يوجد لقاح يمكن أن يمنح الحصانة قبل الإصابة».
ولكن لا يزال هناك العديد من المجهول الذي قد يؤثر على مدى تكرار موجات كوفيد 19 المميتة.
لا نعرف حتى الآن، على سبيل المثال، إلى متى يظل الشخص محصناً ضد الفيروس التاجي الجديد بعد الإصابة.
وتقول إميلي توث مارتن، الأستاذة المساعدة في علم المناعة في كلية الصحة العامة في جامعة ميتشيغان: «الشيء الأول الذي نفكر فيه من حيث ما إذا كان شيء ما سيكون متوطنًا أو ما إذا كان من الممكن القضاء عليه هو ما إذا كانت الحصانة دائمة أو طويلة الأمد».
وتابعت قائلة «إذا كان لديك فيروس يمكن أن تضعف فيه المناعة بمرور الوقت ويمكن أن يصاب شخص آخر بالعدوى، فهذا فيروس يصعب القضاء عليه».
ومع انتشار الفيروسات التاجية الأربعة الأخرى في البشر حالياً، نعلم أن المناعة تختفي تدريجياً بمرور الوقت – من المحتمل أن تستغرق سنوات، ما يجعل الفيروس قد يصاب البالغون بالفيروس نفسه الذي يصاب به الطفل.
ولكن حتى هذا النوع من الحصانة المؤقتة يمكن أن يكون حاسماً على المدى القصير.
كما يمكن للأطباء المصابين بالفعل علاج المرضى دون القلق بشأن الإصابة بالمرض.
وينطبق الشيء نفسه على العاملين الأساسيين الآخرين، مثل كتبة متاجر البقالة، ومساعدي دور التمريض، وأشخاص التوصيل وغيرهم.
وحتى إذا مرض شخص ما بالفيروس التاجي مرة أخرى، فقد لا تكون العدوى الثانية سيئة.
ويقوله مارتن «مع فيروسات أخرى، هناك دليل على أنه، حتى إذا تمت إعادة إصابة شخص ما، فقد يكون جهاز المناعة لديه مجهزًا بشكل أفضل للتعامل معه في المرة الثانية».
ويعدّ معدّل طفرة الفيروس عاملاً مهماً آخر في تحديد شدة ظهور الفيروس المستوطن، فمثلاً الإنفلونزا منتشرة للغاية لأنها تتحول بسهولة، وتتبدل حول البروتينات السطحية التي تعتمد عليها أجهزتنا المناعية للتعرف على الفيروسات.
ويقول أندرو بروير، عالم أبحاث ومصمّم وبائي في كلية الصحة العامة بجامعة ميشيغان: «يمكن أن تصاب بعدوى جديدة بالإنفلونزا كل عام لأن أجسامك المضادة ليست بالضرورة وقائية، نحن لا نعرف حقا كيف سيبدو عليه هذا الفيروس.»
لكن كل ذلك يمكن أن يكون أمراً مستحيلاً، حتى يتم اكتشاف اللقاح، حتى يبدأ الجسم في تكوّن أجسام مضادة للفيروس، ويمكنه مقاومة الفيروس، ليصبح فيروساً متوطناً.
وتقول أدالغا «هذا شيء (كورونا) سيبقى معناً لبعض الوقت، أو في المستقبل المنظور، تمامًا مثل الفيروسات التاجية الأخرى».
وتضيف بقولها «يتعين علينا أن نصنع لقاحاً للقضاء عليه كتهديد، ونبدأ في التكيف والتعايش معه».
ويقول مارتن «بالنظر إلى المستقبل، ستكون اللقاحات جزءاً مهماً من استراتيجيتنا طويلة المدى ضد كوفيد 19».
وتابع بقوله «إذا كان عليّ أن أخمن، أعتقد أن هذا شيء سيصبح جزءاً من القائمة العادية للفيروسات التي نراقبها طوال الوقت».
ولكن أزمة فيروس كورونا المستجد حتى الآن أننا نتعامل مع مجهول، لا يوجد له لقاح، ولم يتم اكتشاف طريقة لإيقاف العدوى الخاصة به.
ويقول مارتن «في ظل عدم وجود معرفة أفضل بفيروس كورونا المستجدّ، ويتعين على الحكومات التركيز على تحديد أولويات مراقبة المرض».
وأردف بقوله «هذا يشمل تسهيل توزيع الاختبارات وتنفيذها، وهو أمر تمنعه اللوائح الحالية».
وأرجعت «ديسكفري» مدى الخطورة من كورونا، هو أنه لا يمكن معرفة خطورة الموجات المتتالية من كوفيد 19.
فيما يشير أحد الأبحاث، إلى أن «فيروس كورونا المستجد قد يكون مميتاً بشكل خاص لأولئك الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والأوعية الدموية».
وإذا كان الأمر كذلك، فقد يعني ذلك أن كوفيد 19 قد يكون أكثر فتكاً من نزلات البرد أو الأنفلونزا وسيظل خطراً كامناً على البشرية.
وفي مواجهة المجهول، كل ما يمكننا القيام به هو الاستعداد بصورة كبيرة لأي أمر قد يكون طارئاً لحين اكتشاف لقاح ناجع ضده قد يجعله مجرد فيروس مستوطن مثله مثل نزلات البرد والإنفلونزا.