أيها المغتربون اللبنانيّون… احذروا أسعار تذاكر السفر… خياليّة!؟
د. حكم أمهز – طهران
لم تقعد القيامة بعد في لبنان على تلكؤ الحكومة في إعادة اللبنانيين من الخارج، باعتبار أنهم مواطنون وحقهم على دولتهم إعادتهم وحمايتهم من الأخطار جميعها، بما فيها وباء كورونا…
وربما، لولا التهديدات لما وافقت الحكومة مجبرة على المعالجة السريعة للأزمة. غير أنّ هذه المعالجة، عبّرت عن محاولة لتحجيم هذه العودة إلى أقصى الممكن بشكل غير مباشر. وكأنّ الهدف هو إعادة ميسوري الحال فقط دون غيرهم، بسبب أسعار تذاكر السفر التي بدأ يتسرّب بعض المعلومات عنها. إضافة إلى ذلك فإنّ قرار المسودة السابقة، كان يحرم المصابين اللبنانيين بالفيروس، ويتركهم معلقين وعالقين في بلاد العالم ومطاراتها..
لنوضح الأمور أكثر…
النقطة الأولى:
بحسب قرار الحكومة (وفقاً لمسودة القرار السابق المعدّلة (الخميس) فقط لجهة عدم إرسال فريقين طبّي وأمني مرافقين للطائرة الناقلة، سنأتي على ذكرهما)، فانّ شركة طيران الشرق الأوسط سترسل الى كلّ بلد فيه مغتربون طائرة لإعادة مَن يرغب من اللبنانيين.
القرار اللبناني هو إعادة اللبنانيين على حسابهم الخاص (مع العلم انّ عدداً من الدول أعادت أبناءها على حسابها او بنصف الأسعار)، وحتى الآن أسعار التذاكر غير معروفة، بانتظار الانتهاء من تعبئة الاستمارات التي وزعتها الخارجية اللبنانية على المغتربين، وذلك وفقاً للآلية التالية:
إنّ هناك كلفة محدّدة للطائرة اللبنانية، توزع على عدد الركاب.. وينص البند الثالث من قرار الحكومة الوارد تحت عنوان «آلية فتح مطار رفيق الحريري للراغبين اللبنانيين بالعودة» على التالي:
«يتمّ شراء بطاقات السفر على نفقة المسافرين، على أساس السعر الذي تحدّده شركة طيران الشرق الأوسط، بعد احتساب تكلفة البطاقة وفقاً لتوزيع المقاعد المعتمد في هذا القرار (قرار الآلية).
ايّ انّ عدد الركاب هو الذي يحدّد السعر وكلما كان العدد أقلّ كلما كانت البطاقة أغلى، ولا يطيقها إلا ذوو غنى، أما الطلاب وغيرهم من المغتربين من ذوي الدخل المحدود ربما لن ينالهم نصيب من العودة. إضافة الى ذلك فإنه حتى لو كان العدد كاملاً فإنّ الإجراءات التي ستتخذ على متن الطائرة ومنها فاصلة المساحة بين الراكب والآخر، تقلل أيضاً من عدد الركاب..
كذلك فإنّ هناك عدداً من المغتربين سجلوا أسماءهم وأفراد أسرهم للعودة، ولكن ان كانت كلفة التذاكر عالية فهذا يعني، لن يكون بمقدور البعض العودة، وستيحمّل الركاب الآخرون كلفة أسعار التذاكر الملغاة. ايّ انّ سعر التذكرة سيرتفع مرة أخرى، بعد الوصول الى المطار وربما الصعود الى الطائرة.
لذا حتى الآن ليس هناك من تحديد لسعر التذاكر، بل السفارات تبلّغ المغتربين بأن تقدّر أسعار التذاكر تقديراً دون تحديد.
غير أنّ بعض ما سرّب من داخل الخارجية اللبنانية في بيروت، يشير الى أنّ السعر التقديري للتذكرة من طهران (حيث أقيم حالياً) إلى لبنان على سبيل المثال، قد يصل إلى 1700 دولار ( ONE WAY).
ومن أوروبا (التي تضمّ طلاباً كثرا) الى لبنان نحو 2500 دولار، ومن أفريقيا قد تصل الى أكثر من 3500 دولار، وقد أعلنت الحكومة رسمياً عن انّ السعر من أفريقيا سيتراوح بين 1800 و3900 دولار. ومن الرياض من 650 الى 1300 دولار ومن أبو ظبي من 750 الى 1500 دولار.
ايّ انه لن يعود من المغتربين إلا ذو حظ ماليّ عظيم. لأنه على سبيل المثال، من لديه أسرة مؤلفة من خمسة أفراد في أفريقيا، كم سيدفع بحسب التسعيرة. (وسنأتي على تكاليف أخرى غير منظورة).
بكلّ الأحوال، نرجو أن تعلن الحكومة بشكل دقيق تفاصيل هذا الموضوع. لأنه بحسبة بسيطة يمكن أن نقدّر التكاليف التي سيتكبّدها أرباب الأسر الكبيرة، إذا قرّروا العودة، وإلا فإنّ القرار اللبناني سيكون، مفصلاً على قياس الأغنياء فقط، ليُترك محدودو الدخل والطلاب يواجهون مصيرهم بأنفسهم.
النقطة الثانية، تراجعت عنها الحكومة مجبرة، لأنّ دول الاغتراب رفضتها، وهي كانت تقضي، بأن يرافق طائرة طيران الشرق الاوسط، فريقان، طبّي من وزارة الصحة وأمني من الأمن العام مؤلف من أربعة أفراد.
مهمة الفريق الأول إجراء فحوصات للعائد وفق آلية معينة، ومهمة الثاني أخذ التعهّدات الأمنية على العائدين بالحجر الاحترازيّ…
في الأمر نقطتان مهمتان:
الأولى: انّ البند السادس من مسودّة القرار المعدلة (الخميس) كان ينص على أنه “لا يسمح بالصعود للطائرة إلا لمن تأكدت سلامته من الفيروس بموجب المعاينة الطبية والفحصين المذكورين – اللذين يجريهما الفريق الطبي لكلّ مغادر – “.
وهذا كان يعني، انّ المصاب اللبناني، سيعلق في المطار، لا طائرة دولته، سترجعه الى بلده، ولا الدولة المضيفة، ستقوم بهذه المهمة بالنيابة، وفقاً لما تبلغته السفارات اللبنانية من هذه الدول. بكلّ الاحوال تمّ تعديل هذا القرار. بحيث انه سيعود المغتربون بعد خضوعهم “لضوابط صحية صارمة” في مطارات العودة.
في هذا المجال لا بدّ من الإشارة والإشادة في آن، بموقف الجمهورية الاسلامية الايرانية التي أعلنت استعدادها لمعالجة المصابين من اللبنانيين وغيرهم من الأجانب الموجودين على أرضها، مجاناً وعلى نفقة الحكومة الإيرانية…
هنا تجدر إشارة الى انّ إيران مشكورة سهّلت، عودة الكثير من اللبنانيين بأكلاف رمزية بسيطة.. وصلت الى حدود المئة وخسمين دولاراً تقريباً للراكب الواحد، بعد ان أقلت طائرات شركة “إيران اير IRAN AIR” اللبنانيين على ثلاث رحلات، بعد أن تمّ فحصهم في مطار طهران حيث عرضت وزارة الصحة الإيرانية في حينها على لبنان المساعدة في مواجهة تفشي الفيروس.
اليوم وبالاتصالات مع المعنيين، تمّ العرض مجدّداً من الشركة الإيرانية، بأن تقوم بالمهمة نفسها ووفق الشروط السابقة نفسها، أيّ انّ كلفة التذكرة الواحدة ستكون أقلّ من 200 دولار.. فهل ستقبل الحكومة اللبنانية وشركة طيران الشرق الأوسط؟
الثانية: إنّ العائدين الذين سيُحجَرون احترازياً في لبنان فور عودتهم، (وفقاً للتعهّد الأمني الذي سيوقعون عليه)، عليهم أن يجدوا أماكن لذلك. المشكلة انّ البعض لديهم منازل، ولا مشكلة لهم في ذلك، أما البعض الآخر، فقد لا يكون لديه منزل لسبب ما، لذا فإنّ مصادر في الخارجية، أشارت الى انّ الدولة تكفلت بتحضير أماكن للحجر، بكلفة 80 دولاراً لليوم الواحد… مثال أسرة مؤلفة من كذا شخص، كم سيكلفها الحجر لمدة أسبوعين..؟ هذا فضلاً عن إمكانية أن يكون أحدهم مصاباً بالفيروس…
هذا المقال موجّه الى المغتربين اللبنانيين في العالم، خصوصاً ذوي الأوضاع المادية المحدودة، كي يحسبوا حساباتهم بدقة، حتى لا يقعوا في الفخاخ ويندموا…
فيا أيها المغتربون احذروا ودققوا وأكثروا من الأسئلة…