الحرب العالمية المقبلة…
} د. عمران زهوي*
بعد الأزمة الاقتصادية التي تجتاح العالم وخاصة التوقعات والدراسات عن انهيار في الاقتصاد الأميركي في عام 2020، لذلك كلّ الدراسات تتحدث عن حرب قادمة لا محالة طرفاها أميركا والصين عام 2021 كحدّ أقصى لينتج من بعدها نظام عالمي جديد، وذلك لأنّ الصين أصبحت قوّة عظمى منافسة لأميركا اقتصادياً وتقنياً، وهو ما كانت أميركا تتوقعه وتتحدث عنه منذ عام 1985، وكان السؤال دائماً حول ماذا ستصبح الصين عام 2020. وهذا ما يرفضه الأميركي لأنه هو من يتسيّد ويدير العالم.
والصين بدورها تقول إنها لا تريد ان يكون لها نفوذ عسكري أو غيره وتقول للأميركي «أنت تولى قيادة العالم… أنا مشروعي اقتصادي»، لذلك هي تنمو اقتصادياً، حتى أصبحت المصنع الأوّل لكلّ العالم، وتذرّعها بأنّ مشروعها اقتصادي والمعروف باسم (طريق الحرير) لذلك لا حاجة للصين ان تجلس إلى طاولة المفاوضات مع الأميركي.
من هنا كان لا بدّ للأميركي ان يجبر الصين للجلوس والتفاهم على إدارة العالم، وهذا لن يحدث إلا بإشعال حرب عسكرية، وحسب الدراسات فإنّ الحرب ستكون في بحر الصين ولن تكون مدمّرة أو طويلة لأنّ تداعياتها ستؤثر وسيدفع ثمنها الجميع. فالأرجح أن تكون عبارة عن إطلاق صواريخ بالستية وغيرها وليس احتلال أو تدمير، لينتهي الأمر بالجلوس الى الطاولة ليخرجوا باتفاقيات لإدارة العالم.
لم يعد خافياً على أحد انّ هناك حرباً على الدولار كعملة عالمية من خلال تصريحات كثيرة أوروبية وغيرها، وحتى IMF، بأنه لا بدّ أن تكون هناك عملة جديدة ولا يمكن ان تتبلور هذه الفكرة إلا بالاتفاق بين الطرفين، لانه لن يستطيع أحدهما ان يفرض نظاماً مالياً على الآخر ولا على العالم.
أميركا باتت تشعر بأنه يجب إعادة النظر بجميع الاتفاقيات من (بريتون وودز) الى اليوم. واهمّ نقطة والتي تكلم عنها ترامب بأنّ الصين سرقتنا بعشرات الترليونات. هنا كان يشير الى (اتفاقية نظام الملكية الفكرية) واصفاً الصين بأنها تعدّت على هذه الاتفاقية، اذ انّ الصين تسجل نصف مليون براءة اختراع سنوياً، وبحسب المنظومة العالمية للملكية الفكرية والمنظمة العالمية للتجارة نصّت الاتفاقية انّ كلّ من يطوّر ايّ براءة اختراع يعود الريع المالي من ورائه بنسبة جيدة إلى المسجل الأول لبراءة الاختراع هذه. ايّ انّ كلّ تطوّر من النصف مليون براءة اختراع او استخدامه يعود بعض من ريعه الى الصين نفسها.
وكلّ دولة عظمى موقعة هي ملزمة بهذه الاتفاقية،
لذلك الصراع والحديث هنا ليس عن مليارات وإنما ترليونات.
واحد من التطوّرات الذي لا يتمّ الحديث عنه على سبيل المثال لا الحصر هو التطوّر النوعي في الإنترنت الصيني وبالرغم من أنّ الصين تستخدم الانترنت الأميركي، ولكن الانترنت الصيني تستطيع ايّ لغة ان تشتغل بها وكأنها لغتها الأصلية وليس من خلال الترجمة كما في الأميركي.
وهنا ايضاً نتكلم عن ترليونات وليس عن مليارات كما تفعل أميركا بفرض بعض الرسوم الجمركية على المنتج الصيني. والأمثلة كثيرة ويحب ان لا ننسى بأنّ الصين لم تدخل في ايّ اتفاقية للحدّ من الأسلحة النووية لغاية اليوم، فبإمكانكم تصوّر الترسانة النووية الصينية، لانّ ما بين روسيا وأميركا من اتفاقيات حدّ نوعاً ما من تطوّر او زيادة في ترساناتهم. وأيضاً أميركا بوجودها على كلّ منابع النفط والغاز ما هي إلا محاولة منها لحرمان الصين من هذه الموارد، لكي يتوقف الإنتاج الصيني ولكي تحاول ان تخنقهم للسبب نفسه. ناهيك عن انذ أميركا تعاني من عجز في الموازنة وصل الى ترليون دولار وهذا 25% من الناتج القومي الأميركي ايّ إيراداتها أقلّ من إنتاجها، ولن يفيدها طبع الدولارات وضخها في الأسواق سوى زيادة في العجز. والمؤشر الاقتصادي للنمو هو 2% وسيصل الى الصفر في أميركا بينما المؤشر الصيني هو 6% وقابل للزيادة بعدما أوصلت الغاز الروسي مباشره الى مصانعها، بإلاضافة الى الكلام الذي نشر اخيراً في الصحف ألأميركية عن انه يجب ان نضع رقابة على الدولار في الصين، كيف سيحدث ذلك وهناك ثمانية آلاف شركة أميركية في الصين، واستثمارات صينية ضخمة في أميركا!
وكلّ هذه أمور معقدة جداً!
بناء على كلّ ما تقدّم وهذه دراسات ومعلومات وليست فقط من باب التحليل، يستوجب على أميركا ان تصطنع حرباً محدودة لتجبر الصين على الجلوس والتفاهم على إدارة العالم، هذا بعد أن تخرج من الأزمة الاقتصادية والانتخابات الرئاسية لكي يلتفّ الشعب حول الرئيس ويدعمه في هذه الحرب والتي باتت قريبة حسب كلّ الدراسات ومكانها بحر الصين.
لا بدّ إذن من هذه الحرب لأنّ ما بعد الأزمات هناك فرص ستتاح أكثر للاستفادة وللازدهار الاقتصادي العالمي ككلّ.
*كاتب وباحث سياسي