السعوديّة والحوثيّون.. هل هم مستعدّون للسلام؟
د. علي أحمد الديلمي*
مع تصاعد التحديات التي تواجه المنطقة ودولها ورعب فيروس «كورونا» وغير ذلك من التحديات الاقتصادية والاجتماعية، فإنّ استمرار الحرب على اليمن ستكون له نتائج كارثيّة ليس على أمن السعودية واليمن فقط، بل على منطقة الخليج ككلّ، حيث سيظلّ هذا البلد ساحة لتصفية الحسابات الخارجية واستغلال الموارد.
على السعودية أن تدرك أنّ الدول الإقليمية والقوى الدولية مجتمعة لديها استراتيجيات معلنة وغير معلنة ستنفذها في اليمن، طالما أنّ الحرب مستمرة والشرعية الفاشلة ماضية في فسادها، كما أنّ رغبة هذه «الشرعية» في استمرار الحرب سيؤدّي حتماً إلى إنهاك المملكة عسكرياً واقتصادياً، أما اليمن فسيصبح ساحة لصراع أكبر سيغيّر في الخريطة السياسية للمنطقة بأكملها.
لذلك يبقى إحلال السلام والإسراع في الحلّ السياسي الشامل مصلحة حيوية للسعودية واليمن على السواء، ولا يمكن التأخر في العمل من أجل هذا الهدف لأنّ ما يتمّ التخطيط له هو أن يكون اليمن الساحة الخصبة للصراع الإقليمي والدولي المقبل؛ وعليه يجب على كلّ أطراف الصراع التفكير بشكل مختلف عن السابق لأنّ العواقب ستكون وخيمة على الجميع في ظلّ المستجدات واختلاف وسائل الدعم والحماس لاستمرار هذه الحرب.
أظهرت التصريحات الأخيرة للحوثيين والسعوديين رغبة حقيقية لدى الجانبين في تحقيق السلام، وقد قال السفير السعودي في اليمن محمد آل جابر لصحيفة «وول ستريت جورنال» إنّ اقتراح إجراء محادثات لإنهاء الحرب في اليمن «ما زال مطروحاً»، مشيراً إلى «أنّ الاتصالات اليومية بدأت في أعقاب هجوم الحوثيين على منشآت أرامكو النفطية». كما أنّ تصريحات وزير الإعلام في حكومة صنعاء ضيف الله الشامي عبّرت عن الرغبة في إحلال «سلام شامل غير مُجزّأ».
لذلك من المفيد في هذه المرحلة البناء على هذه المواقف من خلال:
أولاً: الاتفاق على وقف التصعيد من أجل بناء الثقة وذلك يتطلّب حواراً مباشراً بين الطرفين وليس من خلال وسطاء.
ثانياً: وقف التصعيد واستهداف المنشآت المدنية في البلدين.
ثالثاً: إعادة بناء الشرعية لأنّ الشرعية الحالية أصبحت جزءاً من المشكلة وعائقاً أمام أيّ حلّ سلمي.
رابعاً: مواصلة الحوار والتأكيد عليه يمثلان استراتيجية مهمة لقطع الطريق على مَن يريدون إطالة أمد الحرب لتحقيق بعض المكاسب.
خامساً: إنّ الحوار الجدي والمباشر وطرح كلّ المخاوف من قبل الطرفين يؤسّس لبناء ثقة وعلاقات استراتيجية بين اليمن والسعودية ويعمِّق العلاقات التاريخية والأخوية بين الشعبين اليمني والسعودي بما يحقق المصالح المشتركة ويمنع عودة النزاعات والحروب.
سادساً: العمل على تصحيح الاختلالات في مسيرة العلاقات الثنائية من خلال التشارك في برامج ومشاريع تنعكس إيجاباً على التنمية.
سابعاً: إنّ تحقيق السلام الشامل سيكون مكسباً للجميع.
أثبتت الأيام والسنوات أنه لا يوجد منتصر في الحروب. فالكلّ خاسر والانتصار الحقيقي هو تحقيق السلام ووقف الحرب وإطلاق مسيرة تنمية تحدّ من معاناة الناس وتساعدهم في الخروج من مأساتهم. كما تجب محاسبة كلّ تجار الحروب ومن يعملون من أجل استمرارها طمعاً بالمكاسب المادية والمال الحرام الملوّث بدماء اليمنيين.
اليمن اليوم بحاجة إلى جميع أبنائه من كافة الفئات ومن كلّ المناطق والمحافظات، فليساهم الجميع في دعم جهود السلام من أجل بناء دولة مدنيّة تحقق العدالة لجميع أبناء اليمن وتكون عوناً لجيرانها ولأمتها وللعالم.
السلام يصنعه الشجعان أما تجار الحروب فيلعنهم الشعب والتاريخ.
*دبلوماسيّ يمنيّ.