عون ودياب: الخطّة الإصلاحية الشاملة شارفت على الانتهاء وبرنامجنا يحتاج إلى دعم مالي خارجي خصوصاً من الدول الصديقة
المجموعة الدولية تجدّد دعمها للحكومة وتشيد بإجراءاتها في مواجهة كورونا
عرض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمام «مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان»، خلال اجتماع موسع معها أمس في قصر بعبدا، للتحديات الصعبة التي يواجهها لبنان، على الصعد الاقتصادية والمالية والاجتماعية والصحية، مؤكداً أن «الدولة اللبنانية تعمل حالياً على إعداد خطة مالية اقتصادية شاملة، ضمن برنامج إنقاذي وطني، وقد شارفت هذه الخطة على الانتهاء، وهي تهدف إلى حل المشاكل الاقتصادية والمالية والبنيوية واستعادة الثقة بالاقتصاد، كما إلى خفض الدين العام ووضع المالية العامة على مسار مستدام وإعادة النشاط والثقة إلى القطاع المالي». ولفت إلى أن «برنامج الحكومة الإصلاحي يحتاج إلى دعم مالي خارجي»، مذكّراً المجتمع الدولي ومنظمات الأمم المتحدة بمسؤولياتهم تجاه أزمة النازحين واللاجئين في لبنان.
من جهته، عرض رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسان دياب الجهود التي تقوم بها الحكومة لإصلاح الوضعين الاقتصادي والمالي، مشيراً إلى أن «الحكومة تضع اللمسات الأخيرة على خطة متكاملة تعالج الاصلاحات الاقتصادية والمالية والنقدية والاجتماعية والمتعلقة بالحوكمة التي نحن بأمس الحاجة إليها»، وقال «لقد عملنا بلا هوادة لإيجاد التوازن الصائب بين ما هو منصف وانساني لشعبنا وما هو مقبول في اطار المجتمع الدولي». ولفت إلى أن الحكومة «خلصت إلى أن لبنان يحتاج إلى اعادة هيكلة دينه بالدولار والليرة اللبنانية»، متعهداً «إجراء برنامج كامل لتعزيز إعادة تشكيل القطاع المصرفي وميزانية المصرف المركزي».
وقد حضر الإجتماع عن الجانب اللبناني إضافة إلى عون ودياب، نائبة رئيس مجلس الوزراء ووزيرة الدفاع الوطني زينة عكر، وزير الخارجية والمغتربين ناصيف حتّي، وزير المالية غازي وزني، وزير الاقتصاد والتجارة راوول نعمة، وزير الشؤون الاجتماعية رمزي المشرفية ووزير الصحة العامة حمد حسن، مستشار رئيس الجمهورية الوزير السابق سليم جريصاتي، المدير العام في رئاسة الجمهورية الدكتور أنطوان شقير وعدد من المستشارين.
ومن جانب مجموعة الدعم الدولية، شارك ممثل المجموعة المنسق الخاص للأمم المتحدة يان كوبيتش، وسفراء دول المجموعة لدى لبنان، وهم سفراء: روسيا الكسندر زاسيبكين، الصين وانغ كيجيان، فرنسا برونو فوشيه، بريطانيا كريستوفر رامبلينغ، الولايات المتحدة الأميركية دوروثي شيا وجامعة الدول العربية عبد الرحمن الصلح، القائمة بأعمال السفارة الإيطالية روبيرتا دي ليتشيه، القائم بأعمال سفارة ألمانيا ميكاييل روس، رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي رالف جوزف طراف ومسؤول الشرق الأوسط في البنك الدولي ساروج كومار جاه.
رئيس الجمهورية
وألقى الرئيس عون كلمة أكد فيها، أن «لبنان كان يستعد لإطلاق ورشة عمل لمعالجة أزماته الاقتصادية والمالية والاجتماعية حين ضرب وباء «كوفيد 19» العالم، فاضطر الى إعلان حالة طوارئ صحية، ما فرمل الى حد ما انطلاقته وفاقم من أزماته وأضاف إليها أزمة الصحة»، وقال «نحن اليوم نجابه كل هذه الأزمات والتداعيات ونرحب بأي مساعدة دولية».
وأشار إلى أن» لبنان يعاني من انكماش اقتصادي كبير، ومن تراجع الطلب الداخلي والاستيراد، ونقص حاد بالعملات الأجنبية، وارتفاع البطالة ومعدلات الفقر، كما وارتفاع الأسعار وانخفاض سعر صرف الليرة اللبنانية من خلال السوق الموازية، بالإضافة إلى العجز في المالية العامة نتيجة لتراجع الإيرادات الضريبية»، موضحاً أن «الدولة اللبنانية، وبهدف وقف استنفاد الاحتياطيات الخارجية التي وصلت إلى مستوى منخفض للغاية، وفي محاولة لاحتواء عجز الميزانية، قررت تعليق سداد استحقاقات سندات يوروبوند، وتم تعيين استشاريين دوليين، مالي وقانوني لمؤازرة الحكومة في هذا المجال»، وذكر أن «الدولة اللبنانية تعمل على إعداد خطة مالية اقتصادية شاملة، بهدف تصحيح الاختلالات العميقة في الاقتصاد ومعالجة التشوهات التي نتجت عن 30 سنة من السياسات الاقتصادية والمالية الخاطئة»، مؤكداً أن «هذه الخطة أشرفت على الانتهاء، وهي تهدف إلى حل المشاكل الاقتصادية والمالية والبنيوية، وإلى استعادة الثقة بالاقتصاد، كما إلى خفض الدين العام ووضع المالية العامة على مسار مستدام، وإلى إعادة النشاط والثقة إلى القطاع المالي».
وقال «نظراً لخطورة الوضع المالي الحالي، وللآثار الاقتصادية الكبيرة على اللبنانيين وعلى المقيمين والنازحين، سيحتاج برنامجنا الإصلاحي إلى دعم مالي خارجي، خصوصاً من الدول الصديقة ومن مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان، وذلك لدعم ميزان المدفوعات ولتطوير قطاعاتنا الحيوية»، مضيفاً «نعوّل وبشكل كبير على التمويل الذي تم التعهد به والبالغ 11 مليار دولار في مؤتمر سيدر والتي ستخصص بشكل أساسي للاستثمار في مشاريع البنية التحتية».
وشدد على أن «الأمن الاجتماعي هو شرط من شروط الأمن القومي، من هنا ضرورة العناية الكاملة بأطياف شعبنا كافة»، لافتاً إلى أن «وزارة الشؤون الاجتماعية عمدت على وضع خطة طوارئ».
وتابع «منذ أيام وصف الأمين العام للأمم المتحدة جائحة «كوفيد 19» بأنها أسوأ أزمة عالمية منذ الحرب العالمية الثانية. وكان سبق أن وصفت أزمة النازحين السوريين بأنها أسوأ أزمة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية»، مشيراً إلى أن «لبنان اليوم يجمع على أرضه أسوأ أزمتين أصابتا العالم منذ 75 عاما، وقال «إذا كان وباء «كوفيد 19» قدراً سيئاً طال معظم الدول ونلنا منه قسطنا، فإن أزمة النزوح تحملناها منفردين، وقد تخطت كلفتها علينا 25 مليار دولار… ولا حل يلوح في المدى المنظور».
رئيس الحكومة
بدوره، أعلن دياب في كلمة له إن الحكومة أطلقت خلال الأيام الـ 54 المنصرمة، مروحة واسعة من السياسات والإجراءات لمعالجة العديد من الازمات»، لافتاً إلى أن «الحكومة يقع على عاتقها التعامل مع ما تركه إرث الماضي الذي أدى إلى الازمة الاقتصادية والمالية والنقدية الحالية والإرتفاع الكبير في حجم الدين العام والخاص».
وقال إن «جائحة كوفيد– 19 أتت لتثقلنا بالمزيد من المشاكل المالية والاقتصادية والاجتماعية والصحية»، موضحاً أن «التحديات الهائلة التي نواجهها لن تثبط على الإطلاق عزيمة حكومتي لتقييم الوضع كما ينبغي والتصرف بحزم لتأمين مستقبل مشرق للشعب اللبناني تدريجاً، ولا سيما أنه سيعيش حتماً أوقاتاً عصيبة جداً إلى أن تطبق الإصلاحات الملائمة».
وأعلن «أن الحكومة تضع اللمسات الأخيرة على خطة متكاملة تعالج الإصلاحات الاقتصادية والمالية والنقدية والاجتماعية والمتعلقة بالحوكمة التي نحن بأمس الحاجة اليها»، وذكر أن مجلس الوزراء يعرف ما يجب فعله ولدينا الإرادة لنفعله. ولكن من غير المقبول التسبب بصعوبات للبنانيين من دون إعطائهم الخيارات المثلى لانتعاش اقتصادي سريع ولامكانية استعادة جزء كبير من خسائرهم على الأقل».
وأضاف «من غير العادل أن نرى شعبنا يعاني دون أن يكون لدينا برنامج جاد يمنح الأمل، يحاسب المسيئين ويسعى بشراسة لاستعادة الأصول والأموال المنهوبة».
ولفت إلى أنه «خلال هذه الأيام الـ 54، اضطرت الحكومة إلى تعليق سداد سندات يوروبوند، بعد تقييمات طويلة ومعقدة لمختلف الخيارات. بدأنا بالعمل على مدار الساعة على عدة جبهات»، مؤكداً أن «لبنان يحتاج الى اعادة هيكلة دينه بالدولار والليرة اللبنانية ليتمكن من الوصول إلى معدل مستدام للدين بالنسبة ‘لى اجمالي الناتج المحلي خلال السنوات المقبلة، على أن تشمل هذه النسبة كل الدعم المالي الخارجي إضافة إلى أموال التزامات سيدر».
وتعهد بإجراء «برنامج كامل لتعزيز إعادة تشكيل القطاع المصرفي وميزانية المصرف المركزي، يرتكز الملخص على التحليل المعمق الذي أجرته حكومتي وفريق المستشارين والخبراء بالنسبة إلى الخسائر التي تراكمت في النظام على مر السنين».
وأعلن أن «الحكومة تشاركت مع مؤسسات دولية وحشدت دعماً منها لمواجهة مختلف الأزمات، وشكّلت فرقاً مشتركة مع البنك الدولي لتقييم الوضع النقدي والمالي، ناهيك عن المسائل الاجتماعية والضريبية والاقتصادية»، شاكراً فريق البنك الدولي على تفرغه واستعداده اللافتين للمساعدة.
أما بالنسبة الى صندوق النقد الدولي، فقد أكد دياب «أن الحكومة أجرت معه حواراً بنّاءً، تلته مسائل مركزة جيداً تتعلق بالدعم الفني، بما في ذلك آليات فرض قيود على السحوبات (كابيتال كونترول)، وذلك بعد محادثات مع المديرة التنفيذية جورجييفا»، مؤكداً أن الحكومة ستطلب قريباً من نظرائها المتعددي الأطراف أن يبدوا آراءهم بخطة لبنان بهدف ردم الهوة بين مواقفنا».
وقال إن «الخطة ستصبح متوفرة قريباً، ونحن اليوم نضع اللمسات الأخيرة عليها»، مضيفاً «لقد عملنا بلا هوادة لإيجاد التوازن الصائب بين ما هو منصف وإنساني لشعبنا وما هو مقبول في إطار المجتمع الدولي».
وتوجه إلى مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان، قائلاً «لبنان بحاجة إلى دعمكم ولا سيما أن لدينا هوّة كبيرة ينبغي ردمها. ونحن ملتزمون ردم أكبر قدر منها من خلال أجندتنا الإصلاحية ومن خلال استعادة الأصول المكتسبة بطرق غير شرعية»، آملاً أن «تدعمونا بناء عليه بالقدر المناسب من التمويلات الخارجية على الرغم من الأوضاع الدولية الصعبة للغاية».
وزراء
وألقى بعدها الوزير وزني كلمة قال فيها «إن حكومة الـ 54 يوماً ورثت أزمات حادة اقتصادية ومالية واجتماعية غير مسبوقة. وحكومة الـ 54 يوماً اضطرت إلى اتخاذ قرارات صعبة وضرورية ومصيرية للاقتصاد الوطني».
أضاف «تتضمن مداخلتي أربعة محاور هي: إعطاء صورة واضحة عن الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان في العام 2020، قرار الحكومة بخصوص تعليق سداد الدين، قرار التواصل مع صندوق النقد الدولي والبرنامج الإصلاحي الشامل».
وقال «في المحور الأول، للأسف الشديد فإن جميع المؤشرات الاقتصادية والمالية والاجتماعية صعبة ودقيقة ومتدهورة. وإذا ما نظرنا إلى الوضع الاقتصادي، لوجدنا أنه يشهد انكماشاً اقتصادياً حيث نتوقع أن يكون النمو سلبياً بأكثر من 10%. وفي المالية العامة نتوقع عجزاً يقارب 7% من الناتج المحلي. وبخصوص الدين العام، فوضعه لا يزال مرتفعاً جداً وغير قابل للاحتمال، إذ نتوقع ان يتجاوز 170% من الناتج المحلي، فيما الوضع الاجتماعي يشهد ارتفاعاً في مستوى البطالة، من المتوقع أن تفوق 40%، وأن تتجاوز نسبة الفقر 45 وحتى 50% من الشعب اللبناني».
وتابع «إضافة الى هذه الازمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية المجتمعة، فإننا نشهد في العام 2020 أيضاً أزمات مصرفية ونقدية حادة تظهر بوضوح في شح العملات الصعبة، وتدهور سعر صرف الليرة التي خسرت خلال الأشهر الأخيرة أكثر من 50% من قيمتها، إلى استنزاف احتياطات مصرف لبنان من العملات الأجنبية. وهذه الأمور أدت في نهاية المطاف إلى ارتفاع معدلات التضخم الذي سيقارب في هذه السنة 25%..
وفي المحور الثاني لفت وزني إلى أن قرار لبنان تعليق سداد الدين العام «ليس نابعاً عن عدم رغبة لبنان في تسديد الدين العام، بل من عدم قدرته على سداد هذا الدين. وإذا نظرنا إلى احتياطات مصرف لبنان من العملات الأجنبية التي بدأت تسنزف، فإنها بلغت حالياً نحو 22 مليار دولار. لذلك فقد فضلت الحكومة عوض سداد استحقاقات الدين بالعملات الأجنبية، تخصيص هذه العملات الأجنبية لاستيراد المواد الغذائية الأولية إلى لبنان. ولقد كانت الحكومة اللبنانية مضطرة إلى اتخاذ مثل هذا القرار، ولم تكن مخيّرة فيه. ولو كان بمقدورها سداد الدين لكانت قامت به بشكل سريع جداً».
وأشار، في المحور الثالث، إلى أنه «عندما واجهت الحكومة صعوبات في ما يتعلق بالوضع الاقتصادي والمالي ووجدت حاجة لإعداد برنامج اقتصادي ومالي يستطيع أن يتوافق مع متطلبات المجتمع الدولي، فإنها طلبت مساعدات تقنية من صندوق النقد الدولي. وكانت اللقاءات معه إيجابية وبنّاءة بكل معنى الكلمة. وهو قدم توصيات إلى الحكومة اللبنانية نأخذها في الإعتبار في ما يتعلق خصوصاً بإعداد البرنامج الاقتصادي الشامل».
وفي المحور الرابع، أكد «أن البرنامج الاقتصادي الشامل يتضمن محاور أساسية، تم اعتمادها بعدما أخذنا بالإعتبار أن النظام الاقتصادي القائم حالياً والذي يُقال عنه الريعي قد سقط وأصبح لبنان مضطراً في السنوات المقبلة إلى أن يحظى بنموذج اقتصادي جديد. والخطوات الأساسية التي يتضمنها هذا البرنامج، هي: الإصلاح في المالية العامة، إعادة هيكلة الدين العام سواء بالعملة المحلية أو بالعملات الأجنبية، إعادة هيكلة القطاع المصرفي الخاص منه وما هو متعلق بمصرف لبنان، إعادة الهيكلة من أجل تحفيز النمو الاقتصادي، وإصلاحات اجتماعية».
وأوضح أن «هذا البرنامج الشامل أخذ في الإعتبار التوصيات التي أتت من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وكل محاوره لا يمكن أن تعطي نتائج من دون المساعدات الخارجية. ولذلك، فإننا نأمل أن تكون المرحلة المقبلة هي مرحلة الدعم المالي للبنان كإحدى الشروط الأساسية والضرورية للخروج من الأزمة».
وبعد كلمة وزني، قدم المدير العام لوزارة المالية آلان بيفاني عرضاً مفصلاً عن الأوضاع المالية والنقدية في البلاد، وخطة الحكومة لمواجهة الظروف الراهنة، ولا سيما لجهة إعادة هيكلة الدين العام وإصلاح النظام المصرفي، وإعادة هيكلة مصرف لبنان إضافة إلى خطة إصلاح ضريبي.
وفصّل بيفاني كل هذه الخطط وفق التصور الذي وضعته الحكومة بالتعاون مع الاستشاريين الدوليين. لافتاً إلى أن «المصادر التي ستساعد في تطوير القطاع الاقتصادي، تتركز خصوصاً من خلال حملة السندات بعد إعادة الهيكلة والدعم الخارجي، ومن خلال اقتصاد منتج وبيئة مؤاتية والتعاون مع أسواق الرساميل الدولية»، لافتاً إلى «أن دعم أصدقاء لبنان أساسي في هذا المجال».
ثم تحدث الوزير المشرفية، فقال «نجد أن نسبة 22% من الشعب اللبناني باتت ما دون خط الفقر المدقع و45% تحت خط الفقر العادي، وهذا سجل قبل الأزمة الاقتصادية الحالية. وقد ادت أزمة النازحين السوريين إلى لبنان إلى مضاعفة عدد الفقراء بين عامي 2012-2017. والبنك الدولي يقدر عدد الفقراء في آذار من العام 2020 بـ45% من عدد السكان. وهناك بعض المناطق تشهد تركيزاً لنسبة الفقراء أكثر من الأخرى ما سيؤدي إلى نقص في اليد العاملة البشرية، إضافة إلى فقدان الرأسمال البشري الذي يقدر بـ 46% من إنتاجية الأجيال المقبلة. وقد استتبع الوضع الحالي ضرورة إيجاد برنامج شبكات الأمان لوقف تفاقم الفقر والحفاظ على الرأسمال البشري لدى الأسر الأكثر فقراً».
اضاف «إلى كل ذلك، أُضيفت أزمة وباء كورونا المستجدة، ومنع التجول يساعد في تسطير المسار التصاعدي، وعدد الحالات النشطة آخذة في الإنخفاض. وإننا بمساعدة وزارة الداخلية والبلديات قمنا بإطلاق مشروع جديد هو عبارة عن منصة بين الوزارتين تتعلق بالتأثير الفاعل، حيث يطلب من المخاتير والبلديات تعبئة استمارات من أجل إجراء مسح يجري حفظه الكترونياً، على أن يرسل إلى مكتب رئيس الحكومة حيث سيتم تقييمه للحصول على الأرقام الواضحة بالنسبة إلى كل فئة من السكان لنعرف من هم الأكثر حاجة. وسيكون هناك خط ساخن لمعالجة مختلف الأوضاع، وتقديم المساعدات اللازمة. هذه تجربة من اجل مكافحة الفقر تبين لنا عدد من هم بحاجة إلى المستفيدين من العائلات، إضافة إلى إحصاء المساكن ومستوى التربية ونسب العمالة».
وبالنسبة لأزمة اللاجئين السوريين، لفت إلى «أننا نجد زهاء مليوني سوري يقيمون في مخيمات غير شرعية ويتوزعون على مختلف المحافظات، وهناك ملاجئ سكنية وغير سكنية دائمة وغير دائمة لهم. والحاجة إلى أسرّة ووحدات عناية فائقة تصبح ملحة وكبيرة جداً، ما يوازي نحو 200 سرير إضافي و25 وحدة عناية فائقة وأجهزة تنفس إضافية إذا ما أصابهم وباء كورونا. هناك الوقاية والتدريب والعناية الضرورية التي تقوم بإعطائها المفوضية العليا للاجئين إضافة إلى تقديم العاملين الإنسانيين والبرامج الخاصة».
ورأى أن «الإنكماش الاقتصادي سجل نسبة 12% إضافية في العام 2020 وقد ترتفع نسبة من هم تحت خط الفقر إلى 52% نهاية العام بحسب تقارير البنك الدولي، من بينهم 22% تحت خط الفقر المدقع و44% من العاطلين عن العمل»، مشيراً إلى أن «كلفة اللاجئين سنوياً تتراوح بين 4 و5 مليارات دولار منها حوالى المليار دولار تكاليف مباشرة سنوياً. ما يوازي نحو 25 مليار دولار بإجمالي السنوات المنصرمة».
وأوضح أن الحكومة «أطلقت برنامج مساعدات حيث سيتم توزيع 75 مليار ليرة لبنانية على حوالي 180000 أسرة بمعدل 400000 ليرة لكل مستفيد، ونحن نجمع البيانات للسير بذلك في اسرع وقت ممكن. كما نعمل على مضاعفة التعاون مع مختلف الوزارات إضافة إلى تطوير إجراءات الملاءمة لوباء كورونا، ونأمل أن نتمكن من الوصول إلى الأطفال والمعوقين والمتقدمين في السن. ومن المهم أن نحصل على دعم برنامج الاستجابة لحاجات اللاجئين من المفوضية العليا للاجئين».
ثم تحدث الوزير حسن الذي أكد أنه «يزداد الاستنزاف اليوم لمالية وزارة الصحة العامة، خصوصاً مع تفشي وباء كوفيد 19»، لافتاً إلى «صعوبة التحويلات المالية لشراء المستلزمات والمعدات الطبية بالسرعة المطلوبة، ما يضع وزارة الصحة العامة والطاقم الطبي والمجتمع اللبناني في وجه تحديات صحية معقدة».
وأشار إلى أنه «بالنسبة للنازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين، نلحظ غياب المؤسسات الدولية والأممية عامة عن خطط التدخل الصحية الميدانية، ولا يزال معظمها في صدد وضع خطط ودراسات وهذا هدر للوقت، ما قد يشكل كارثة وبائية وانسانية. وهذا سيكون بمثابة تحد عالمي للإيفاء بالعهود المقطوعة في هذا الشأن».
وقال «نحن في وزارة الصحة العامة ننفذ سياسة صحية وقائية ولا نقارب التحديات الصحية من أي منطلق سياسي، وهذا ما نجحنا فيه حتى الآن. فحققنا الحماية الصحية الشاملة على كل الأراضي اللبنانية بمهنية وشفافية تامين، من دون التفرقة بين المجتمعات أو الجنسيات».
ثم قدّمت رشا حمرا من وزارة الصحة، عرضاً مفصلاً عن الواقع الصحي الراهن في البلاد خصوصاً بعد انتشار داء كورونا، تناولت فيه جهوزية المستشفيات الحكومية والخاصة لاستقبال المصابين بالداء، وعدد الأسّرة المتوافرة فيها، لافتةً إلى أن «القطاع الصحي يحتاج لمساعدات فورية ولزيادة عدد المعدات التي تجري الاختبارات بواسطتها، بحيث يصبح في الإمكان إجراء 2500 اختبار يومياً»، مشددةً على «أهمية معالجة الحالات الملحة، وتدريب العاملين على إجراء الاختبارات، وتوفير الأدوية الضرورية».
اما في شأن النازحين السوريين، فذكرت حمرا أنه «لا بد من تخصيص أسرّة في المستشفيات للاجئين، كما يجب الاهتمام بنزلاء السجون وفئة العاطلين عن العمل».
كوبيتش
وفي الختام ألقى يان كوبيتش قال فيها «إن العروض التي قُدمت في هذا الاجتماع، ستسمح لنا بفهم استراتيجية الحكومة ورؤيتها، ونحن ندعمها في جهودها لإيجاد طريق للخروج من هذه الأزمة التي ترخي بظلالها على واقع لبنان ومستقبله، إذا لم تتم معالجة الأمور بسرعة وبطريقة موثوقة. وهذا يساعدنا على فهم المجالات الأساسية التي تحتاج إلى حشد الدعم لها والمساعدات الأساسية، من أجل تخطي الأزمة المصيرية التي تمثلها جائحة كوفيد 19».
وأشار إلى «أن اعضاء المجموعة عبّروا عن موقفهم في إعلان الاجتماع الذي عقدوه في باريس في 11 كانون الأول 2019 وفي الاجتماعات اللاحقة».
وأضاف «إن تفشي هذا المرض يشكل تحدياً غير مسبوق لهذا البلد لأنه يتسبب بمشاكل كان لبنان يتخبط بها أصلاً، وهي التي أدت الى احتجاجات 17 تشرين الأول. هناك الصعوبات الاقتصادية، نقص السيولة، ضعف المؤسسات، الفساد المستشري، ونقص الشفافية. كما أن هناك أزمات اجتماعية ومالية، وارتفاع كبير في عدم المساواة والبطالة، وهناك ضغوط اجتماعية تؤدي إلى مزيد من اليأس. وترحب الأمم المتحدة بالخطوات الأساسية التي اتخذها لبنان من أجل معالجة الأزمة، كما نشجع بشكل خاص الجهود الآيلة إلى التأكد من أن جميع مجموعات الشعب اللبناني يمكن أن تحصل على معدات لإجراء الاختبارات وعلى العلاج اللازم عبر شبكة المستشفيات المخصصة. يجب أن تكون الاستجابة متناسقة على صعيد حكومة لبنان، وتقدم الخدمات نفسها لجميع المرضى بغض النظر عن وضعهم القانوني أو عن جنسيتهم».
وتابع «في الدعم لجهود الحكومة، عززت الأمم المتحدة التزامها بتقديم المساعدات من أجل الوقاية والتخفيف من جائحة كورونا، وتقديم الخدمات للمجموعات الأكثر هشاشة بما فيها المساعدات الأولية والخدمات الصحية. وتحضّر الأمم المتحدة نداء من أجل دعم الإستجابة المحلية والقومية لجائحة كوفيد 19، ودعم الجهوزية، والإستجابة للنظام الصحي اللبناني في مواجهة تفشي كورونا، وتقوية التعهد والتواصل بين المجتمعات، ودعم ممارسات النظافة الشخصية الأساسية، وتقديم المساعدات للمجموعات الأكثر هشاشة، الذين دفعتهم الحرب في سورية إلى الانتقال إلى لبنان، وتوسيع الدعم لعدد أكبر من المجموعات اللبنانية الهشة التي لا تغطيها المفوضية العليا للاجئين، والتي هي بحاجة إلى المساعدة والوقاية من الأزمات الحالية والسابقة».
وقال «بالنسبة إلى الأمم المتحدة إن الوضع في أوساط اللاجئين السوريين والفلسطينيين مهم جداً. تعمل المفوضية العليا للاجئين على تأمين حاجات هذه المجموعات، على سبيل المثال في المخيمات غير الرسمية والملاجئ، وهذا يشمل تقديم مناطق مخصصة للحجر من شأنها أن تستقبل أيضاً مرضى عوارضهم خفيفة، وبإمكانها أيضاً أن تستقبل حالات أكثر حرجاً. إن الأمم المتحدة وغيرها من الشركاء الدوليين يشددون على أهمية شبكات الأمان الاجتماعية في حشد المساعدات من أجل التخفيف من هذه الهشاشة الحالية والمستجدة، خصوصاً في ظل أزمة كورونا».
وشدّد «على تضامننا والتزامنا في الأمم المتحدة وأعضاء المجتمع الدولي الأساسيين لمواصلة دعم لبنان وشعبه، في تطوير الوحدة والأمن والاستقرار».
السفراء
وتحدث السفير الفرنسي، فاعتبر أن «من المفيد اللقاء في ظل هذه الظروف الدولية الصعبة الناجمة خصوصاً عن تفشي وباء كورونا على المستوى الدولي، لبحث الأزمات الثلاث التي يجتازها لبنان راهناً: الصحية منها والاقتصادية والاجتماعية». ورأى أن «الأزمة الدولية الراهنة مرعبة مع عدد كبير من الضحايا، وقد شكلت أوروبا القارة الأكثر تضرراً مع نسبة تجاوزت ثلاثة أرباع الوفيات العالمية».
وحيّا «الحكومة اللبنانية ووزير الصحة العامة خصوصاً، على ما قام به الجميع، حيث تمت إدارة الأزمة باكراً من خلال اتخاذ اجراءات مبكرة وشجاعة، يجب أن تتواصل». كما حيّا «عملية إعادة اللبنانيين من الخارج والتي تمت وفق قواعد جد صارمة». ورأى أن «حاجات لبنان كثيرة، وفرنسا حاولت قدر المستطاع تقديم المساعدات الطبية والصحية وذلك منذ التاسع من شهر آذار الماضي وسط ظروف صعبة كوننا أخذناها من مخزوننا الاستراتيجي»، مشيراً إلى الطلب الفوري لكافة الشركات والمؤسسات الفرنسية المختصة العاملة في لبنان بهدف توجيه اهتماماتها لتلبية متطلبات لبنان لمواجهة أزمة كورونا».
وعن الأزمة الاقتصادية والمالية الراهنة، اعتبر أن «من الواجب مجابهتها عبر اتخاذ التدابير اللازمة لا سيما وانها تجري في ظل ازمة دولية تتفاقم بدورها، حيث طلبت اكثر من 90 دولة مساعدات في الوقت الراهن»، مؤكدا ان «باستطاعة لبنان الحصول على مساعدات فورية، ومن الضروري له أن يقر برنامج الإصلاح الاقتصادي وان يتم اتخاذ القرارات التنفيذية في هذا الاطار».
وشدد على أن «فرنسا تدعم حكومة الرئيس دياب التي تعمل بجهد كبير ليلاً نهاراً، وفي كل ما تقوم به».
كما تحدث سفير الاتحاد الاوروبي ، فأشار إلى أن «الاتحاد الأوروبي يبقى من أكثر الذين يساهمون بتقديم المساعدات إلى لبنان لا سيما في المجال الطبي وهي بلغت نحو 80 مليون يورو»، كاشفاً أن الاتحاد «قد خصص مساعدات للبنان في الأسبوع الماضي بقيمة 168 مليون يورو في المجالات الاجتماعية والتربوية وغيرها»، متمنياً «أن تساهم هذه المساعدات في توطيد نظام اجتماعي يشهد نمواً مستداماً».
وأشار إلى أن «الاتحاد الاوروبي يقوم بوضع برامج مساعداته للبنان بالتعاون الوثيق مع الحكومة اللبنانية من خلال أقنية تعاون متعددة، بحيث تصل المساعدات التي يقدمها إلى جميع من هم بحاجة إليها من اللبنانيين إضافة إلى اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين».
وعن المساعدات المالية والاقتصادية للبنان، اشار إلى أن «الاتحاد يعمل من خلال المصرف الأوروبي للإعمار والإنماء والاستثمار، ما يسهل تأمين العديد مما يحتاجه لبنان كمساعدات»، مجدداً «التزام الاتحاد بمقررات مؤتمر «سيدر».
وأكد أن الاتحاد الأوروبي «ملتزم دعم الحكومة اللبنانية في جهودها لاعتماد الاصلاحات البنيوية الاساسية»، داعماً «الحوكمة العادلة واستقلالية القضاء وكل الإصلاحات لوضعها موضع التنفيذ وفق ما تم الإعلان عنه».
وحيّا السفير البريطاني في كلمته «الجهود المبذولة من الحكومة والقطاع الصحي والاستشفائي اللبناني الذي يقف في الصفوف الأمامية لمواجهة وباء عالمي أثّر في النظام الدولي لأول مرة بهذا الشكل الكبير منذ أجيال عدة».
وكشف أن «المملكة المتحدة خصصت مساعدة للبنان بقيمة مليون دولار لمساعدته على مواجهة وباء كورونا، إضافة إلى مساعدات أخرى بواسطة منظمة الصحة العالمية وتأمين أجهزة تنفس كمساهمة في سد الحاجات الطبية الملحة للبنان في هذه الفترة».
وتحدث عن «ضرورة اجراء الاصلاحات المطلوبة في لبنان». وحيّا «الجهود المبذولة لوضع استراتيجيات مواجهة للأزمة الاقتصادية والمالية في لبنان، من قبل الحكومة»، مشيراً إلى «وجوب وضعها موضع التنفيذ في السرعة المطلوبة»، مجدداً دعم بلاده «للجيش اللبناني والقوى الأمنية من أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار في لبنان الذي يبقى من الأولويات أيضاً».
بعدها تحدثت السفيرة الأميركية، فاعتبرت انه «من المفيد جداً الإصغاء إلى العرض الذي قدمه أعضاء الحكومة اللبنانية حول مواجهة لبنان لأزمة كورونا كما وللأزمة الاقتصادية والمالية»، مشيرةً إلى أن لبنان «لا يمكنه المضي قدماً نحو مستقبل رخاء وازدهار من دون مواجهة الأزمتين معاً وتداعياتهما المتداخلة».
ولفتت إلى أن «المساعدات التي قدمتها الولايات المتحدة الاميركية كدعم لمتطلبات لبنان في مجال المساعدات الانسانية الى جانب مجموعة الدعم الدولية، لمواجهة تفشي وباء كورونا»، كاشفة أن «هناك المزيد من برامج المساعدات القائمة لتقديم ما يمكن تقديمه من حاجات إلى لبنان ومساعدة الشعب اللبناني في حماية نفسه من هذا الوباء وتداعياته».
بعد ذلك، تحدث سفير الصين شاكراً الرئيس عون على الدعوة، مؤكداً «ضرورة تعزيز الجهود المشتركة لمكافحة داء كورونا»، وقال «نتعاون بشكل وثيق مع الحكومة اللبنانية في مجالات تبادل المعلومات وفي اتخاذ إجراءات احترازية والتنسيق بين الجانبين وتقديم مساعدات قدر المستطاع في مجال المواد والأدوية الضرورية من الصين، وتسهيل مساهمات الجالية الصينية والشركات الصينية العاملة في لبنان. وسنواصل هذا العمل بشكل فاعل».
وأكد أن الصين «على استعداد للتعاون الاقتصادي والتجاري مع الحكومة اللبنانية لإطلاق مشاريع تتوافق مع المصالح المشتركة للبلدين في إطار التعاون والاحترام المتبادل».
أما السفير الروسي، فشدّد على «توحيد الجهود الإنسانية لمواجهة التطورات في داء كورونا، وذلك بصرف النظر عن الاعتبارات السياسية»، مؤكداً أن بلاده «قدمت وستواصل تقديم المساعدات للبنان وفق حاجات الحكومة اللبنانية».
وفي الختام، شكر الرئيس عون السفراء الحاضرين وممثل الامين العام للامم المتحدة وممثل البنك الدولي، و»كل من سوف يساعد لبنان على مواجهة محنته الراهنة».