الأميركيّون يخسرون البحار ويتخوّفون من پيرل هاربر صيني…!
محمد صادق الحسيني
بعد أن اجتاح وباء كورونا حاملات الطائرات الأميركية، ومن بعدها المستشفى العسكري العائم العملاق، سفينة المستشفى كومفورت (Comfort)، الرئاسية قبالة شواطئ نيويورك، ها هو فيروس كورونا يجتاح القوات الأميركيّة، المرابطة في كوريا الجنوبية منذ عام 1957، والبالغ عديدها 30 ألف عسكري، يتبعون من ناحية قيادة العمليات لقيادة المحيط الهادئ، التي تسمّى بالانجليزية (PACOM) انتصاراً لكلمة US – PACIFIC COMMAND.
وعلى الرغم من أنّ مصادر عسكرية خاصة أكدت أنّ قيادة القوات الأميركية في كوريا، وكذلك البنتاغون، على علم بانتشار هذا الوباء بين القوات الأميركيّة في كوريا الجنوبية منذ 20/2/2020، إلا أنّ البنتاغون لم يتخذ الإجراءات الصحية الضرورية لمواجهة انتشار الوباء بين جنودها، المرابطين في القاعدة العسكرية الأميركية دايجو، ولا زالت تواصل فحصهم بواسطة شمّ خلّ التفاح، كما نشرت صحيفة «ستارت آند ستريبس» الكورية الجنوبية يوم 6/4/2020، التي نقلت تطوّرات انتشار الوباء عن قائد القاعدة الأميركية، الجنرال ادوارد بالانكو، الذي ظهر على وسائل الإعلام وهو يحمل علبة فيها قطعة إسفنجية، مبللة بخلّ التفاح، ليشرح للصحافيّين طريقة فحص جنوده، التي قال إنها تتبع أيضاً في مستشفيات كوريا الجنوبية.
علماً انّ وباء الكورونا يواصل انتشاره بين القوات الأميركيّة في اليابان ايضاً، مما أجبر القيادة العسكرية الأميركية، وعبر إعلان قائد هذه القوات في اليابان شخصياً للصحافة، اللفتنانت جنرال كيفين شنايدر، يوم أول أمس الاثنين 6/4/2020، عن حالة الطوارئ بين صفوف القوات الأميركية هناك، بسبب انتشار وباء الكورونا بين أفرادها، البالغ تعدادهم 38 الف جندي أميركي، الى جانب خمسة آلاف متعاقد مدني أميركي و25 ألف متعاقد مدني ياباني.
وعليه فقد أصبحت هذه القوات ومعها القوات الأميركية في كوريا الجنوبية وحاملة الطائرات ثيودور روزفلت ورونالد ريغان خارج الخدمة. أيّ أنّ 80 % من القدرات العسكرية الأميركية في غرب المحيط الهادئ وبحر اليابان وبحار الصين اصبحت خارج الخدمة. وهو أمر كانت محطة «سي أن أن» الأميركية قد اشارت إلى خطورته قبل أيّام قليلة.
من جهة أخرى فمنذ أيّام عدة، وتحديداً منذ 4/4/2020، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية عن إصدارها أمراً لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان بالتحرّك، مع المجموعة القتالية البحرية المرافقة لها، من منطقة عملياتها في بحر عمان، من دون أن يحدّد أمر العمليات هذا وجهة انطلاق الحاملة. الأمر الذي دعا المتابعين للاعتقاد بأنها ستحلّ محلّ حاملة الطائرات، ثيودور روزفلت، التي خرجت من الخدمة في منطقة عملياتها، غرب المحيط الهادئ/ قرب جزيرة غوام، وذلك بسبب انتشار وباء كورونا بين بحارتها وإخلاء اربعة آلاف منهم الى اليابسة، وبقاء ألف جندي فقط على متنها، لمتابعة تشغيل المفاعل النووي الذي يولِّد الطاقة اللازمة لعمليات الحاملة وحركتها.
ما توجّب طرح السؤالين الرئيسيين التاليين حول:
- الجهة التي اتجهت اليها حاملة الطائرات هذه، التي تحمل على متنها ما مجموعه 90 مقاتلة ومروحية قتالية أميركية، ولماذا صدر هذا الأمر لها ولمجموعتها القتالية الكاملة بالانتقال الى منطقة عمليات أخرى؟
- ولماذا لم يصدر أمر التحرك للحاملة فقط، مع الإبقاء على القوة المرافقة، /مجموعة قوامها عشر قطع بحرية بين مدمّرة وبارجة وفرقاطة وزورق حراسة وسفينة إنزال وسفن إمداد/ في منطقة عملياتها، بحر عمان، حتى إصدار الأمر، أيّ حتى يوم 4/4/2020؟
وللإجابة عن هذين السؤالين يجب على المرء أن يعود قليلاًً الى الوراء، ودمج الإجابة عن السؤالين في إجابة واحدة، ويتذكّر عنجهية الرئيس الأميركي، وتهديداته لجمهورية الصين الشعبية، واتهاماته لها بخرق القانون الدولي البحري، في بحار الصين المختلفة.
آنذاك، وتحديداً في النصف الثاني من شهر أيلول 2019، قرّر الرئيس الأميركي، بعنجهية لا حدود لها، إرسال فخر سلاح البحرية الأميركية، حاملة الطائرات رونالد ريغان، التي وصلت تكلفة صناعتها الى ثلاثة عشر مليار دولار، دون سفن مرافقة، أيّ دون مجموعتها القتالية، الى بحر الصين الجنوبيّ.
وقد وصلت هذه الحاملة العملاقة فعلاًً إلى بحر الصين الجنوبي، يوم 28/9/2019، وعند اقترابها من جزر سبراتلي (Spratly Islands) الصينية، الواقعة في أقصى جنوب بحر الصين، قبالة السواحل الفيتنامية غرباً والفلبينية شرقاً، أطبقت عليها خمس قطع بحرية أجنبية وقامت بتثبيتها في نقطة تمركزها، حسب الأصول القانونية المتعلقة بالقانون البحري، وأجبرتها لاحقاً على تغيير وجهتها واستخدام ممر بحري حدّدته لها القطع البحرية الصينية، التي أوقعت هذه الحاملة في كمين بحري محكم، لم تتمكن رونالد ريغان لا من اكتشافه ولا من تفادي الوقوع فيه، لمتابعة إبحارها شرقاً، بعيداً عن المياه الإقليمية الصينية، حسب المعلومات ووصول الأقمار الصناعية التي نشرتها صحيفة «سوهو» (Sohu) الصينية يوم 28/9/2019.
هذا هو الدرس الذي تعلّمه سلاح البحرية الأميركي، من الحضور الدائم والاستعداد الكامل للقوات البحرية الصينية، في مختلف بحار الصين وتلك المحيطة بها شرقاً وغرباً.
وهو الأمر الذي أرغم قيادة سلاح البحرية الأميركية على عدم الإفصاح عن وجهة حاملة الطائرات، هاري ترومان، واضطرها أيضاً الى تحريك المجموعة القتالية البحرية المرافقة لهذه الحاملة الى بحر اليابان، ومن ثم الى منطقة جزيرة غوام، وذلك خوفاً من الكمائن البحرية الصينية التي لا تراها الأقمار الصناعية الأميركية.
أما الأهمية الاستراتيجية لهذا التطور اللافت فتكمن في انّ الصين الشعبية قد ثبتَت سيادتها على كلّ تلك الجزر، التي يعتبرها الأميركيون متنازعاً عليها، وأنها (الصين) لن تسمح لأيّ سفن او طائرات عسكرية أجنبية بالاقتراب من هذه الجزر، سواء كانت طبيعية او صناعية، لانّ اختراق أجوائها او مياهها الإقليمية يعتبر خرقاً للسيادة الصينية. وعليه فانّ الصين، وفي حال إصرار الولايات المتحدة على تحرشاتها بالصين فانّ جمهورية الصين الشعبية ستجد نفسها مضطرة لوضع حدّ أبدي لتلك التحرشات وذلك من خلال إنهاء خط الدفاع الأميركي الممتدّ من تايوان، الصينية المنشقة، في بحر الصين الجنوبي، الى كوريا الجنوبية، في البحر الأصفر شمالاً، وصولاً الى اليابان وكلّ بحر اليابان وحتى غرب المحيط الهادئ، على سواحل اليابان الشمالية الشرقية.
وباختصار: إنهاء الوجود العسكري الأميركي في تلك المنطقة من العالم والى الأبد.
من هنا فقد ذهبت مصادر عسكرية أميركية الى الاعتقاد بانّ الصينيين ربما يفكّرون جدياً في تكرار هجوم على أحد الموانئ الأميركية الغربية لتكرار سيناريو پيرل هاربر، ولكن صيني هذه المرة كما تتحدّث عن خطر قيام الصين بهجوم مفاجئ على تايوان لاستعادتها للسيادة الوطنية الصينية، أيّ الاستيلاء على الجزيرة في ظلّ شلل أميركي تام بسبب كورونا، وأن يمتدّ الهجوم ليشمل كلّ البحار المحيطة، وصولاً الى غرب الولايات المتحدة من هونولولو الى كاليفورنا وفلوريدا، وهو ما تشبّهه تلك المصادر بهجوم اليابان على ميناء پيرل هاربر الشهير في الحرب العالمية.
فهل من مدّكر!؟
بعدنا طيبين قولوا الله…