سناء محيدلي.. مدرسة في التضحية والفداء وأيقونة البطولة والعطاء
هشام الخوري حنا
من مروجه الخضراء ولمعة سنابله. من أديم ترابه وأريج أزهاره. من أرض المواسم والخير. من الجنوب. إلى جنوب الجنوب فلسطين. انطلقت ابنة السابعة عشر ربيعاً. نجمة الصبح سناء. وفي عينيها سناء الأنوار والضياء. انطلقت لتكتب المجد وتصنع تاريخاً جديداً لبلادنا. فأضحت سناء مدرسة في التضحية والفداء وأيقونة البطولة والعطاء. إنها سناء محيدلي. رمز المناضلات الاستشهاديات التي علّمت الأجيال أن العطاء السامي هو أن يعطي الانسان ذاته لوطنه وشعبه ويقدم أغلى ما يمتلك من روح ودم في سبيل تحرير بلاده من براثن الاحتلال.
إن التاسع من نيسان عام 1985 تاريخ استثنائي في بلادنا. هو تاريخ ستتذكره الأجيال، جيلاً بعد جيل، وسيُحكى عنه. ما قبل سناء وما بعد سناء. لأن سناء كرست معادلة جديدة في الصراع مع العدو اليهودي. وأعطت المرأة دوراً ريادياً أساسياً في مقاومة الاحتلال. وشكلت سناء أمثولة للمناضلين والمناضلات بأن الصراع ليس وقفاً فقط على الرجال بل أيضاً على المرأة. لأن المرأة فاعلة في المجتمع. وشكلت عمليتها الاستشهادية نقطة تحوّل في صراع البقاء الوجودي مع العدو اليهودي. وجعلت سناء جيش الاحتلال الإسرائيلي كالدمى التي تتحطّم تحت أقدام الأطفال وأضحوكة أمام العالم.
انها سناء المُشبعة بمبادئ العز التي ارتشفتها من قيم ومبادئ سعاده العظيم. بأن الحياة كلها وقفة عز فقط. وقفتها سناء في هذا الوجود من أجل التقدّم والتحرّر والنهوّض.
فرُفعت لها الرايات. وأُطلقت لها الهُتافات. وشُيّدَت لها أبراج المجد. وما زالت سناء عروس الجنوب قصيدة يردّدها أحرار هذه الأمة وأغنية يُنشدها الثوار الأبرار.
في هذه الذكرى نستذكر سناء. لنؤكد أن الشعوب الحية لا تستسلم أمام جبروت الغزاة، مهما عتى وتكبّر وتجبّر. فما من حق يموت طالما وراءه مطالب؛ وأن أرضنا المحتلة في فلسطين ولبنان والشام والعراق ستعود حرة. لأن في بلادنا سناء ومن أمثال سناء آلاف الابطال من المناضلين والمناضلات والاستشهاديين والاستشهاديات. أليست دماء الشهداء هي التي طهّرت بيروت من رِجس الاحتلال وبفعلها اندحر الجيش اليهودي المحتل في 25 أيار العام 2000 من الجنوب؟ أليست دماء الشهداء والبطولات الحية وصمود أبناء شعبنا بوجه الإرهاب؟ هي التي كسّرت المشروع الاميركي الاسرائيلي المموّل والمبرمج من الغرف السوداء ومن الصهيونية العالمية لإسقاط الشام وبطولات الجيش الشامي ومقاومته الجيش العثماني في إدلب وقصف آلياته مدرعاته وقتل جنوده. دليل أن المقاومة أساس الصمود والبقاء والحرية. أليست المقاومة هي التي قاومت وانتصرت على الجيش الأميركي في العراق وتعمل على إنقاذه منه؟ وإن كدتُ أنسى فلا أنسى المقاومة في فلسطين التي صمدت رغم الحصار العالمي عليها ومازالت بنادقها والسواعد السمراء تقاوم من أجل التحرير.
إنها المقاومة السبيل الوحيد للتحرير. فهذه المقاومة كتبت أحد فصولها سناء محيدلي. وعزفت على أوتارها اناشيد النصر والتحرير.
وهذه المقاومة لن تزول بل هي خالدة لانها تولد مع كل طفل من أبناء بلادنا.
فسلام عليك وسلام بك وسلام إليك يا سناء.